تحليل: 3 ملفات تدفع السعودية وفرنسا لتعميق العلاقات

الأربعاء 21 يونيو 2023 05:24 م

سلط الرئيس التنفيذي لشركة تحليلات الخليج، جورجيو كافيرو، الضوء على لقاء ولي العهد السعودي، رئيس الوزراء الأمير، محمد بن سلمان، الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في باريس، في ثاني زيارة رسمية يقوم بها إلى فرنسا منذ يوليو/تموز 2022، واصفا إياها بأنها "فرصة" لتعاون مشترك في ملفات: الاقتصاد والوضع في لبنان، والاستقرار في الشرق الأوسط.

وذكر كافيرو، في تحليل نشره موقع "العربي الجديد" باللغة الإنجليزية وترجمه "الخليج الجديد"، أن بن سلمان سيحضر، في وقت لاحق من الأسبوع الجاري، قمة ميثاق التمويل العالمي الجديد، التي يستضيفها ماكرون، وستجمع ما يقرب من 50 رئيس دولة وحكومة بهدف الوصول إلى "إجماع جديد" بشأن مواجهة تغير المناخ والفقر والتحديات العالمية الأخرى.

وأضاف أن الأمن والدفاع مهمان في العلاقة السعودية الفرنسية، حيث تساهم "دبلوماسية الأسلحة" الفرنسية بشكل كبير في تعزيزها، خاصة أن قيمة مبيعات الأسلحة الفرنسية إلى المملكة في عام 2021 بلغت 780 مليون يورو.

ومع ذلك، تعمل القطاعات غير الدفاعية أيضًا على تقريب البلدين، بحسب كافيرو، مشيرا إلى أن أحد الحوافز الرئيسية لفرنسا نحو تعزيز العلاقات مع السعودية يتعلق بأجندة التنويع الاقتصادي بالمملكة، ورؤية 2030.

وفي السياق، ينقل كافيرو عن نادر هاشمي، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في كلية جوزيف كوربل التابعة لجامعة دنفر، قوله: "هناك إدراك بأن صندوق الاستثمارات العامة السعودي هو أحد أكبر صناديق الاستثمار السيادية في العالم، و ماكرون، بصفته زعيمًا لفرنسا وممثلًا للمصالح الاقتصادية الليبرالية الجديدة، يريد التأكد من أن الشركات الفرنسية في مقدمة الصف للوصول إلى تلك الفرص الاقتصادية التي تنفتح في السعودية".

فيما قال عزيز الغشيان، الزميل في معهد دول الخليج العربية في واشنطن: "تعتبر الثقافة الفرنسية مناسبة جدًا للازدهار الثقافي الذي يحدث في السعودية".

قلق أمريكي

وهنا يشير كافيرو إلى صعوبة تحليل زيارة بن سلمان إلى فرنسا دون النظر إلى مستوى التوتر الحالي بين إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، والسعودية، فبالنسبة للعديد من المسؤولين الأمريكيين فإن تعميق شراكات المملكة مع أعداء واشنطن وخصومها الجيوسياسيين أمر مقلق.

وفي الوقت الذي تسبب فيه علاقات السعودية القوية مع الصين وروسيا قلقًا كبيرًا في الولايات المتحدة، يمكن أن تساعد زيارة بن سلمان إلى باريس السعودية في جعل سياستها الخارجية أكثر استقلالية عن واشنطن.

وفي السياق، ينقل كافيرو عن ريان بول، محلل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في شركة استخبارات المخاطر RANE، قوله: "إنها (زيارة فرنسا) أقل خطورة بكثير مما كانت عليه عندما يجتمع بن سلمان مع بوتين أو يذهب إلى الصين لأن فرنسا حليف في الناتو والعلاقات الدفاعية الفرنسية السعودية طويلة الأمد".

وأضاف: "تبحث السعودية عن شركاء دبلوماسيين ودفاعيين جدد، خاصة من دول الناتو المستقلة نسبيًا، مثل فرنسا، لتعويض النفوذ الأمريكي".

فتحت قيادة بن سلمان، أصبحت السعودية أكثر حزماً ورغبة في تذكير واشنطن باستمرار بأن المملكة ليست دولة عميلة لأي بلد، بحسب كافيرو، مشيرا إلى أن استثمار السعودية في علاقاتها مع مجموعة متنوعة من الدول المؤثرة بجميع أنحاء العالم يمكن أن يمكّن الرياض بشكل أفضل من إثبات أن لديها العديد من الجهات الفاعلة للعمل معها.

