«زبيدة» تحرج مصر.. ومواجهة حامية بين الاستعلامات و«بي بي سي»

الثلاثاء 27 فبراير 2018 11:02 ص

بين ليلة وضحاها، صارت الفتاة المصرية «زبيدة»، المعروفة إعلاميا في مصر بـ«فتاة البي بي سي»، حديث الساعة، وسط معركة إعلامية حامية تدور حول حقيقة اختفائها قسريا وتعرضها للاغتصاب على يد الأمن المصري.

الأزمة لم تنته بعد عرض شبكة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» فيلما وثائقيا بعنوان «سحق المعارضة في مصر»، تضمن لقاء مع سيدة مصرية قالت إن ابنتها، زبيدة (23 سنة)، ألقي القبض عليها مرتين في 2014 أثناء اشتراكها في مظاهرات ضد النظام، وأفرج عنها وأعيد القبض عليها مرة أخرى في 2016، وتعرضت أثناء حبسها للتعذيب والاغتصاب، ثم اختفت بعد ذلك لتعلن والدتها اختفاءها القسري.

 

 

مساء الإثنين، أظهرت السلطات المصرية الفتاة للرأي العام برفقة الإعلامي «عمرو أديب» عبر شاشة «أون تي في»، نافية رواية الإخفاء القسري، وتعرضها للاغتصاب والتعذيب، وأنها على خلاف مع والدتها التي لا تعلم عنها شيئا، وأنها تعيش مع زوجها في منطقة فيصل جنوب القاهرة، وأنجبت منه طفلا أسمته «حمزة».

وأضافت أنها تقيم مع زوجها في منطقة فيصل، جنوب القاهرة، وليست لديها أي مشاكل مع الأمن، مؤكدةً أنها تعرضت في السابق للاعتقال لمدة 4 أشهر مع والدتها بسبب مشاركتهما في تظاهرة لصالح جماعة «الإخوان»، وخرجت من السجن لتتزوج بعيداً عن والدتها التي كانت ترفض زيجتها.

وفي حوارها المثير للجدل، قالت «زبيدة» إنها لا تعلم شيئاً عن والدتها ولا حوارها مع الـ«بي بي سي»، وإنها لم ترها منذ ما يقرب العام، مضيفة: «ماحدش هددني بحاجة ومفيش ضابط لمسني»، وهي الرسالة التي حاول «أديب» استنطاقها بها أكثر من مرة.(طالع الفيديو)

تصعيد مصري

وتقود الهيئة العامة للاستعلامات، التابعة للرئاسة المصرية، المواجهة مع الـ«بي بي سي»، متهمة الشبكة البريطانية بالكذب والتزييف، مطالبة ببيان اعتذار وتوضيح منها عما بثته بشأن الواقعة.

وقالت الهيئة في بيان، إن «ظهور الفتاة زبيدة بالصورة التي بدت فيها وحديثها لبرنامج (كل يوم) مع عمرو أديب في أجواء أسرية طبيعية، ينفي تماما صحة تقرير هيئة الإذاعة البريطانية حول الاختفاء القسري للمواطنة وتعرضها للتعذيب».

ووفق مصادر مصرية، فإن الأمن المصري يعتزم مقاضاة والدة الفتاة، وربما كذلك مقاضاة الـ«بي بي سي»، ما يعني أن المواجهة لم تنته، وأن الشبكة البريطانية المعروفة بعراقتها قد تصدر بيانا للرد على الظهور المثير للجدل لبطلة فيلمها الوثائقي.

وكان رئيس الهيئة، الكاتب الصحفي «ضياء رشوان»، قد قرر استدعاء مديرة مكتب «بي بي سي» بالقاهرة، لتسليمها خطابا رسميا لمطالبة هيئة الإذاعة البريطانية باتخاذ موقف، لتصحيح ما أقدمت عليه مراسلتها من مخالفات مهنية في هذا التقرير.

روايات وشكوك

ولم تقنع رواية «أديب» الكثيرين، لاسيما مع الظهور الشاحب للفتاة، ونبرة الخوف التي سيطرت على إجاباتها التي كانت مقتضبة إلى حد كبير، ولم تخرج كثيرا عن كلمات معدودة من نوعية «لا.. معرفش.. محصلش».

