الخدع التي حولت النفط إلى ذهب أسود

الجمعة 6 فبراير 2015 12:02 ص

تتعدد وجهات النظر حول الأسباب الكامنة وراء تدهور أسعار النفط خاصة تلك التي ترتبط بحركة العرض والطلب، لكنني اعتقد جازماً أن في الأمر عاملاً نفسياً يقوم على مخاوف غير مشروعة لدى المستهلكين من شح في العرض في الوقت الذي تضخ فيه الدول المنتجة مزيداً من الخام لاستغلال السعر المرتفع إلى أقصى درجة ممكنة.

ورغم أنني لست متخصصاً في قطاع النفط ولا أملك معرفة بطبقات الأرض وجيولوجيا المكامن النفطية ولا حتى في العلاقة بين تباطؤ أداء الاقتصاد الصيني والطلب على السلع، لكنني متأكد من أن الناس متفقون كلهم على حقيقة بسيطة وهي سهولة البحث عن سبل لتجاوز العقبة التي تعترض طريقهم أياً كانت.

ورغم أن العديد من زملائي الروس يتساءلون باستمرار عن موعد ارتداد أسعار النفط وانتعاشها إلا أنني اعتقد أننا دخلنا عصر النفط الرخيص شئنا أم أبينا. إنها معادلة كيميائية مقلوبة. الذهب الأسود الذي تحدد سعره ندرته، تحول إلى سائل أسود كريه الرائحة يحرك عجلات سياراتنا فحسب.

وهذه ليست المرة الأولى التي نمر بهذه التجربة. فقد استقرت أسعار النفط حتى السبعينات من القرن الماضي قبل أن تسود سايكولوجية الصدمة التي فرضها الحظر السعودي على صادرات الخام إلى الولايات المتحدة.

وبدأت واشنطن عام 1975 مشاريع تخزين نفط الاحتياطي الاستراتيجي تحسباً لشح الواردات. واعتقد منتجوه أن هدفهم الرئيسي يتمثل في الحفاظ على احتكاره. ولم يهتم أي من الأطراف بقضايا أكثر أهمية مثل الكفاءة - كمنح تراخيص التنقيب والحفر و التوزيع بشكل متوازن. وهكذا تبين أن مفاوضاً محنكاً قد يكون أفضل لشركة النفط من مهندس محترف.

ولمواجهة هذا التحدي بدأت الدول المتقدمة مشاريع استثمار في تخزين الطاقة وتقنيات الحد من الاستهلاك حيث بدأت تلك الاستثمارات تؤتي ثمارها في الثمانينات.

ولا شك أن الهبوط المفاجئ في أسعار النفط يومها حرم الاتحاد السوفييتي السابق من أهم موارد خزانته.

لكن النمو الاقتصادي السريع في الصين والهند مطلع الألفية غير مفهوم التوازن بين الطلب على النفط وندرته. وبالتالي تسبب مجدداً في مسارعة الدول المتقدمة للبحث عن حل للخروج من عنق الزجاجة.

وكان الحل الوحيد في الطاقة البديلة التي تمثلت في مشاريع الطاقة الشمسية والوقود الحيوي وطاقة الرياح.

وليس مستغرباً أن تقود عمليات الإبداع في هذا المجال الدول الليبرالية التي تسود فيها قوانين صارمة في مجال حقوق الملكية، بينما تخلفت الدول التي وضعت العراقيل البيروقراطية في وجه المبدعين فيما كان إسقاط حق الملكية أمراً غاية في البساطة.

والمؤكد أن أسعار النفط المحلقة في السنوات الأخيرة ليست طبيعية. وسوف يحول انهيار الأسعار عمليات إنتاج الخام إلى نشاط تخصصي منحصر في من يملك الكفاءة والقدرة على تحمل تكاليفه. وقد يسفر ذلك عن جعل العالم أكثر أماناً وحرية.

المصدر | مايكل فريدمان، الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية

الطاقة أسعار النفط إنتاج الخام الكفاءة القدرة التكاليف الذهب الأسود

مزيج برنت يحقق أكبر مكسب له في أسبوعين منذ 17 عاما