تقدير أمريكي: مرجل الضفة الغربية يغلي.. وانتفاضة "عنيفة" باتت محتملة

الخميس 2 نوفمبر 2023 08:57 ص

سلط الزميل غير المقيم بمركز جامعة جورج تاون للدراسات الأمنية ومعهد بروكينجز، بول بيلار، الضوء على تصاعد الاشتباكات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، مشيرا إلى أن هذا التصاعد يشتعل بينما يركز العالم أنظاره على قطاع غزة.

وذكر بيلار، في تقدير نشره بموقع "ريسبونسبل ستيتكرافت" وترجمه "الخليج الجديد"، أن المظاهر العنيفة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني في الضفة الغربية أصبحت تحظى بقدر أقل من الاهتمام الذي تحظى به عادة، وأقل مما تستحقه، وسط مخاوف بشأن احتمال امتداد الحرب إليها.

وارتفعت أعداد الضحايا في الضفة الغربية منذ عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، إلى أكثر من 100 فلسطيني، معظمهم قتل في إطار العمليات المتسارعة التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي وتمثلت في مداهمات واعتقالات جماعية وقمع للاحتجاجات.

وشمل الاستخدام الإسرائيلي المتصاعد للقوة غارة جوية على مسجد في مخيم للاجئين في مدينة جنين، وهو أمر نادر في الضفة الغربية، حيث يعتمد الإسرائيليون عادة على القوات البرية.

وحدثت أعمال عنف إضافية على أيدي المستوطنين الإسرائيليين، إذ سجل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية خلال الأسبوعين الأولين فقط بعد "طوفان الأقصى" وقوع 100 هجوم شنها مستوطنون إسرائيليون ضد السكان الفلسطينيين.

وأشار مكتب الأمم المتحدة إلى أن هذا يمثل في المتوسط ما يقرب من 8 حوادث وميا، ارتفاعا من متوسط يومي يبلغ 3 حوادث منذ بداية هذا العام.

إن العلاقة بين عنف المستوطنين والأحداث التي وقعت هذا الشهر في جنوب إسرائيل وقطاع غزة لها جانبان، أحدهما هو أن الغضب الإسرائيلي إزاء هجوم حماس وتحويل هذه المشاعر إلى كراهية عامة للعرب الفلسطينيين جعل اللحظة الحالية بمثابة موسم مفتوح على الفلسطينيين أكثر مما كانت عليه من قبل.

أما الجانب الثاني فيتمثل في أن التركيز الحالي على غزة في أوساط الصحافة والحكومات الأجنبية والعالم عموماً يمثل فرصة للمستوطنين للقيام بأعمال عنيفة وغير قانونية في الضفة الغربية دون أن يلفتوا انتباهاً يذكر.

ويستشهد بيلار بميراف زونسزين، المحللة لدى مجموعة الأزمات الدولية، المقيمة في إسرائيل، التي قالت إن الفرق بين الوضع الحالي وما قبله هو أن عنف المستوطنين يحدث "دون أن يوجه إليه أي اهتمام إعلامي تقريبًا".

وتمثل هذه التطورات استمرارا مكثفا لاتجاهات أطول أمدا لمعاناة فلسطينيي الضفة الغربية، فالعديد من القتلى الفلسطينيين البالغ عددهم حوالي 1600 على أيدي الإسرائيليين بين عام 2015 (أي منذ آخر هجوم إسرائيلي كبير على غزة في عام 2014) وأغسطس/آب الماضي كانوا في الضفة الغربية.

تطرف حكومي

ويرى بيلار أن تصاعد العنف الإسرائيلي في الضفة الغربية يرتبط بوصول حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة إلى السلطة في بداية هذا العام، إذ كان الرد الإسرائيلي الرسمي في كثير من الأحيان هو السماح بعنف المستوطنين أو التغاضي عنه، بوقوف جنود الجيش جانبًا أو حتى المشاركة في بعض أعمال العنف.

ووعد أحد أبرز المتطرفين الموجودين حاليا في السلطة الإسرائيلية، وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، وهو نفسه مستوطن في الضفة الغربية، بتوزيع ما يصل إلى 10 آلاف بندقية مجانية على المواطنين الإسرائيليين، بما في ذلك مستوطني الضفة الغربية.

ويشير بيلار إلى أن كل ذلك يحدث في إطار عملية طويلة الأمد لشعب واحد، له عرقية ودين، يُخضع شعبًا آخر، له عرقية ودين آخر، وفي إطار تصميم الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على الحفاظ على التفوق اليهودي على كل الأراضي الواقعة بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن.

