المصالح المشتركة تتفوق على الخلافات الأخيرة بين إيران وروسيا

الجمعة 25 مارس 2022 12:49 م

وصل وزير الخارجية الإيراني "حسين أمير عبداللهيان"، في 15 مارس/آذار، إلى موسكو لإجراء محادثات مع المسؤولين الروس بشأن الحرب في أوكرانيا ومستقبل الاتفاق النووي. وبالرغم أن وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف" أشاد بـ "الموقف الموضوعي لإيران بشأن ما يحدث في أوكرانيا"، فقد تحدث وزير الخارجية الأوكراني "ديميترو كوليبا" أيضًا مع "عبداللهيان" وأكد أن "إيران تعارض الحرب في أوكرانيا".

ولكن يبدو أن المحادثات بشأن الاتفاق النووي كانت أكثر نجاحًا. وقبل زيارة "عبداللهيان"، طلبت روسيا ضمان قدرتها على التعاون الاقتصادي مع إيران (بالرغم من العقوبات الغربية المفروضة على موسكو) بالشكل الذي تسمح به خطة العمل المشتركة الشاملة مع طهران.

وقد تم حل هذه المشكلة بالتزامن مع زيارة "عبداللهيان"، حيث صرح "لافروف" أن موسكو تلقت ضمانات أمريكية بأن العقوبات لن تعرقل التعاون التجاري بين روسيا وإيران.

وبالرغم من هذه التقلبات، عكست زيارة "عبداللهيان" استمرارية العلاقات الروسية الإيرانية. وفيما يتعلق بحرب أوكرانيا، أعربت إيران عن تضامنها مع مخاوف روسيا الأمنية، لكنها رفضت دعم الغزو.

وفيما يتعلق بالمسألة النووية، تواصل روسيا دعم استعادة الاتفاق النووي، لكنها سعت إلى ضمان حماية مصالحها الاقتصادية بموجب شروط الاتفاق النووي. ويضمن ذلك استمرار التعاون الاستراتيجي بين موسكو وطهران بالرغم من الاحتكاكات العرضية.

التوازن الإيراني بشأن حرب أوكرانيا

تعكس سياسة إيران القائمة على "التعاطف دون الانحياز" تجاه الغزو الروسي لأوكرانيا ردود فعلها على التدخلات العسكرية السابقة لموسكو. وأثناء الغزو الروسي لجورجيا في عام 2008، ألقى الرئيس الإيراني الأسبق "محمود أحمدي نجاد" باللوم على استفزازات الناتو، بينما استبعد في الوقت نفسه الاعتراف الرسمي بأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية (المنطقتين الانفصاليتين المواليتين لروسيا في شمال جورجيا).

وبالمثل بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، انتقد الرئيس الإيراني السابق "حسن روحاني" العقوبات المفروضة على موسكو ووصفها بأنها "أداة خاطئة"، وألقى المشرعون الإيرانيون باللوم على التدخل الغربي. وحافظت إيران على حيادها، ورفضت الاعتراف بشبه الجزيرة كجزء من روسيا، ورفضت التصويت في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 68/262 الصادر في مارس/آذار 2014 بشأن وحدة أراضي أوكرانيا.

وتتخوف طهران من نجاح الحركات الانفصالية في المنطقة، وتنظر بقلق إلى صعود هذه الحركات الموالية لروسيا في منطقة دونباس الشرقية بأوكرانيا. وقد صرح كبير مستشاري السياسة الخارجية للمرشد الأعلى "علي أكبر ولايتي"، في فبراير/شباط 2014، أن "الانفصالية تشكل تهديدًا خطيرًا لأوكرانيا وأمن منطقة القوقاز"، وادعى أنها يجب أن تحظى "باهتمام خاص".

وجاء رد إيران على الغزو الروسي لأوكرانيا بعد ساعات من بدئه في 24 فبراير/شباط، حيث شجب الرئيس الإيراني "إبراهيم رئيسي" توسع الناتو شرقًا باعتباره "تهديدًا خطيرًا" لأمن واستقرار الدول المستقلة. ورددت وزارة الخارجية الإيرانية كلمات "رئيسي"، بينما ألقى المرشد الأعلى "علي خامنئي" باللوم في الحرب على تصرفات "نظام المافيا" الأمريكي وإرث "الثورات الملونة" المتكررة التي تدعمها الولايات المتحدة على طول حدود روسيا.

وبالرغم من هذا الخطاب، لم تنضم إيران إلى حلفائها السابقين، مثل الرئيس السوري "بشار الأسد" أو اليمني "علي محمد الحوثي"، في الاعتراف باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك الشعبية. كما امتنعت طهران عن التصويت على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2 مارس/آذار، الذي أدان الغزو الروسي لأوكرانيا. ويتماشى موقف إيران من كييف مع استراتيجيتها طويلة الأمد تجاه منطقة ما بعد الاتحاد السوفيتي.

