«فوربس»: قطر تنتصر بعد عام من الأزمة الخليجية

الجمعة 18 مايو 2018 03:05 ص

 مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى للحظر التجاري المفروض على قطر من قبل السعودية والبحرين والإمارات ومصر، لا يوجد ما يشير إلى انتهاء عدائهم تجاه الدوحة قريبا. ومع ذلك، فإن الأخيرة -وفق رأي كثيرين- تعاملت مع الأزمة بشكل جيد.

وفي الواقع، هناك ضغوط متزايدة على الدول الأربع؛ لتبرير سياستهم ضد قطر أو التراجع عن ذلك.

وقد بدأ الحظر في أوائل يونيو/حزيران 2017؛ حين قطعت دول الحصار جميع العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية مع الدوحة، وسط مزاعم وادعاءات عن «دعم قطر للإرهاب».

وآنذاك، كان هناك بعض القضايا التي توجب على الدوحة التعامل معها على الفور.

إذ وجدت شركة الطيران الوطنية، الخطوط الجوية القطرية، أن الممرات الجوية الثمانية عشر -التي كانت تستخدمها- تم قصرها على مسارين فقط؛ حيث تم منعها من الطيران عبر المجال الجوي للبحرين والسعودية والإمارات.

واليوم، ما زالت الخطوط القطرية تسلك طرقا طويلة بديلة؛ ما أدى إلى زيادة أوقات وتكاليف رحلاتها، ودفعها إلى خسارة «كبيرة» لهذا العام.

لكن مناطق أخرى من الاقتصاد القطري كان أداؤها أفضل.

وكما لاحظ صندوق النقد الدولي في استعراض للاقتصاد القطري في مارس/آذار الماضي، تم إنشاء طرق تجارية جديدة بسرعة، مع سلطنة عمان وتركيا وإيران وغيرها، وتكييف النظام المصرفي في جزء منه من خلال المساعدات الحكومية.

وبالفعل، دفع النزاع السلطات القطرية إلى إجراء إصلاحات مفيدة كان يمكن أن تتجنبها. ومن ذلك -على سبيل المثال- تخفيف شروط التأشيرة لتشجيع الزوار، وتنويع الشركاء التجاريين.

وعن تلك الإصلاحات، قال صندوق النقد الدولي في استعراضه: «لقد كان الصدع الدبلوماسي بالنسبة لقطر حافز لتعزيز الإنتاج المحلي من الغذاء والابتعاد عن سياسة الاعتماد على مجموعة صغيرة من البلدان».

ويقول مراقبون آخرون إن البلاد تعاملت بشكل جيد مع ما كان يمكن أن يكون أزمة قاتلة.

وفي هذا الصدد، يقول الخبير في وكالة «موديز»، «أليستير ويلسون»: «لقد شهدنا مرونة الاقتصاد القطري. وعلى الأقل مما رأيناه حتى الآن، فإن التأثير لا يقترب كثيرا مما كنا نعتقد».

كما يمكن القول أن الدوحة لعبت لعبة دبلوماسية أكثر هدوءا من منافسيها. وقدم الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» في البداية دعما خطابيا لموقف الرباعي، التي تقوده السعودية، لكن في الأشهر اللاحقة، تبنت الولايات المتحدة موقفا بدا أكثر تعاطفا مع قطر، التي تعد موطنا لقاعدة عسكرية أمريكية ضخمة. ومع استمرار الخلاف نفد صبر واشنطن، ودعت الرياض لإيجاد مخرج من النزاع.

وإلى جانب الاستجابة السريعة من الحكومة القطرية، كان هناك عدد من الأسباب التي جعلت تأثير الحظر أقل مما كان متوقعا.

وكبداية، ظلت بقية دول مجلس التعاون الخليجي بعيدة كل البعد عن الاتحاد. وبينما فرضت البحرين والسعودية والإمارات حظرها التجاري، بقي عضوان آخران في الكتلة، وهما عمان والكويت، بعيدين عن المعترك، وواصلا الحديث والتداول مع جميع الأطراف.

إضافة إلى ذلك، لم تكن دول مجلس التعاون الخليجي الثلاث التي تقف في مقدمة النزاع حاسمة بالقدر الذي بدت عليه في البداية.

إذ استمر الغاز الطبيعي في التدفق عبر خط أنابيب دولفين من قطر إلى الإمارات، ومن ثم إلى سلطنة عمان؛ مما يوفر الوقود اللازم لهذه الدول.

كما واصلت الإمارات وقطر التعاون في حقل «بندق»، وهو حقل النفط البحري المشترك. وفي مارس/آذار، تم تجديد اتفاقية الامتياز في هذا الحقل مع اتحاد شركات ياباني.

استمرار جهود الوساطة

وفي الوقت نفسه، تستمر الجهود لحل النزاع، بقيادة الكويت.

وفي الأيام الأخيرة، أرسل أمير الكويت الشيخ «صباح الأحمد الجابر الصباح» مبعوثين إلى جميع عواصم دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، لكن ليس هناك أي إشارة إلى جدوى هذا التحرك الدبلوماسي.

