لماذا تبدو دول الخليج مجبرة على تبني خيارات تتعارض مع مصالحها؟

الثلاثاء 10 فبراير 2015 12:02 ص

لم يكن مفاجئا ما تناقلته وسائل الإعلام من اعتراض كل من السعودية والإمارات على استراتيجية التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والذي يكتفي بمهاجمة تنظيم «الدولة الإسلامية» من الجو، فيما تسيطر المليشيات الشيعية تحديدا في العراق على الأماكن التي ينسحب منها التنظيم.

تكمن الخطورة بالنسبة للبلدين الخليجيين أن العشائر السنية التي لا تلقى أي دعم عسكري يحميها من الميليشيات الشيعية تجد نفسها مضطرة للتحالف مع تنظيم «الدولة الإسلامية» أو على الأقل التعاون معه لتوفير الحماية لها.

ويزيد من مأزق الدولتين أنهما من أكثر الدول فاعلية في دعم التحالف والمشاركة في هجماته حيث لا يبدو في الأفق أي مكاسب سياسية على الأرض تتحقق لصالحهما بل على العكس يضعان نفسيهما في مواجهة أي هجمات محتملة للتنظيم في عمق بلديهما.

تأتي اعتراضات الرياض وأبوظبي في ظل اقتراب المعركة على الموصل، ومشاركة قوات شيعية تحظى بدعم إيراني عسكري وسياسي لها, وهذا يعني أن إيران لها النفوذ الأكبر سياسيا وعسكريا فالحكومة وإن ضمت بعض الحقائب الوزارية للسنة فإن الشيعة هم من يقودونها، وعلى الأرض تعربد الميليشيات الشيعية  وتقوم بتصفية طائفية كما حصل ويحصل في الرمادي وديالى.

تثبت هذه الاعتراضات المتأخرة صحة وصوابية الموقف التركي الذي رفض الانزلاق في مستنقع المشاركة في التحالف، في ظل تحقيق مصالح أطراف أخرى أو على الأقل غياب الوضوح وعدم وجود ضمانات للخروج بأي انجازات من وراء المشاركة.

وعلى العكس تدافعت دول الخليج وعلى رأسها السعودية والإمارات دون أن تضع شروطها كتركيا التي طلبت استهداف «الأسد» وتنظيم «الدولة الإسلامية» على حد سواء لأن استهداف تنظيم «الدولة الإسلامية» فقط يفتح الطريق أمام «الأسد» لاستعادة السيطرة، وعلى الأقل رفضت تركيا المشاركة ولم تساهم بتكلفة حرب لا تجني منها إلا الخسائر.

نفس الحال يمكن قياسه على العراق، فإن استهداف «الدولة الإسلامية» في العراق دون دهم العشائر السنية ودون اعطاء السنة مزيدا من السيادة والنفوذ الحقيقي في حكومة بغداد لن يؤدي إلا إلى مزيد من تغول الميليشيات الشيعية ومزيد من توسع النفوذ الإيراني في العراق. ويأتي هذا بعد الحديث عن هجوم بري واسع على «الدولة الإسلامية» بمشاركة  12 لواء من الجيش العراقي الذي يتكون بشكل أساسي من العناصر الشيعية.

لقد كان من المنطقي أن تطالب دول الخليج قبل المشاركة في التحالف بتحقيق هذه الشروط قبل أن تقدم على أي خطوة، ولكن المشهد الذي يدور في خلفية المنطقة سواء في اليمن أوالعراق يوحي بشكل واضح أن دول الخليج قد عملت عكس مصالحها تماماً كما يقول المراقبون.

لكن السؤال الذي يدور الآن، هل أدركت دول الخليج خطأ مواقفها في العراق واليمن وباقي الدول؟، وهل هذا الإدراك المتأخر يمكن أن يحقق لها شيئا من أهدافها؟ أم أن حالها يشبه حالة الفريق الذي يحرز هدفا في مرمى الخصم في الوقت الضائع بعد تلقيه «دستة» من الأهداف.

لقد تم تمهيد الساحة في اليمن والعراق ضمن ترتيبات قد تكون خدعت بها دول الخليج مدفوعة بخوفها من مد الثورات الذي دفعها إلى اتخاذ خطوات غير محسوبة على عكس سير مصالحها.

إن سباق التنافس في المنطقة يحتاج لسرعة التحرك والبديهة بالنسبة لدول الخليج، ليس لتحقيق الانتصار فذاك أوانه قد فات، ولكن لتخفيف الأضرار، ولعل السنوات القادمة تفرز وضعا أفضل يمكنها من استعادة شئ من النفوذ المفقود إذا كانت هذه الدولة جادة في تصحيح مساراتها وتغيير سياساتها التي أفرزت هذا الوضع المتردي.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية الإمارات اليمن الدولة الإسلامية

الإمارات تطالب التحالف الدولي بضرورة تسليح العشائر السنّية في العراق لمواجهة «الدولة الإسلامية»

لماذا علقت الإمارات عملياتها العسكرية ضمن التحالف الدولي لمواجهة «داعش»؟

«أردوغان» يلمح لتغير موقف تركيا إلي المشاركة فى التحالف الدولي ضد الدولة الإسلامية

السعودية والإمارات تقصفان 12 مصفاة نفطية لـ«الدولة الإسلامية» شرق سوريا

الغارديان: الإجهاز على الدولة الإسلامية يقلق السعودية والإمارات لأنه سيقوي إيران وحلفاءها

«تشاتام هاوس»: المستقبل السياسي لدول الخليج في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية

عندما يقود الخليج

الكويت.. مجلس الأمة يناقش مشروع قانون منع تعارض المصالح