«عهد التميمي».. عنوان لمعاناة العائلات الفلسطينية تحت الاحتلال

الخميس 2 أغسطس 2018 10:08 ص

«أنا مقاتلة حرة ولن أكون ضحية. سأدرس الحقوق والقانون الدولي وسأقاضي (إسرائيل) يوما ما».. هكذا عبرت الفتاة الفلسطينية «عهد التميمي» عن آمالها وطموحاتها بعد أن أفرج عنها من السجون الإسرائيلية، الأحد الماضي، رغم الذكريات الأليمة، واللحظات الموجعة التي مرت بها طيلة ما يزيد على 8 أشهر.

لا تعتبر «عهد» (17 عاما) استثناء عن بقية عائلتها التي تضج ذاكرتها الجمعية والفردية بذكريات قاسية تسببت بها القوات الإسرائيلية التي قتلت واعتقلت وأصابت عددا من أفراد عائلتها خلال السنوات الماضية، كما لا تعد عائلتها فريدة بين عائلات فلسطين، بل هي واحدة من بين جموع العائلات التي تمر بظروف مشابهة.

والأحد الماضي، أفرجت السلطات الإسرائيلية عن «عهد» ووالدتها «ناريمان»، بعد اعتقالهما قرابة 8 أشهربتهمة «إعاقة عمل جندي إسرائيلي ومهاجمته».

«عهد» لم تتمن العودة إلى عيشة هادئة تحت وطأة الاحتلال، ولم تعلن ركونها إلى الدعة والصمت أمام ممارسات وانتهاكات (إسرائيل)، وإنما شددت على أنها لن تتراجع عن طريق «مقاومة الاحتلال وستواجه الجيش الإسرائيلي مرة أخرى إذا ما اقتحم بيتها بقرية النبي صالح (قرب مدينة رام الله وسط الضفة الغربية)».

«هذا هو قدرنا.. قدر الشعب الفلسطيني مقاومة الاحتلال».. تشرح «عهد» موقفها، حسب مقابلة لها مع «الأناضول».

طموح «عهد» يبدو مختلفا عن كثير من طموحات الفتيات في سنها حول العالم؛ فهو طموح مغموس بواقع شعبها وقضيتها، إذ تطمح لدراسة القانون الدولي للدفاع عن الأطفال الفلسطينيين وقضية شعبها.

وتلقت الفتاة الفلسطينية منذ أن خرجت من سجون (إسرائيل) منحا دراسية من عدد من الجامعات الفلسطينية والأردنية والبريطانية والتركية، لكنها لم تحسم أمرها بعد، خاصة أنها حصلت على شهادة الثانوية العامة داخل السجن.

وباسترجاع بعض مما عاشته «عهد» داخل السجن، تقول والدتها «ناريمان»: «أصيبت ابنتي بمرض في معدتها خلال الاعتقال ما تسبب لها بآلام حادة صاحبها غثيان وفقدان للوعي».

اللحظات القاسية لم تقتصر على الواقع الأليم داخل القضبان فقطـ، فوالدة «عهد» عاشت «لحظات صعبة» في الاعتقال.

وعن تلك اللحظات الصعبة، تقول لـ«الأناضول»: «تعرضت لتحقيق قاسي، وتم سجني بالعزل الانفرادي لمدة 15 يوما، إضافة لتلقي خبر اعتقال نجلي وعد، واستشهاد ابن عمي عزالدين التميمي على يد الجنود الإسرائيليين».

كابنتها، تعتبر «ناريمان» أن «قدر الشعب الفلسطيني مقاومة الاحتلال»، مضيفة: «إن بقينا في بيوتنا فربما نموت حرقا كعائلة دوابشة، وإن خرج طفلي للمسجد قد يموت حرقا كـ(محمد أبو خضير)، لماذا لا نخرج ونقاوم الاحتلال إذن؟»، تتساءل الأم التي خرجت ابنتها توا من محنة صعبة.

وتضيف: «كل أبناء قريتي (النبي صالح) يواجهون الاحتلال وعهد نموذج لهم، وأنا أخت شهيد وخالي شهيد وعمي شهيد، وشقيقي البكر أصيب على يد القوات الإسرائيلية في لبنان، ووالدي اعتقل لسنوات طويلة بسجون الاحتلال».