الصحفي المصري «عمرو سلامة»، أكد أن الرجل الذي ظهر برفقة «زبيدة» يدعى الكابتن «سعيد عبدالعظيم»، وقد تزوَّج أكثر من مرة، وانضمَّ لحزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة «الإخوان»، وشاهد على «فض رابعة» 14 أغسطس/آب 2013.

 

 

وأضاف «سلامة»، الذي نشر على صفحته بموقع «فيسبوك» صوراً لـ«عبدالعظيم»، أن «زبيدة متزوجة بالفعل من هذا الرجل، وأن أخاها شاهد على هذا الزواج، وأن الطفل مولود منذ 15 يوماً فقط».

ووفق رواية «سلامة»، فإن «عبدالعظيم اعتُقل منذ 3 أيام، وأحضروا له زوجته زبيدة وابنهما الرضيع في قسم إمبابة، لترتيب لقاء عمرو أديب الأخير، الذي تمّ في مكتب أمن الدولة بقسم إمبابة»، على حد قوله.

في السياق ذاته، أكد الصحفي المصري المقيم بالخارج «عبدالرحمن عز»، أن «عبدالعظيم اعتُقل أكثر من مرة، وكان له نشاطٌ سياسي ضد الانقلاب، لكنه توقف بعد ذلك، وهو الآن يتردد على مقر أمن الدولة».

 

 

الناشطة المعروفة «منى سيف»، علقت بالقول: «طبقا لكلام عمرو أديب، الأمن المصري هو اللي كلمه وقاله يا أستاذ عمرو تعالى قابل زبيدة اللي بيقولوا عليها مختفية قسريا، يعيش الأمن!».

 

 

نبرة التشكيك كذلك كانت لسان حال الناشط الحقوقي، «أسامة رشدي»، قائلا: «إخراج من زعموا أنها زبيدة مع عمرو أديب للرد على BBC وهي زائغة النظرات شاحبة الوجه مع شخص بضعف عمرها زعموا أنها تزوجته سرا وأنجبت منه طفلا وأنها هاربة من أمها، قصة هابطة سنكتشف أنها فضيحة لن تقل في فجورها عن جريمة قتل 5 أبرياء لإخراج فيلم هابط للتغطية على قتل ريجيني، هذه جريمة يا عمرو».

الحوار الذي تم من مكان مجهول، لم يتم بثه على الهواء، وأقر مقدم البرنامج بأن الحوار تم تجهيزه، ما يعني تسجيله وعمل مونتاج له، فضلا عن مفارقات أثارت اهتمام رواد مواقع التواصل، منها أن «زبيدة» التي كانت تخرج في تظاهرات ضد الانقلاب لا تعرف شيئا عن الاختفاء القسري، كما لا تعرف رقم هاتف منزلها.

ووفق ناشطين، كان من المفترض أن يسمح «أديب» للأم بمداخلة هاتفية مع ابنتها، أو وضعهما في مواجهة وجها لوجه لكشف الحقيقة، وهو ما عبر عنه الكاتب الصحفي «جمال سلطان»، رئيس تحرير صحيفة «المصريون»، في تغريدة على «تويتر»، محذرا من أن «طلب هيئة الاستعلامات من بي بي سي الاعتذار عن نشرها حوارا مع أم زبيدة فيه مجازفة، لأنه محتمل أن تطلب القناة البريطانية إجراء مقابلة وبثها على الهواء مباشرة مع الفتاة وأمها وجها لوجه».

 

 

ويظهر الوثائقي الذي أعدته الصحفية «أورلا غرين»، وأذيع ضمن برنامج «BBC Newsnight»، ممارسات السلطات المصرية ضد المعارضة، واعتقال العشرات من الرموز السياسية التي شاركت في 30 يونيو/حزيران 2013، التي أفضت إلى الانقلاب، فضلا عن حملات الإخفاء القسري والاعتقالات الجماعية والتعذيب التي طالت المئات من المصريين دون رادع لهذه الممارسات والانتهاكات الحقوقية.

  كلمات مفتاحية

زبيدة فتاة البي بي سي الاختفاء القسري الاغتصاب عمرو أديب ضياء رشوان

أكثر من 2200 اعتداءا جنسيا على مصريات منذ الانقلاب العسكري

BBC ترد على اتهامات مصرية بنشر دعاية إرهابية