الدولار القوي قنبلة مائية في محيط القروض الميسرة

الأحد 15 مارس 2015 11:03 ص

في الوقت الذي تشهد فيه الولايات المتحدة ارتفاعاً كبيراً بمعدلات النمو، وانخفاضاً ملحوظاً أيضاً بمعدلات البطالة وانتعاش أسواق الأسهم، يبدو أن بقية العالم يعاني الأمرين بداية من حالة الركود المستشرية وانتهاء بالأزمات التي ضربت العديد من المناطق الأخرى. فهل ستؤدي هذه الديناميكيات المختلفة إلى قلق المستثمرين حول العالم؟

يمكن الإجابة عن هذا السؤال بالنفي في المقام الأول، نسبة لأن الأداء المتميز لأكبر اقتصاد في العالم يجب أن يكون جلياً وواضحاً. إلا أن عواقب عدم الاتساق العالمي يمكن أن يكون مؤلماً. وتكمن المشكلة في سعر الدولار الأمريكي، وهي العملة التي لا تمثل عملة للولايات المتحدة فحسب، بل إن العالم أجمع يعمل ويتداول بها.

ويعني الاقتصاد الأمريكي المتعافي حالياً أن حقبة الضعف التي لازمت الدولار قد ولت. وسوف ترتفع أسعار الفائدة وسيتسم الدولار الأمريكي بالمزيد من القوة. وفي الوقت الذي ستساعد العملة القوية على النهوض أكثر فأكثر بالولايات المتحدة، فربما سيكون الدولار آخر ما سيحتاج إلى بقية العالم.

ويعلمنا التاريخ أن الدولار المنتعش دوماً ما يكشف من يبنون ميزانياتهم على فكرة أن العملة الرخيصة ستظل كما هي عليه إلى الأبد. وهو يعمل الآن كقنبلة مائية تحدث انفجارات عميقة لا تظهر سطح المحيط. ففي البداية تطفو الأسماك الأصغر حجماً على السطح، ومن ثم الأسماك الأكبر، وأخيراً تظهر الحيتان كبيرة الحجم.

وقد طفت الأسماك الصغيرة بالفعل. وشهدت أسواق الأسهم والسندات علاوة على العملات تصدعاً سريعاً حينما اعتزم الاحتياطي الفيدرالي في البداية تبني سياسات تشددية أواسط العام 2013. وقد كان التعديل وحشياً وربما اتسم ببعض العشوائية.

وتمتلك العديد من الأسواق الناشئة معدلات ديون كبيرة بالدولار الأمريكي، كما أنها معرضة أكثر من غيرها للتمويل بالدولار الأمريكي بأسعار أكثر غلاءً، إلا أن بعضها يمتلك معدلات ديون صادرة إلى الخارج. في حين أن العديد من تصنيفات الأصول الأخرى لم تبدِ أي ردة فعل، فإن بعضهم الآخر دعم وبقوة الميزانيات السيادية مثل روسيا التي أصبحت حالياً خزاناً نادراً للقيمة.

وسوف يكون المكسب الأكبر قريباً جداً من صالح الاقتصاد الأمريكي. وكمثال على ذلك فإن سندات الشركات ذات العائدات المرتفعة تمثل جزءاً من قطاع الشركات الذي يعتمد على الديون ذات الفوائد المنخفضة. ولهذا فإنها عادت على المستثمرين بفوائد أكبر مما حازوا خلال نصف عقد من الفترة التي شهدت انخفاض أسعار الفائدة.

أما الآن فإن معدلات انتشار الائتمان ضئيلة جداً، كما أن الالتزامات أصبحت أقل جودة، علاوة على أن السيولة أضحت في أدنى مستوياتها. ففي الثلاث فترات التي شهدت فيها الولايات المتحدة ركوداً كبيراً في السابق وهي من 1987-1991 و1998-2001 و2007-2009 فإن أسعار سندات الشركات شهدت انخفاضاً كبيراً وصل إلى 45 و35 و50 في المئة على التوالي. حيث إن التقييمات الحالية لا تدع مجالاً كبيراً للخطأ.

فماذا إذًا عن الحيتان؟ بالتأكيد يصعب التركيز عليها ومجاراتها في سباحتها في عمق المحيطات، وفي رأيي فإن هناك ثلاثة مرشحين يمكنهم القيام بذلك الأمر.

أولاً كتلة الدولار الآسيوية. فحينما كان الدولار الأمريكي ضعيفاً فإنه أعطى إشارة لاقتصادات منطقة شرق آسيا بتتبع ومراقبة الدولار عن قرب. ولكن و إذا ما استمر الدولار الأمريكي في اكتساب المزيد من القوة علاوة على الين الياباني، فإن ذلك سيؤدي إلى تقويض العملات الأخرى المنافسة، علاوة على أن انخفاض العملة سيصبح أمراً لا يمكن مقاومته. ويتمثل العضو الأهم في هذه المجموعة في الصين، حيث ستكون لتخفيض العملة نتائج وخيمة بسبب السياسات المتبعة.

أما الحوت الآخر فيتمثل في الجنيه الإسترليني، فمع بلوغ العجز في ميزان الحسابات الجارية 6 في المئة من النتاج المحلي البريطاني، فإن العجز الحالي بدأ يقرع أجراس الخطر أما الآن، فإن الاختلال الموجود بالدفعات الخارجية يمكن تمويله بكل سهولة. وإذا ما أصبحت العملة الاحتياطية العالمية أكثر غلاءً فإن ذلك يمكن أن يتغير وبسرعة كبيرة، ومن المرجح أن يشهد الجنيه الإسترليني انحداراً شديداً كنتيجة لذلك.

وهذا ما سيقودنا إلى الحوت الأكبر، حيث إن كل ما ذكرته أعلاه هو مجرد افتراضات تستند إلى أن الانتعاش الحالي للاقتصاد الأمريكي سيتحول بكل تأكيد إلى أسعار فائدة أعلى من ذي قبل علاوة على تنامي قوة الدولار الأمريكي. وهناك بالتأكيد احتمال آخر يتمثل في أن الولايات المتحدة غير مستعدة للمزيد من الديون ذات الفوائد المرتفعة.

  كلمات مفتاحية

الدولار القروض الميسرة سعر الدولار عملة العالم

أسعار النفط العالمية تنخفض 9% خلال أسبوع بفعل صعود الدولار وتخمة المعروض

«أردوغان» يدعو رجال الأعمال إلى عدم المضاربة على الدولار

«التعاون الخليجي» يوصي بفك ارتباط العملات الخليجية بالدولار