بين دعوات التقشف وممارسات البذخ.. الشعب يعاني و«السيسي» يتمتع

الأحد 5 فبراير 2017 03:02 ص

«محدش قالكم إن إحنا فقرا أوي».. كلمة لا تفارق أذن أي مواطن مصري وهي الكلمات التي قالها الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي»، خلال مؤتمر الشباب بأسوان، نهاية الشهر الماضي.

ولكن يبدو أن ممارسات «السيسي»، لا تتناسب إطلاقا مع تصريحاته التي يدعو فيها المواطنين لربط الحزام وتحمل الأحوال الاقتصادية السيئة، ودعواته للتقشف، وللمصريين بالتبرع من أجل حياة أفضل.

ترنج «A|X»

والجمعة الماضية، شارك «السيسي» طلاب الكلية الحربية، إفطارهم، مرتديا ترنج، لفت أنظار النشطاء، خاصة مع ظهور ماركته.

النشطاء، أشاروا إلى أن الترنج من ماركة عالمية شهيرة وهي «Armani exchange»، إيطالية المنشأ.

وأضافوا أن سعره الحالي من فروع «A|X» بدبي والخليج، في حالة شرائه أونلاين بحوالي 392 دولار.

السجادة الحمراء

وفي فبراير/ شباط 2016، أثارت صور السجادة الحمراء التي امتدت لعدة كيلومترات لتسير عليها سيارات موكب «السيسي» انتقادات واسعة، امتدت إلى إعلاميين معروفين بولائهم للنظام.

ووصف موقع «التحرير» في تقرير له «السيسي» بـ«الرئيس المسرف»، ورصد تقدير المسافة التي قطعتها سيارات موكب «السيسي» على السجاد الأحمر بحوالي 4 كيلومترات، أي نحو 4000 متر طول، وعرض 8 أمتار، يتكلف المتر الواحد 50 جنيها، وبالتالي لتصبح التكلفة الإجمالية للسجاد حوالي مليون و600 ألف جنيه مصري تقريبا (85 ألف دولار).

وحينها علق الكاتب الصحفي «تامر أبو عرب» قائلا: «وبعد أن نزل من سيارته الفارهة التي سارت لمسافة طويلة فوق السجاد الأحمر الثمين، عقد حاجبيه وصرخ بحزم: احنا مش هنقدر ندعم المية تاني».

وتساءل الإعلامي «حسام السكري»: «هي دي فعلا سجادة حمرا لسيارات موكب الرئيس؟»، مضيفا: «ربنا يكتر فلوسكم».

وعلق الحقوقي «هيثم أبو خليل» قائلا: «يشرب مياه إيفيان سعر الزجاجة 25 جنيها مصريا، وسيارات موكبه تسير علي مئات الأمتار من السجاد الأحمر، ثم يحدثنا عن رفع الدعم عن مياه الشرب».

العجلة «بيجو»

كما اعتاد «السيسي»، الظهور من وقت لآخر، راكبًا دراجة هوائية، من ماركة «بيجو» بلغ سعرها قرابة 4300 دولار.

النشطاء مع كل ظهور لـ«السيسي» بدراجته، يتسائلون: «أمال فين التقشف؟»، في الوقت الذي طالبه المصريون بالقول: «ما تجيب العجلة دي عشان مصر».

الغريب أن في الوقت الذي قاد «السيسي» دراجته الغالية الثمن، شجع المصريين على الذهاب إلى أعمالهم سيراً إن أمكن أو باستخدام الدراجات، وذلك لتوفير النقود والوقود، مؤكداً أن «ركوب الدراجات سيوفر للدولة 16 جنيهاً (دولار تقريبا) عن كل 20 كيلومتراً».

الساعة «أوميجا»

وفي مايو/ أيار 2014، وخلال فترة الدعاية الانتخابية للرئاسة، أثارت الساعة التي يرتديها، خلال لقاءاته التلفزيونية والميدانية الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر»، وجاءت متطابقة مع الرؤيا المنسوبة لـ«السيسي» في التسريبات التي تدولتها بعض وسائل الاعلام.

