هل يبتز «ترامب» أموال الخليج بتهديدات الرحيل من سوريا؟

الأربعاء 25 أبريل 2018 11:04 ص

أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، حول مطالبته من دول الخليج دفع مزيد من الأموال لبقاء قواته في سوريا -الجدل حول ابتزاز «ترامب» لهذه الدول التي طالما جعلها هدفا له منذ وصوله للسلطة.

وطالب الرئيس الأمريكي، أمس الثلاثاء، في مؤتمر صحفي جمعه بنظيره الفرنسي «إيمانويل ماكرون»، دولا خليجية بأن تزيد مساهماتها المالية من أجل طرد «الإرهابيين» في سوريا.

وقال «ترامب»: «لن نستمر بدفع مليارات الدولارات والمخاطرة بجنودنا دون أن نتلقى مقابلا لذلك، نريد عودة جنودنا من سوريا ولكن نريد أيضا أن نحقق نتائج قوية هناك»، داعيا «دولا أخرى لإرسال قواتها إلى سوريا».

وأضاف: «أرغب في سحب قواتنا من سوريا لكننا لا نريد إتاحة المجال لإيران للاستفادة من ذلك، على دول خليجية أن تزيد في مساهماتها المالية من أجل طرد الإرهابيين من سوريا».

وتابع الرئيس الأمريكي: «دفعنا 7 تريليونات دولار خلال 18 عاما في الشرق الأوسط وعلى الدول الثرية دفع مقابل ذلك»، لافتا إلى أن «هناك دولا لن تبقى لأسبوع واحد دون حمايتنا وعليها دفع ثمن لذلك».

وفي الفترة الأخيرة كان «ترامب» دائما ما يلمح إلى الرحيل من سوريا أو الدعم المادي، رغم نفي الإدارة الأمريكية فكرة الرحيل من سوريا.

وكان «ترامب» قد ألمح سابقا لهذه الفكرة، لكنه كشف النقاب عنها في مؤتمر مطلع الشهر الجاري وقال صراحة إن «السعودية مهتمة جدا بقرارنا»، وأضاف: «حسنا، إذا كانت الرياض ترغب ببقائنا في سوريا، فيجب عليها دفع تكاليف ذلك».

غير أن «البنتاغون» أكد أن المهمة العسكرية الأمريكية في سوريا لم تتغير وأن العسكريين الأمريكيين باقون في هذا البلد في الوقت الحاضر.

وقالت المتحدثة باسم البنتاغون «داينا وايت»: «هدفنا في سوريا هزيمة تنظيم الدولة الاسلامية»، مضيفة: «تلك المهمة لم تتغير».

ابتزاز السعودية

بدورها، اعتبرت أوساط أمريكية، التصريحات الأخيرة للرئيس «دونالد ترامب» حول سحب القوات الأمريكية المحتمل من سوريا، «ابتزازا» واضحا للسعودية.

ورجح موقع «ديلي بيست» الأمريكي، أن «ترامب يخلق الكثير من الالتباس حول انسحاب القوات الأمريكية من سوريا بهدف ابتزاز السعودية وسحب الأموال منها مقابل تقويض النفوذ الإيراني في البلد الذي أنهكته الحرب منذ العام 2011».

كما وجهت مجلة«The American Conservative»  انتقادات لاذعة لتصريحات «ترامب»، قائلة: «يبدو أن حماية حياة الجنود الأمريكيين والمصالح الأمريكية لا تهم ترامب طالما أن هناك من يدفع الثمن».

وأضافت أن «هذا يعني أن ترامب يعتقد أن خدمات الجيش الأمريكي متاحة للاستئجار».

وأردفت المجلة الأمريكية أن «ترامب لا يكترث إن كان البقاء في سوريا يجعل أمريكا أكثر أمنا، لكه يركز فقط على ما إذا كان هناك طرف آخر يرغب في دفع الفاتورة».

وما يؤكد عدم عزم «ترامب» عن الانسحاب العسكري من سوريا، هو موافقته على إبقاء القوات الأمريكية في سوريا 6 أشهر أخرى، كما أن «ترامب»، لم يصدر بعد أمرا رسميا بخصوص سحب القوات، ولم يقدم جدولا زمنيا لعملية الانسحاب للرأي العام.

ورغم طرح فكرة إنشاء «قوة عربية مشتركة» في سوريا غير أنه من المرجح أنها لن ترى النور، ولن يتم إرسال جنود من الدول العربية والاكتفاء بقيام هذه الدول بتقديم الدعم المالي والعسكري لـ«قوات سوريا الديمقراطية» لتخفيف الأعباء عن الولايات المتحدة وتحقيق رؤية الرئيس الأمريكي في تقليل كلفة الوجود العسكري الأمريكي المالية

كما أنّ الخيار العملي الآخر البديل عن القوّة العربية، قد يكون ما ناقشه «إريك برنس» مؤسس شركة «بلاك ووتر» مع مسؤولين عرب، وتجنيد مقاتلين من الدول النامية والفقيرة على أن تتكفل الدول «المكلفة» بتحمل النفقات المالية.

