براءة الممثل «عيتاني» تثير تجاذبات سياسية بلبنان

الأحد 4 مارس 2018 11:03 ص

اتخذت قضية الممثل اللبناني «زياد عيتاني» منحى جديدا، بعد إعلان وزير الداخلية «نهاد المشنوق» براءته من تهمة التعامل مع (إسرائيل)، والحديث عن تورط ضابطة بارزة في جهاز أمني لبناني في فبركة الاتهام بالتعاون مع قرصان معلوماتي.

وفي هذا الإطار، يسعى المسؤولون اللبنانيون إلى إعادة ملف توقيف «عيتاني» بتهمة التعامل مع (إسرائيل)، إلى الإطار القضائي مجددا؛ منعا للاستغلال السياسي للملف الذي تترتب عليه تداعيات، قد تتخطى التأثير على جهاز أمن الدولة، الذي أوقف «عيتاني» في نوفمبر/تشرين الثاني) الماضي، قبل إحالة الملف من قبل القضاء إلى شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، التي توصلت بعد تحقيقاتها إلى أن «الإسرائيلية المفترضة» التي تواصلت مع المتهم هي مقرصن إلكتروني تولى ذلك من داخل الأراضي اللبنانية.

وضجت الساحة الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي بالمعلومات الجديدة، في حين لمح سياسيون إلى «نوايا انتخابية» تقف وراء الكشف عن «تلفيق» تهمة التعامل مع (إسرائيل) للممثل «عيتاني»، على أعتاب الانتخابات النيابية.

واعتبر رئيس الجمهورية «ميشال عون» أن ما تناقلته وسائل الإعلام وما صدر من مواقف حول عمل الأجهزة الأمنية والتحقيقات التي تجريها في مواضيع تتعلق بأمن البلاد وسلامتها: «هو خارج عن إطار الأصول والقواعد القانونية التي تحفظ سرية التحقيق»، كما أنه «يستبق الأحكام التي يمكن أن يصدرها القضاء، فضلا عن كونه مليئا بالمغالطات».

ودعا «عون» إلى ضرورة التزام الجميع سرية التحقيق وعدم توزيع أي معلومات قبل اكتمال الإجراءات القانونية والقضائية المرعية الإجراء.

كما شدد على ضرورة إبقاء الملفات التي وضع القضاء يده عليها، بعيدة عن أي استغلال لأي هدف كان.

بدوره، دعا رئيس الحكومة «سعد الحريري» إلى سحب القضية من التجاذب السياسي والإعلامي، والتوقف عن استغلالها لأغراض تسيء إلى دور القضاء والأجهزة الأمنية المختصة.

وقال «إن هذه القضية في عهدة الأجهزة القضائية والأمنية التي تتحمل مسؤولياتها وفقا للقوانين بعيدا من أي تسييس»، مؤكدا أن مستجدات قضية «عيتاني» في عهدة القضاء، الذي يملك منفردا حق البت فيها وتوجيه الجهة الأمنية المختصة للسير بالتحقيقات اللازمة.

واعتبر أن خلاف ذلك من دعوات ومحاولات للاستغلال والتسييس أمور غير مقبولة، يجب التوقف عنها والتزام حدود الثقة بالقضاء اللبناني وأجهزة الدولة الأمنية.

وتتحرك قضية «عيتاني» وفق بعدين، سياسي وأمني؛ إذ حاول المسؤولون احتواء الأول عبر سحبه من التجاذب، بينما يدور البعد الثاني حول شبهة التورط لدى «عيتاني» الذي أوقفه جهاز أمن الدولة في 23 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بشبهة التخابر والتواصل والتعامل مع (إسرائيل)، وأحيل إلى القضاء العسكري في منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وحقق أمن الدولة مع «عيتاني» لمدة 4 أيام، قبل إحالته إلى النيابة العامة العسكرية التي ادعت عليه بناء على التحقيق لدى أمن الدولة، قبل أن تحيله إلى قاضي التحقيق العسكري الأول «رياض أبوغيدا»، واكتشف الأخير ثغرات تقنية أثناء استجوابه.

