مع الملك «سلمان».. قد تختلف مصالح السعودية مع «السيسي»

الثلاثاء 10 مارس 2015 08:03 ص

تتجه المملكة العربية السعودية تحت حكم عاهلها الجديد الملك «سلمان بن عبدالعزيز» فيما يبدو نحو تحسين العلاقات مع كلٍ من تركيا وقطر وتليين موقفها مع «الإخوان المسلمين» سعيًا وراء تقويض إيران؛ وهي الخطوة التي قد تضع ضغوطًا على حليفتها مصر للتصالح مع معارضيها هي الأخرى.

ورغم ذلك؛ تهدد تلك الضغوط بحدوث تصدعات في التحالف بين القاهرة والرياض، أقوى دولتين سنيتين في منطقة الشرق الأوسط، وذلك بعد فترة من تعزيز التعاون بينهما تحت حكم العاهل الراحل الملك «عبدالله بن عبدالعزيز» ضد المتشددين وجماعة «الإخوان المسلمين» ونفوذ الشيعة الإيرانيين في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

وبدا الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» حتى الآن مُقاومًا لأي تصالح مع تركيا وقطر، أكبر داعمتين في المنطقة لجماعة «الإخوان المسلمين» التي تُوصف بالعدو الأول لـ«السيسي»، لاسيما أن صعوده للرئاسة جاء بعد أن قاد عملية إطاحة الجيش بالرئيس الإسلامي السابق «محمد مرسي» في 3 يوليو/تموز 2013، وقاد «السيسي» منذ عزل «مرسي» حملة أمنية شرسة ضد الإسلاميين، محاولا سحق جماعة «الإخوان» ومُصنّفًا إياها تنظيمًا إرهابيًا، في الوقت الذي تقوم فيه وسائل الإعلام المصري باتهام تركيا وقطر بمحاولة زعزعة استقرار البلاد من خلال دعم جماعة «الإخوان».

ويبدو أن الملك السعودي الجديد – سلمان - الذي تولى الحكم بعد وفاة أخيه غير الشقيق يوم 23 يناير/كانون الثاني الماضي يرى أن التهديد الأكبر هو إيران والجماعات المتطرفة مثل تنظيم القاعدة وتنظيم «الدولة الإسلامية»، أما تركيا وقطر قد تمثلان دفعة لتشكيل جبهة معارضة ضد هؤلاء الخصوم.

ومن جانبه؛ قال «براين داونينج» - المحلل السياسي والعسكري الأمريكي - «قد تشعر الحكومة السعودية الجديدة والملك الجديد أن الطرق القديمة لا تُجدي نفعًا».

وكان كلٌ من الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» ونظيره التركي «رجب طيب أردوغان» في المملكة العربية السعودية الأسبوع الماضي، وقابل كل منهما العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبدالعزيز» بشكل منفصل دون أن يلتقيا، وقال «أردوغان» بعدها للصحفيين إن «مصر والسعودية وتركيا – الثلاثي – هي الدول الأكثر أهمية في المنطقة، وجميعها لديها واجبات لتطبيق السلام والهدوء والرفاهية في المنطقة».

ووفقًا لمسئولين مصريين مُطلعين على المحادثات - رفضوا الكشف عن هويتهم لأنهم غير مخولين بالتحدث إلى الإعلام - ناقش الملك «سلمان والرئيس «السيسي» مسألة العلاقات المصرية مع قطر وتركيا؛ حيث أخبر «السيسي» «سلمان» أن سياسات تركيا وقطر تستمر في نشر العنف والإرهاب في المنطقة.

وكان «السيسي» قد قال قبل زيارته إلى السعودية: «أريد أن أخبر أشقائنا في السعودية الذين يستمعون إلينا: تخيل أن هناك شخصًا يحاول تدمير دولة ذات تعداد سكان يبلغ 90 مليون نسمة، ماذا تعتقد أن يكون رد فعل الشعب على ذلك؟»؛ في إشارة إلى جماعة «الإخوان المسلمين» وداعميها الأجانب.

وكجزء من تحالفهما المتنامي؛ أعطت المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى مليارات الدولارات لمصر دعمًا لاقتصادها المهتريء، ومع ذلك كانت هناك اختلافات بين مصر والمملكة العربية السعودية؛ وعلى الأخص فيما يتعلق بسوريا، وتسعى المملكة العربية السعودية لإزالة الرئيس السوري «بشار الأسد» المدعوم من إيران، وهذا هو أحد أسباب لتوحيد جهودها مع قطر وتركيا اللتين تدعمان الفصائل المحاربة لـ«الأسد».

وفي الوقت ذاته؛ فإن «السيسي» تجنب باستمرار الإشارة إلى موقف مصر من رحيل أو بقاء «الأسد» في السلطة، واستهل «السيسي» العام الجاري بمصالحة عامة وعلانية مع قطر، لكن سرعان ما عاد الجليد ليتساقط على العلاقة المصرية القطرية مُجددًا.

ومع العاهل الجديد في الرياض؛ بدأت الحكومة السعودية تكشف النقاب شيئًا فشيئًا عن خططها، تاركة المُعلقين الإعلاميين المقربين من الأسرة الحاكمة يسوقون المبررات وراء كل خطوة أو تمهيدًا لما هو آتٍ.

