عبر معارضة الهيمنة الغربية.. كيف تحاول روسيا وإيران بناء نظام أوراسي جديد؟

الأحد 16 أبريل 2023 07:25 ص

تقترب إيران وروسيا من توقيع اتفاق شامل حول توسيع التعاون بعد تصور عن وجود معيقات في السابق وفي الواقع، تمكنت القوتان أخيرًا من إيجاد أرضية مشتركة بشأن المسائل العالمية والإقليمية الحرجة.

يتناول مقال إميل أفدالياني في موقع "ستيمسون" الذي ترجمه "الخليج الجديد" العلاقات النامية بين روسيا وإيران، فتاريخيا لم يكن لدى الدولتين علاقات وثيقة في أي وقت منذ أواخر القرن السادس عشر، عندما اشتركت موسكو وإيران الصفوية في معارضة الإمبراطورية العثمانية المتوسعة. لا يزال معظم الإيرانيين لا يثقون في الروس ويتذكرون كيف احتلت الإمبراطورية الروسية ثم السوفيتية لاحقًا أجزاء من الإمبراطورية الفارسية.

ومع ذلك، كان يُنظر إلى روسيا على أنها أقل تهديدًا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في عام 1991. وأصبحت روسيا ما بعد الاتحاد السوفييتي موردًا مهمًا للأسلحة والتكنولوجيا النووية لإيران. ويرى المقال أنه مع عزل كلا البلدين الآن من قبل الغرب، فإن التحالف الناشئ يقوم على معارضة مشتركة للهيمنة الغربية بالإضافة إلى الحاجة المتبادلة للالتفاف على العقوبات.

ووفقا للمقال، أجبر فشل روسيا في طموحها لفرض إرادتها بالكامل على أوكرانيا موسكو على الاعتماد على القوى الأوراسية. وإذا كانت طهران في السابق قد دفعت دون جدوى لتنفيذ العديد من المشاريع المتوقفة منذ فترة طويلة، فإن روسيا الآن هي في أمس الحاجة إلى إيران.

ممر الشمال والجنوب

وكأحد جوانب التعاون يرى الكاتب أن مؤشرا مهما لنمو العلاقة برز من خلال الاهتمام بالممر بين الشمال والجنوب ففي ضوء الحرب في أوكرانيا، حيث اكتسب الممر أهمية جديدة، زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طهران في يوليو/تموز 2022، وتعهد الجانبان بمواصلة استكمال الممر. وقد أدى التوسع في استخدام الممر بالفعل إلى مضاعفة نقل البضائع من يناير/كانون الثاني إلى مارس/آذار 2023، حيث تجاوزت شحنات البضائع 2.3 مليون طن.

يختصر الممر وقت العبور من الهند إلى أوروبا ويمكنه ربط الموانئ الروسية بالخليج العربي والمحيط الهندي.

وبالنسبة لإيران، يفتح الممر الوصول إلى 10 مدن يسكنها مليون مستهلك أو أكثر على طول نهر الفولجا، وهو أيضًا رابط إلى آسيا الوسطى الأوسع وربما الموانئ الأذرية والجورجية على البحر الأسود.

ومع ذلك يشير المقال إلى أن تشغيل الممر ليس مضمونا تماما حيث يعتمد تشغيله على العديد من المتغيرات، بما في ذلك العلاقات المتوترة بشكل متزايد بين إيران وأذربيجان، والتي أصبحت غير مستقرة منذ انتصار باكو الحاسم في حرب كاراباخ الثانية في عام 2020.

ولطالما عارضت الجمهورية الإسلامية النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، لكن روسيا، رغم عدم ثقتها بالغرب وحتى معاداتها لها، كانت أكثر ترددًا في العلاقة مع إيران.

لكن يضيف المقال أن تحفظ موسكو بعد غزو أوكرانيا تلاشى، حيث تشترك طهران وموسكو في سيناريو راديكالي وعسكري لقلب النظام الليبرالي وإقامة نظام حقيقي متعدد الأقطاب.

وكلا البلدين يستعيدان ماضيهما الإمبراطوري، لكنهما هذه المرة أكثر نشاطا في عدم التضارب ويحاولان بناء نظام مختلف. على سبيل المثال، في جنوب القوقاز وبحر قزوين، يتبنى كلا البلدين فكرة الإقليمية. تعكس أفكار مثل 3 + 3 (تركيا وإيران وروسيا بالإضافة إلى أرمينيا وأذربيجان وجورجيا) هذا التفكير.

ومع ذلك، يرى الكاتب أنه لا ينبغي أن يُنظر إلى التقارب بين إيران وروسيا على أنه يقود إلى تحالف نهائي حيث يقول كلاهما إنهما لا يحتاجان إلى تشكيل تحالف فعلي لأن ذلك سيحد من قدرتهما على المناورة في العصر الجديد متعدد الأقطاب. فكلاهما سيستخدم الآخر لتعزيز مواقفه التفاوضية على المسرح العالمي. سعت روسيا، على سبيل المثال، إلى الحصول على تنازلات بشأن أوكرانيا كثمن لدعمها المستمر لإحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015؛ وإيران، من جانبها، أقل استعدادًا لإحياء الصفقة مع الولايات المتحدة لأنها تتمتع بدعم ضمني من موسكو.

ويعتقد المقال أن إيران ليست ساذجة، لكنها تنتهج سياسة براجماتية للغاية تجاه روسيا. بالنسبة لطهران، تعد روسيا مجرد عنصر واحد في جهودها الأكبر لبناء سياسة خارجية أكثر تنوعًا تشمل تعزيز العلاقات مع جيران أوراسيا والتقارب الأخير مع السعودية في صفقة توسطت فيها الصين. بالنسبة لطهران، يُنظر إلى العلاقات الأوثق مع روسيا على أنها تؤدي إلى نظام أوراسي متعدد الأقطاب حقًا مع زيادة القدرة على المناورة ومجموعة أكبر من خيارات السياسة الخارجية.

كما هو الحال مع العلاقات الروسية المتنامية مع الصين، يجب أن يُنظر إلى تقارب موسكو مع طهران بشكل متزايد على أنه تطور طويل الأمد. ومن المرجح أن تستمر الحرب في أوكرانيا لبعض الوقت، وكذلك المنافسة المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين والتعزيز التدريجي لموقف بكين في الشرق الأوسط. هذه الاتجاهات الرئيسية لن تؤدي إلا إلى تعزيز التعاون بين طهران وموسكو للمضي قدمًا.

المصدر | إميل أفدالياني | ستيمسون - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إيران روسيا العقوبات ممر الشمال أوكرانيا

مبيعات الأسلحة الروسية.. هل تهدد التقارب بين إيران والعرب؟