الإمارات وفرنسا.. علاقة "تأمين تكميلي" بعد أمريكا ازدهرت مع ماكرون وبن زايد

السبت 9 سبتمبر 2023 11:22 ص

يسلط تحليل نشره معهد أبحاث السياسة الخارجية على أبعاد العلاقات الإماراتية الفرنسية، معتبرا أن أبوظبي وباريس تمتلكان علاقة خاصة تأتي أهميتها، على المستوى الأمني في المقام الأول، في المرتبة الثانية مباشرة بعد أهمية العلاقات الإماراتية الأمريكية، ويمكن القول بأن واشنطن تؤمن لأبوظبي  تأمينا على الحياة، بينما توفر لها باريس "تأمينا مكملا".

ويستشهد التحليل بتحرك فرنسا السريع، بعد هجوم الحوثيين على أبوظبي بطائرات مسيرة في 17 يناير/كانون الثاني 2022، حيث بادت باريس بإعلان تفعيل اتفاقية الدفاع الموقعة بين البلدين عام 1995 للمرة الأولى، وسارعت إلى نشر طائرات مقاتلة إضافية من طراز "رافال" وتعزيز نظام الدفاع الجوي في الإمارات.

وجاءت تلك الردود السريعة من فرنسا، في الوقت الذي استغرق رد أمريكا على الاستياء الإماراتي فترة أطول، لذلك قابل الإماراتيون تحرك فرنسا بتقدير كبير، رغم أن إجراءاتها كانت أقل أهمية مقارنة بالرد الأمريكي، بسبب قدراتها المنخفضة.

معاداة الإسلام السياسي

وبصفتها أكثر دولة في الاتحاد الأوروبي مهتمة بمسألة مكافحة الإرهاب ومعاداة الإسلام السياسي، كان هناك رابطا خاصا بشكل دائم بين فرنسا والإمارات على تلك الأرضية المشتركة، حيث تمتلك أبوظبي أيضا اهتماما كبيرا بهذه المسائل، كما يقول التحليل.

أيضا، وكما يقول مسؤول فرنسي، فقد نجحت باريس وأبوظبي في رعاية علاقات عميقة وديناميكية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى تجنب فرنسا حملات قرع الطبول الصاخبة من أجل حقوق الإنسان واستخدام الأسلحة الفرنسية في الحرب، مفضلة الرسائل الخاصة.

وتهدف عقيدة باريس  إلى الترويج لنفسها كبديل جاد وجدير بالثقة لدول الخليج التي ترغب في تجنب الوقوع في فخ المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، حيث تسمح  سياسة "الطريق الثالث" التي تنتهجها فرنسا للإليزيه بممارسة دبلوماسية انتهازية من خلال التكيف مع الظروف المتغيرة، كما ظهر في هجوم الحوثيين عام 2022. ومن خلال الاستفادة من الديناميكيات الظرفية والاعتماد على حضورها التاريخي، ترى فرنسا أنها تستطيع تعزيز مكانتها كلاعب رئيسي على الساحة الإقليمية.

تسارع الشراكة

ويقول التحليل إن الشراكة الفرنسية الإماراتية تسارعت بشمل ملحوظ في عهد الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، بعد أن كان الرئيسان السابقان نيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند يميلان إلى الاعتماد في الغالب على الشركاء القطريين والسعوديين، مع الحفاظ على علاقات جيدة مع الإمارات.

وقد يرجع ذلك – بحسب التحليل – إلى السياق الجيوسياسي  والعلاقة الشخصية الوثيقة بين ماكرون والشيخ محمد بن زايد، حيث يمتلك ماكرون أسلوبا متفردا في الرئاسة يقوم على التركيز على امتلاك السلطات الواسعة، وهو الأسلو بالذي يفضله ابن زايد في الإدارة.

وتجسدت الأهمية المتبادلة المرتبطة بالشراكة خلال الزيارة الرسمية الأولى التي قام بها الشيخ محمد بن زايد في يوليو/تموز 2022، بعد مرور 31 عاما على آخر زيارة قام بها شيخ إماراتي إلى فرنسا.

بالإضافة إلى ذلك، التقى الزعيمان عدة مرات في الخارج قبل هذه الزيارة، في سبتمبر/أيلول 2021، وديسمبر/كانون الأول 2021، ومايو/أيار 2022.

ومنذ ذلك الحين، ظل الهاتف يرن بشكل متكرر في باريس وأبوظبي، كما أشار المدير العام لمركز دبي لأبحاث السياسات العامة، محمد باهارون.

وقد التقيا مؤخرًا في مايو 2023 في الفترة التي سبقت انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28).

وتتمركز القيادة البحرية الفرنسية للمحيط الهندي في أبوظبي، وقد شرعت الدولتان في مبادرة تعاون ثلاثية مفتوحة مع الهند في منطقة المحيطين الهندي والهادئ في فبراير/شباط 2023. ويغطي هذا التحالف الاستراتيجي عددا من المجالات، بما في ذلك الدفاع والطاقة الخضراء والتنمية.

حليف مكمل

وبشكل عام، يرى التحليل أن فرنسا تظل حليفاً رئيسياً، لكنها ليست الحليف الرئيسي للإمارات،  وفيما يتعلق بالدفاع، فإن الولايات المتحدة هي الشريك الحيوي، تليها فرنسا كحليف مكمل.

ومع أخذ ذلك في الاعتبار، أشار جان لوب سمعان، أحد كبار الباحثين في معهد الشرق الأوسط بجامعة سنغافورة الوطنية، إلى أنه "إذا أجرينا مقارنة مع التأمين، فإن الولايات المتحدة هي التأمين الرئيسي على الحياة وفرنسا تأمين تكميلي".

ولهذا السبب، يقول التحليل إن على باريس ألا تفرط في تصوراتها بشأن العلاقات مع الإمارات، لا سيما مع توجه أبوظبي نحو تعظيم سياسة تنويع العلاقات بين الكتلتين الشرقية والغربية.

المصدر | لويس فيتراند / معهد أبحاث السياسة الخارجية - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات الإماراتية الفرنسية إيمانويل ماكرون محمد بن زايد شراكة