وليس من الواضح أن جميع، أو معظم، الدول «المكلفة» لديها ما يكفي من الرغبة لإرسال جنودها إلى سوريا في مرحلةٍ متأخرةٍ باتت محاور الصراع الإقليمي والدولي أكثر استقطابا، وأقرب إلى مسار الصدام المسلح على الأراضي السورية، خاصة بين إيران و(إسرائيل).

وستجد «القوّة العربية البديلة» نفسها في بيئةٍ عدائية مكتملة الأركان تتشكل من قوات «الحشد الشعبي» العراقي الحليفة لإيران على جانبي الحدود العراقية السورية، وعشرات المجموعات الشيعية المسلحة الحليفة لإيران على الأراضي السورية، واحتمالات الصدام مع الجنود السعوديين تبعا لحالة «العداء» السعودي الإيراني.

مصالح أمريكية في سوريا

وما يعزز فكرة عدم الانسحاب الأمريكي من سوريا، هو خوفها من أن يكون فرصة لتركيا كي تهيمن على الشمال السوري.

ومطلع الشهر الجاري، بدأت القوات الأمريكية بتعزيز مواقعها العسكرية وتحصيناتها في مدينة منبج شمالي سوريا، لمواجهة أي عملية تركية محتملة قد تشمل المدينة في إطار مكافحة الإرهاب.

وأشارت مصادر محلية إلى أن التعزيزات شملت نحو 300 عسكري وعددا كبيرا من العربات المدرعة والمعدات الثقيلة، ووصلت إلى المنطقة الفاصلة بين مدينة منبج ومنطقة «درع الفرات» في ريف حلب الشمالي، قادمة من القاعدة العسكرية الأمريكية في بلدة صرين.

وتدير الولايات المتحدة حاليا، ثلاث نقاط مراقبة على الخط الفاصل بين منطقة «درع الفرات» والمناطق الواقعة تحت سيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردية، في قرى توخار وحلونجي ودادات.

وبدأ الجيش الأمريكي خلال الأيام الثلاثة الأخيرة في منطقة انتشاره، تسيير دوريات على طول نهر الساجور والحدود السورية التركية.

يشار إلى أن تركيا تطالب الولايات المتحدة بإخراج المقاتلين الأكراد من مدينة منبج ذات الغالبية العربية، وتسليم المنطقة إلى أصحابها الحقيقيين.

من جانبه، قال وزير الخارجية الروسي «سيرغي لافروف» إن الولايات المتحدة لا تنتوي مغادرة سوريا، رغم تأكيد الرئيس الأمريكي وجود «نية وخطط لمغادرة ذلك البلد وإعادة قواته إلى أرض الوطن».

وعبر «لافروف»، في تصريحات صحفية خلال وجوده بالعاصمة الصينية بكين، عن أمله أن يصبح الأمر أكثر وضوحاً، إزاء كيفية التعاون لتسوية القضية السورية بعد اتصالاته مع نظيره الفرنسي، بحسب ما ذكرت وكالة الإعلام الروسية.

وقال «لافروف»، حينها: «لاحظنا في الأشهر الأخيرة، أن الولايات المتحدة أخذت ترسخ تواجدها بشكل جدي على الضفة الشرقية للفرات، وعلى مساحات كبيرة من الأراضي السورية حتى الحدود مع العراق».

وتابع: «واشنطن لا تنشر قواتها وتعزز منشآتها ومواقعها العسكرية هناك فحسب، بل ترعى تشكيل هيئات سلطة محلية خاضعة لها وتحصل على التمويل منها».

وتقود الولايات المتحدة منذ أواخر 2014 تحالفا عسكريا دوليا ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، لكن المكاسب المستمرة التي حققها التحالف ضد الجهاديين تعرقلت في الأسابيع الأخيرة بعد أن حوّل المقاتلون الأكراد المدعومون من الولايات المتحدة تركيزهم من محاربة الجهاديين إلى محاربة القوات التركية في منطقة عفرين في شمال سوريا.

  كلمات مفتاحية

سوريا السعودية أمريكا ترامب الحرب السورية ابتزاز ترامب أموال الخليج

بالفيديو.. قطر تعتبر تصريحات «الجبير» استغباء للرأي العام العربي

«واشنطن بوست»: «ترامب» قصد السعودية والإمارات بتصريحاته عن الخليج