مع تراجع السعودية.. قطر تتقدم بصمت لتعزيز نفوذها في لبنان

السبت 4 فبراير 2023 09:47 م

في السنوات الأخيرة، حذت معظم دول الخليج العربية الثرية حذو السعودية ونبذت لبنان المنكوب بالأزمات؛ بسبب النفوذ المتزايد لـ"حزب الله" اللبناني المسلح المدعومة من إيران، لكن الاستثناء الوحيد هو قطر، بحسب تقرير لوكالة "أسوشيتدبرس".

ووفق التقرير الذي ترجمه "الخليج الجديد"، تعمل الدوحة بصمت على توسيع نفوذها في لبنان عبر استقبال قادة لبنانيين وضخ عشرات الملايين من الدولارات لمساعدة الجيش في ظل انهيار اقتصادي غير مسبوق.

وبدأت قطر، الدولة الصغيرة الغنية بالغاز الطبيعي، أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي، برؤية ثمار استثمارها، عندما حلت شركة قطر للطاقة المملوكة للدولة محل شركة روسية في تحالف شركات دولي للتنقيب عن الغاز بالبحر الأبيض المتوسط قبالة الساحل اللبناني.

وللمرة الأولى، تنضم قطر يوم الإثنين 6 فبراير/ شباط الجاري إلى اجتماع في باريس، بجانب مسؤولين من فرنسا والسعودية والولايات المتحدة، للتباحث حول الأزمات السياسية والاقتصادية بلبنان.

قوة أكثر حيادية

وتصور قطر نفسها على أنها قوة أكثر حيادية في بلد استخدمت فيه قوى خارجية لعقود الانقسامات الطائفية لخوض معارك بالوكالة، ولطالما دعمت السعودية الفصائل السنية في مواجهة دفع النفوذ الإيراني عبر "حزب الله" الشيعي. ودفع هذا التنافس لبنان مرارا إلى حافة نزاع مسلح.

وتحاول قطر، التي تتمتع بعلاقات جيدة مع إيران، دفع المفاوضات بين طهران ودول الخليج. وقال الأستاذ ومدير مركز "هاكوب كيفوركيان" لدراسات الشرق الأدنى في جامعة نيويورك "محمد بزي" إنه "مع مشاركة السعودية ودول الخليج الأخرى بشكل أقل حدة في لبنان، تحاول قطر إحياء دورها كوسيط".

لكنه اعتبر أن قطر، إحدى أغنى دول العالم بثروتها من الغاز، "لم تُظهر حتى الآن سوى القليل من الدلائل على استعدادها لإنقاذ لبنان بمفردها".

ومنذ أواخر 2019، انهار الاقتصاد اللبناني تحت وطأة الفساد المستشري وسوء الإدارة، وفقدت العملة (الليرة) أكثر من 90٪ من قيمتها، مما أدى إلى سقوط معظم السكان في براثن الفقر.

ويطالب المانحون الدوليون، وبينهم قطر، الحكومة بتنفيذ إصلاحات للإفراج عن نحو 11 مليار دولار في شكل قروض ومنح. لكن السياسيين اللبنانيين قاوموا ذلك لأن الإصلاحات ستُضعف قبضتهم على البلاد، بحسب الوكالة.

دور ليس جديدا

بعد الحرب التي استمرت 34 يوما بين إسرائيل و"حزب الله" في 2006، ساعدت قطر في إعادة بناء العديد من البلدات والقرى التي عانت من دمار كبير في جنوب لبنان.

وفي مايو/ أيار 2008، بعد أن حارب "حزب الله " وحلفاؤه خصومهم المدعومين من الغرب، خلال أسوأ قتال في بيروت منذ الحرب الأهلية (1975-1990)، توصل القادة اللبنانيون في قطر إلى "اتفاق الدوحة".