وفي حين ظلت علاقات طهران مع روسيا وبيلاروسيا ودية، فإن إسقاط رحلة الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية 752 في يناير/كانون الثاني 2020 أدى إلى توتر خطير في العلاقات بين إيران وأوكرانيا. ولكن رفض طهران دعم الغزو الروسي (في تناقض صارخ مع الدعم الأكثر حماسة من شركاء روسيا الإقليميين الآخرين) يمكن أن يساعد في تخفيف الاحتكاكات الثنائية مع كييف.

موقف روسيا من مفاوضات الاتفاق النووي

منذ استئناف مفاوضات الاتفاق النووي في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، دعمت روسيا باستمرار استعادة الاتفاق واستخدمت المحادثات النووية الإيرانية كوسيلة للتواصل مع الغرب.

وفي ديسمبر/كانون الأول، انضم الممثل الدائم لروسيا لدى المنظمات الدولية "ميخائيل أوليانوف" إلى إيران في الإشادة بتقدم المحادثات، حتى في الوقت الذي قاومت فيه القوى الغربية مطالب طهران برفع العقوبات دون شروط مسبقة.

واستمرت مشاورات "أوليانوف" المنتظمة مع المبعوث الأمريكي الخاص لإيران "روب مالي" حتى مع تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن الحشد العسكري لموسكو على طول حدودها مع أوكرانيا. وقد خفف ذلك من مخاوف بعض الخبراء الروس الذين كان يخشون أن تحاول الدول الغربية استبعاد روسيا من محادثات الاتفاق المستقبلية.

وبالرغم من تحالف روسيا السطحي مع إيران بشأن الاتفاق النووي، فقد ظهرت التوترات المتبادلة في الأسابيع الأخيرة. وتنظر موسكو بقلق إلى عودة النفط الإيراني إلى الأسواق الغربية؛ لأنه سيخفف من ارتفاع الأسعار ويحد من قدرة الكرملين على استخدام الطاقة كسلاح للرد على العقوبات. كما أدى الضغط الروسي من أجل إعفاءات من العقوبات إلى إبطاء تقدم الاتفاق النووي، واصطدم مع رغبة الصين في تسريع إعادة دخول النفط الإيراني إلى الأسواق العالمية.

وقد تفاقمت مساحات الخلاف هذه بسبب الخلافات المتزامنة بين روسيا وإيران حول اليمن. وفي تراجع عن موقفها السابق، أيدت بعثة موسكو في الأمم المتحدة قرارًا لمجلس الأمن الدولي في 28 فبراير/شباط، وصف الحوثيين بأنهم جماعة إرهابية، وأعربت عن تضامنها الراسخ مع الإمارات ضد ضربات الطائرات المسيرة التي شنها الحوثيون.

في المقابل، أعرب المعلقون الإيرانيون عن مخاوفهم بشأن نهج روسيا الذي يخدم مصالحهم الذاتية في مفاوضات الاتفاق. وظهرت هذه المخاوف عبر الطيف السياسي الإيراني. وحث "حسين علائي"، القائد البحري السابق في الحرس الثوري الإسلامي، على إبرام صفقات جديدة بموجب معاهدة الصداقة الروسية الإيرانية التي استمرت 20 عامًا لتكون "ذات منفعة متبادلة" بدلاً من "حل مشاكل روسيا على المدى الطويل"، فيما أعربت وسائل إعلام إصلاحية أخرى عن إحباطاتها المتزايدة من ربط روسيا الاتفاق النووي بأهدافها في أوكرانيا.

وبالرغم أن روسيا وإيران لا تتماشيان تمامًا معا في حرب أوكرانيا كما ظهرت الخلافات الكامنة خلال مفاوضات الاتفاق النووي، إلا أن مسار علاقتهما الثنائية لا يزال إيجابيًا؛ حيث ارتفعت صادرات طهران إلى موسكو بنسبة 60% في عام 2021، وتجاوز إجمالي التجارة بينهما 4 مليارات دولار.

وسيستمر هذا الزخم الإيجابي إذا حصلت روسيا على إعفاءات من العقوبات. وبسبب عزلتها، قد تكون أكثر استعدادًا لبيع المعدات العسكرية، مثل نظام الدفاع الجوي "إس 400"، إلى إيران.

وكما تعاونت روسيا وإيران بالرغم من أهدافهما الاستراتيجية المتضاربة، تظل العلاقة بينهما على الأرجح قادرة على الصمود في وجه التحديات الحالية.

المصدر | صامويل راماني / منتدى الخليج الدولي – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الاتفاق النووي العلاقات الإيرانية الروسية الحوثيين الخلافات الإيرانية الروسية الخلافات الإيرانية الروسيةذ العقوبات الغربية

لافروف يعلن إعداد روسيا وإيران وثائق جديدة تؤكد جودة الشراكة بينهما

سوريا سبب رئيسي.. لماذا تخشى إيران خسارة روسيا حرب أوكرانيا؟

بينها مساعدة نووية.. مكاسب عديدة لإيران من الحرب الروسية الأوكرانية