إرث نتنياهو في أمريكا: تشكيل منظمات صهيوينة جديدة ودفع اليهود لأحضان الجمهوريين

الثلاثاء 17 فبراير 2015 07:02 ص

من هم ضحايا نتنياهو في الولايات المتحدة؟ ليس باراك اوباما، فعلى الرغم من جهود نتنياهو المتواصلة، ما زال اوباما يحتفظ بوظيفته، وما زال محبوبا لدى اكثرية يهود الولايات المتحدة. كذلك فإن نشطاء اليسار ممن يعاروضون "دولة يهودية أيا كان طابعها" ليسوا ضحايا نتنياهو، فجنونه الاستيطاني  هو بالنسبة لهم كنز مساند. "نحن مضطرون لمنح الاعتماد لنتنياهو" هذا ما قاله عمر برغوثي، احد نشطاء (BDS) في كانون اول الماضي، "بدونه لم نكن لنحقق إنجازاتنا الكثيرة".

كلا، ضحايا نتنياهو هم اولئك الذين يقدمون انفسهم باعتبارهم أصدقاءه: زعماء منظمات على شاكلة ايباك، الهيئة ضد التشهير واللجنة اليهودية الامريكية. خطاب نتنياهو المقرر في الكونغرس هو فقط الخطوة الاخيرة في مسلسل الأذى ذلك. هو يدمر المؤسسة اليهودية الامريكية القديمة، ويبني مكانها مؤسسة جديدة.

المؤسسة اليهودية القديمة قامت على التفريق بين الطريقة التي ينظر فيها يهود الامريكان إلى الولايات المتحدة الامريكية، وبين الطريقة التي ينظرون فيها إلى اسرائيل. ففي الولايات المتحدة تعمل الهيئة ضد التشهير "محاربة التعصب وضيق الافق بكافة اشكاله، وتدافع عن القيم الديمقراطية وحقوق المواطنة للجميع"، اللجنة "اليهودية الامريكية" " تهتم بحقوق الانسان والقيم الديمقراطية"، كلا المنظمتين تعملان ايضا لضان حق التصويت للجميع. وحقوق المثليين ومنح المواطنة للمهاجرين غير المسجلين.

حتى أيباك، والتي لا تدعم النظام الليبرالي في الولايات المتحدة، تأسست بشكل اساسي على أكتاف اشخاص يدعمون الليبرالية في الولايات المتحدة، وفي الاجمال، فإن 90% من يهود الولايات المتحدة يؤيدون حق المرأة في الاجهاض، وعدد المصوتين في اوساطهم للحزب الديمقراطي يصل تقريبا ضعف المصوتين للحزب الجمهوري، ولكن فيما يتعلق بإسرائيل فيبدوا بأن المؤسسة اليهودية في امريكيا فقدت حماسها ل"حقوق الانسان والقيم الديمقراطية"، فلم يحدث ابدا ان وجه نقد علني لاسرائيل على انها تغتصب حقوق ملايين الفلسطينيين في الضفة.

ومع السنوات تزايدت الصعوبات في الحفاظ على ازدواجية النظرة الاخلاقية هذه. الشبان اليهود الامريكان – باستثناء المتدينين – هم الأن أقل تعصبا قبليا مما كانوا عليه في السابق، وما عادوا يشعرون بالخوف كما شعر سابقيهم، وهم أقل ميلا لإعفاء إسرائيل من الالتزام بالتطلعات الكونية التي تعلي حقوق الانسان، والتي وفقا لها ينظرون لوطنهم.

التغيرات بين الاجيال تضع الصعوبات أمام المنظمات اليهودية العريقة. ونتنياهو يساهم في زيادة الصعوبة. المؤسسة اليهودية الامريكية تعمل على توليد شعور الراحة لدى اليهود الديمقراطيين عندما يدعمون اسرائيل. ولكن من الصعب جدا فعل ذلك عندما يقوم رئيس وزراء اسرائيل بالتحالف مع الجمهوريين ضد الرئيس الديمقراطي. عندما يضطر اليهود الامريكان للاختيار بين أوباما وبين نتنياهو.هذا ما يؤدي إلى إضعاف المنظمات اليهودية، والتي تاسست على فرضية أن بإمكان اليهود دعم كلاهما.

ليس فقط نتنياهو يؤيد الجمهوريين، الآن يجري اقامة بنية يهودية جديدة تحيط به، يتم التحكم بها من قبل الجمهوريين وتضم الائتلاف اليهودي الجمهوري ومنظمة صهيونيي امريكا، وفي مركز هذه البنية راعي نتنياهو، شيلدون أدلسون. في حين ان المؤسسة اليهوديةالقديمة في المقابل تعمل على دعم سياسات اسرائيل اللا تسامحية وفي نفس الوقت تشجيع التسامح داخل الولايات المتحدة، المؤسسة اليهودية – اميريكية الجيديدة هي اسلاموفوبيا مكشوفة. ادلسون على سبيل المثال قال بأن "المسلمون يريدون قتل كل اليهود."

على النقيض من المؤسسة اليهودية القديمية، والتي تستند على اليهود الديمقراطيين، المؤسسة اليهودية الجديدة تعمل على إقصائهم. في اجتماع احتفالي اقيم عام 2014 قدمت منظمة صهيونية امريكية جائزة شرف لتيد كروز، وكانت في عام 2013 قد فعلت ذلك مع ميشيل بيكمان ومايك هاكبي – وجميعهم سياسيون ممقوتون من قبل اليهود الامريكيين. وفي الواقع، يتحفظ اليهود الامريكان من أدلسون بنسة ثلاثة إلى واحد. وفقا لاستبيان جرى مؤخرا بواسطة جي ستريت.

التفريق الاخلاقي هذا، والتي شكلت خلال سنوات القاعدة للحياة اليهودية المنظمة في أمريكيا، تتلاشى بالتدريج، اليهود الامريكان الليبراليون تتزايد لديهم الانتقادات والملاحظات عل سياسة إسرائيل، اما اليهود الامريكان الذين يدعمون سياسات اسرائيل بلا تحفظ، يتزايد لديهم التأييد للنظام اللا ليبرالي في الولايات المتحدة.

هذا هو، بين أشياء أخرى، إرث نتنياهو في الولايات المتحدة: هو يقوي اليمين اليهودي، كما يقوي اليسار اليهودي، أما ضحاياه فهم أولئك الذين يعيشون في الوسط.

المصدر | هآرتس العبرية | ترجمة المصدر السياسي

  كلمات مفتاحية

إسرائيل الولايات المتحدة يهود أمريكا المنظمات اليهودية القديمة الديمقراطيون السياسات الليبرالية سياسات الاحتلال الاسرائيلي نتنياهو منظمات صهيوينة جديدة الجمهوريون

«نتنياهو» يغامر بعلاقته بالحليف الأمريكي أبرز افتتاحيات الصحف الإماراتية

مواجهة بالبث الحي والمباشر بين نتنياهو وأوباما

يهود أميركا ينذرون نتنياهو: لا تُلقِ الخطاب!

«نتنياهو»: الشعب الإسرائيلي يواجه خطراً وجودياً بسبب اتساع سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية»

الكنيست: تأجيل «يهودية إسرائيل».. وتأخير انفجار حكومة «نتنياهو»

وزير خارجية إسرائيل:لا قيود على البناء الاستيطاني بالقدس الشرقية

يهود أوروبا لـ«نتنياهو»: (إسرائيل) ليست أكثر أمنا

«كيري» يشكك بقدرة «نتنياهو» على تقدير الامور وسط تفاقم الخلاف بين الجانبين