انقسمت آراء المسلمين حيال الرسومات الجديدة للنبي محمد، التي نشرتها صحيفة «شارلي إيبدو» الفرنسية الساخرة، في عددها الأول بعد الهجوم الذي استهدفها، وتلقى المسلمون رسالة الصحيفة حول ضرورة «المسامحة» و«مواصلة التحدي» بمشاعر متضاربة، إذ رأى البعض أن هناك جانبا إيجابيا بعدم تصوير النبي بشكل ساخر هذه المرة، في حين نبه البعض الآخر إلى أن الرسم بحد ذاته يعيد استفزاز المسلمين.
ويعتبر تصوير النبي محمد أمرا محرما عند المسلمين، بصرف النظر ما إذا كان التصوير مسيئا أم لا، ولكن الصحيفة لم تكن مهتمة بهذه الحساسية الدينية، وعمدت خلال الفترة الماضية إلى نشر أكثر من صورة للنبي تظهره بمظهر سلبي.
لكن العدد الأخير الذي طبعت منه الصحيفة ثلاثة ملايين نسخة، رغم أنها لم تكن تطبع سابقا أكثر من 60 ألف نسخة - لم يحمل الطابع السلبي برسم النبي، بل أظهره وكأنه يتضامن مع الصحيفة بوجه الإرهاب، ما أدى إلى تباين في ردود الفعل لدى المسلمين، وفق هذا السياق، قال «حسين رشيد»، أستاذ علوم الفكر الإسلامي في جامعة هوفسترا الأمريكية: «رد فعلي الأولي أن الغلاف قد يكون الرد الأمثل على المأساة.. هم لم يتراجعوا عن تصوير النبي والتمتع بحق حرية التعبير، وفي الوقت نفسه بعثوا برسالة سلمية أتمنى أن تساهم في تهدئة غضب المسلمين في فرنسا».
من جانبها، قالت «زينب الرضوي»، الكاتبة في صحيفة «شارلي إيبدو»، وإحدى الذين عملوا على إنتاج العدد الجديد، في مقابلة مع شبكة الإذاعة البريطانية، إن الطاقم «لم يعبر عن الكراهية ضد الإرهابيين الذين قتلوا رفاقهم» مضيفة «يجب أن تفتح المظاهرة التي حصلت في فرنسا بعد الهجوم الباب للمسامحة».
أما «يحيى عادل إبراهيم»، أحد الأئمة المسلمين في استراليا، فقد حض أتباعه الذين يتجاوز عددهم 100 ألف شخص على صفحته بموقع فيسبوك، على التحلي بأخلاق النبي محمد، حتى تجاه الصور التي يعتقدون أنها مسيئة قائلا: «مع نشر الصور مجددا، سيشعر المسلمون بالتأكيد بالغضب والألم، ولكن يجب أن تعكس تصرفاتنا التعاليم التي تلقيناها من حبيبنا الذي غضبنا لأجله، والذي علمنا الصبر والتسامح والرأفة والرحمة، وكلها كانت من خصائص نبينا الحبيب».
وقال «داود وليد»، المدير التنفيذي لمركز «ميتشيغن» التابع لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية: «ظهور رسومات بطابع غير سلبي لم يكون لها تأثير كبير لأن الناس ستبقى تنظر إليها على أنها مسيئة واستفزازية.. الصور ستستفز الكثيرين، ولكن 99.9% من مسلمي فرنسا تصرفوا بسلمية عند صدور تلك الرسومات في السابق».
وكانت دار الإفتاء المصرية قد حذرت صحيفة «شارلي إيبدو» الفرنسية الساخرة أمس الثلاثاء من «نشر رسوم مسيئة جديدة للنبي محمد ﷺ» كما نددت بهذه الخطط، واصفة إياها بأنها «فعل عنصري يؤجج الصراع بين الشعوب».
وقالت دار الإفتاء المصرية في بيان لها أمس، إن هذا العدد «سيتسبب في موجة جديدة من الكراهية في المجتمع الفرنسي والغربي بشكل عام. كما أن ما تقوم به المجلة لا يخدم التعايش وحوار الحضارات... كما أنها تعمق مشاعر الكراهية والتمييز بين المسلمين وغيرهم»، مضيفة أن إقدام المجلة على هذا الفعل «استفزاز غير مبرر لمشاعر مليار ونصف مسلم عبر العالم يكنون الحب والاحترام لنبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم».
أما على مواقع التواصل الاجتماعي،فقد فعل النشطاء وسم «#أحبك_يا_رسول_الله» أعربوا فيه عن رفضهم النظر إلى إعادة نشر الصور على أنه عمل إيجابي يدعو للوحدة وعن حبهم للنبي، في حين أشار عدد آخر إلى ضرورة الاهتمام بالإشارة الإيجابية الصادرة عن المجلة، والتي تدعو للغفران.
وقال «وسام عبدالوارث» رافضا هذه الرسومات مؤيدا على ما يبدو ما فعله الأخوان كواشي «الأخوان معوذ ومعاذ قتلا أبا جهل لسبه الرسول فاحتفى بهم الصحابة،والأخوان كواشي فعلا نفس الشيء فذهب العرب لمسيرة باريس!».
وناشد الداعية الإسلامي الشهير «عائض القرني» خطباء الجمعة في كل منابر المسلمين «أن يجعلوا الجمعة القادمة عن سيرته العطرة بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم»، بينما غرد إمام الحرم المكي «عبدالرحمن السديس» عبر الوسم قائلا: «حال من يسب النبي محمد كحال الباصق على الشمس ، لا يتعدى رأسهُ حتى يرجع الى وجهه ! صلى الله عليه وسلم».