الذكاء الاصطناعي.. تقنية "جيوسياسية" فارقة في علاقات الإمارات والولايات المتحدة

الأربعاء 24 مايو 2023 04:06 م

سلط معهد الشرق الأوسط الضوء على الأهداف الطموحة لدولة الإمارات العربية المتحدة لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، مشيرا إلى تركيز أبوظبي على مجموعة من التقنيات التجارية والعسكرية تشمل "الآلات شبه مستقلة التشغيل، أو المستقلة بشكل كامل".

وأورد موقع المعهد، تحليلا للباحثين في مجال الأمن السيبراني: فينيست ج.كاراتشيدي ومحمد سليمان، جاء فيه أن الأسس التقنية للذكاء الاصطناعي أصبحت حقيقة واقعة للسياسات الإقليمية والعالمية، وأن الإمارات تتحرك بسرعة مذهلة في الاستثمار فيها، مع ما يترتب على ذلك من آثار كبيرة على علاقاتها الثنائية مع الولايات المتحدة، وفقا لما ترجمه "الخليج الجديد".

ويؤكد الباحثان أن الولايات المتحدة مهتمة بالتطوير المتسارع للمجال ذاته، ما يدعم ترسيخ المزيد من الأفكار للتعاون السياسي والدبلوماسي والعسكري بين البلدين في التطور التقني للذكاء الاصطناعي.

وفي هذا الإطار، أعلنت الإمارات عزمها على أن تصبح رائدة عالميًا في مجال الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2031 في استراتيجيتها الوطنية، مع استكمال أهداف تطوير "نظام بيئي خصب للذكاء الاصطناعي"، وإنشاء بنية تحتية رقمية "ضرورية لتصبح قاعدة اختبار للذكاء الاصطناعي".

ويؤكد الباحثان أن الإمارات تحقق تقدما على هذا الصعيد، تتوافق مع خططها لبناء صناعتها الدفاعية، إذ استعانت أبوظبي بشركات دفاعية لإنشاء مركز للتعلم الآلي ومركز التميز غير المأهول، الذي يركز على الأنظمة المسيرة.

وعلى هذا المنوال، استحوذت مجموعة "إيدج" الإماراتية، المملوكة للدولة، على حصة أغلبية في شركة الروبوتات الإستونية "مايلرم Milrem" وكشفت النقاب عن 11 نظامًا مسيرا جديدًا في معرض ومؤتمر الدفاع الدولي "آيدكس 2023".

وتأتي جهود الإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي، وسط تحرك أوسع نحو "التحول الرقمي" بين دول الخليج، ومع التركيز على الدعوات لاستراتيجية إقليمية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا للعلم والتكنولوجيا والابتكار.

كما تعكس تلك الجهود الطموحات المتزايدة للقوى غير الغربية بمجال الذكاء الاصطناعي، والتي أصبحت تمثل ناديا يضم اليابان وكوريا والهند.

أهمية الإمارات

وعن تأثير الاهتمام الإماراتي المتزايد بتقنيات الذكاء الاصطناعي على علاقات أبوظبي وواشنطن، يشير كاراتشيدي وسليمان إلى الأنظمة البيئية التكنولوجية الأوسع لهذه التقنيات تتركز بشكل كبير داخل الولايات المتحدة والصين، ورجحا أن يكون للزخم التكنولوجي المتنامي في الإمارات تداعيات كبيرة على المنطقة.

فخطوط الصدع الجيوسياسية، الناتجة عن المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، لن تؤدي إلى جعل الدول الأصغر، مثل الإمارات، أكثر أهمية للمصالح الأمريكية في المنطقة فقط، لكنها ستوفر أيضًا إمكانية لابتكار تقنيات غير تقليدية ذات أهمية فنية وسياسية.

فالإمارات تنظر إلى تطويرها للذكاء الاصطناعي على أنه مسعى طويل الأمد ودعامة لمكانة الدولة في القرن الحادي والعشرين، وهو القرن الذي تعتقد أبوظبي أنه سيتمحور حول الذكاء الاصطناعي والابتكار التكنولوجي.

وهناك مؤشرات كثيرة على أن جهود الذكاء الاصطناعي الأمريكية تتجه أيضًا نحو المدى الطويل، بحسب الباحثين، اللذين أشارا إلى أن الولايات المتحدة أطلقت مبادرة الذكاء الاصطناعي الوطنية "لضمان استمرار القيادة الأمريكية في مجال البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي".

وتشير التشريعات الأخيرة من الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، مثل قانون الرقائق والعلوم، وضوابط التصدير أحادية الجانب، التي تنسقها إدارة الرئيس جو بايدن بسرعة مع الحلفاء، إلى رؤية محددة وطويلة المدى للابتكار التكنولوجي، هدفها التغلب على الصين، والحفاظ على المكانة الأمريكية داخل النظام العالمي.

وإضافة لذلك، كانت هناك مجالات ملحوظة للتعاون الثنائي العسكري والسياسي بين الولايات المتحدة والإمارات، في مجال الذكاء الاصطناعي، إذ أكملت فرقة العمل 59، التابعة للقيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية، والمعروفة بتكاملها السريع للذكاء الاصطناعي مع الأنظمة البحرية غير المأهولة، أول تدريب ثنائي غير مأهول مع البحرية الإماراتية في فبراير/شباط الماضي.

