«ستراتفور»: خطة التحول الاقتصادي السعودية محفوفة بالألم والمخاطر

الأربعاء 21 فبراير 2018 11:02 ص

في توقعات «ستراتفور» السنوية لعام 2018، قلنا إنّ المملكة العربية السعودية ستواصل بعض الإصلاحات الاقتصادية الجريئة هذا العام، وقلنا إن الإصلاحات التي تشمل قانون الإفلاس المعلن عنه مؤخرا، والقرار بالسماح للمرأة ببدء الأعمال التجارية بشكل مستقل، ستمثل أمرا ثقيلا على كبار السن من السعوديين من أجل الموافقة عليها.

لكن ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان» لن يتراجع عن خطته الطموحة لـ «رؤية 2030»، التي يأمل أن تنشط البلاد اقتصاديا واجتماعيا.

وقد اتخذت المملكة خطوات رئيسية نحو بناء اقتصاد أكثر صداقة لأصحاب المشاريع الحرة، وفي 18 فبراير/شباط، وافق مجلس الوزراء في الرياض على أول قانون إفلاس في البلاد، وأعلنت الحكومة، في وقت لاحق، أنها ستسمح قريبا لرائدات الأعمال ببدء أعمال تجارية دون رعاية الذكور.

ويساعد كلا الإجراءين على استغلال المواهب السعودية وعدم إهدارها، في الوقت الذي تربط فيه الحكومة مستقبلها الاقتصادي بتنمية قطاع خاص نابض بالحياة.

وتؤكد المقترحات التي لا تزال تفاصيلها ووتيرة تنفيذها غير واضحة، على جانبين رئيسيين من استراتيجية الإصلاح السعودية؛ أولا، تعد هذه الإصلاحات من بين العديد من الضروريات الملحة للصحة المالية في البلاد.

وتعاني البلاد من الافتقار إلى لوائح الإفلاس الرسمية منذ أعوام، حيث يضطر رجال الأعمال الذين يدخلون في نزاعات مع الدائنين كثيرا لترك البلاد لتجنب أحكام السجن المحتملة، كما أن النساء السعوديات ما فتئن يشغلن الوظائف ويدرن الأعمال تحت مراقبة الذكور، خاصة في المناطق الريفية، لعقود.

وثانيا، تشير المقترحات إلى أن الحكومة أكثر استعدادا من أي وقت مضى لرفع القيود القديمة، التي استندت بشكل كبير إلى المؤثرين الاجتماعيين التقليديين، مثل الدائنين والرجال.

ويهدف قانون الإفلاس الذي تم الكشف عنه حديثا، إلى جعل الاستثمار أقل خطورة في المملكة، ما يتيح للشركات الاعتماد بشكل أقل على العلاقات الشخصية، وبشكل أكبر على القوانين الشفافة.

وكان المستثمرون تحت رحمة الدائنين دائما، وتشبه العلاقات التجارية نظام الكفالة؛ حيث تكون شخصية الدائن بمثابة عنصر إضافي من عناصر الخطر.

وهكذا، كان المستثمرون عادة إما متحفظين تماما، أو بدلا من ذلك أكثر استعدادا للفرار من البلاد والتخلي عن ديونهم.

وقد أثرت كلتا النتيجتين على الاقتصاد السعودي، ما حد من السعي لتحقيق الأفكار الابتكارية والتي قد تكون محفوفة بالمخاطر، وسيؤدي قانون الإفلاس الجديد هذا إلى تحويل العقلية بعيدا عن هذا النفور من المخاطر، مع السماح للدائنين باسترداد بعض خسائرهم.

وفي الوقت نفسه، يمثل الإعلان عن إتاحة الفرص أمام سيدات الأعمال السعوديات خطوة أخرى نحو تشجيع الاستقلال الاقتصادي للمرأة، وعلى الرغم من أن النساء يدرن الأعمال التجارية بشكل غير رسمي في جميع أنحاء المملكة، فإنهن يتعرضن دائما لخطر العقاب من قبل السلطات الدينية أو الأوصياء الذكور.

ومن شأن تطبيق التغيير الجديد أن يساعد المجتمع السعودي على التحول عن النموذج الذي أدى إلى تباطؤ طويل في تقدم المرأة، ولا تزال تفاصيل الاقتراح الجديد نادرة، ولكن ضرورة توظيف عدد أكبر من النساء واضحة؛ حيث إن بطالة الإناث في البلاد تقارب ضعف النسبة من الرجال.

وبطبيعة الحال، قد يبدأ المحافظون السعوديون، الذين يحافظون على الهدوء حتى الآن تجاه وتيرة التغيير الاجتماعي، في التململ تجاه فتح المجال أمام الإناث ليكن مديرات فوقهن، ومن خلال رفض بعض الوظائف أو تصعيد شكاواهم إلى المرحلة الوطنية، قد يجبر هؤلاء المحافظون الحكومة السعودية على التفكير في التحديات التي تخلقها لنفسها.

ومع كل إصلاحاتها الجديدة، تضع الرياض في اعتبارها التغيرات الاجتماعية السريعة في السبعينات، والتي ساهمت في اغتيال الملك «فيصل» عام 1975، وحصار المسجد الحرام عام 1979، لكن المملكة عازمة على تحمل المخاطر مع المضي قدما في رؤية 2030، وتحمل الألم المحتمل على أمل تحقيق مكاسب قوية.

  كلمات مفتاحية

رؤية 2030 محمد بن سلمان قانون الإفلاس المرأة السعودية