«السيسي» يبدو قلقا.. «ميشيل دن» تكشف الأسباب

الخميس 15 فبراير 2018 09:02 ص

كشفت الخبيرة بمركز «كارنيغي» للشرق الأوسط «ميشيل دن»، الأسباب التي تجعل الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، قلقا، على مشارف الانتخابات الرئاسية المقررة في مارس/آذار المقبل.

وفي تدوينة لها عبر موقع المركز الأمريكي، توقعت «ميشيل»، أن الأمور ستزداد صعوبة بالنسبة لـ«السيسي» في الأسابيع المقبلة، لافتة إلى أنه «لا تزال كفّة الميزان تميل عكس اتجاه التغيير في مصر، حتى لو لم تكن درجة الميلان بالقوة نفسها مقارنةً بالأعوام الأخيرة».

ولفتت إلى أن «السيسي»، كان واضحاً بأنه في حال هبّت رياح التغيير، فهي «لن تهبّ عبر صناديق الاقتراع».

تفويض جديد

وعن التحديات التي تواجه «السيسي»، قالت «ميشيل»، أن أولها «هو حصوله على تفويض مجدداً كي ينطلق في ولاية رئاسية ثانية من أربع سنوات، وسط تعاظم التحدّيات الخارجية وظهور بوادر تحديات داخلية أيضاً».

وأضافت: «حتى لو تمكّنَ من النجاح في ذلك الاختبار، فإنّ المشاكل الاقتصادية والمتعلقة بمسألتَي الإرهاب والماء، تشي بأن المسار الذي ينتظره لن يكون سلساً على الإطلاق».

وتابعت: «في هذا السياق، يبدو أن الهدف من الحملة الراهنة ضد التمرد الإرهابي في سيناء ومناطق أخرى، والتي تُحاط بحملة دعائية واسعة، هو تغيير السردية الراهنة في مصر (وربما خارجها) ونقلها من التركيز على انتكاسات السيسي وإخفاقاته إلى إبراز وتلميع جهوده المقدامة».

إخفاق ذريع

ولفتت «ميشيل»، إلى أن «الوصف الوحيد الذي ينطبق على الاستعدادات للانتخابات الرئاسية، حتى الآن، هو الإخفاق الذريع».

وقالت إنه «لابد من أن السيسي وقع تحت تأثير الصدمة، لأنه في غضون أسابيع قليلة، أعلن ما لا يقل عن خمسة مرشحين مهمين عن رغبتهم في خوض الانتخابات».

وكان المنافِسان الأكثر جدّية رئيس الوزراء الأسبق «أحمد شفيق»، ورئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية السابق «سامي عنان»، وليس السبب فقط أن كلاً منهما اعتُبِر أنه يمتلك، في الحد الأدنى، مؤهلاتٍ بقدر «السيسي» لتولّي الرئاسة، إنما أُشيع أيضاً أنهما يتمتعان ببعض الدعم في أوساط قاعدة «السيسي» في الأجهزة العسكرية والاستخبارية، حسب «ميشيل».

بيد أن مرشّحين آخرين شكّلوا أيضاً تهديداً لـ«السيسي»، في نواحٍ أقل ارتباطاً بالمعطيات الانتخابية، إنما ذات طابع سياسي، من هؤلاء النائب السابق «محمد أنور السادات»، وهو معروف بأنه ينطق بالحقيقة كما أنه يمتلك مؤهلات جيدة؛ والمحامي «خالد علي» الذي يرفع لواء حقوق الإنسان، ويحظى بدعم قوي في أوساط الشباب.

وأضافت الخبيرة الأمريكية المهتمة بالشأن المصري: «لقد أسفر الترهيب والاعتقال عن إقصاء شفيق وعنان من المنافسة، في حين أُبعِد قنصوة السيئ الحظ عن طريق ملاحقته قضائياً، وانسحب السادات وعلي عندما بات واضحاً أنه حتى هدفهما المتواضع الرامي إلى بث الحياة من جديد في النقاش السياسي سيصطدم بمقاومة شديدة، وهما قد يتعرضان إلى الملاحقة القضائية على خلفية الدعوة التي وجّهاها لمقاطعة الانتخابات التي يبدو أنها ستكون غير عادلة بطريقة فاضحة».

