في السودان .. الطريق لـ«الجهاد» يتخذ منعطفا غير متوقع للطلاب

الأحد 29 مارس 2015 08:03 ص

كانت «تسنيم حسين» طالبة جامعية هادئة في الخرطوم عندما بدأ التحول يحدث رويدا رويدا.

بعد عودتها إلى السودان من بريطانيا لدراسة الصيدلة خلعت البنطال الجينز وارتدت النقاب لكن أحدا لم يتوقع أن يسمع تقارير عن تخليها عن دراستها وحياتها المميزة لمساعدة تنظيم «الدولة الإسلامية» على الجهاد في سوريا.

وفي الأسبوع الماضي أبلغت الطالبة البالغة من العمر 23 عاما أهلها بأنها ستمضي الليلة مع أقاربها، ووفقا لشخص مقرب من الأسرة طلب عدم نشر اسمه بسبب حساسية الموضوع فقد بعثت «تسنيم» رسالة في اليوم التالي عن طريق برنامج «واتساب» تقول فيها إنها تدرس لامتحان الماجيستير في مكتبة الجامعة.

لكن في واقع الأمر توجهت «تسنيم» إلى تركيا مع مجموعة من طلاب الطب البريطانيين السودانيين في طريقهم إلى سوريا لمساعدة تنظيم «الدولة الإسلامية».

وبالنسبة للكثيرين فإن التنظيم الذي سيطر على مناطق واسعة من العراق وسوريا معروف بذبح الأسرى الغربيين وحرق طيار أردني حيا، ويطبق التنظيم تفسيرا متشددا للإسلام ويقمع النساء لكن بالنسبة لبعض الشبان والشابات مثل «تسنيم» فإن الأمر ربما كان له إغراؤه.

وقال أحد الجيران شاهد «تسنيم» يوم غادرت إلى تركيا ولم يرصد أي شيء غير طبيعي «كانت تشارك في الحفلات ومناسبات الجيران وكان من العادي أن تلبس البنطال الجنيز ولكن قبل عامين حدث تحول كبير في شخصيتها وأصبحت ترتدي النقاب».

وعلى النقيض من البريطانيين الذين يتعرضون للفكر المتشدد في مساجد بالمملكة المتحدة فقد تعرفت «تسنيم» ورفاقها على الفكر الأصولي من خلال محاضرات دينية في جامعتهم.

وتسلط رحلتهم إلى سوريا التحديات المعقدة التي تواجهها دول غربية وعربية في محاولة احتواء بريق تنظيم «الدولة الإسلامية» الذي نجح في اجتذاب الشباب المسلم المولود في أوروبا لأفكاره عن دولة الخلافة.

وهذه المجموعة التي تضم طلابا من كلية الطب وخريجين جددا بعيدة كل البعد عن النمط الذي ينتمي له الكثير من المتشددين والذين عادة ما يكونون من الشبان الفقراء الساخطين، وينتمي معظمهم لأسر ميسورة الحال لا صلة لها بدوائر متطرفة في الخرطوم.

ووالد «تسنيم» شخصية معروفة في المجتمع السوداني وهو مدير أحد أكبر المستشفيات الحكومية في السودان.

ويقول جيران إن الاسرة تعيش في حي الرياض الراقي في فيلا مؤلفة من ثلاثة طوابق بها حديقة كبيرة وطريق تصطف على جانبيه الأشجار وتقف على جانبيه سيارات فاخرة.

وقال الصديق المقرب من الأسرة «تسنيم قبل هذا التحول كانت فتاة منفتحة ومتدينة بصورة معتدلة مثل بقية أسرتها»، وعندما ارتدت النقاب تساءل والداها فيما يبدو عن قرارها لكنهما لم يدركا أنها وضعت قدميها على بداية طريق محفوف بالخطر.

السودان المحافظ

وينتهج السودان الذي استضاف زعيم تنظيم القاعدة «أسامة بن لادن» في التسعينيات نموذجا محافظا من الإسلام السني الأمر الذي قد يرضي الجماعات المتشددة.

وطبق الرئيس «عمر حسن البشير» الذي جاء إلى السلطة في انقلاب عام 1989 الشريعة الإسلامية، وتأسست جامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا حيث كانت تدرس المجموعة على يد «مأمون حميدة» وزير الصحة بولاية الخرطوم وهو إسلامي معروف.

وأظهرت جولة في حرم الجامعة أن معظم الطلاب يرتدون الزي الغربي وهو أمر غير معتاد في البلد المحافظ، لكن الجامعة أيضا تستضيف شيوخا متطرفين مثل الشيخ «محمد علي الجزولي» الذي كان يلقي خطبا يؤيد فيها «الدولة الإسلامية» ويدعو فيها الناس إلى ترك المدرجات والذهاب لنيل الشهادة.

واعتقل «الجزولي» قبل بضعة أشهر ولم يتسن على الفور التحقق مما إذا كان أي من أفراد المجموعة قد استمع إلى خطبه لكن هذا يبدو أمرا مرجحا.

