عن جرائم نتنياهو ورؤساء وزراء إسرائيل السابقين في حروب جلبت خرابا وموتا للآلاف

الأحد 8 فبراير 2015 06:02 ص

قصة من سنوات الخمسينات: دخل صحفي في إحدى الليالي الماطرة لمقابلة رئيس الدولة يتسحاك بن تسابي في مقر الرئاسة، جلس في غرفة الانتظار شرطي يحتسي الشاي. "أين الرئيس؟"، سأله الصحفي، أشار الشرطي من خلال النافذة إلى رئيس الدولة الجالس في كشك الحراسة في الخارج، في البرد، وقد حل مكان الشرطي إلى أن ينهي شرب الشاي.

قصة من سنوات الستينات: بينما كان وزير الاقتصاد بنحاس سابير متوجها نحو إيلات، توقف في يتباتا، وسأل بعض الاصدقاء عن مشكلة المحلبة الجديدة، اجابوه كذا وكذا، واصل طريقه نحو إيلات للتحكيم في نزاع عمل. في طريق عودته، دفع تكاليف الاصلاح مما جناه من بدل التحكيم، ما يكفي من المال لإصلاح المحلبة. هل نشير إلى سنوات السبعين؟ لدينا مناحم بيغن وشقته المتواضعة.

قصة أخرى ذات صلة: أعضاء الكنيست الشيوعيون، حتى نهاية سنوات الثمانينات، تبرعوا برواتبهم لصندوق الحزب، وحصلوا بالمقابل من الحزب على الدخل المتوسط لعمال المصانع، ما هو المشترك بين هذه القصص؟ الروح المفقودة كلياً، ليس الشوق إلى هذه الروح هو الدافع إلى مهاجمة نتنياهو ونمط حياته، ولا إلى سفك دم زوجته بهذه الطريقة العاهرة.

عندما تهاجم تسيبي ليفني طريقة حياة نتنياهو التي تعادل أجر الحد الأدني لمليون إسرائيلي، هل تناست الإرتفاع المضطرد لرواتب أعضاء الكنيست، أو شروط التقاعد الفضائحية الخاصة بهم، في حين عارضت الحكومة التي كانت عضوا فيها منذ وقت قريب رفع الحد الادنى للأجور؟ كلا.

معركة الطين الحالية تجري في جبهة الانتخابات لدينا، يحركها الشوق للتخلص من نتنياهو مع الشعور بالخوف من أن احتمالات ذلك صغيرة جداً، إلى درجة أنه بدلا من خوض حملة انتخابية على مضامين حقيقية – وفي هذا المجال يوجد ما نختلف فيه مع اليمين – يخوضون حرباً قذرة حول مواضيع بدون شك مؤلمة، (فمن منا لا يرغب في احتساء النبيذ الفاخر كما يحتسون هناك، إذا صحت أرقام المبالغ المنفقة؟).

على اية حال، فإن رذاذ الكلام الخارج من أفواههم يعكس ما يسمح به المجتمع السياسي لنفسه، فيما إذا كان الكلام يدور عن أعضاء الكنيست حاليين، أو أمراء السياسسة من الجيل الثالث (يتسحاك هرتسوغ)، او كان يدور عن صحفيين كبار، ممن يتلقون اجورا ضخمة من قنوات تتلقى الدعم الحكومي – هذا الرذاد هو جزء من النفاق المستشري.

 دعونا من النفاق، فهو جزء من اللعبة السياسية، والتي تحتوي على الكثير من القذارة باسم الأخلاق. من يتذكر الانتخابات الاخيرة للرئاسة، يتذكر بالتأكيد ما يملكه المجتمع السياسي من ادوات لخوض حرب تحقير على مستوى فيسبوكي. خطيرة هي الطهارة المتعلقة بقضية الزجاجات. نتنياهو خرج للتو من الحرب على غزة، يكفي أن نشاهد الصور القادمة من هناك، البيوت المهدمة، عشرات آلاف الغزاويين يعيشون في هذا الشتاء بدون بيوت. وكل ما نتحدث به عن أخلاقياته يتلخص في بيته في قيساريا؟

الغالبية العظمى من المواطنين والمحللين دعموا هذه الاعمال المرعبة عندما حدثت. والآن ترى بعضهم مصدومون من قضية الزجاجات؟ كثيرا. نتنياهو يعمل نهائيا على دفن حلم الدولة العبرية بسياسات الرفض الخاصة به. وكل ما نعارضه به  يتلخص في موازنة النبيذ؟ من أين تخرج تصدر أخلاقيات البرجوازية الصغيرة هذه، إذا لم تكن من ضرورة أن تكون "منطقيا" وتؤيد القذارة الاخلاقية الحقيقية للقتل اليومي وتصفية الحياة القومية لشعب محتل وبمصاحبة المقولة "هم يريدون إبادتنا"؟ وما الذي يذكرونه عن إيهود أولمرت؟ هل يذكرون الحربين المجنونتين التين أدارهما، وتسبب في جلب الموت عندنا وجلب الموت الجماعي في لبنان وغزة؟  كلا. سيذكرون تذاكر الطائرات لسفراته لا غير.

هذا هو ملخص الثقافة المتطهرة. إنها تحب الاخلاق على طريقة الديودورانت. تستعين بأجورنا المتدنية، بتقاعداتنا البائسة لإشاعة النمائم، ومن خلالها يتم تبييض الجرائم الكبرى، الجرائم التي تتسع معها حالة القبول الجماهيرية. فالطريق الفضلى كي تكون منطقياً تتم بنسيان أين وقفت عندما تدفق الدم، بل في التفتيش في الزجاجات.

المصدر | إسحق ليئور، هآرتس العبرية - ترجمة المصدر السياسي

  كلمات مفتاحية

نتنياهو جرائم حرب السياسيون الصحافيون

غدا.. فلسطين تُسلم بلاغا لـ«الجنائية الدولية» حول «جرائم الحرب» الإسرائيلية