رغم الحديث عن التدخل العسكري.. إيكواس تفضل الدبلوماسية في مواجهة انقلاب النيجر

الخميس 17 أغسطس 2023 06:57 م

"من الواضح أنها أكثر فائدة في أمن المنطقة"، هكذا يخلص تحليل لمجلة "مودرن دبلوماسي"، وترجمه "الخليج الجديد"، حول الدعوة المتكررة للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس"، إلى استعادة الديمقراطية في النيجر، عبر استكشاف الإمكانية من خلال آليات دبلوماسية.

وجمهورية النيجر دولة غير ساحلية في غرب أفريقيا، ولكنها معروفة بأنها منتج رئيسي لليورانيوم، إلا أن 80% من سكانها فقراء.

ولا تقتصر المخاوف على مصير النيجر، وهي من الدول الرئيسية في إنتاج اليورانيوم وحليفة رئيسة للغرب في الحرب على الحركات المسلحة، إذ إن هناك مخاوف أيضاً على نفوذ القوى العالمية المتنافسة ذات المصالح الاستراتيجية في المنطقة.

وبعد الإطاحة بالحكومة المنتخبة ديمقراطيا بقيادة محمد بازوم، في 26 يوليو/تموز، أصبح الوضع معقدًا، ويبدو الآن أحدث نقطة اشتعال في صراع القوى الإمبريالية.

وتحرص هذه الدول الناطقة منها بالفرنسية على محاربة النفوذ الفرنسي في المنطقة، فبوركينا فاسو ومالي وغينيا هي الآن أحدث بؤرة التوتر في النضال من قبل القوى الإمبريالية، التي أعلنت دعمها دون تحفظ لقادة الانقلاب العسكري في النيجر.

وأيد الاتحاد الأفريقي، المنظمة القارية، القرارات التي اتخذتها المنظمة الإقليمية "إيكواس" ضد الجيش في النيجر، وبالطبع ضد الحكم العسكري في بوركينا فاسو ومالي وغينيا.

بينما تدعم الولايات المتحدة وأوروبا بشكل خاص استعادة الحكومة الديمقراطية، تتخذ روسيا موقفًا مناهضًا للغرب، وموقفًا مناهضًا للإمبريالية وتشجع بشدة التسلل العسكري إلى السياسة في أفريقيا.

وتخشى القوى الغربية، من أن يمضي انقلاب النيجر في نفس طريق مالي المجاورة، التي استعان قادتها بمجموعة "فاجنر" العسكرية الروسية الخاصة، لمساعدتهم في محاربة تمرد بعد إطاحتهم بالحكومة المنتخبة ديمقراطياً قبل 3 أعوام، وطردهم القوات الفرنسية.

ويتزايد التأييد لروسيا في النيجر على ما يبدو منذ انقلاب يوم 26 يوليو، إذ لوح أنصار المجلس العسكري بالعلم الروسي في عدة تجمعات.

وفي القمة الروسية الأفريقية الثانية التي عقدت في سانت بطرسبرغ، وعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في خطابه، بتسليم الأسلحة والآلات والمعدات العسكرية دون تكلفة إلى الدول الأفريقية المهتمة، وقد وقعت روسيا بالفعل تعاونًا عسكريًا تقنيًا مع أكثر من نصف القارة، في مواجهة التهديدات الإرهابية واتجاهات التحديات الاستعمارية الجديدة، وتواصل دعمها المستمر لتعزيز السيادة الوطنية للدول الأفريقية وكذلك جميع أبعادها الأمنية.

ووقال بوتين إن بعض عمليات التسليم هذه ستتم مجانًا من أجل تعزيز أمن وسيادة هذه الدول.

لعقود من الزمان، والحديث لبوتين، "قدمنا الدعم بشكل ثابت خلال المعركة الصعبة التي خاضتها البلدان الأفريقية ضد الاستعمار، في مواحعة سياسية فرق تسد، التي اتبعتها العواصم الغربية في أفريقيا".

وتابع: "لم يتم القضاء على بعض مظاهر الاستعمار حتى يومنا هذا، ولا تزال القوى الاستعمارية السابقة تمارس ضغوطا في مجالات اقتصادية وإعلامية وإنسانية".

ووفق التحليل، فقد تسبب انقلاب النيجر في قلق دولي واسع، خاصة بعدما انقسمت أفريقيا، مما جعل الحل بعيد المنال إلى حد كبير، فضلا عن أن السعي المستمر منذ عقود من أجل الوحدة القارية في التنوع في أفريقيا بات مهددا.

ولم تستطع لجنة الأمن التابعة للاتحاد الأفريقي ووحدة الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا للشؤون السياسية والأمنية فرض قواعدها ولوائحها (البروتوكولات) بشأن القضاء على التدخلات العسكرية في السياسة، ولا حتى بروتوكول "إسكات البنادق" في جميع أنحاء القارة السمراء.

ويقول التحليل إن "أفريقيا بأكملها تمر عبر التناقضات، وهي ببساطة غير قادرة على إنشاء مؤسسات ديناميكية مستقلة، والسيطرة على مصيرها الذي تم كسبه وتقريره وإعادة بناء اقتصادها بعد تحقيق الحرية السياسية قبل 60 عامًا".

