بعد 4 أيام من الذعر.. بورصة «وول ستريت» تطمئن المستثمرين

الأربعاء 7 فبراير 2018 07:02 ص

بثت بورصة «وول ستريت» مع بدء التعاملات، أمس الثلاثاء، بعضا من الاطمئنان في نفوس المستثمرين بعد أربعة أيام من الذعر الذي اجتاح الأسواق مع خسائر واسعة تخطت 4 تريليونات دولار.

وعدلت «وول ستريت» خسائر الافتتاح أمس، لتتحول الشاشات إلى اللون الأخضر في مؤشرات «ستاندرد آند بورز 500» و«ناسداك» و«داو جونز»، حيث تنفس المتعاملون الصعداء؛ خاصة مع المخاوف التي سادت قبل التعاملات مع إغلاق البورصات الرئيسية في آسيا وأوروبا على خسائر كبرى، ما تسبب في إرباك المتعاملين واتجاههم بشكل كبير إلى البحث عن الملاجئ والملاذات التقليدية مثل الذهب بحسب صحيفة «الشرق الأوسط».

ومع حلول الساعة الـ3 عصرا بتوقيت غرينتش، كان مؤشر «داو جونز» يسجل مكاسب بنحو 0.13 %، وارتفع «إس آند بي 500» بنسبة 1.18 %، و«ناسداك» بنسبة 0.40%.

وفي الأسواق العالمية، أغلق مؤشر «نيكي» الياباني على خسارة غير مسبوقة منذ انتخاب الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» بنسبة بلغت 4.73%، و«هانغ سينغ» في بورصة هونغ كونغ على خسارة 5.02%.

وبعد مقاومة لعدة أيام، أنهت الأسهم الهندية تعاملات أمس بتراجع كبير، وأغلق مؤشر «سينسكس 30» الرئيسي بخسارة بلغت 1.6%، فيما كانت التعاملات الأوروبية تسير في الجانب السلبي حتى عصر أمس، حيث سجلت بورصة لندن تراجعا بنحو 1.27%، وبورصة فرانكفورت بنحو 1.35%، وباريس 1.31%.

وقبل افتتاح جلسة التداول بالبورصة الأمريكية أمس توقع مستثمرو «وول ستريت» خسائر جديدة، وترك انخفاض «داو جونز» القياسي خلال الأيام الثلاثة الماضية كثيرا من التجار في حالة صدمة حقيقية، ومن المتوقع أن يستمر التقلب خلال الأسبوع الحالي إلى مستويات لم تشهدها الأسواق منذ أغسطس/ آب 2015.

وقال العضو المنتدب لشركة «نيو فينس كابيتال»، «أندريه باخوس»، لـ«رويترز» أمس، إن «الخوف يطارد الأسواق، والشيء الوحيد الذي يمكن قوله بثقة هو أن التقلب قد عاد فجأة إلى الأسواق»، مؤكدا أن «الشعور بالخوف يولد سلوكا غير عقلاني».

واعتبر «باخوس» أن تقلبات السوق ومخاوفها نتجت عن ارتفاع الأجور، وهذا يعني بالأساس خبرا جيدا وليس سيئا؛ لكن التقلبات تسببت في أن يكون التجار متسرعي القرار لتجنب الخسارة، في حين تعود المستثمر الحقيقي في المقابل على هذه الظروف.

وبينما شكل الإعلان عن زيادة كبيرة في الأجور نبأ سارا للاقتصاد الأمريكي، فإنه انعكس بشكل مدمر على الأسواق، إذ أحيا المخاوف من حصول تضخم، ما سيؤدي إلى تشديد السياسة النقدية الأمريكية بوتيرة أسرع مما هو متوقع.

في الوقت ذاته تتكيف الأسواق المالية مع عالم جديد، حيث لا يقوم المصرفيون المركزيون بدعم الأصول من خلال سياسة نقدية فضفاضة، وترتفع أسعار الفائدة في الوقت الذي يحتاج فيه الاقتصاد إلى المال من أجل زيادة نشاط الاستثمار المؤسسي الجاري، وهو الأمر الذي يعني أنه لن يكون هناك تدفق مستمر للأموال في سوق الأسهم التي تدعم الأسعار على مدى العامين الماضيين.

ويرى محلل أسواق المال في مجموعة «صن» الأمريكية «جيرمي فوستر»، في تعليقه لصحيفة «الشرق الأوسط»، أن «التحدي الحقيقي للمستثمرين بعد فترة من التقلب الشديد جدا، هو تضاؤل حماسهم».

