باكستان.. غضب واسع بسبب إرسال الجيش قوات إلى السعودية

الثلاثاء 20 فبراير 2018 06:02 ص

أثار إعلان الجيش الباكستاني إرسال مزيد من القوات إلى السعودية، ردود فعل معترضة على المستوى السياسي والشعبي، فيما لم يقدم الجيش أي تفاصيل بشأن القرار عدا أنه أتى بموافقة رئيس الوزراء الباكستاني «شاهد خاقان عباسي».

ويرى المنتقدون أن القرار الجديد اتخذه الجيش بشكل أحادي، دون التشاور مع البرلمان والأحزاب السياسية، وبطلب من السعودية ولتلبية مصالحها، وأن تداعياته ستدفع البلاد نحو انزواء أكثر في المنطقة، لاسيما أن القرار سيؤدي إلى تأزم في العلاقات بين طهران وإسلام آباد، وهذا ما لا تتحمله البلاد في الوقت الراهن، إذ تتغير الأمور في المنطقة بشكل متسارع، وتقترب طهران من نيودلهي المنافسة الأولى لإسلام آباد.

وما يعزز استياء المعترضين أن القرار الأحادي للجيش اتخذ بعد ثلاث سنوات من تصويت البرلمان الباكستاني لصالح رفض المشاركة في التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن، واتخاذ قرار البقاء على الحياد لتجنب الانجرار إلى صراع إقليمي طائفي، وذلك رداً على طلب كانت قدمته السعودية لباكستان ودعوتها للمشاركة بسفن وطائرات وقوات في إطار العمليات العسكرية التي تخوضها في اليمن.

وكان مجلس الشيوخ أول من رفع الصوت ضد قرار الجيش، إذ طلب رئيس المجلس، «رضا رباني»، من وزير الدفاع «خرم دسكير خان» أن يقدم إيجازا أمام المجلس هذا الأسبوع بشأن القضية وتوضيحات حول قرار اتخذ في عجالة دون التشاور مع المجلس ومع الجهات السياسية.

ونقل موقع «العربي الجديد» عن القيادي في حزب الشعب، «فرحت الله بابر»، تساؤله حول فوائد القرار لباكستان وأسبابه، وقال «بابر»، وهو من أول من أثار القضية في المجلس، إن «إرسال القوات إلى السعودية قضية خطيرة ومهمة لا يمكن التغاضي عنها بهذه السهولة».

ونوه إلى أن القرار أتى في عجالة وبعد اجتماع بين قائد الجيش الجنرال «قمر جاويد باجوه» وبين السفير السعودي لدى إسلام آباد «نواف سعيد المالكي»، كما قال إن قائد الجيش أجرى زيارة غير معلنة إلى السعودية قبل ذلك.

كذلك نوقشت القضية في البرلمان، وفي حين بقي الحزب الحاكم، حزب «الرابطة الإسلامية» جناح «نواز شريف» صامتاً حيالها، ما يشير إلى أنه هو الآخر لم يستشر، عدت معظم الأحزاب السياسية القضية خطيرة، خصوصا أن قرار الجيش أتى بدون التشاور مع الحكومة والأحزاب السياسية.

ونقل الموقع ذاته عن القيادية في حزب حركة الإنصاف، «شيرين مزاري»، قولها إن «جميع القضايا المصيرية والتي تؤثر على سياساتنا في المنطقة لا بد وأن تناقش في البرلمان»، كما تساءلت القيادية «لماذا يقرر الجيش وحده في مثل هذه القضية المهمة؟».

ولفتت إلى أن «تعيين قائد الجيش السابق الجنرال راحيل شريف قائدا للتحالف العربي الإسلامي، الذي تموله السعودية ومقره الرياض، حدث كذلك ن دون التشاور، واليوم يتكرر الأمر نفسه وهو أمر غير مقبول»، على حد تعبيرها.