«ناريمان» تؤكد أن السلطات الإسرائيلية سعت لكسر إرادة عائلتها، لكنها فشلت، داعية إلى تسليط الضوء على قصص المعتقلين بالسجون الإسرائيلية وخاصة الأطفال.

وتشير المرأة الفلسطينية إلى بيتها قائلة: «حتى بيتي مهدد بالهدم من قبل السلطات الإسرائيلية، بينما تُقام في جواره بيوت لمستوطنين قدموا إلى بلادنا قبل بضعة سنين فقط».

وبالرجوع إلى طفلتها «عهد»، تقول الأم «ناريمان»: «منذ صغرها عاشت طفلتي على مواجهة الاحتلال، كانت تخرج للمسيرات وتقف في مواجهة الجيش الإسرائيلي مدافعة عن عائلتها وأبناء بلدتها».

وظهرت «عهد» مرات عدة أمام وسائل الإعلام وهي تقف في مواجهة جنود الجيش الإسرائيلي، وتمنعهم من اعتقال شقيقها، أو تدفعهم عن بقية أبناء قريتها، التي تشهد مواجهات على فترات متقاربة، بين الشبان الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية.

وإلى جوار زوجته كان يجلس «باسم التميمي»، وهو يتأمل «عهد»، قائلا: «أتمنى أن تعيش ابنتي مستقبلا هادئا وحياة جميلة بعيدا عن مضايقات الاحتلال».

ويستدرك في حديث مع «الأناضول»: «لكن الاحتلال هو من يأتي إلى بيوتنا ويعتدي علينا نحن لا نذهب إليه لذلك مقاومته واجبة».

واعتقل الفلسطيني «باسم التميمي» بسجون إسرائيل خلال الفترة بين عامي 1988 و2013، نحو 9 مرات متقطعة بمجموع 4 سنوات ونصف، تعرض خلالها لتحقيق قاس أصيب على إثره بارتجاج في الدماغ ونزيف داخلي وبشلل استمر عدة أشهر.

ويكمل «التميمي»: نحن «مثال للعائلة الفلسطينية التي تعاني من الاحتلال؛ فشقيقتي استشهدت في العام 1993 على يد قوات الاحتلال، وابن عمي وابن خالي وعدد كبير من أصدقائي استشهدوا برصاص الجيش الإسرائيلي».

ووجه رسالة للاحتلال، قائلا: «عليك أن تخرج من كل مفاصل حياتنا، وعلى المجتمع الدولي أن لا يبقى صامتا فقد حانت ساعة الصفر لإنهاء وجود الاحتلال على أرض فلسطين».

وقضت محكمة عسكرية إسرائيلية في مارس/آذار الماضي، بسجن «عهد التميمي»، 8 شهور، بتهمة «إعاقة عمل جندي إسرائيلي ومهاجمته»، بموجب تفاهم توصلت إليه النيابة العسكرية مع فريق الدفاع عنها.

وتحوّلت «التميمي»، عقب ساعات من إعلان اعتقالها، في 19 ديسمبر/كانون أول 2017، إلى «أيقونة» للمقاومة الشعبية السلمية في فلسطين.

وتشهد قرية «التميمي» (النبي صالح) وقرى مجاورة، مسيرة أسبوعية، منذ العام 2009، ضد الاحتلال، واستمرار (إسرائيل) في الاستيلاء على أراضي البلدة.

وعادة ما يستخدم الجيش الإسرائيلي قنابل الغاز المسيل للدموع، والرصاص المطاطي، والمياه العادمة، والرصاص الحي، لتفريق المسيرة.

ويقع على أراضي البلدة مستوطنة «حلميش» ومعسكر للجيش الإسرائيلي، وحاجز عسكري على مدخل البلدة.

وسبق لـ«عهد التميمي» أن تسلمت جائزة «حنظلة للشجاعة» عام 2012، من قبل بلدية «باشاك شهير»، في تركيا، لشجاعتها في تحدي الجيش الإسرائيلي، والتقت برئيس الوزراء التركي حينها «رجب طيب أردوغان» (رئيس الجمهورية الحالي) وعقيلته.

  كلمات مفتاحية

عهد التميمي ناريمان باسم إسرائيل الاحتلال فلسطين النبي صالح

فلسطيني يلتقي والدته بعد 20 عاما.. هذه قصته

بن غفير ينشر صورة من اعتقال عهد التميمي: لا صبر على مخربين