ميدل إيست آي: نقص الدولار يجبر المصنعين المصريين على التهريب والتجارة غير المشروعة

الأحد 12 فبراير 2023 06:40 ص

قال مصنعون ومحللون إن نقص العملة الأجنبية والمتطلبات المصرفية الصارمة لتمويل الواردات أجبر العديد من المصنعين المصريين على الانخراط في أنشطة التهريب والتجارة غير المشروعة لإبقاء مشروعاتهم واقفة على قدميها، بحسب ما نقله موقع "ميدل إيست آي" البريطاني.

وقال الموقع، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، إنه مع انتشار ممارسات التصدير الزائفة، على ما يبدو، قد تكون الأرقام التجارية الرسمية لمصر مبالغ فيها أيضًا.

وبالنسبة للشركات المصرية التي تعتمد على استيراد المواد الخام والآلات لتصنيع السلع ، كان العام الماضي مضطربًا.

وانخفضت قيمة الجنيه المصري 3 مرات مقابل الدولار الأمريكي منذ مارس/آذار الماضي، وفقدت العملة نصف قيمتها، بينما ارتفع التضخم إلى 22% في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وينقل التقرير عن "جمال"، صاحب مصنع للملابس والمنسوجات في القاهرة، قوله: "نظرًا للتضخم وانخفاض قيمة العملة، تقل قوتنا الشرائية بنسبة تزيد على 50% عن بداية العام الماضي".

ويضيف: "لذلك بات من الصعب والمكلف استيراد المواد الخام ويقترب من المستحيل استيراد الآلات، حتى لو كان لديك المال".

التهريب باستخدام "فيسبوك"

وأوضح التقرير أن تداعيات حرب أوكرانيا وخفض قيمة العملة المصرية وتشديد الحكومة سبل الوصول إلى الدولار، ترك المصنعين الذين كانوا يعتمدون بشكل أكبر على المبيعات للسوق المحلية محرومين من الدولارات وغير قادرين على الحصول على المواد الخام.

ويؤكد أن هذا الأمر كان له تأثير كبير على صناعة الملابس والمنسوجات في مصر، التي توظف حوالي 1.5 مليون شخص.

وباتت كثير من الشركات المحلية التي تبيع محليًا لا تعمل بأكثر من 50% من طاقتها بسبب نقص العملة وصعوبة الحصول على المواد الخام.

للبقاء في العمل، اضطر المصنعون إلى اللجوء إلى وسائل ملتوية للحصول على السلع والعملات الأجنبية، بحسب التقرير.

يقول "جمال": "إذا أراد المصنعون الشراء بشكل قانوني، فمن المستحيل إدخال البضائع إلى البلاد، لذلك يذهب بعضهم الآن على صفحات Facebook للعثور على تجار جملة يبيعون حاويات من القماش المهرب".

ويتابع: "هناك الكثير من الأقمشة والغزل والإكسسوارات الأخرى يتم تهريبها بهذا الشكل وباتت التجارة رائجة في هذا المجال".

تقنيات  غير قانونية

يتم استخدام تقنيات أكثر تعقيدًا للحصول على الدولارات في الحسابات المصرفية للشركات، حيث يجب أن تكون الودائع - بموجب اللوائح الحكومية - من الصادرات المباشرة.

لذلك، يلجأ المصنعون إلى حيل  غير قانونية، مثل تصدير حاوية سلع منخضة الجودة إلى صديق يمتلك شركة في بلد آخر، مثل دبي، ثم يقوم المصنع المصري بتحويل المبلغ المراد إعادته بالدولار إلى "الشريك"، من خلال تاجر صرافة في السوق السوداء في القاهرة.

وبعد إرسال الشحنة والمال، يقوم المصنع المصري بإصدار فاتورة ويودع شريكه الأموال في حسابه ثم يقوم بالتحويل إلى مصر، وبهذا يكون لدى الصانع المصري المال اللازم، من جهة مشروعة أمام الحكومة، لدفع ثمن الواردات التي يحتاجها، كما يقول "جمال".

ومضى بالقول: "ليس لدينا خيار سوى القيام بأمور غير قانونية للبقاء في العمل".

وتعلق "ميدل إيست آي": "في دوائر الجرائم المالية، تُعرف هذه الممارسة باسم غسل الأموال المستند إلى التجارة (TBML)".