كما شارك كبار الضباط من الإمارات في التمرين البحري الدولي بمارس/آذار 2023، والذي شهد استخدامًا كبيرًا للأنظمة غير المأهولة وأنظمة الذكاء الاصطناعي.

ووقعت الولايات المتحدة والإمارات أيضًا بيانًا مشتركًا حول تدفقات البيانات عبر الحدود، مع التأكيد على حماية بيانات المواطنين ونظام التشغيل البيني لتعزيز النشاط التجاري عبر الحدود، بهدف جعل الأطر التنظيمية الخاصة بهما قابلة للتشغيل البيني.

تعاون ثنائي

لكن كيف يمكن لهذه الخطوات الثنائية، إلى جانب فهم أوسع للبيئة الجيوسياسية والمسار التقني لأنظمة الذكاء الاصطناعي، أن تكون بمثابة أساس لمزيد من التعاون بين الولايات المتحدة والإمارات؟

يجيب كاراتشيدي وسليمان بأن جهود التعاون يجب أن تكون خلاقة، فما يصلح للولايات المتحدة في سياق الذكاء الاصطناعي قد لا ينجح دائمًا في دولة الإمارات، والعكس صحيح. ولذا يجب على الولايات المتحدة والإمارات استخدام مجالات تعاونهما الأولية كنقاط انطلاق للجهود المشتركة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي التي تستفيد من السمات المميزة لكل دولة.

ويوصي الباحثان، في هذا الصدد، بالتوصيات التالية:

أولا: تعزيز البحوث العلمية والأكاديمية المشتركة، والمشروعات وورش العمل لمعالجة القضايا التأسيسية في أنظمة الذكاء الاصطناعي الحديثة، وإنشاء مجموعة عمل ثنائية لتقييمها.

ثانيا: إنشاء مجموعة عمل ثنائية للعمل على تطوير المعايير المستخدمة لاختبار وتقييم أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي في مجالات متعددة، وتطوير تقنياته، خاصة تلك المستخدمة في الصناعات الدفاعية.

ثالثا: إعادة تأطير الذكاء الاصطناعي المستخدم في الصناعات الدفاعية على أساس تقني وجيوسياسي، لضمان التزام الإمارات بمبادئ "الذكاء الاصطناعي المسؤول" في الشؤون العسكرية، خاصة أنها لم توقع على الدعوة إليها واستخدامها في تطبيقات الشؤون العسكرية في قمة REAIM التي عقدت بهولندا في فبراير/شباط الماضي.

زخم تكنولوجي

ويرى الباحثان أن هذه التوصيات يمكن أن تؤدي إلى نهج هادف ومبتكر لحجل المشكلات المشتركة بين البلدين وتعزيز التعاون بينهما في تطوير الذكاء الاصطناعي.

ومن خلال البناء على السمات المميزة لكل دولة، يمكن أن تؤدي الجهود المشتركة في مجال الذكاء الاصطناعي إلى نتائج مفيدة اجتماعيًا وسياسيًا واقتصاديًا لكل من الولايات المتحدة والإمارات، بحسب الباحثين.

فالإمارات دولة صغيرة نسبيًا، لكنها دولة ذات زخم تكنولوجي، والولايات المتحدة نظام بيئي ضخم، به جهات تجارية متنوعة وموارد هائلة، لكن غالبًا ما يتم وضع جدول أعمال قطاع الذكاء الاصطناعي في كل منهما من قبل عدد قليل من الكيانات التجارية التي تروج لـ "عدم اليقين" بشأن مستقبل تطوير الذكاء الاصطناعي.

 ويمكن أن يكون اعتماد الإمارات لمبادئ الذكاء الاصطناعي المسؤول في تعاملاتها مع الولايات المتحدة بمثابة شكل من أشكال فرض قيود ذاتية على أشكال معينة من البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي، خاصة التقنيات المستخدمة في الشؤون العسكرية، بحسب الباحثين.

ويخلص كاراتشيدي وسليمان إلى أن الولايات المتحدة تعيد توجيه موقعها في الشرق الأوسط و "غرب آسيا" من خلال محور أوسع لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، ولذا فإن فرص تعميق وتوسيع العلاقات في هذه المناطق يمكن أن تبدأ بمجال التقنية والانتقال إلى الخارج، وإذا تمكنت واشنطن وأبوظبي من توسيع علاقاتهما الثنائية بهذه الطريقة فسيكون لصالح كل منهما.

المصدر | معهد الشرق الأوسط/ فينيست ج.كاراتشيدي ومحمد سليمان - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الإمارات الذكاء الاصطناعي الولايات المتحدة تشات جي بي تي الصناعات الدفاعية

غوتيريش: الذكاء الاصطناعي أخطر على العالم من الحرب النووية

باللغة العربية.. الإمارات تطلق تطبيق "جيس" للذكاء الاصطناعي

بايدن وبن زايد يناقشان حرب غزة ويرحبان بالهدنة