ويساعد مثل هذا النهج في السياسة الخارجية لعالم متعدد الأقطاب السعودية على كسب نفوذ على واشنطن وإقناع إدارة بايدن بأن الولايات المتحدة تحتاج إلى المملكة بقدر ما تحتاج المملكة إلى أمريكا.

ويريد بن سلمان أن تعرف واشنطن أن المصالح التجارية الأمريكية ستكون معرضة للخطر إذا فشل الأمريكيون في الالتزام بالقواعد التي وضعتها القيادة السعودية، بينما تجني دول مثل فرنسا والصين فوائد ضخمة من رؤية 2030.

وفي السياق، يشير هاشمي إلى بن سلمان يرسل رسالة إلى واشنطن، مفادها أن ديمقراطية ليبرالية غربية أخرى فتحت السجادة الحمراء دون نقاش جاد حول ولي العهد السعودي في مجال حقوق الإنسان.

ويضيف: "أعتقد أنه يريد نفس الشيء بالضبط في واشنطن. إنه يريد من إدارة بايدن والكونجرس القيام بما فعله ماكرون: تجاهل سجل حقوق الإنسان، والتركيز على المصالح التجارية والشراكات الاستراتيجية".

ملف لبنان

ولدى كل من فرنسا والسعودية مصالح راسخة في لبنان وترغبان في العمل معًا لتعزيز مصالحهما فيما يتعلق بالبلد المتوسطي، وتشتركان في مخاوفهما بشأن فراغ مؤسسي في لبنان بعد فشل المشرعين ببيروت في انتخاب رئيس جديد.

وعلى حد تعبير الرئاسة الفرنسية، فإن استمرار غياب رئيس لبناني "يظل العقبة الرئيسية أمام حل الأزمة الاجتماعية والاقتصادية الشديدة في البلاد".

وتتمتع كل من فرنسا والسعودية بأشكالهما الخاصة من النفوذ في لبنان، ما يمنح باريس والرياض فرصًا لتنسيق استراتيجياتهما تجاه البلاد بطريقة ثنائية، وهو ما حدث بالفعل على مر السنين.

ومن الواضح أن حكومة ماكرون تتطلع إلى يلعب بن سلمان دورا فيما يتعلق بمساعدة لبنان على تجاوز وضعه الحالي.

وبالنظر إلى المستقبل، يعتقد الغشيان أن لبنان، أكثر من أي بلد آخر في الشرق الأوسط، هو المكان الذي من المتوقع أن تعمل فيه فرنسا والسعودية معًا بشكل وثيق، فكلاهما له مصلحة في استقرار لبنان، أو على الأقل عدم جعله أسوأ.

ومع ذلك، فإن التعاون السعودي الفرنسي بشأن لبنان يتعلق بتغيرات في انخراط الفاعلين الدوليين في شؤون المنطقة.

ففي حين أن الولايات المتحدة لا تزال اللاعب الدولي الرئيسي في المنطقة، فمن الواضح أن مشاركة الولايات المتحدة لها حدودها.

وفي هذا الإطار، قال الغشيان: لقد رأينا ذلك في حالة انخراط الصين في الصفقة السعودية الإيرانية، ويمكننا توقع انخراط فرنسي مع لبنان - بمباركة ودعم إقليميين".

قضية خاشقجي

ويبدو أن التوترات بين ماكرون وبن سلمان فيما يتعلق بقضية جمال خاشقجي غير ذات صلة بالعلاقات الثنائية بعد مرور ما يقرب من 5 سنوات على الجريمة البشعة.

ويشير كافيرو في هذا الصدد إلى أن زيارة الزعيم السعودي لفرنسا "علامة أخرى على إعادة تأهيل سمعته على نطاق واسع".

ومن المتوقع أن تستمر العلاقة بين فرنسا والسعودية في الازدهار، فيما ستواصل منظمات حقوق الإنسان النظر إلى استقبال ماكرون الدافئ لبن سلمان على أنه "إخفاق أخلاقي من جانب زعيم غربي بارز"، بحسب كافيرو، مشيرا إلى أن فرنسا تركز، في المقابل، على العديد من مصالحها التي يمكن للسعودية المساعدة في تقدمها دون السماح لحقوق الإنسان بمنع باريس من الاقتراب من المملكة.

المصدر | جورجيو كافيرو/العربي الجديد - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية فرنسا إيمانويل ماكرون محمد بن سلمان

شانزيليزيه الدرعية.. السعودية تستعد لمنافسة فرنسا على "قوة السياحة العظمى"

السعودية وفرنسا تتفقان على التعاون في الطاقة النووية

فرنسا وبريطانيا تتنافسان على النفوذ الدفاعي في الخليج.. من سيربح أكثر؟