محلل: لهذه الأسباب تصر روسيا على اقتحام الغوطة

الأربعاء 28 فبراير 2018 09:02 ص

قال الكاتب والمحلل السياسي «محمود عثمان»، إن الروس سعوا إلى الإمساك بخيوط العملية السياسية في سوريا، من خلال تدخلهم العسكري المباشر، بل والاستحواذ عليها والتفرد بها بشكل كامل.

وأضاف أن «محاولات الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لفرض رؤيته للحل في سوريا بدأت من جنيف، وتحديداً عند صياغة مسودة  بيان جنيف1، حيث حاول الروس صياغة مخرجاته على مقاسهم، لكن لم يجدوا فرصة لذلك».

وتابع «ثم جاءت محاولتهم الثانية عند صياغة قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، وهناك فشلوا أيضا».

وأكد أنه «بعد الفشل في هاتين المحاولتين، تحولت الدبلوماسية الروسية نحو عقد مؤتمر دولي في أستانة، عاصمة كازاخستان، هدفه الظاهر هو الحد من العمليات العسكرية، تحت غطاء تخفيف التوتر، وليس وقف إطلاق النار».

التدخل في الهيئة العليا للمفاوضات

وأشار إلى أن «الروس راهنوا على التدخل في تركيبة الهيئة العليا للمفاوضات، التابعة للمعارضة السورية، والمنبثقة عن مؤتمر الرياض، وبالفعل تم ضم منصتي موسكو والقاهرة، اللتين تراهما موسكو قريبتين منها إلى هيئة التفاوض».

وتابع «لكن المواقف الصلبة والصريحة، التي اتخذتها هيئة التفاوض، وخصوصا رفضها المشاركة في مؤتمر سوتشي بروسيا، كان صادما للروس ومخيبا لآمالهم، إذ كانوا يعتقدون أنهم نجحوا في تشكيل المعارضة على مقاسهم».

وأكد أن «المحاولة الأخيرة للروس كانت في الإعلان عن مؤتمر سوتشي كآلية مختلفة ومنفصلة تماما عن مسار العملية السياسية في جنيف».

وأردف «حيال الإخفاقات المتتالية على الصعيد السياسي، لم يبق أمام الروس سوى التوجه عسكريا نحو الغوطة الشرقية بريف دمشق وإدلب، وهي فرصة كانت تنتظرها إيران، التي ترفض الحل السياسي من أساسه، كي تنقض على الغوطة، التي توليها أهمية استراتيجية إضافية (آخر معقل للمعارضة قرب العاصمة دمشق)».

وتابع «لكن الجيش السوري الحر سجل في الغوطة صمودا أسطوريا، فضلا عن إصرار أهلها على المقاومة حتى آخر رمق، خاصة بعد أن رأوا ما حل بالمناطق المحاصرة، التي اضطرت إلى المصالحة مع النظام، حيث نكث الروس والإيرانيون والنظام بالعهود والمواثيق، ثم نجحت هبة السوريين ومعهم المنظمات الإنسانية والأحرار في العالم، عبر حملات إنسانية، في عزل الروس وشيطنتهم، حيث بدوا الطرف المعتدي المتوحش، الذي يعرقل الحل السياسي، ويمنع الهدنة والسلام».

الحسم العسكري

وقال المحلل السياسي، إنه «لم يبق أمام الروس سوى الحسم العسكري من خلال اقتحام الغوطة، وهو ما يحتاج وقتا ليس بالقصير، لذلك استمات الروس في عرقلة مناقشة مشروع القرار، التي تقدمت به كل من الكويت والسويد، في مجلس الأمن الدولي، مؤخرا، والقاضي بفرض وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية».

أهمية قرار مجلس الأمن

وشدد المحلل السياسي على أن أهمية قرار مجلس الأمن رقم 2401، والذي يقضي بوقف القتال في الغوطة فورا، تكمن في «تحويل روسيا من ضامن إلى متهم يعرقل وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية للمحاصرين. وقد حملت مداخلات الدول، أثناء مناقشة مشرع القرار، موسكو المسؤولية كاملة».

وأضاف «جميع جهود روسيا في السيطرة على زمام الأمور، من خلال عملية خفض التوتر، ذهبت سدى، انتهى مفهوم خفض التوتر العائم، ليحل مكانه وقف إطلاق النار الواضح، وبإشراف الأمم المتحدة، خسر الروس قرار التحكم الميداني في سوريا، فقد كانت جميع القرارات الميدانية خاضعة لموافقتهم».

وأوضح أن من أهميته أيضا «إعادة زمام الأمور إلى مجلس الأمن الدولي، بعد أن تفرد به مسار أستانة، ربط وقف إطلاق النار بإيصال المساعدات الإنسانية للمحاصرين، وهو ما لم يكن موجودا في أستانة».

وتساءل المحلل السياسي، «هل ستلتزم روسيا وإيران ونظام الأسد بالقرار الأممي 2401؟»، مضيفا «الجواب معروف مسبقاً.. نحن أمام امتحان كبير وعسير يواجه المنظومة الدولية».

ومنذ الأسبوع الماضي تشن قوات النظام السوري بدعم روسي هجوما شرسا على الغوطة الشرقية، آخر معقل كبير للمعارضة قرب دمشق، وإحدى مناطق «خفض التوتر»، التي تم الاتفاق عليها في محادثات العاصمة الكازاخية أستانة عام 2017.

وتحاصر قوات النظام نحو 400 ألف مدني في الغوطة الشرقية، منذ أواخر 2012، حيث تمنع دخول المواد الغذائية والمستلزمات الطبية.

والسبت الماضي، اعتمد مجلس الأمن بالإجماع القرار 2401، الذي يطالب جميع الأطراف بوقف الأعمال العسكرية لمدة 30 يوما على الأقل بسوريا ورفع الحصار المفروض من قبل النظام، عن الغوطة الشرقية والمناطق الأخرى المأهولة بالسكان.

  كلمات مفتاحية

الغوطة روسيا إيران النظام السوري

«الغارديان»: سوريا من أسوأ كوارث حقوق الإنسان منذ عقود

قطر: ما يحدث بالغوطة الشرقية وصمة عار على الإنسانية