بعد أزمة جنين.. ما المطلوب من واشنطن لتحسين العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية؟

الثلاثاء 18 يوليو 2023 09:02 م

منذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية الحالية في ديسمبر/ كانون الأول  2022، بدا التصعيد الإسرائيلي الفلسطيني حتميًا بسبب التكوين اليميني المتطرف للائتلاف الحكومي، وإجراءاته الأولية، والتصريحات المبكرة للأعضاء الرئيسيين التي أشارت جميعها إلى أن الأمور تسير في اتجاه سلبي.

يتناول مقال نمرود غورين في معهد الشرق الأوسط، والذي ترجمه "الخليج الجديد"، تصاعد التوترات بشكل مطرد في مارس/ آذار وإبريل/نيسان في الأراضي الفلسطينية، وخلال شهر رمضان وتداخله مع عيد الفصح، حيث اندلع العنف في القدس ثم في شهر مايو/أيار اندلعت جولة جديدة من القتال بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية في قطاع غزة. وفي يوليو / تموز، نفذ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية كبيرة في جنين، وهي الأكبر منذ عقدين.

ويرى الكاتب مما سبق، أن الاتجاه واضح، وإذا استمر دون رادع، فقد يحدث في نهاية المطاف اندلاع اشتعال إسرائيلي فلسطيني أوسع وأكثر أهمية، والذي تم تجنبه حتى الآن.

انخراط أكثر

وبالنظر إلى المسار المثير للقلق، يجب أن تكون الولايات المتحدة أكثر انخراطًا في العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية. ففي الأشهر الأخيرة، ركزت جهود واشنطن في الغالب على منع التصعيد وإدانة الإجراءات والتصريحات السلبية، بدلاً من دفع السلام أو خلق أفق سياسي يمكن أن يحفز التقدم الدبلوماسي.

على الولايات المتحدة إحياء القمم الأمنية الإقليمية التي عقدتها في فبراير/شباط ومارس/آذار، في الأردن ومصر، كقناة للدبلوماسية الوقائية "المصغرة" والحوار بين المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين، كما يجب عليها أن تضمن وفاء الجانبين بالالتزامات التي قطعاها في القمتين، وأن اجتماعات المتابعة المتفق عليها ستنعقد، وأن الآليات المحددة في البيانين المشتركين للعقبة وشرم الشيخ - بشأن القضايا الأمنية والاقتصادية - يتم إعدادها وتنفيذها.

((1))

ويضيف أنه بالرغم من الشكوك السائدة تجاه هذه العملية، فإن مجرد إنشاء مثل هذه القناة للحوار هو إنجاز يستحق المحاولة والبناء عليه. يجب على الولايات المتحدة تشجيع المشاركة غير المتعلقة بالأمن بين المسؤولين الحكوميين الإسرائيليين والفلسطينيين من مختلف الوزارات، حتى يمكن تعزيز المصالح المشتركة.

ويؤكد الكاتب أنه يجب التركيز بشكل خاص على دعوة المسؤولين من وزارتي الخارجية الإسرائيلية والفلسطينية للاجتماع، الذين نادراً ما يجتمعون، ولكن لهم صلة بتشكيل الحقائق الدبلوماسية.

ويوضح أنه يجب على الولايات المتحدة أن تعبر عن التزامها بحل الدولتين وأن تحدد أفقًا سياسيًا وتوقعاتها وخطوطها الحمراء.

ويوصي الكاتب الولايات المتحدة أيضًا بإعطاء الأولوية لحماية الديمقراطية الإسرائيلية، حيث يؤثر التآكل الديمقراطي سلبًا على العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية أيضًا. يمكن لواشنطن أن تصعد تصريحاتها بشأن هذه القضية، لكنها تحتاج أيضًا إلى الانتقال من الأقوال إلى الأفعال.

بالإضافة إلى ذلك، يجب على الولايات المتحدة تعزيز إشراك الفلسطينيين في المساعي التعاونية الإسرائيلية العربية، مع قبول المعارضة الفلسطينية للمشاركة رسميًا في منتدى النقب.

ويعتقد الكاتب أنه من المهم للولايات المتحدة أن توضح لمختلف الجهات الإقليمية الفاعلة أنها لا ترى في تقدم التعاون العربي الإسرائيلي وسيلة لتهميش القضية الفلسطينية.

ويجب تنفيذ المشاريع الإقليمية القائمة، مثل صفقة تبادل المياه والكهرباء بين إسرائيل والأردن والإمارات، بطريقة تفيد الفلسطينيين أيضًا، كما يجب مراعاة المصالح والاحتياجات الفلسطينية في المشاريع الإقليمية الجديدة التي يتم تطويرها.

وعندما تمضي المناقشات حول التطبيع الإضافي بين إسرائيل والدول المجاورة إلى الأمام - على سبيل المثال مع السعودية - يجب على الولايات المتحدة ضمان حدوث ذلك بطريقة تعزز صنع السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بروح مبادرة السلام العربية.

