خبراء: دول الخليج النفطية قد تتضرر من الإجراءات الحمائية الأمريكية

الثلاثاء 13 مارس 2018 04:03 ص

قال خبراء اقتصاديون إن الإجراءات الحمائية الأمريكية تأثيرها محدود على الاقتصادات العربية لأن حجم تجارتها مع الولايات المتحدة لا يتجاوز 5%.

وذكر الخبراء، في تصريحات لـ«الأناضول»، أن الآثار السلبية قد تظهر على المدى الطويل حال تصاعد وتيرة القرارات المماثلة؛ ما سيؤدي إلى خفض أسعار النفط (مصدر الإيرادات الرئيسي لدول الخليج) جراء تباطؤ النمو العالمي.

وبدت بوادر حرب تجارية عالمية في الأفق، خاصة بعدما أصدر الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» قرارا بفرض رسوم جمركية على واردات الولايات المتحدة من الصلب والألمنيوم بنسبة بلغت 25% و10% على التوالي.

وتشكل الواردات الأمريكية حالياً نحو 23% من الناتج الإجمالي العالمي مقارنة مع 17% عام 2000.

وكرد فعل سريع على القرار، طرح الاتحاد الأوروبي مسودة قرار بفرض رسوم جمركية على واردات الصلب والملابس وغيرها من السلع الصناعية الأمريكية.

إلا أن الموقف الصيني اتسم بضبط النفس حتى الآن، ونقلت وكالات أنباء عن وزير الخارجية الصيني، «وانج يي»، الخميس الماضي، قوله إن بلاده ستقوم بـ«الرد المناسب والمبرر» في حالة اندلاع حرب تجارية.

تأثير محدود

وقال  أستاذ التمويل الدولي بجامعة القاهرة، «فخري الفقي»، إن التأثير محدود على اقتصادات الدول العربية؛ لأن حجم تجارتها ما زالت تحت مستوى 10% من التجارة الأمريكية، وأغلبها في النفط.

وحذر من أن تصاعد وتيرة القرارات الحمائية سيلقي بآثار سلبية على الاقتصاد العالمي، مضيفا: «الكل خاسر جراء مثل هذه السياسات».

وأوضح «الفقي»، الذي عمل كمستشار سابق لدى صندوق النقد الدولي، أن النمو سيتأثر جراء قرارات الولايات المتحدة (أكبر اقتصاد حول العالم)، وهناك مخاوف محتملة من تزايد حدة القرارات المضادة.

وقال إنه على المدى الطويل، إذا قام الاتحاد الأوروبي والصين باتخاذ إجراءات مماثلة سيؤدي إلى نشوب حرب تجارية تقود لخفض حجم التجارة العالمية، وبالتالي تراجع الطلب على الطاقة وانخفاض أسعار النفط (المصدر الرئيسي لإيرادات النفط لدول الخليج).

تجارة ضئيلة

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي والأستاذ في الجامعة اللبنانية، «جاسم عجاقة»، إن حجم تجارة الدول العربية مع أمريكا ضئيل؛ لذلك التأثير لن يكون بالكبير.

وأضاف «عجاقة»: «تأتي سياسة ترامب الحمائية في ظل استراتيجية شاملة بهدف حماية القطاع الصناعي الأمريكي من المُنافسة العالمية، وجعل الولايات المُتحدة اللاعب الأول في السوق النفطي».

وتابع: «الضرر على الدول العربية سيظهر في قطاع النفط؛ حيث يهدف ترامب إلى لعب الولايات المتحدة الدور الأول في سوق النفط من خلال استخراج النفط الصخري».

وأشار «عجاقة» إلى أن ذلك، سيدفع إلى زيادة العجز المالي في موازنات الخليجية مع انخفاض الأسعار، في المقابل سيكون له تأثير إيجابي على موازنات الدول غير النفطية التي تستورد النفط.

وذكر أن الإجراءات سيكون لها تداعيات على كل دول العالم المصدرة إلى أمريكا، وعلى رأسها الصين (22% من إجمالي الاستيراد)، الاتحاد الأوروبي (18%)، المكسيك (13%)، اليابان (6%)، الدول العربية (2%) ودول الخليج (1%).

وأوضح أن «الضرر على كل الدول سيتمثل برفع التضخم الناتج عن رفع الرسوم الجمركية من قبل الطرفين»، حسب الخبير الاقتصادي.

وذكر أن العديد من الشركات الأمريكية تستورد موادها الأولية إلى حدود الـ60%، وبالتالي تراجع القوّة الشرائية ومعها التجارة الدوّلية.