وأكد أن «المزيد من التقلبات تعني المزيد من الفرص للمستثمرين النشطين ذوي الأعصاب القوية»، مشددا على أن «عمليات البيع التي بدأت أواخر الأسبوع الماضي أعطت ضوءا أخضر للفرص الاستثمارية الحقيقية».

دورة تصحيح

ويرى خبراء آخرون أن تقلبات الأسواق «دورة تصحيح» وليست «انهيارا كاملا»، وأكدوا أن المصرفي ورئيس الفيدرالي الأمريكي «جيروم باول» «لن يبقى على الهامش لفترة طويلة»، إذا استمرت عمليات البيع.

وقال مدير الاستثمار في «ريدمان» للإدارة الأصول «أندرو كونتي» إن «عمليات البيع العالمية ستتراجع قريبا»، معتبرا أن المستثمرين تفاعلوا بشكل مفرط مع قفزة الأسبوع الماضي في الأجور الأمريكية مهابة ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة.

وأضاف: «هذا لا يعني أن التقلب لا يمكن أن يستمر... لكننا نمر بمرحلة من تقلبات منخفضة للغاية متزامنة مع جني للأرباح، وبعض الأنباء العكسية، وهو أمر طبيعي بعد فترة طويلة من عوائد استثنائية».

وأكد «كونتي» أنه «بالنظر إلى الأساسيات الإيجابية في جميع أنحاء العالم حاليا، فإن أي تراجع في السوق سيكون قصيرا نسبيا حتى نرى تغيرا جوهريا في أسعار الفائدة العالمية؛ وبالتالي تغير العائد على النقد والأصول الأقل خطورة، بصرف النظر عن توقعات أقل إيجابية للشركات على الصعيد العالمي».

وحذر الاقتصاديون والمحللون لعدة أسابيع من أن مستويات التضخم في الاقتصادات الكبرى يمكن أن تزيد هذا العام إلى المستويات المستهدفة عند 2%، وربما تتخطى ذلك إلى 3% في بعض البلدان الكبرى.

وتعتقد البنوك المركزية أن هذه الزيادة جيدة للبلدان المتقدمة اقتصاديا، وتحولت الأرقام الرسمية الأمريكية التي تشير إلى قوة الاقتصاد، الجمعة الماضي إلى «مخاوف حقيقية» ظهرت في عمليات بيع مكثفة بعد أن ظهر ارتفاع متوسط الأجور في الولايات المتحدة بنحو 2.9 %.

وزادت البيانات من احتمالية ارتفاع أسعار السلع في المتاجر قريبا، ما يزيد الضغوط على صناع السياسات لضرورة خفض أسعار الفائدة لتهدئة الاقتصاد، لكن الأنباء المتواترة حاليا تشير إلى توجهات عكسية بزيادة معدلات رفع الفائدة، وهو أمر يضر بأسواق الأسهم على مستوى العالم، رغم أنه قد يصب في مصلحة الاقتصاد العام.

واعتبر المستثمرون بداية العام الحالي نهاية حقبة «الأموال الرخيصة»، التي كانت تشجع المستهلكين والشركات على الإنفاق.

وقال كثير من أعضاء الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأمريكي) إن ثلاثة ارتفاعات مقدرة في سعر الفائدة بمقدار 0.25% هذا العام، يمكن أن تصبح أربعة أو خمسة مرات وفقا للبيانات والمؤشرات الأمريكية على مدار العام.

ولا تزال التوقعات متفائلة بالبيانات الاقتصادية الأمريكية، التي ستستمر في التعزيز على مدار العام، خاصة بعد قانون الإصلاح الضريبي لإدارة الرئيس «دونالد ترمب» الذي حصل على موافقة الكونغرس في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

ولكن المستثمرين يراهنون، مع تحسن الوضع الاقتصادي، على ارتفاع أسعار الفائدة ونتيجة لذلك يمكن أن تستمر اضطرابات سوق الأسهم.

ومع الازدهار المتوقع للاقتصاد الأمريكي ستعاني دول العالم النامي بسبب الاقتراضات الكبيرة وارتفاع تكلفة خدمة الديون، فيما يتمثل الجانب الإيجابي في زيادة صادرات تلك الدول خاصة إلى الولايات المتحدة نتيجة انخفاض أسعارها، الأمر الذي سيعزز من دخل العالم النامي.

المصدر | الخليج الجديد + الشرق الأوسط

  كلمات مفتاحية

بورصة وول ستريت انهيار اقتصادي الاقتصاد الأمريكي ذعر المستثمرين