وانشغل بعض النشطاء بسعر ونوعية الساعة، حيث قالوا أنها «أوميجا» ويصل سعرها إلى 7300 دولار، طبقاً لموقع «ebay» للتجارة الإلكترونية.

يذكر أن «السيسي» روى في التسريب المنسوب إليه رؤيا أنه سيحكم مصر، حيث قال: «شفت في المنام من سنين طويلة جدًا، من 35 سنة، إن أنا رافع سيف مكتوب عليه (لا إله إلا الله) باللون الأحمر، وإن أنا في إيدي ساعة ضخمة جدًا عليها نجمة خضراء ضخمة جدا».

واستطرد: «أوميجا، والناس بتسألني: اشمعنى انت اللي معاك الساعة دي؟، فقلت لهم، الساعة دي باسمي، هيا أوميجا وأنا أبد الفتاح.. رحت حاطط الأوميجا يعني العالمية مع عبدالفتاح، ده تفسيري لها».

حفل التنصيب

أما حفل تنصيب «السيسي» رئيسا، فتكلف حوالي 4 مليارات جنيه، بحسب خبراء اقتصاديين.

الخبراء أكدوا أن فاتورة الإجازة التي قررت الحكومة منحها للعاملين بالدولة بمناسبة تنصيب «السيسي» كلفت الدولة 3.5 مليار جنيه، من إجمالي الدخل القومي في هذا اليوم، بالغضافة إلى 500 مليون جنيه، تشمل تكلفة عمليات التنظيف والتجميل للشوارع والميادين ومكافآت قوات الشرطة والقوات المسلحة التي تؤمّن الحفل.

كما بلغت تكلفة رفع كفاءة الطرق والشوارع المؤدية إلى ميدان قصر القبة في هذا اليوم فقط 10 ملايين جنيه.

وفي المقابل تصاعدت خسائر محطتي مترو كوبري القبة وسراي القبة، بخسارة بلغت 50 ألف جنيه.

حراسة «السيسي»

حجم حراسة «السيسي»، التي كشفتها بوضوح  زيارته لافتتاح الدورة البرلمانية الأولى لممجلس النواب، كما أظهرت الصور، حيث تكونت من 23 دراجة بخارية تحيط بسيارته الرئاسية، وكذلك 20 سيارة تأمين له، لكن دون إعلان عن مبلغ محدد للتكلفة.

الناشط الحقوقي «هيثم أبو خليل»، يقول إن «السيسي يعيش في فيلا فخمة داخل قيادة القوات الجوية تحميها كتيبة كاملة من الحرس الجمهوري، وعند المدخل دبابات ومدرعات، وهناك عدة غرف مكيفة لإقامة 16 كلبًا وإعاشتها».

وأضاف أن «الجنود المكلفين بحراسة السيسي لا يتقاضون ألف جنيه في الشهر، بل ربما الواحد منهم يتقاضى ما يتقاضاه 50 مجندًا، خلاف البدلات والهبات والعطايا للولاء».

سيارات البرلمان

البذخ والإنفاق المبالغ فيه، لم يقتصر على «السيسي» فقط، بل امتد إلى عدد من مؤسساته أيضا، من بينها مجلس النوزاب، الذي أثيرت حوله ضجة قبل أيام، من النائب «محمد أنور السادات»، الذي سأل رئيسه «علي عبد العال» عن «إنفاق 18 مليون جنيه (975 ألف دولار) من موازنة العام المالي 2015-2016 لشراء ثلاث سيارات للمجلس».

وقال، إن «المجلس يملك أسطولا كبيرا من السيارات التي اشتراها في السنوات السابقة، فلماذا لا يستغله بدلا من شراء سيارات جديدة بهذه التكلفة الباهظة؟!».

وتساءل «السادات»: «كيف نقنع المواطن بتحمل إجراءات التقشف وخطة الإصلاح المالي والاقتصادي، بينما ينفق مجلسهم المنتخب بهذا البذخ واللا مبالاة على مظاهر لا علاقة لها بعمل المجلس ومتطلباته؟».