واعترف سفير الكويت في المملكة المتحدة، «خالد الدويسان»، بعدم إحراز أي تقدم، عندما تحدث في المنتدى السنوي لمنطقة الخليج وشبه الجزيرة العربية في جامعة أكسفورد في 12 مايو/أيار.

وقال: «هناك علامات قليلة على أن أي من السعوديين أو القطريين على استعداد للاعتراف بقوة حجج الطرف الآخر. وفي الواقع، يبدو أن الحملة الإعلامية بين الجانبين ازدادت سوءا، وهذه مشكلة لنا جميعا».

وعلى الرغم من ذلك، يبدو أن الكويت عازمة على الاستمرار في محاولة وضع حد لما وصفه «الدويسان» بأنه «مواجهة لا طائل من ورائها».

وقال في الاجتماع الذي عقد في أوكسفورد إن الكويت «تعتقد أن القضايا يمكن ويجب أن تتم تسويتها عن طريق المفاوضات، وسنستمر في العمل بهدوء ولكننا نتخبط خلف الكواليس للسماح بالحل الوسط الذي ينقذ ماء الوجه، والذي نأمل أن نعيد به العلاقات الطبيعية بين قطر وجيرانها».

كما تواصل واشنطن الضغط من أجل التوصل إلى حل. وأجرى وزير الخارجية «مايك بومبيو»، مؤخرا، اتصالا هاتفيا مع وزير الخارجية القطري الشيخ «محمد بن عبد الرحمن»، في 16 مايو/أيار، أكد فيه على «رغبة ترامب في رؤية نهاية للخلاف الخليجي؛ لأنه لا يفيد سوى إيران».

مخاوف الولايات المتحدة

وتعد القضية الأخيرة عنصرا مهما، بالنظر إلى أن الولايات المتحدة تحاول زيادة الضغط على إيران.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعلن «ترامب» انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني وإعادة فرض العقوبات على طهران.

وجاء رد فعل حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط متباينا بشكل واضح. ففي حين دعمت السعودية والإمارات والبحرين القرار، كان آخرون أكثر انتقادا، بما في ذلك العراق التي قالت إنها «تأسف» لتحرك «ترامب».

كما عارضت قطر الخطوة؛ إذ إنها تجعل الأمور أكثر صعوبة بالنسبة لها، بالنظر إلى علاقاتها الاقتصادية المزدهرة مع إيران، وتشارك البلدين في ملكية حقل غاز ضخم.

كما أن قدرة الولايات المتحدة على حشد التأييد لسياستها بشأن إيران تضررت بقرار نقل سفارتها في (إسرائيل) إلى القدس، وهي خطوة قوبلت بالإدانة في بقية أنحاء الشرق الأوسط.

ولا تساعد كذلك التغييرات المتكررة لكبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية والفشل في تعيين سفراء للعديد من العواصم الخليجية على حل هذه المسائل، فهناك حاليا 9 شواغر بين السفراء الأمريكيين في الشرق الأوسط، بما في ذلك المناصب في مصر والأردن وقطر والسعودية والإمارات.

وفي حين أن الموجة الأخيرة من الاضطراب الدبلوماسي في المنطقة هي في جزء كبير نتيجة القرارات التي اتخذت في واشنطن، فإن الولايات المتحدة ستجد المنطقة أسهل قليلا للتعامل معها إذا تم حل نزاع قطر.

ومع ذلك، وبالنظر إلى الراحة النسبية التي تعاملت بها مع الحظر حتى الآن، فإن قطر ليست مضطرة لتقديم أي تنازلات مهمة لمعارضيها.

الجانب الآخر من النزاع، لا يظهر أي إشارة على إمكانية التراجع.

إذ سبق أن وصف وزير الخارجية السعودي، «عادل الجبير» الأزمة الخيلجية بأنها أمر «صغير للغاية» مقارنة بالتحديات الأخرى في المنطقة، مما يشير إلى أن الرياض لا تفكر في الحل.

وبالنظر إلى كل ذلك، من المرجح أن يتم اتخاذ المزيد من الضغوط الخارجية لإجبار كلا الجانبين على الجلوس على طاولة المفاوضات.

وبالطبع، فإن الجهة التي ستمارس هذا الضغط هي الولايات المتحدة.

ولو لم تحل الأزمة فقد تزداد خطورة؛ خاصة أن كلا الطرفين وجها لبعضهما اتهامات بالتحرش بالطيران المدني، وانتقل التنافس بينهما من منطقة الخليج إلى شرق أفريقيا.

 

  كلمات مفتاحية

قطر الإمارات البحرين مصر حصار قطر الأزمة الخليجية فوربس

«الكواري»: دول الحصار فقدت البوصلة.. والإمارات رأس الحربة

«النقد الدولي» يتوقع آفاقا إيجابية للنمو الاقتصادي في قطر