بوادر اتفاق بين أمريكا وتركيا بشأن أكراد سوريا

الأحد 11 مارس 2018 04:03 ص

كشفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن إدارة الرئيس «دونالد ترامب» ستتحرك لكبح المقاتلين الأكراد، في شمال سوريا.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول تركي بارز قوله إن الخطوة الأولى والنقطة الأساسية في المسألة هي سحب الأكراد من مدينة منبج ونقلهم إلى المنطقة شرق نهر الفرات.

وقالت الصحيفة الأمريكية إن تنفيذ هذا التعهد الأمريكي، سيلبي طلبا تركيا قديما ويحقق أمرا وعدت به إدارة الرئيس السابق «باراك أوباما» في الماضي وهو إبقاء القوات الكردية شرق نهر الفرات.

ولم تُظهِر تركيا أي تسامحٍ تجاه أي تطور من شأنه أن يقوي الجماعات الكردية السياسية والعسكرية في سوريا، خاصةً في المنطقة الموجودة على الحدود الممتدة التي تتشاركها تركيا مع سوريا، حيث تتهم تركيا الأكراد بالإرهاب، وبأنهم يسعون لإنشاء مقاطعة كردية دائمة مُتحالفة مع المقاتلين الأكراد الانفصاليين في تركيا، المعروفين باسم حزب العمال الكردستاني.

وعن المعلومات الأولية للاتفاق، قالت الصحيفة إن المسؤولين لم يحددوا وقتا زمنيا لنقل الأكراد من مدينة منبج السورية إلى مواقع في شرق نهر الفرات على بعد 20 ميلا، ولم يحددوا الوسيلة التي سيجري بها تنفيذ ذلك، لكن المسؤولين أكدوا أن الأمر ستناقشه مجموعات عمل شكلتها حديثا حكومتا الولايات المتحدة وتركيا. وستُعقد جلسة المناقشات الأولى يومي الخميس والجمعة المقبلين 15 و16 مارس/آذار في واشنطن.

وكان وزير الخارجية التركي «مولود جاويش أوغلو» أكد السبت، أن بلاده اتفقت مع الولايات المتحدة، على تحقيق الاستقرار في مدينة منبج، ومدن شرق نهر الفرات، مضيفا أسسنا مجموعة عمل من أجل هذا الأمر، وفي 19 مارس/ آذار (الحالي) سألتقي وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، دون إضافة تفاصيل.

ووفقاً لمسؤولين أمريكيين وأتراك كبار تحدثوا عن التقارب بين الجانبين الذي لا يزال هشاً شريطة عدم الإفصاح عن هويتهم، فإن إمكانية التوصل لاتفاق بشأن منبج على الأقل هدأت الأجواء مؤقتا.

وقال مسؤول تركي كبير آخر إن الاجتماعات التي بدأت الأسبوع الماضي، ومن المقرر أن تتواصل في العاصمتين على مدار الشهور المقبلة، ستتعامل مع مجموعة من القضايا الخلافية، بما في ذلك معارضة إدارة ترامب للخُطط التركية الهادفة لشراء نظام صواريخ أرض- جو روسي.

إلا أن هذا الدفء المؤقت في العلاقات يأتي بالفعل على حساب الولايات المتحدة، حيث قالت القوات الكردية المتحالفة مع واشنطن الأسبوع الماضي إنَها ستنسحب من الخطوط الأمامية للمعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في جنوب سوريا للانضمام إلى المعركة ضد تركيا في الشمال، وذلك لأنها تشعر بأن واشنطن خذلتها.

وحذر القادة العسكريون الأمريكيون الموجودون على الأرض في منبج سابقاً من أن القوات الأمريكية المنتشرة هناك التي يصل قوامها لبضع مئات ستدافع عن الأكراد ضد أي هجوم تشنه القوات التركية، المحتشدة الآن على بعد بضعة أميال.

وشعر المسؤولون الأتراك بالغضب، الشهر الماضي، عندما مدح القادة العسكريون الأمريكيون، الذين كانوا يزورون المنطقة بصحبة صحفيين أمريكيين، الأكراد، وتعهدوا بالقتال إلى جانبهم في حال حدوث هجوم تركي.