ويقول الكاتب إنه يمكن لواشنطن أيضًا تقديم دعم ملموس للمبادرات التي تشمل مزيجًا من الشركاء الإسرائيليين والفلسطينيين والإقليميين، يجب على الولايات المتحدة أن تشجع جهود الاتحاد الأوروبي الحالية لتحديث الحوافز الحالية للسلام بهدف إنتاج حزمة دولية منسقة.

وكذلك يمكن للولايات المتحدة تحديث خطتها الأمنية لحل الدولتين، التي تم وضعها خلال رئاسة باراك أوباما (2009-2017).

بديلا عن الرباعية البائدة

ويوصي الكاتب بالاستفادة من مشاركة الاتحاد الأوروبي مع السعودية وجامعة الدول العربية بشأن نهج "السلام الإقليمي الشامل"، والذي يسعى أيضًا إلى تحديث مبادرة السلام العربية؛ ويجب أن تشارك واشنطن في دمج الحوافز المختلفة وفي وضع استراتيجية تجمع بين تدابير قصيرة المدى تهدف إلى إعادة إطلاق محادثات السلام مع حوافز طويلة الأجل تهدف إلى زيادة الدعم العام والإرادة السياسية لاتفاقية الوضع النهائي.

وحول المفاهيم يعتقد الكاتب أنه ينبغي على الولايات المتحدة، جنبًا إلى جنب مع الحلفاء في أوروبا والأمم المتحدة، قيادة عملية وضع المفاهيم وتشكيل آلية دولية جديدة لدفع عملية صنع السلام الإسرائيلي الفلسطيني، بدلاً من الرباعية البائدة.

ويمكن أن تشمل مثل هذه الآلية البلدان التي لها سجل حافل في دفع حل الدولتين (مثل أعضاء مجموعة ميونيخ: ألمانيا وفرنسا والأردن ومصر) أو لديها مصلحة واضحة في القيام بذلك، وتكون قادرة على العمل معًا نحو هدف مشترك.

الآلية الجديدة يمكن أن تكون فعّالة في عكس المواقف المشتركة، ووضع الخطوط الحمراء، والتنسيق بين المبادرات المختلفة، ودفع المقترحات المتعددة الأطراف، وحل الأزمات، وتوسيع التفاعل البناء بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ومساعدة الجانبين على الوفاء بالتزاماتهما.

ويرى أنه يجب على الولايات المتحدة أيضًا تعزيز دعمها لمبادرات المجتمع المدني الإسرائيلي الفلسطيني، من خلال قانون شراكة الشرق الأوسط من أجل السلام الذي قامت به عضو الكونجرس نيتا لوي، وإجراء التعديلات اللازمة لتمكين الصندوق من تحقيق إمكاناته. ويجب على الولايات المتحدة إقناع الدول الأخرى بالاستثمار في مثل هذه المبادرات أيضًا، بهدف إنشاء صندوق دولي لدعم جهود صنع السلام غير الرسمية.

كما يمكن للولايات المتحدة أن تساعد في تقليل إحجام الإسرائيليين والفلسطينيين عن المشاركة في المبادرات المؤيدة للسلام، والتأكد من أن صانعي السلام من كلا الجانبين أحرار في الاجتماع والعمل معًا، دون مواجهة قيود قانونية أو أمنية.

الغاز

وعلى المستوى الفلسطيني، يشير المقال إلى أنه لتحسين الأوضاع على الجانب الفلسطيني، يجب على الولايات المتحدة أن تضغط من أجل تطوير حقل غزة للغاز الطبيعي البحري، للنهوض بالاقتصاد الفلسطيني وتمكين المعتدلين. ويمكن القيام بذلك من خلال منتدى غاز شرق المتوسط، حيث يكون جميع الفاعلين ذوي الصلة أعضاء كاملي العضوية.

ويمكن للولايات المتحدة أيضًا أن تقدم ميناء العريش الموسع حديثًا في مصر كميناء بحري إضافي لخدمة قطاع غزة، بموجب الترتيبات الأمنية الحالية. وسيؤدي ذلك إلى تقليل الاعتماد الفلسطيني على ميناء ازدود، وتمكين التجارة الفلسطينية مع دول أخرى، ويمكن أن يجلب فوائد اقتصادية ملموسة من حيث التسعير.

ويختتم المقال بالقول أنه يجب على الولايات المتحدة أن تعمل على دفع الوحدة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، كشرط مسبق لإحراز تقدم حقيقي نحو حل الدولتين. ويجب على الولايات المتحدة دعم الجهود في هذا الاتجاه، ونزع فتيل المعارضة الإسرائيلية وضمان المصالح الأمنية الإسرائيلية، مع الدفع أيضًا لإجراء انتخابات فلسطينية وانتقال سلس للسلطة بمجرد حدوث تغيير في القيادة الفلسطينية.

ويمكنها حشد الدعم من دول المنطقة لتحقيق هذا الهدف، والاستفادة من عمليات المصالحة الأخيرة التي تمكن الخصوم السابقين، مثل قطر ودول الخليج العربي الأخرى، وكذلك مصر وتركيا، من تعزيز الأهداف الإقليمية المشتركة.

المصدر |  نمرود غورين/ معهد الشرق الأوسط – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

جنين الولايات المتحدة فلسطين المبادرة العربية