شرعية مزعومة

وأشارت «ميشيل»، إلى أن ما جرى دفع «السيسي»، أن «يستعين بأداة صدئة جداً من أدوات النظام، كي يترشّح ضده ويُضفي على العملية الانتخابية واجهة من الشرعية».

لافتة إلى إن «موسى مصطفى موسى» أحضره النظام لتجنّب خوض الانتخابات بمرشّح واحد.

وأضافت: «موسى هو الشخص نفسه الذي استخدمه نظام (الرئيس الأسبق حسني) مبارك من أجل إحداث شرخ في حزب الغد الذي أسّسه أيمن نور، النائب الشاب المشاكس الذي ترشّح ضد مبارك الذي كان رئيساً للبلاد آنذاك، في أول انتخابات رئاسية تنافسية تشهدها مصر في العام 2005».

وتابعت: «موسى بعيدٌ تماماً عن أن يكون منافساً جدّياً للسيسي، فهو لا يمتلك عملياً أي قاعدة سياسية كما أنه بادر -وهذا هو مصدر الحرج الأكبر- إلى التعبير بحماسة عن تأييده لإعادة انتخاب السيسي قبل استدعائه في اللحظة الأخيرة ليؤدّي دور المرشح الخصم في السباق الرئاسي».

ترقب ليوم الانتخابات

وحسب «ميشيل»، فإن «المشكلة التي يواجهها السيسي الآن، هي إيجاد إخراج لائق يُظهر من خلاله، بطريقة قابلة للتصديق، أنه حصد دعماً شعبياً واسعاً في يوم الانتخابات، عن طريق التقاط المصوّرين الصحفيين صوراً لأرتال من الناخبين يصطفون أمام مراكز الاقتراع، والحديث عن نسبة اقتراع تُضاهي، أو لاتقلّ كثيراً عن نسبة الـ47% التي سُجِّلت في العام 2014، والتي تُرجِمت بنحو 26 مليون صوت».

وأضافت: «قبل أربعة أعوام، تحقّقَ ذلك عن طريق بذل جهود استثنائية، على الرغم من أن السيسي كان، كما أُفيد، أكثر شعبية إلى حد كبير مما هو عليه الآن».

ولفتت إلى أنه «في حال حدوث تراجع شديد في الأصوات التي تصبّ لمصلحة السيسي، فسوف يفضح ذلك تناقص الدعم الشعبي له».

تجسيد القلق

وأشارت الخبيرة الأمريكية، إلى أن قلق «السيسي» كان واضحاً من خلال الخطوة الصاعِقة التي تمثّلت في إحالة السياسيين المعارِضين الذين دعوا إلى مقاطعة الانتخابات، إلى المحاكمة بتهمة «التحريض على قلب نظام الحكم».

وأضافت: «وإذا ما أخذنا التاريخ الحديث كمرجع إرشادي، سيكون في إمكاننا توقع أن يجري إقناع الناخبين بالإقبال على الاقتراع من خلال استخدام مزيج من المحفّزات، مثل المساعدات الغذائية، والمثبّطات، كالتهديدات بفرض غرامة قدرها 500 جنيه مصري (28 دولارا أمريكيا) على الأشخاص الذين يمتنعون عن التصويت».

وأضافت: «من المحتمل أن يتم التلاعب بنسبة الاقتراع، لأنه لن تكون هناك مراقبة داخلية صارمة، بيد أن قرار السيسي عدم إنشاء حزب سياسي للحلول مكان الحزب الديمقراطي الوطني الذي كان قائماً قبل العام 2011 وجرى حلّه لاحقاً -والقرار ناجمٌ على ما يبدو عن ازدرائه للسياسة المدنية- يجعل من عملية تعبئة الناخبين مهمة شاقّة وغير متقَنة في أفضل الأحوال».