وأنهت هذه الصفقة جمودا دام 18 شهرا ومهدت لانتخاب رئيس جديد (ميشال عون) وتشكيل حكومة جديدة (برئاسة سعد الحريري)، ثم تدفقت استثمارات أجنبية ضخمة وحدث نمو في الاقتصاد اللبناني بمعدل 9٪ لمدة ثلاث سنوات.

وانسحبت السعودية من لبنان في السنوات الأخيرة مع تنامي قوة "حزب الله"، وفي 2022 أعلن الحليف الرئيسي للسعودية في لبنان، رئيس الوزراء الأسبق "سعد الحريري"، وهو مواطن لبناني سعودي، تعليق عمله في السياسة.

استثمارات مضاعفة

بالمقابل، اشترى مستثمرون قطريون فندق "بيروت لو فيندوم" الشهير المطل على البحر المتوسط في 2020. وتفيد تقارير بأن الدوحة تخطط لضخ أموال في القطاع المصرفي اللبناني المتعثر.

وفي يونيو/ حزيران الماضي، تبرعت قطر بـ60 مليون دولار لدعم رواتب أفراد الجيش اللبناني، وكانت تدعم الجيش بالفعل بإمدادات غذائية شهرية. ولطالما كان تعزيز الجيش سياسة للولايات المتحدة، التي ترى في قوته ثقلا موازنا لـ"حزب الله".

وقبل أسبوع، بعد 3 أشهر من توقيع لبنان وإسرائيل اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بوساطة أمريكية، انضم وزير الطاقة القطري "سعد شريده الكعبي" إلى المسؤولين اللبنانيين ببيروت في حفل للتوقيع على اتفاق لحصول قطر على حصة 30٪ في تحالف شركات دولي للتنقيب عن النفط والغاز في المياه اللبنانية.

وقال الكعبي حينها: "تمنحنا هذه الاتفاقية المهمة فرصة لدعم التطورات الاقتصادية في لبنان خلال هذا المنعطف الحاسم.. قطر حاضرة دائمًا لدعم مستقبل أفضل للبنان وشعبه".

فيما قال وزير الطاقة اللبناني السابق "سيزار أبي خليل": "هذا وضع يربح فيه كل من لبنان وقطر".

رئاسة لبنان

سياسيا، لم تدعم قطر علانية أي حزب، لكن يُقال إنها تدعم انتخاب قائد الجيش اللبناني العماد "جويف عون" لانتخابه رئيسا للبلاد خلفا لـ "ميشال عون" الرئيس المنتهية ولايته منذ نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

ودعت قطر "جوزيف عون"، الذي يُعتقد أن "حزب الله" يعارضه، إلى زيارتها في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، حيث التقى بمسؤولين رفيعي المستوى.

ووفق الاقتصادي اللبناني "أنطوان فرح" فإن قطر، كما تفعل في كثير من الأحيان، تعمل على تعزيز مصالحها الاقتصادية والسياسية معا، حيث تضمن دخلا من استثماراتها بينما تكتسب دورا سياسيا في البلد الذي تستثمر فيه.

أما الصحفي بصحيفة "النهار" اللبنانية "علي حمادة" فقال إن قطر، مثل دول الخليج الأخرى، سترغب في رؤية القادة السياسيين اللبنانيين يجرون إصلاحات جادة.. ولا يمكن للسياسيين اللبنانيين الجلوس وانتظار هطول الأموال من السماء.

((5))

المصدر | أسوشيتد برس - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قطر السعودية لبنان إيران حزب الله الولايات المتحدة أزمات

موقع استخباراتي: انقسام لبناني يهدد بعدم التجديد لمدير الأمن العام

كارنيجي: صفقة متكاملة قادمة تؤشر بحل الأزمة اللبنانية.. وهذا دور قطر

مسؤول قطري رفيع يزور لبنان الإثنين المقبل

بقيمة 30 مليون دولار.. قطر تزود الجيش اللبناني بالوقود لـ6 أشهر