«ستراتفور»: القرن الأفريقي.. ساحة المنافسة التركية الإماراتية

الجمعة 18 أغسطس 2017 12:08 م

مع وجودٍ قاعدةٍ عسكرية جديدة في الصومال، تعزز تركيا علاقاتها مع الدولة الواقعة في شرق أفريقيا، في حين توسع نطاق نفوذها كقوة إقليمية. ومن المتوقع أن تصل القوات التركية إلى المبنى الذي ظل قيد البناء منذ حوالى عامين في وقتٍ ما من هذا الشهر. ويأتي وصولهم بعد وقتٍ قصير من إرسال القوات التركية إلى قاعدة أكبر في قطر.

وبينما تقوم أنقرة بتشغيل منشآتٍ عسكرية شمالي العراق، فإنّ القواعد القطرية والصومالية هي الأولى من بين منشآتها العسكرية التي تستضيفها الدول المتحالفة معها. وبما أنّ تركيا تسعى إلى تحقيق مصالحها في جميع أنحاء المنطقة، فإنّها ستصطدم بلا شك مع بلدان متقاربة في التفكير مثل دولة الإمارات العربية المتحدة.

وخلافًا للقاعدة في قطر، سيكون المرفق في مقديشو أساسًا للتدريب العسكري، وتدريب الجنود الصوماليين بصفةٍ خاصة. ولا تشمل الخطط الحالية نشر وحدة تركية قادرة على القيام بعملياتٍ عسكرية. وبدلًا من ذلك، سيقوم حوالى 200 جندي تركي بتدريب ما يصل إلى 10 آلاف جندي من الجيش الوطني الصومالي.

تستند العلاقة القائمة منذ فترة طويلة بين أنقرة ومقديشو فقط إلى الأعمال الخيرة التي تقوم بها تركيا. وقد اكتسبت تركيا مكانةً بارزة في الصومال بالأعمال التي تمارسها منظمات الإغاثة التركية، ومستشفى تركيا في مقديشو، وفرص التعليم للمدنيين الصوماليين. لكنّ العلاقة بين تركيا والصومال ترتبط ارتباطًا وثيقًا أيضا بالمصالح الاقتصادية للشركات التركية التي تسعى إلى تطوير وإدارة البنية التحتية في الصومال. فعلى سبيل المثال، تدير شركة «البيرق» التركية ميناء مقديشو، وقدمت الشركات التركية عطاءاتٍ للقيام بنفس الشيء في مدينة كيسمايو الساحلية الجنوبية.

رفيق منافس

غير أنّ تركيا ليست البلد الوحيد الذي يتطلع إلى بناء هذا النوع من العلاقات مع الصومال، وما فتئت الإمارات تتبع نفس النهج. وتدرك كل من تركيا والإمارات أنّ الصومال تطل على بعض ممرات الشحن الرئيسية في العالم، ويرون فرصًا لبناء الموانئ البحرية وغيرها من الهياكل الأساسية للنقل.

ومع هذه العوامل، فضلًا عن حاجة الحكومة الصومالية إلى المساعدة الخارجية، يجعلها ذلك هدفًا منطقيًا للتنمية من جانب الإمارات أيضًا. وعلى سبيل المثال، تدير الشركة الإماراتية «إس كيه إيه» للطيران والخدمات اللوجستية مطار مقديشو، وتنافست شركات الإمارات على تطوير الميناء والمطار في كيسمايو. وفي الواقع، سبقت الإمارات تركيا في الصومال، وكانت تُشغل مركزًا للتدريب العسكري في مقديشو منذ عام 2015. وتعتبر القوات الصومالية التي تدربها الإمارات من أكثر القوات موثوقية وتدريبًا في الجيش الوطني الصومالي النظامي، ولهذا تم إسناد مسؤولية أمن مدينة مقديشو لهم قبل عدة أشهر.

بطبيعة الحال، لا تقتصر المنافسة بين تركيا والإمارات على الصومال. وقد نشرت تركيا نحو 250 جنديًا تركيًا و30 عربةً مدرعة ومدفعية في قطر، ولعبت دورًا في الأزمة الإقليمية التي ضربت مجلس التعاون الخليجي. وقد دعمت تركيا، التي تنافس على مركزٍ مهيمنٍ في المنطقة مع دول الخليج، قطر بالانتشار العسكري، وليس ذلك فقط، بل أيضًا من خلال الدعم الاقتصادي خلال الحظر التجاري الذي نفذه بعض أعضاء مجلس التعاون الخليجي.

ولا يزال الانتشار التركي في قطر في مرحلة مبكرة، بيد أنّ بعض المسؤولين الأتراك اقترحوا أن يصل عدد الجنود الأتراك في قطر إلى 3 آلاف جندي وأن يشمل الوجود التركي العسكري في قطر طائراتٍ مقاتلة وسفنًا بحرية. وإذا فعلت تركيا ذلك، سيكون لها قدرة قتالية جديرة بالملاحظة في الخليج العربي.

الطموحات الإماراتية

وعلى الجانب الآخر، بدأت الإمارات بناء عدة قواعد عسكرية دائمة بالقرب من مضيق باب المندب خلال العام الماضي. وكان الصراع في اليمن محفزًا هامًا لهذه الجهود، على الرغم من أنّ الكمية والطبيعة الدائمة للقواعد تشير إلى أنّ الإمارات تركز بشكلٍ أكبر على موقفها الجيوسياسي على المدى الطويل أكثر من العملية العسكرية قصيرة الأجل.

وعلاوةً على ذلك، تُشغل الإمارات بالفعل قاعدة في إريتريا تعمل كمركزٍ لوجستي للقوات البرية في اليمن، على الرغم من استضافة المنشآت أيضًا للطائرات، وستشمل قريبًا حوضًا لرسو السفن البحرية. وقد لوحظ أنّ الإمارات تشيّد مرافق مماثلة في جزيرة بريم في مضيق باب المندب نفسه، وهناك خطط لإقامة قاعدة في بربرة، في صوماليلاند (أرض الصومال). ومن شأن هذه المواقف مجتمعة أن تمنح الإمارات ثلاث قواعد عسكرية كاملة في مضيق باب المندب أو بالقرب منه، مع توفير إمكانية الوصول إلى البحر الأحمر وخليج عدن. وسيكمل مركز التدريب في مقديشو هذه الشبكة من المناطق، حتى لو لم يكن لديه نفس القدرات العسكرية.

ومع تطوير تركيا والإمارات لعلاقاتهما العسكرية والاقتصادية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشرق أفريقيا، فمن المرجح أن تشتعل منافساتهما العسكرية والاقتصادية بشكلٍ أكبر. غير أنّ الوجود التركي في مقديشو سيعزز، على المدى القصير، استقرار الصومال وقوات الأمن، التي ساعدت الإمارات نفسها في بنائها.

  كلمات مفتاحية

الإمارات تركيا الصومال القرن الأفريقي

الإمارات أنفقت 3 مليارات دولار للإطاحة بـ«أردوغان» وحكومته

تصاعد الحرب الإعلامية بين الإمارات وتركيا يهدد بأزمة دبلوماسية أكبر

إنترست: تقارب تركيا ومصر والخليج يخفف التنافس بالقرن الأفريقي