وتُعرِّف فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية، وهي هيئة مقرها باريس تضع معايير دولية لمنع غسل الأموال، TBML بأنها "عملية تمويه عائدات الجريمة وتحريك القيمة من خلال استخدام المعاملات التجارية في محاولة لإضفاء الشرعية على أصولها غير المشروعة".

ومن الناحية العملية، يمكن تحقيق ذلك من خلال تحريف سعر أو كمية أو جودة الواردات أو الصادرات.

في حين أن المصنّعين المصريين لا يستخدمون TBML لإضفاء الشرعية على عائدات الجريمة - الأموال خاصة بهم - لكنهم يستخدمون طرقًا لجلب الأموال إلى النظام المالي غير القانوني بموجب القانون المصري.

توحش السوق السوداء

وقال محلل اقتصاد سياسي مقيم في القاهرة طلب عدم ذكر اسمه: "كثير من الناس يفعلون ذلك من خلال السوق السوداء. هناك كل أنواع الألعاب الجارية والجميع يعرف ذلك".

وأوضح أن الجميع بدأ في تلك الممارسات، لتجنب الخروج من السوق والانهيار في هذه الظروف الصعبة. مشيرا إلى أن التكاليف المالية للحصول على الدولارات من خلال هذه الطرق الملتوية تلقي بظلالها على الشركات.

وقال "جمال": "هناك الكثير من الأعمال التي يمكنك القيام بها من خلال هذه التحويلات لأنها تتطلب الكثير من رأس المال العامل".

ويضيف: "إذا كان لديك رأس مال X ، فعليك توسيعه بمقدار 1.5 أو 1.8 مرة لنقله خارج البلاد وإعادته مرة أخرى، حيث تخسر على البضائع المرسلة، وسعر السوق السوداء لتحويل الجنيه المصري إلى الدولار، كما يتعين عليك الانتظار حتى يتم تصدير البضائع، وعمليات النقل".

وتابع "جمال" أن الخيار الآخر الوحيد المتاح أمام الشركات المصرية هو الحصول على قرض بنكي ولكن بفوائد تتراوح بين 18 و20%، والأمر لا يستحق.

ويقول التقرير إن التهريب والتضليل التجاري السابق ذكره يؤدي إلى تشويه أرقام الاستيراد والتصدير الحقيقية في مصر، حيث يقدر "جمال" أن حوالي نصف شركات الملابس والمنسوجات، بالإضافة إلى شركات أخرى، تشارك في مثل هذا النشاط غير المشروع.

وأردف: "عليك أن تضع في اعتبارك أنه عندما تخبرك الحكومة في الأخبار أنها زادت أرقام الصادرات بمثل هذا الرقم، فمن المحتمل أن يكون هذا بسبب الصادرات الوهمية".

واعتبر أن "هذا يشوه الأرقام التجارية وينتج بيانات مضللة، والبيانات السيئة جزء من مشاكل مصر الاقتصادية، حيث تتحدث الحكومة عن الأرقام بحملة دعائية كبيرة لجعلها تبدو إيجابية، لكن إذا نظرت إلى الحقائق والأرقام فلن تجدها كذلك".

وفي حين تقول الحكومة إنها بدأت في تصفية تراكمات الواردات في الموانئ، أكد محللون أن العملية لا تزال بطيئة، وأن تلك التدفقات غير كافية تماما.

ويختم التقرير على لسان "جمال": "العديد من الشركات تخرج من السوق وتنهار، وهناك فرق كبير بين الواقع في الشارع مقابل ما تراه (على التلفزيون المصري)، لا تزال هناك سوق سوداء مزدهرة، ما يدل على أن الوزراء يكذبون وأننا لم نصل إلى أدنى المستويات، وتظل المشكلة في نقص الدولار".

المصدر | بول كوكران | ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الأزمة الاقتصادية في مصر الدولار في مصر أزمة الدولار المصنعون المصريون تهريب تجارة غير مشروعة

رغم نفي الحكومة.. إغلاق مصنع في مصر يثير جدلا عن دعم الاستثمار

طائرة زامبيا.. تفاصيل غامضة وتعهدات بالمحاسبة ووثيقة تكذّب الرواية المصرية