بدورها قالت عضو حزب الشعب «نفيسة شاه»: «إننا لا بد أن نفهم محتويات القرار والسبب من وراء إرسال القوات إلى السعودية، ما مهامها؟ ولماذا تذهب؟».

وتوصل البرلمان إلى بعث رسالة إلى الخارجية لمعرفة دواعي القرار والهدف منه، كما قال رئيس البرلمان «سردار أياز صادق».

ردود فعل شعبية

ولم تقتصر ردود الفعل على السياسيين بل جاءت من عامة المواطنين والناشطين، وفي السياق، خرجت تظاهرة في العاصمة إسلام آباد، الأحد الماضي، وكان للتظاهرة هدفان: التنديد بالاغتيالات المتعمدة لرموز الشعب وإرسال القوات إلى السعودية.

وقال أحد منظمي التظاهرة، «شبير ساجدي»، هو ناشط اجتماعي، في حديث مع موقع «العربي الجديد»، إن «الجيش الباكستاني يرسل قواته إلى السعودية لهدف لا نعرفه وتتواصل عمليات الاغتيال في صفوف علماء الدين ورموز الشعب».

وأضاف: «المفروض التركيز على الوضع الداخلي وعدم الاهتمام بقضايا الخارج»، منوهاً إلى أن «إرسال القوات إلى السعودية يؤثر سلباً على سياسات بلادنا في المنطقة، كما أنه يلقي بظلاله على الوضع الداخلي».

وبالإضافة إلى ردود الفعل الداخلية، كان قرار باكستان محط اهتمام في الغرب، ونشر موقع «واشنطن إيكزامينر»، مقالاً للكاتب «توم روغن» قبل أيام، بعنوان «لماذا ترسل باكستان جنوداً إلى السعودية؟» ناقش القضية وتطرق إلى التداعيات التي قد تواجه باكستان فضلاً عن توقفه عند العلاقات الباكستانية السعودية.

وقال «روغن» إن «ما يلفت الانتباه أن باكستان رفضت في السابق أن ترسل قواتها إلى السعودية للمشاركة في الحرب في اليمن لصالح السعودية».

وفي محاولته لتفسير الأمر، أعرب عن اعتقاده بوجود عاملين أساسيين، أولهما وجود توقع لدى الباكستانيين أن ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» سيتسلم السلطة قريبا من والده، ويريدون أن يضمنوا حفاظه على موقف منه داعم لباكستان.

أما العامل الثاني فيتمثل فيما وصفه بـ«وجود عنصر شخصي»، مشيراً إلى أن «رحيل شريف»، الذي يعد أحد أفضل قادة الجيش الباكستاني، يشغل حالياً منصب رئيس التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، الممول من السعودية ويتخذ من الرياض مقراً له، وقد فاز «شريف» بثقة «بن سلمان» ويريد من إسلام آباد أن تستثمر هذه العلاقة بشكل أكبر.

ويخلص الكاتب الأمريكي إلى أن باكستان، بقرارها، انحازت إلى الجانب السعودي في الصراع الدائر بين الرياض وطهران.

ومنتصف الشهر الجاري، أعلن مكتب العلاقات العامة في الجيش الباكستاني عن إرسال مزيد من القوات إلى المملكة العربية السعودية في «مهمة تدريب وتشاور»، من دون الحديث حول عدد القوات، مشيراً إلى أن الخطوة تأتي في إطار التعاون العسكري بين الرياض وإسلام آباد، وأنه على غرار التعاون مع باكستان ودول الخليج الأخرى.

  كلمات مفتاحية

الجيش الباكستاني العلاقات السعودية الباكستانية محمد بن سلمان النحالف الإسلامي لمواجهة الإرهاب البرلمان الباكستاني

السعودية تستضيف وحدة عسكرية باكستانية في مهمة تدريبية

«عشقي»: تعاقد السعودية مع جنود باكستانيين ليس لحماية العائلة المالكة