وأعلنت صحيفة «عكاظ» السعودية الموالية للدولة - على سبيل المثال - الأسبوع الماضي أن العلاقات السعودية - المصرية «دخلت مُنعطفًا جديدًا»، وأضافت أن المملكة تسعى إلى «تحقيق وجهات نظر أوثق بين الشقيقة مصر ودول أخرى في المنطقة بما يحقق خير ومصلحة الجميع».

وقال «محمد زلفى» - عضو سابق في مجلس الشورى الاستشاري في المملكة العربية السعودية – لأحد الصحف السعودية أن المملكة تريد علاقات عربية تركية أفضل بشكل مُوسع حيث إن «التقارب في وجهات النظر مع تركيا من الممكن أن يقلل من التوسع الإيراني ويحدّ من نفوذ طهران».

لكن ثمن أي تحسن في العلاقات مع تركيا وقطر من المحتمل أن يؤدي إلى تخفيف الحملة ضد جماعة «الإخوان المسلمين»، وتبنى الملك الراحل «عبدالله» موقفًا متشددًا ضد الجماعة في أعقاب إقدام القاهرة على وصف الجماعة الإسلامية - البالغة من العمر 87 عاما - بأنها منظمة «إرهابية».

وبعد فترة وجيزة من وفاة الراحل «عبدالله» ظهرت تلميحات بنهج جديد، فقد قال وزير الخارجية السعودي الأمير «سعود الفيصل» لصحيفة «الجزيرة» السعودية أن المملكة «لا توجد لديها مشكلة مع جماعة الإخوان المسلمين»، لكن فقط مع بعض الأعضاء الذين يعلنون الولاء للمرشد العام لـ«الإخوان».

وحذر «خالد الدخيل» - أحد كتّاب الأعمدة في صحيفة «الحياة» التي تملكها العائلة المالكة في السعودية - من أن مصر لا ينبغي أن تنتظر «شيكًا على بياض» أو تتجاهل مصالح الرياض، لا يحقّ للمصريين أن يقولوا للسعوديين لا توثقوا علاقاتكم مع تركيا لمجرد أن أنقرة تدعم جماعة «الإخوان».

وكتب «الدخيل»: «وستواصل المملكة العربية السعودية تحركاتها تجاه تركيا بما يخدم التوازنات الإقليمية في هذا الوقت تمامًا كما تتحرك مصر لخدمة مصالحها»، مُشيرًا إن القاهرة تبالغ في حجم قضية «الإخوان المسلمين» بسبب عدم وجود «مشروع سياسي وفكري» يمكن للمصريين أن يلتفوا حوله.

ورفض «السيسي» بشدة أي تلميحات بأن العلاقات مع السعوديين تعاني منذ وفاة «عبدالله»، وفي خطاب يوم 22 فبراير/شباط للأمة، سعى «السيسي» لطمأنة السعودية وحلفائها في الخليج العربي وأعلن احترام القاهرة وعبر عن امتنانه للدعم المالي، وهدفت تعليقاته – على ما يبدو – إلى إبطال تأثيرات تسريبات صوتية له ولحاشيته ظهرت فيها السخرية من دول الخليج العربية والإصرار على تبني كل خطوة من شأنها أن تجلب منهم كل دولار.

وحذر «السيسي» – وهو الأمر الذي وافقته فيه القيادة السعودية الجديدة – من أن المنطقة بأسرها سوف تتضرر إذا سقطت أو ترنحت مصر، وأضاف «السيسي»: «إن عدم استقرار مصر أو انغماسها في الفوضى سيعني سقوط المنطقة العربية بأكملها، وهذا يهدد الأوروبيين أنفسهم لسنوات قادمة».

  كلمات مفتاحية

السعودية مصر قطر تركيا الملك سلمان السيسي محمد مرسي الإخوان المسلمين أردوغان بشار الأسد

«تويتر» زعماء العالم: السيسي بدون مصداقية وملك السعودية في صدارة العرب

لهذه الأسباب .. لن يرعى الملك «سلمان» مصالحة بين «السيسي» و«أردوغان»

«السيسي» يغادر الرياض عقب قمة مغلقة مع الملك «سلمان»

إيران تنتقد اعتبار مصر «حماس» منظمة «إرهابية» والحركة تطالب السعودية بالتدخل

«خاشقجي»: «الملك سلمان» يزور تركيا بعد زيارة «أردوغان» وتوقعات بتنسيق يشمل كل المنطقة

«أردوغان» يتوجه إلى السعودية السبت وأنباء عن زيارة متزامنة لـ«السيسي»

«أردوغان» يتوجه إلى السعودية نهاية الشهر الجاري لتوحيد الأجندة الإقليمية

«الغنوشي» يدعو «الملك سلمان» لرعاية مصالحة «تحقن الدماء» في مصر

ملامح السياسة الداخلية والخارجية للسعودية في عهد الملك «سلمان»

«ميدل إيست آي»: بوادر التوتر تظهر في العلاقات السعودية المصرية

«ديفيد هيرست»: الملك «سلمان» يعتبر «السيسي» أحد أخطاء حقبة أخيه الراحل