كما ذكرت وسائل الإعلام، انقسام برلمان "إيكواس" نفسه بشكل حاد، وسط خلافات خطيرة في صفوفه، حول التدخل العسكري في النيجر.

وكان قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، قد طالبوا في وقت سابق المتمردين بالإفراج عن بازوم بحلول 7 أغسطس/آب، مهددين باستخدام القوة من بين خيارات أخرى.

وقالت المنظمة إنها عازمة على استعادة النظام الدستوري في النيجر.

ولدى عودته من القمة، قال رئيس ساحل العاج الحسن واتارا إن قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا اتفقوا على بدء عملية عسكرية في النيجر في أسرع وقت ممكن.

وحسب صحيفة "بانش"، أمرت قيادة الجيش النيجيري قادة الوحدات بإبلاغ قيادة الدفاع بأفرادها ومعداتهم ولوجستياتهم وإنفاقهم المالي.

لكن في النهاية، رفض البرلمان النيجيري خيار بدء الحرب ضد الحكومة العسكرية في النيجر.

ولاحقا، قال المتحدث باسم رئيس نيجيريا أجوري نجيلالي، إن مجموعة "إيكواس" لا تقترب من التدخل العسكري في النيجر، و"لا تتعجل الحرب" أيضاً.

وأضاف: "نحن لا نقترب من التدخل العسكري؟. هذا ادّعاء يتم الترويج له من مؤسسات دولية لديها مصالحها الخاصة"، على حد تعبيره.

وتابع المتحدث باسم الرئيس النيجيري الذي تتولى بلاده حالياً الرئاسة الدورية لـ"إيكواس": "بالنسبة لنا، ينصب تركيزنا على الحوار المباشر للتوصل إلى المخرجات التي نسعى لها بشكل سلمي".

وأردف: "إذا اضطررنا إلى التدخل العسكري سيظل هذا الخيار مطروحاً على الطاولة، لكن السردية التي تقول إننا نتعجل الحرب هي سردية غير صحيحة".

بالتزامن، حذرت الدول المجاورة مالي وبوركينا فاسو من أنها ستعتبر هذه الخطوة بمثابة هجوم على نفسها.

وبعد تجاهل إنذار المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، اجتمع قادة المجموعة في 10 أغسطس/آب، لتعلن أنها مصممة على استعادة النظام الدستوري في النيجر.

آخر التطورات الخطيرة، والحديث للتحليل، هو قيام المتمردين في النيجر باتهام الرئيس بازوم بالخيانة العظمى.

وبحسب المتمردين فقد جمعوا أدلة تسمح لهم بمحاكمة الرئيس السابق، وشركائه بتهمة الخيانة وتعريض أمن الدولة للخطر.

وبنفس القدر من الأهمية، هناك إمكانية غير مقصودة لتحويل النيجر إلى أرض خصبة للحروب بالوكالة، وفق التحليل.

ويضيف: "حتى بعد انتهاء الحرب، يجب أن تستعد المنطقة لأعمال الإرهاب أو التمرد المتزايدة تمامًا كما قد تشير إلى نهاية المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا".

ويتابع: "على الرغم من المؤهلات التي لا جدال فيها في النضال الشعبي ضد الحكم العسكري ، فإن استخدام القوة العسكرية لإزالة المجلس العسكري في النيجر له مزايا وعيوب".

من جانبه، قال أمادو عبدالرحمن، المتحدث باسم المجلس العسكري، إن هناك حملة تضليل ضد المجلس العسكري لمحاولة "إفشال أي حل تفاوضي للأزمة لتبرير التدخل العسكري... باسم إيكواس".

ورفض المجلس العسكري عدة بعثات دبلوماسية في الأسبوعين الأولين بعد الانقلاب، على الرغم من أنه أشار إلى استعداد محتمل للتواصل منذ أن قالت "إيكواس"، إنها "ستنشط" القوات في وضع الاستعداد لاحتمال استخدامها في النيجر.

وفي ملاحظاته الختامية في القمة الاستثنائية الثانية، أكد رئيس هيئة رؤساء دول وحكومات المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا بولا أحمد تينوبو، التزام الكتلة الإقليمية الثابت بمساعدة شعب النيجر في رحلة نحو السلام والاستقرار الديمقراطي.

وأكد الزعيم النيجيري بقوة أن النتيجة الرائعة للقمة، التي سمحت بنشر قوات "إيكواس" الاحتياطية لاستعادة النظام الدستوري في النيجر "تشهد على قوة التعاون والوحدة بين الدول الأعضاء في إيكواس".

وتابع: "لقد أكدنا من جديد التزامنا تجاه شعب النيجر وبتقدم مجتمع إيكواس بأكمله".

ويختتم التحليل: "بالرغم من أنه لم يتم استبعاد أي خيار من على الطاولة، بما في ذلك استخدام القوة كملاذ أخير، إلا أن إيكواس تؤكد أنها ستظل ثابتة في دعم النيجر في رحلة نحو السلام والاستقرار الديمقراطي".

المصدر | مودرن دبلوماسي - ترجمة وتحليل الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

النيجر إيكواس انقلاب النيجر غرب أفريقيا نيجيريا مالي بوركينا فاسو محمد بازوم

إيكواس تفعّل قوة احتياط لتدخل عسكري محتمل في النيجر

دون إعلانه.. رؤساء أركان دول إيكواس يتفقون على موعد دخول النيجر