ونقلت صحيفة «الشرق الأوسط» عن مصدر مطلع على مسار التحقيقات: «إن أبوغيدا، حين كان يحقق في الملف، طالعته نقاط غامضة مرتبطة بالمعلومات حول الاتصالات والمراسلات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى الأثر نظم استنابة قضائية لشعبة المعلومات للتحقق من تلك النقاط في 27 فبراير/شباط الماضي، لتحديد تاريخ الاتصالات، بالنظر إلى أن المعلومات تمتلك تقنيات، لا يستطيع جهاز أمن الدولة الذي تولى التحقيقات الأولى كشفها».

وقال المصدر إنه «وفق تحقيقات شعبة المعلومات، تبين أن الحسابات مقرصنة، وتتم الاتصالات مع عيتاني من داخل لبنان، وليس من إسرائيل كما أفيد في السابق».

وأضاف: «في 28 فبراير/شباط، خابرته شعبة المعلومات وأبلغته أن حساب عيتاني في مواقع التواصل تعرض لقرصنة»، وعليه: «استعانوا بمكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية التي كانت المقدم سوزان الحاج رئيسته، بهدف التوصل إلى هوية المقرصن، الذي اتضح أنه لبناني مدني تولى المهمة».

وأضاف المصدر: «تم استدعاء المقرصن للتحقيق، واستجوابه، فقال إنه قام بعملية القرصنة بالاتفاق مع المقدم الحاج»، مشيرا إلى أن التحقيق تم «بإشراف مفوض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية القاضي هاني الحجار الذي طلب استجواب المقدم الحاج التي أنكرت بحسب المعلومات المتوفرة»، وعليه: «خابر القاضي حجار، مدعي عام التمييز وأطلعه على المعلومات، فأمر بتوقيفها على ذمة التحقيق، ومتابعة التحقيق ليتخذ القرار المناسب بشأنها».

هذه المعطيات القضائية، دفعت وزير الداخلية «نهاد المشنوق» لنشر تغريدة ليل الجمعة قائلا: «كل اللبنانيين يعتذرون من زياد عيتاني... البراءة ليست كافية، الفخر به وبوطنيته هو الحقيقة الثابتة الوحيدة»، واصفا «عيتاني» بأنه البيروتي الأصيل العربي الذي لم يتخل عن عروبته وبيروتيته يوما واحدا.

في المقابل، قال وزير العدل اللبناني «سليم جريصاتي»: «إن الشعب اللبناني لا يعتذر من أحد، ولا يليق بأي مسؤول تقديم أوراق الاعتماد الانتخابية من طريق طلب مثل هذا الاعتذار»، مشددا على أن إعلان البراءة أو الإدانة من اختصاص القضاء وحده، الذي يلفظ أحكامه وحيدا باسم الشعب اللبناني.

وعلى المنوال نفسه، غرد رئيس الحزب الاشتراكي النائب «وليد جنبلاط»، فقال: «‏لا علاقة للبنانيين بالاعتذار من زياد عيتاني وما من أحد فوض الوزير التحدث باسمهم، على السلطة الاعتذار من اللبنانيين لكثرة الفساد والفوضى في مطبخها الممغنط».

وبالتزامن، أوقفت السلطات اللبنانية المقدم «سوزان الحاج»، التي كانت تشغل سابقا منصب مديرة مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية في قوى الأمن الداخلي، بتهمة التورط في تلفيق التهم لـ«عيتاني».

وقالت مصادر أمنية إن التحقيقات الأولية مع «الحاج» كشفت أنها استعانت بقرصان معلوماتية لتلفيق تهمة التواصل مع فتاة إسرائيلية للممثل «زياد عيتاني» الذي ما زال قيد التوقيف.

وزياد «عيتاني» ممثل لبناني في مطلع الأربعينات، ذاع صيته في السنوات الماضية في أعمال مسرحية هزلية تناولت خصوصا تاريخ مدينة بيروت وعاداتها، والتغيرات التي طرأت عليها في العقود الماضية.

  كلمات مفتاحية

لبنان إسرائيل زياد عيتاني نهاد المشنوق

لبنان.. محاكمة شرطية حسناء حاولت تدمير تاريخ المسرحي «عيتاني»