هل يخاطر أوباما بصدام عسكري مع روسيا؟

الخميس 19 فبراير 2015 07:02 ص

في أيام الحرب الباردة، التزم الرؤساء الأمريكيون بقاعدة غير مكتوبة: لا تتحدوا موسكو في دائرة نفوذها في أوروبا الوسطى والشرقية. وأثناء الأزمات حول برلين في 1948 و،1961 والثورة المجرية في ،1956 وغزو حلف وارسو لتشيكوسلوفاكيا في ،1968 بقيت القوات الأمريكية في أوروبا داخل ثكناتها.

وقد كنا نعتبر نهر الألب (عبر تشيكوسلوفاكيا وألمانيا) الخط الأحمر لموسكو، وهم أيضاً اعتبروه خطنا الأحمر، والرئيس رونالد ريغان، أرسل أسلحة إلى المتمردين المعادين للشيوعية في انغولا، ونيكاراغوا وأفغانستان، بينما لم يرسل إلى البولنديين المنتفضين في مدينة غدانسك سوى آلات ناسخة.

وهذا الحذر والتعقل قد يكون وصل إلى نهايته الآن. ذلك أن الكونغرس، والليبراليين دعاة التدخل في الحزب من ديمقراطيين وجمهوريين يحضون الرئيس أوباما على إرسال أسلحة فتاكة إلى أوكرانيا لدعمها في حربها الأهلية ضد الانفصاليين الموالين للروس. وفي أواخر العام الفائت، أرسل الكونغرس إلى أوباما مشروع قانون يجيز تقديم مساعدات فتاكة إلى كييف، فوقعه. والآن، تقول "نيويورك تايمز" إن قائد قوات حلف الأطلسي الجنرال "الأمريكي" فيليب بريدلوف يؤيد تقديم مساعدات عسكرية إلى أوكرانيا، وكذلك وزير الدفاع. وتفيد تقارير أن وزير الخارجية جون كيري ورئيس الأركان الجنرال مارتن ديمبسي منفتحان على الفكرة.

وتقديم مثل هذه الأسلحة سيضمن تصعيد الحرب، ويضع الولايات المتحدة في قلب الصراع، ويدفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الرد.

وحتى الآن، ينفي بوتين تدخله، ولو أن هناك أدلة على وجود مستشارين روس في أوكرانيا، ولكن إذا بدأت طائرات الشحن الأمريكية تصل إلى كييف وهي محملة بأسلحة فتاكة، فسوف يواجه بوتين خيارات عدة.

ربما يتراجع، ويتخلى عن الانفصاليين، وعندئذ سينظر إليه على أنه مجرد متنمر لا يدافع عن الروس في كل مكان.

ولكن ما يتلاءم أكثر مع شخصيته، هو أنه سيعتبر التدخل الأمريكي تحدياً، فيرسل مدرعات ومدفعية لتمكين المقاتلين الانفصاليين من تعزيز مكاسبهم. وفي حال بدا أن الانفصاليين قد يهزمون، فسوف يوجه إنذاراً إلى كييف بأن روسيا ستتدخل عسكرياً.

أو من الممكن أن يأمر بوتين الجيش الروسي بدخول أوكرانيا قبل أن تصل الأسلحة الأمريكية، من أجل السيطرة على مدينة ماريوبول الاستراتيجية، وإقامة ممر بري يربط الأراضي الروسية بشبه جزيرة القرم، ثم يبلغ كييف أنه جاهز للتفاوض.

فماذا سنفعل عندئذ؟ هل سنرسل مستشارين عسكريين أمريكيين ليقاتلوا إلى جانب الأوكرانيين، ما سيؤدي إلى تصعيد الحرب وتزايد الخسائر البشرية؟ أم نرسل سفناً حربية أمريكية إلى البحر الأسود؟ هل فكرنا في كل ذلك ملياً؟

أمريكا لم تكن لها أبداً يوماً مصلحة حيوية في القرم أو في حوض دونباس (شرق أوكرانيا) تستحق الدخول من أجلها في اصطدام عسكري مع روسيا. وعلى كل حال، لن تكون لدينا القدرة العسكرية على التدخل وطرد الجيش الروسي، إلا إذا كنا مستعدين لخوض حرب أوسع نطاقاً، مع ما يستتبع ذلك في تدمير أوكرانيا.

وكيف كان ايزنهاور، وكينيدي، ونيكسون وريغان سينظرون إلى رئيس أمريكي مستعد للمخاطرة بنزاع عسكري مع روسيا المسلحة نووياً حول مقاطعتين في جنوب شرق أوكرانيا كانتا في الواقع جزءاً في روسيا منذ أيام الإمبراطورة كاترين الثانية؟

إن ما يحدث في أوكرانيا الآن لهو مأساة وكارثة، ونحن مسؤولون جزئياً عن ذلك، كوننا دبرنا الانقلاب الذي أسقط الحكومة الأوكرانية الموالية لروسيا.

ولكن كارثة أكبر ستلوح في الأفق إذا ورطنا أنفسنا في الحرب الأهلية الأوكرانية، وسوف نواجه، أولاً، هزيمة شبه مؤكدة لحلفائنا الأوكرانيين، إن لم يكن لأنفسنا أيضاً. وثانياً، سندفع روسيا أكثر بعيداً عن أوروبا والغرب، بحيث لن يكون أمامها بديل آخر سوى تعميق روابطها مع الصين الصاعدة.

وبدلاً من أن نصبح طرفاً محارباً في حرب أهلية ليست حربنا، لماذا لم تضطلع الولايات المتحدة بدور الوسيط النزيه الذي ينهي هذه الحرب؟ أليس بهذه الطريقة يتحقق السلام الحقيقي؟

* باتريك بيوكانن سياسي وكاتب أمريكي محافظ ومترشح سابق للرئاسة الأمريكية. 

  كلمات مفتاحية

أمريكا أوباما مخاطر صدام عسكري روسيا أوكرانيا الحرب الأوكرانية

«أوباما» يطلب تفويضا لمحاربة «الدولة الإسلامية» والجمهوريون ينتقدون تقييده العمليات البرية

أوكرانيا تتخلى عن حيادها .. طريق «الناتو» أقرب من روسيا

«أوباما» يعترف: خفض أسعار النفط «قرار سياسي» لإضعاف روسيا

أمريكا تؤكد: «الأسد قاتل وفقد الشرعية» .. وروسيا تُجيب: «ندعم بشار لمحاربة الإرهاب»

روسيا تهون من تعاونها مع أمريكا ضد تنظيم «الدولة الاسلامية»

اتفاق أمريكا وروسيا على تبادل المعلومات عن الدولة الإسلامية كعدو مشترك

«أوباما» يدفع المنطقة نحو الهاوية

حروب محدودة بحسب الطلب

روسيا والجبهة الأميركية الأطلسية