ورد مجلس النواب في بيان يؤكد شراءه ثلاث سيارات مُصفحة لرئيس المجلس ووكيليه، لضرورات أمنية واستهداف الشخصيات الرسمية في الدولة من قبل الجماعات الإرهابية.

وأبرز المجلس أن الشراء تم قبل أن تقرر الحكومة تعويم الجنيه.

وحسب بيانه، بلغ ثمن سيارة رئيس البرلمان 393 ألف يورو (حوالي 3 مليون و700 ألف جنيه مصري) وبلغت تكلفة سيارتي الوكيلين 12 مليون جنيه.

كان اليورو يعادل حوالي 9.5 جنيه قبل قرار تعويم الجنيه في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وبعد القرار ارتفع سعره أمام الجنيه ليعادل قرابة 19 جنيها مصريا.

وأثار بيان مجلس النواب المصري غضب واستياء مواطنين يعانون من وطأة اقتصاد متأزم، وعملة انخفضت قيمتها أمام الارتفاع الحاد في الأسعار.

الفقر في مصر

وتقدر وزارة التضامن الاجتماعي في مصر، عدد الأسر التي لا تملك دخلا ثابتا أو معاشا شهريا بأكثر من مليوني أسرة.

وأشارت بيانات «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» في مصر، إلى أن نحو 27.8% من المصريين يعيشون تحت خط الفقر، وفقاً لبحث الدخل والإنفاق لعام 2015.

وكشفت البيانات أن 57% من سكان ريف الوجه القبلي (جنوب) فقراء، مقابل 19.7% بريف الوجه البحري (شمال)، مشيرة إلى أن  نسبة الفقر بلغت 27.4% بحضر الوجه القبلي (جنوب)، وتقل إلى 9.7% في حضر الوجه البحري (شمال)، موضحة  أن 15% من سكان المحافظات الحضرية فقراء.

وأضافت أن نسبة الفقراء تصل  إلى أعلى مستوياتها في محافظتي أسيوط وسوهاج لتبلغ 66%، كما أن 18% من سكان محافظة القاهرة (العاصمة) فقراء.

وارتفع عدد سكان مصر من 72  مليونا و800 ألف نسمة عام 2006 ، إلى 76  مليونا و100 ألف نسمة فى بداية عام 2009 ، ليصل إلى حوالى 90  مليونا و100 ألف نسمة في بداية عام 2016 بزيادة قدرها 17  مليونا و300 ألف نسمة، وفقاً للجهاز نفسه.

وبدأت مصر تطبيق سياسات تقشفية، عبر تخفيض دعم المواد البترولية في يوليو/ تموز 2014، ورفع أسعار الكهرباء والمياه، وقانون الضريبة على القيمة المضافة، وقانون الخدمة المدنية.

وفي 3 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حررت مصر سعر صرف الجنيه، ورفعت مجددا جزءا من الدعم على المحروقات، ما رفع في أسعار معظم السلع، وزاد عجز الميزان التجاري المصري بعشرات المليارات من الدولارات.

والعام الماضي، أكدت دراسة للبنك الدولي، أن الفقر المدقع على مستوى العالم، يواصل التراجع على الرغم من حالة السبات العميق التي دخل فيها الاقتصاد العالمي.

وحذرت الدراسة: «على الرغم من اتجاهات النمو المتوقعة، فإن خفض معدلات عدم المساواة المرتفعة قد يشكل مكوناً ضرورياً للوصول إلى الهدف العالمي، الرامي إلى إنهاء الفقر المدقع بحلول عام 2030».

  كلمات مفتاحية

الفقر مصر البذخ ترنج سيارات عجلة بيجو سيارات البرلمان الحراسة

رغم تصريحات «السيسي» إحنا فقراء أوي.. وزير الأوقاف المصري يضاعف رواتب القيادات في الوزارة

مصر تفتتح مسجدا بتكلفة 1.7 مليون دولار.. ونشطاء: بذخ وسوء إدارة للمال العام

50 سيارة ومدرعة بموكب مسؤول أمني في مصر (فيديو)