وكان جزء من صيغة القيام بذلك، بحسب بيلار، هو تطويق نحو مليونين من السكان العرب في قطاع غزة وحصارهم، لكن "طوفان الأقصى" أدى إلى تحطيم بعض الافتراضات التي تقوم عليها تلك الاستراتيجية.

أما الجزء الآخر من الصيغة فهو التهجير التدريجي لفلسطينيي الضفة الغربية من أراضيهم، فعلى الرغم من أن الكثير من عنف المستوطنين يظهر مجرد الكراهية والتعصب، فإن الكثير منه هو جهد محسوب لجعل حياة الفلسطينيين بائسة إلى حد كبير وغير مجدية اقتصاديا، بالنظر إلى تكتيكات المستوطنين مثل تخريب بساتين الزيتون أو حرمانهم من المياه والمراعي.

وأفادت منظمة مراقبة حقوق الإنسان الإسرائيلية "بتسيلم" أن 8 عائلات كاملة تركت منازلها في الضفة الغربية، الأسبوع الماضي، خوفا على حياتهم وسبل عيشهم، بإجمالي 472 شخصا.

نكبة جديدة

وأثارت الحرب الحالية، المليئة بالأوامر لملايين سكان غزة بإخلاء شمال القطاع المخاوف في جميع أنحاء المنطقة من حدوث نكبة جديدة، كتلك التي جرت في الأربعينيات من القرن الماضي، والتي تسبب في تهجير جماعي للسكان الفلسطينيين منذ فترة طويلة، في الأراضي التي أصبحت فيما بعد دولة إسرائيل.

واكتسبت هذه المخاوف مصداقية بعد تسريب وثيقة تخطيط حكومية إسرائيلية تدعو إلى نقل سكان قطاع غزة قسراً إلى سيناء. ولعل الشيء الوحيد الذي يمنع إسرائيل من محاولة تنفيذ مثل هذه الخطة هو أن الحكومة المصرية لديها أسباب متعددة لرفض المشاركة في أي مخطط من هذا القبيل، بحسب بيلار.

وكان هذا المخطط يتعلق بغزة، لكن سكان الضفة الغربية يخشونه أكثر من أي عمليات نزوح جماعي جديدة أو تطهير عرقي. فغزة عبارة عن سجن مفتوح، لكن الضفة الغربية، مع القدس الشرقية، هي الجائزة التي يريدها المتشددون الإسرائيليون لشعبهم فقط.

أما الديناميكية الأخرى التي جعلت الضفة الغربية تتحول على نحو متزايد إلى برميل بارود منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، فهي الزيادة غير المفاجئة في الغضب والاستياء بين الفلسطينيين الذين يعيشون هناك.

ويرى بيلار أن الخوف من نكبة جديدة هو جزء من هذه الديناميكية، إضافة إلى الخسائر الناجمة عن تزايد عنف المستوطنين واستخدام الجيش الإسرائيلي للقوة العسكرية.

وكذلك الحال بالنسبة للمآسي في الحياة اليومية التي تأتي من حواجز الطرق وغيرها من العوائق أمام الحركة التي زادها الجيش الإسرائيلي هذا الشهر.

كما أجج الموت والدمار الذي فرضه الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة الغضب في الضفة، بحسب بيلار، مشيرا إلى أن "هذه ليست مسألة دعم لحماس، بل مسألة الشعور بألم وغضب عام إزاء معاناة جماعية".

ويخلص الزميل غير المقيم بمركز جامعة جورج تاون للدراسات الأمنية ومعهد بروكينجز إلى أن فرصة حدوث انتفاضة جديدة في الضفة الغربية كانت كبيرة بالفعل قبل هذا الشهر، وهي الآن أعلى من ذلك بكثير، وفي ظل الأجواء الحالية فمن المرجح أن تكون الانتفاضة الجديدة "عنيفة"، ما يعني انتشارا كبيرا للحرب في غزة، ومن شأن ذلك أن يسارع فرص استقطاب حزب الله اللبناني للمشاركة في الحرب.

المصدر | بول بيلار/ريسبونسبل ستيتكرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الضفة الغربية غزة حماس إسرائيل إيتمار بن غفير المستوطنين

اقتحامات الضفة.. اشتباكات تسفر عن 3 شهداء وإصابات واعتقالات

اعتقل عهد التميمي.. الاحتلال يواصل مداهمة بلدات الضفة ويشتبك مع مقاومين

انتفاضة منسية في الضفة الغربية.. الاحتلال يعتقل 2200 فلسطينيا ويقتل 150

62 مصابا و65 معتقلا في اقتحامات إسرائيلية بالضفة الغربية