كنّا نعتقد، أو هكذا يفترض، أن يكون التضخم في الإمارات انخفض أو في طريقه للانخفاض في العام الماضي وهذا العام، لكن الأرقام التي تصدرها مراكز الإحصاء تشير إلى عكس ذلك تماماً، فمعدل التضخم في أبوظبي ودبي بات يفوق 4% على أساس سنوي مقارنة بمعدل تراوح بنحو 3% في الفترة المماثلة أي أن الزيادة تتخطى الثلث خلال عام.
اعتقادنا كان مبنياً على مجموعة معطيات، أبرزها قوة الدرهم المرتبط سعرياً بالدولار، حيث حقق مكاسب كبيرة خلال فترة امتدت على مدار أكثر من ستة أشهر، وهذا الارتفاع لم يكن عادياً بل كبيرا في مقاييس العملات حيث زادت قوته الشرائية أمام العملات الرئيسية بأكثر من 20% ما يعني أن القيمة السعرية للواردات من أكثر من ثلث العالم يفترض أنها انخفضت وهو ما لم يلمسه المستهلك.
الأمر الآخر الذي ذهب إليه اعتقادنا يتعلق بأسعار المواد الخام التي انخفضت هي الأخرى بسبب ضعف الطلب والإنتاج الصناعي العالميين، أي أن تكلفة إنتاج مصانعنا الوطنية يفترض أن تنخفض هي الأخرى عن مستوياتها السابقة، وهو ما لم يحدث، بل استمرت أسعار منتجاتها بالارتفاع، مع الإشارة إلى تراجع أسعار النفط إلى النصف.
أيضاً إذا نظرنا لتقارير شركات العقار التي أفادت أن الإيجارات أخذت طريقها إلى التراجع في معظم مدن الدولة، فإن ذلك لم يحصل ويبدو أن أرقامها لا تقارب الواقع الذي يشير طبقاً للإحصاءات الرسمية إلى أن مؤشر السكن واصل ارتفاعه بقوة ما أثر بقوة في المستوى العام للتضخم في البلاد حيث يشكل السكن أكثر من ثلث إجمالي مؤشر التضخم.
آخر تقرير لمركز إحصاء دبي يفيد أن التضخم في الإمارة ارتفع خلال العام المنتهي في الربع الأول 3.4%، أما الأبرز فيما جاء بالتقرير أنه باستثناء «الطعام والمشروبات» التي تراجعت بنسبة 1.37% و«الترفيه والثقافة» 0.5%، فإن جميع مكونات التضخم زادت، وكانت الزيادة الرئيسية في بند السكن والمياه والكهرباء التي تشكل 43% من المؤشر حيث قفزت خلال عام 7.5%، ومع عدم وجود زيادة معلنة في الكهرباء والماء فإن الزيادة 9%.
يظهر التقرير أيضاً ان أسواق التجزئة بمختلف أنواعها واصلت القفزات السعرية، فالألبسة ارتفعت 8% والأثاث والتأثيث 10% والسلع والخدمات 7.2% والمطاعم والفنادق 3% والاتصالات 3.2%، أما التعليم فكان نصيبه من الارتفاع 6.2%.
هذه بعض معطيات التضخم، فهل هو تحت السيطرة عندما يزيد على 4% أم أنه غير ذلك لا سيما إذا ما عرفنا أن نمو اقتصادنا هو بحدود الـ4% ؟!