تضارب المصالح بين مجموعتين من دول النفط وراء انخفاض الأسعار

الأربعاء 11 فبراير 2015 06:02 ص

منذ منتصف عام 2014 حدث انخفاض كبير في أسعار النفط في العالم. مثلا، سعر برميل النفط الأمريكي من نوع (دبليو.تي.آي) وصل في نهاية يناير/كانون الثاني 2015 الى 44 دولار للبرميل، مقابل 105 دولارات للبرميل في نهاية يونيو/حزيران 2014. في مستوى منخفض سابق سجل في منتصف شباط 2009، كان سعر البرميل 34 دولار مقارنة مع ذروة الـ140 دولار للبرميل في نهاية 2008 وقاع الـ 18 دولار في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2001. في الأيام الاخيرة بدأ انتعاش معين في السعر (حتى 3 شباط كان سعر برميل النفط 52 دولار). في كل الاحوال من الواضح أن سعر النفط متذبذب جدا ويصعب التنبؤ به.

السبب المباشر لانخفاض أسعار النفط في منتصف السنة الماضية هو زيادة العرض. في السنوات الخمسة الأخيرة، في الوقت الذي كانت فيه أوروبا تريد التخلص من الأزمة الاقتصادية، وفي الصين تقلصت وتيرة النمو السريع (الجهات التي تنتظر طلب النفط في العالم)، ازداد انتاج النفط في العالم بدرجة أعلى من الاستهلاك. ويبرز هنا الارتفاع الحاد في انتاج النفط الأمريكي بسبب انتاج النفط الصخري. الزيادة في انتاج النفط في العالم تغطي النقص في انتاج دول مثل ليبيا، التي وضعها الداخلي غير مستقر، وأيران بعد العقوبات التي تم فرضها عليها من الدول الغربية.

فمثلا، حسب بيانات «أوبك» منذ يناير/كانون الثاني 2015، التي تستند على مصادر مختلفة، وفي سنوات 2009 - 2014 انخفض انتاج النفط الخام لإيران من 3 مليون و75 ألف برميل يوميا الى 2 مليون و76 ألف برميل يوميا. في حين أن انتاج العراق ازداد من 2.42 مليون الى 3.66 مليون برميل يوميا (رغم وضعه الداخلي الصعب). زيادة واضحة كانت أيضا في انتاج السعودية، الكويت واتحاد الإمارات. في ليبيا انخفض الانتاج بمعدل حاد من 1.56 مليون الى 0.44 مليون برميل يوميا. كما أن تعزز سعر الدولار الأمريكي في العالم ساعد بصورة مباشرة في هبوط سعر البرميل المتفق عليه بالدولار.

هناك تأثير أساسي على وضع سوق النفط يتمثل بتضارب المصالح بين مجموعتين من الدول الكبرى المنتجة للنفط في العالم. المجموعة الأولى - العربية السعودية، الكويت والإمارات - التي تملك احتياطي من النفط والعملة الأجنبية كبير جدا ووضعها بشكل عام جيد. لدى العربية السعودية 16% ممن احتياطي النفط في العالم، تكفي على الأقل لفترة 63 عاما بمعدل الانتاج الحالي. توجد مصلحة لأعضاء هذه المجموعة في تضخيم مداخيلها من النفط للمدى البعيد، وهي معنية بأسعار نفط معتدلة من شأنها تطوير بدائل للنفط الذي تنتجه. وفي المقابل، يوجد للدول المنتجة للنفط التي تعاني مصاعب اقتصادية ومنها روسيا والعراق وإيران وفنزويلا، مصلحة في مداخيل عالية بقدر الإمكان في الوقت الحالي، الأمر الذي يتطلب أسعار نفط عالية في السوق العالمية، وذلك أيضا بثمن تشجيع بدائل للنفط على المدى البعيد.

قررا منظمة «أوبك» في نوفمبر/تشرين الثاني 2014 عدم تقليص انتاج النفط لاعضاء المنظمة يناسب مصالح العربية السعودية وحلفائها.

الأمير السعودي الوليد بن طلال برر في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 قرار العربية السعودية عدم تقليص انتاج النفط بأنه جاء لاعتبارات اقتصادية ونقص الثقة بين الدول المنتجة للنفط. حسب أقواله، إذا قامت العربية السعودية بتقليص انتاج النفط من 1 حتى 2 مليون برميل في اليوم فان دول أخرى ستزيد انتاجها على حسابها. وأضاف أنه حتى إذا تم الاتفاق على تقليص الانتاج فان هناك دول ستكذب بشأن انتاجها. وقد قدر بن طلال أننا لن نرى ثانية سعر الـ 100 دولار للبرميل. وتجدر الإشارة إلى أن موت الملك السعودي عبد الله في 23 يناير/كانون الثاني 2015، لن يؤثر على سوق النفط العالمية.

وكقاعدة عامة، يوجد لأسعار النفط المنخفضة تأثير إيجابي على النمو الاقتصادي العالمي، لأن أغلبية الدول مستوردة للطاقة. انخفاض الأسعار تفيد بشكل خاص أغلبية دول أوروبا واليابان، التي تمر بمصاعب اقتصادية، ودول مثل الصين التي يعتبر استمرار النمو السريع فيها هدف استراتيجي لها. مع ذلك فان مستوى أسعار منخفض يشجع الطلب على النفط ويبطيء تطوير الطاقة البديلة ويقلص الاستثمارات في استخراج النفط مرتفع الثمن (وهو توجه بدأ طريقه!)، وهكذا فإن سعر النفط في المستقبل سيعود ويرتفع، لا سمح الله، إلى أن يجدوا على المدى البعيد بدائل رخيصة للنفط.

المصدر | شموئيل إيفن، نظرة عليا العبرية - ترجمة المصدر السياسي

  كلمات مفتاحية

أسعار النفط السعودية انخفاض أسعار النفط أوبك فنزويلا إيران

أسواق النفط الحالية لا تعكس الواقع الحقيقي