جزء لا يتجزأ

أما الخبير الاقتصادي «عدنان الدليمي» فقال إن اقتصادات الدول العربية جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي، وأي تأثير سلبي سيطال الجميع.

وكشف «الدليمي» أن الأسواق ستعاني من تقلبات كبيرة مع تصاعد التوترات التجارية، وقد يتجه احتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) إلى رفع أسعار الفائدة مما قد يؤثر على دول الخليج التي تربط عملاتها بالدولار.

ورجح إمكانية تراجع الولايات المتحدة عن القرار حال تصاعد وتيرة القرارات المضادة، مثلما حدث في 2002.

وأوضح «الدليمي» أن الرئيس الأمريكي الأسبق «جورج بوش» فرض رسوم جمركية نسبتها 30% على واردات الصلب، واستمرت لمدة سنة ثم ألغيت خوفا من تدابير انتقامية.

ردود الأفعال

وتباينت ردود الأفعال الصادرة من جانب الشركات الخليجية الكبرى المنتجة للألومنيوم والحديد جراء رسوم «ترامب».

وقللت شركات إماراتية عاملة في صناعات الألومنيوم والحديد من تأثير قرار الولايات المتحدة.

وأوضحت الشركات الإماراتية أن تأثير القرارات الأمريكية على المنتجات الإماراتية حال تطبيقها سيكون محدوداً، لا سيما أن هناك أسواقا أخرى يتم التصدير إليها مثل السوق الأوروبية.

وقال العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة «الإمارات العالمية للألمنيوم» (حكومية)، «عبد الله جاسم بن كلبان»، إن شركته جاهزة للتعامل مع التأثيرات المحتملة لفرض رسوم على صادرات الألمنيوم.

وأضاف «بن كلبان»: «نحن ملتزمون باستمرار توريد منتجات الألمنيوم عالية الجودة إلى أسواق الولايات المتحدة لتلبية احتياجات شركات التصنيع الأمريكية».

والإمارات، ثالث أكبر مُصدر للألمنيوم إلى الولايات المتحدة بعد كندا وروسيا، كما أن شركة الإمارات للألمنيوم هي ثالث أكبر منتج للألمنيوم الأولي خارج الصين.

وأوضح «بن كلبان» أن السوق الأمريكية تستحوذ على 18% من إجمالي إنتاج «الإمارات للألمنيوم» بواقع 450 ألف طن سنويا.

وبين أن تأثير قرار «ترامب» على مستويات العرض والطلب لن يتبلور بوضوح إلا مع مرور الوقت.

وتورد «الإمارات للألمنيوم» منتجاتها إلى السوق الأمريكية منذ 1999، وهي أكبر شركة صناعية مملوكة من قبل حكومتي أبوظبي ودبي بعد دمج شركتي «دوبال» و«إيمال» في عام 2014.

وأعلنت شركة «صحار ألمنيوم» العمانية، (من أكبر منتجي الألمنيوم في الشرق الأوسط)، إنها قد تتضرر بشكل غير مباشر من الرسوم التي فرضتها الحكومة الأمريكية على واردات الألومنيوم.

وقالت «صحار ألمنيوم»، إنها لن تتأثر مباشرة لأنها حالياً لا تصدر خام الألمنيوم إلى الولايات المتحدة، لكن التأثير سيكون بالأسواق الإقليمية التي تنشط بها الشركة.

وسيسبب فرض الرسوم الأمريكية، لحماية المنتجات المماثلة المصنعة في الولايات المتحدة، زيادة في معروض السلعة داخل الأسواق الإقليمية؛ ما يدفع نحو خفض الأسعار لتسجيل مبيعات جديدة.

الخطر الحقيقي

ويرى بنك قطر الوطني (أكبر مؤسسة مالية في منطقة الشرق الأوسط) أن الخطر الحقيقي على الاقتصاد العالمي يكمن في حدوث ردود مماثلة من الاتحاد الأوروبي والصين.

وأوضح البنك في تحليل بحثي أن زيادة الرسوم الأمريكية لن يكون له تأثير سلبي كبير على الاقتصاد العالمي.

وأشار التحليل إلى أن الإجراءات الأخيرة ستؤدي إلى تقليص واردات الولايات المتحدة بحوالي 1% فقط، في حال بقاء العوامل الأخرى دون تغير، وبالتالي فإن تأثيرها على النمو العالمي سيكون هامشيا.

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

الدول العربية دول الخليج أمريكا الصلب الألمنيوم حمائية