ويتفق الجانبان على أن أي تبادل لإطلاق النار بين قوات الدولتين اللتين تنتميان لحلف شمال الأطلسي (الناتو) سيكون كارثيا، فالخلاف بين الجانبين لم يكن سببه الأكراد وحدهم، فقد تبادلت واشنطن وأنقرة سلسلة من التصريحات الدبلوماسية الحادة في أعقاب محاولة الانقلاب في تركيا في 2016.

وقال المسؤول التركي: «الأمريكيون أصبحوا يتفهمون مخاوفنا بوضوحٍ أكبر بعد زياراتٍ أجراها الشهر الماضي تيلرسون، ومستشار ترامب للأمن القومي هربرت مكماستر ، ووزير الدفاع جيمس ماتيس الذي التقى أيضاً نظيره التركي في أوروبا».

هل تستطيع أمريكا تنفيذ وعدها؟

ورغم كل ذلك، رأت الصحيفة الأمريكية أنه من غير الواضح بصورةٍ كبيرة ما إذا كان التحسن في العلاقات سيستمر أم لا.

وأعرب مسؤولٌ كبير في إدارة «ترامب» عن ارتيابه من قدرة الولايات المتحدة على إقناع المقاتلين الأكراد بالانسحاب.

وقال المسؤول: «كثير من قدرتنا على المضي قدماً (في علاقتنا مع تركيا) سيعتمد على ذلك، لأننا قدمنا تعهداً للأتراك، وسيطالبوننا بتنفيذه».

ونظير تعهد الولايات المتحدة الأصلي بإخلاء منبج من الأكراد، سمحت تركيا للمقاتلات الحربية الأمريكية بمواصلة استخدام قاعدة إنجرليك الجوية لشن ضرباتٍ جوية على أهداف لتنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا.

وتحدث مسؤولٌ أمريكي عن الأكراد قائلا: «الأمر صعب بالنسبة لنا، لأننا أمضينا سنواتٍ كثيرة مع أولئك الرجال .. على الأخص فيما يتعلق بمقاتلينا (الأمريكيين)، فقد أقمنا بشكلٍ كبير علاقاتٍ شخصية عميقة، ولا يريد أحد أن يراها تتلاشى».

إلا أنه يبدو أن مسؤولين عسكريين ودبلوماسيين أمريكيين كبار ممن وصفوا الشراكة مع تركيا بأنها حيوية قد توصلوا إلى أنهم لم يعودوا قادرين على الاستمرار أكثر من ذلك في تحاشي تجاهل شكاوى حليفٍ مهم كتركيا.

وأعربت تركيا بالفعل عن نفاد صبرها إزاء وجود القوات الكردية على طول حدودها.

وفي يناير/كانون الثاني شنت تركيا هجوماً ضد المقاتلين الأكراد في عفرين الواقعة شمال غرب سوريا.

وقال المحلل التركي في مركز سياسة الحزبين بواشنطن «نيكولاس دانفورث» إن الحكومتين لديهما أسباب مقنعة لتهدئة نزاعهما.

وأضاف: «ففي حال تصاعد الخلاف، ستواجه حكومة الولايات المتحدة إمكانية خسارة استخدام القواعد العسكرية في تركيا، أو قد تشهد اعتقال مزيدٍ من المواطنين الأمريكيين في تركيا».

وتدرك تركيا التي تواجه احتمال فرض عقوباتٍ عليها أنَّ تدهور العلاقات قد يُضر باقتصادها.

وقال «دانفورث» إن التوترات هددت أيضاً الجهود الرامية إلى تحقيق الأهداف المشتركة بين البلدين في سوريا، مضيفاً أن تركيز تركيا فقط على المقاتلين الأكراد أعاق القتال ضد «الدولة الإسلامية» وأضعف موقف أنقرة في المفاوضات لإنهاء الصراع السوري، ويقوض قدرة تركيا على التوصل إلى اتفاق سلام يضمن مصالحها.

  كلمات مفتاحية

تركيا أمريكا أكراد منبج عفرين اتفاق

«البنتاغون» يقر بانضمام مقاتلين أكراد للقتال ضد تركيا بعفرين

«ترامب» يدعو «ماكرون» للتعاون مع تركيا بشأن سوريا