مهزلة

في حين تتجه الانتخابات نحو أن تكون «مهزلة»، يَشي ما حدث في الأسابيع القليلة الماضية بأنه ربما تّتسع دائرة المعارضة لـ«السيسي»، حين قالت «ميشيل»: «لكن ظهور خمسة منافسين، ثمة اختلافٌ بالطبع بين مؤهّلاتهم والدعم الشعبي لهم، إنما جميعهم جدّيون وصادقون في معارضتهم، بهذه السرعة، حتى في الأجواء السياسية القمعية السائدة في مصر، يكفي للاستنتاج بأن كثراً غير راضين عن حكم السيسي».

وأضافت: «جاءت التصريحات العلنية الغاضبة والمتشنّجة التي أدلى بها السيسي، محذِّراً من التحدّيات السياسية، أمام مجموعة من أنصاره، وبينهم ضباط عسكريون كبار، لتُعزّز الانطباع بأنه يشعر بالضغط من داخل النظام وخارجه».

صعوبات منتظرة

وتابعت «ميشيل»: «إذا افترضنا أن السيسي تمكّن من اجتياز المغامرة الانتخابية، واستهلّ ولاية جديدة في مطلع أبريل/نيسان المقبل، ستنتظره صعوبات كثيرة».

واستطرد: «إذ إنه لم يتمكّن من تحقيق البحبوحة والأمان عملاً بالوعود التي قطعها، ولا تلوح أي مؤشرات في الأفق بأنه سينجح في ذلك».

وأشارت إلى أن إجراءات التقشّف التي تساهم في إبقاء الحكومة واقفةً على قدمَيها، ستتسبّب في مشقّات شديدة للطبقة الوسطى والمصريين الفقراء، «ولا تزال البلاد تشهد، حتى الآن، ارتفاعاً في معدلات البطالة والتضخّم».

ولفتت إلى أنه «لم يلقَ الخلاف على مياه النيل مع إثيوبيا والسودان طريقه إلى الحل، وبرز مؤخراً إلى الواجهة بكونه يشكّل تهديداً يتربّص بالأمن القومي».

وقالت: «علاوةً على ذلك، يواجه السيسي تعقيدات متزايدة تعترض جهوده الآيلة إلى إرساء توازن بين مختلف رعاته الخارجيين والجهات التي تزوّده بالأسلحة (السعودية والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وألمانيا وكوريا الشمالية)».

وفيما يتعلق بالتمرد الإرهابي، حسب «ميشيل»، فإنه «ليس واضحاً بعد ما إذا كانت الحملة الراهنة ستنجح في منع وقوع مزيد من الهجمات الكبرى قبل الانتخابات الرئاسية، إنما يُستبعَد أن تضع حداً نهائياً للتمرد، وفق الوعود التي قُطِعت».

وختمت الباحثة الأمريكية حديثها بالتساؤل: «هل سيَحدث تغيير سياسي في مصر في العام 2018؟»، لتجيب: «لا تزال كفّة الميزان تميل عكس اتجاه التغيير، حتى لو لم تكن درجة الميلان بالقوة نفسها مقارنةً بالأعوام الأخيرة، لكن السيسي كان واضحاً بأنه في حال هبّت رياح التغيير، فهي لن تهبّ عبر صناديق الاقتراع».

و«ميشيل دنّ»، هي باحثة أولى في برنامج «كارنيغي للشرق الأوسط»، حيث تتركّز أبحاثها على التغييرات السياسية والاقتصادية في البلدان العربية، خصوصاً في مصر، وعلى السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.

وعملت مديرة مؤسِّسة لمركز «رفيق الحريري للشرق الأوسط»، التابع للمجلس الأطلسي من 2011 إلى 2013، وباحثة أولى ومديرة تحرير نشرة «الإصلاح العربي» في مؤسسة «كارنيغي للسلام الدولي» من 2006 إلى 2011.

  كلمات مفتاحية

السيسي رئاسيات مصر 2018 كارنيغي تفويض تحديات مصر

«نيويورك تايمز»: تراجع الخطاب الحقوقي لأمريكا وراء انتهاكات «السيسي»