وقال «أحمد بابكر» عميد شؤون الطلاب بالجامعة إن المجموعة تجمعت في شقة سكنية بمنطقة راقية بالخرطوم وقام بتجنيدهم «محمد فخري» وهو بريطاني من أصول فلسطينية توجه إلى بريطانيا بعد تخرجه من جامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا ومن هناك ذهب إلى سوريا وانضم لـ«الدولة الإسلامية».

وبدا أن الجيران والأصدقاء الذين تحدثت «رويترز» معهم يلقون بعض المسؤولية على الأقل على جمعية الحضارة الإسلامية الطلابية التي كانت تأتي برجال دين مثل الجزولي لإلقاء خطب تدعو للجهاد.

وقال «بابكر»«بعد سفر اثنين من الطلاب لدولة مالي للانضمام للجماعات الدينية قمنا بمنع نشاط رجال الدين».

لكن ربما يكون الآوان قد فات لأن رجال الدين بات لهم تأثير عميق على الطلاب.

وقالت طالبة منتقبة لرويترز «فى البداية كنت غير محجبة أو منقبة وكانت المحاضرات فى جمعية الحضارة الإسلامية في الجامعة ترشدنا للطريقة الصحيحة للصلاة وضرورة لبس الحجاب والنقاب ويقوموا بإعطاءنا دروس في الفقه هذا في المرحلة الأولى».

وتابعت قولها في «المرحلة الثانية بدأ الحديث عن أوضاع المسلمين والمظالم التى تقع على المسلمين في فلسطين وسوريا وضرورة الجهاد».

ذهـــول

تقدر سلطات الأمن البريطانية أن نحو 600 بريطاني سافروا إلى سوريا أو العراق للانضمام لجماعات متشددة بينهم الرجل المعروف باسم «الجهادي جون» الذي ظهر في عدد من تسجيلات التنظيم المصورة لذبح أسرى.

واجتذبت محاولة «الدولة الإسلامية» لإقامة خلافة سنية بوسائل عنيفة الآلاف من المجندين من أوروبا وغيرها.

وقال وزير الاستثمار السوداني «مصطفى عثمان إسماعيل»: «الحكومة منزعجة بشدة من الأنباء عن مغادرة هذه من المجموعة من الشباب للانضمام لداعش (الدولة الإسلامية) لأن الوضع الطبيعي أن يكون هؤلاء الطلاب في قاعات الدراسة في الجامعة ومن واجب الحكومة العمل لارجاع هؤلاء المجموعة للسودان مرة أخرى».

ولم يتضح كيف ستقوم الحكومة السودانية بعمل ذلك أو كيف ستمنع طلابا آخرين من الانضمام لـ«الدولة الإسلامية».

وصعدت الحركات الجهادية في السودان وعبر المنطقة منذ ثورات الربيع العربي عام 2011 التي أطاحت بحكام مستبدين وأطلقت العنان للجماعات المتشددة التي كان هؤلاء الحكام يقمعونها.

وفي السودان ظهرت هذه الجماعات في حرم الجامعات دون رقابة من الحكومة التي يقودها الإسلاميون.

وقال المحلل السوداني «الهادي محمد الأمين» إن أنشطة الجماعات تتزايد وإنها تقوم بعمليات تجنيد، وتابع قوله «هذه الظاهرة فى تزايد مستمر والحكومة السودانية غير مشغولة بمسألة التطرف لأنهم لا يمثلون خطرا على الحكومة».

وأضاف «الأمين» أن الحكومة مشغولة بالحروب التي تخوضها مع جماعات متمردة في البلاد.

وسافر عدد من أهالي الطلاب إلى منطقة الحدود التركية السورية في محاولة للعثور على أبنائهم وبناتهم، وقال بعض الطلاب الذين كانوا يعرفون المجموعة إن انضمام المجموعة لـ«الدولة الإسلامية» أمر يصعب تصديقه.

وقال طلاب كانوا يعرفون بعض أفراد المجموعة «بعضهم ذكروا لأسرهم عبر واتساب بعد مغادرتهم السودان أنهم لن ينخرطوا فى الجهاد مع داعش ولكنهم ذهبوا لتقديم الخدمات الصحية للمجاهدين».

وقال عضو في البرلمان التركي الأسبوع الماضي إن المجموعة سافرت إلى سوريا للعمل في مستشفيات تسيطر عليها «الدولة الإسلامية».

وعبرت أسر الطلاب عن ذهولها من انضمام المجموعة إلى التنظيم المتشدد، وأوضحت الأسر في بيان عن اعتقادها بأن أبناءها وصلوا تركيا واختفوا ولم يعرف لهم أثر مشددة على أن نوايا أبنائهم حسنة.

 

  كلمات مفتاحية

السودان الدولة الإسلامية

قلق من اختطاف السفن السياحية بعد تجنيد «الدولة الإسلامية» لمقاتلين من «الكاريبي»

«بيزنس إنسايدر»: السعودية تعاني لمنع «الدولة الإسلامية» من تجنيد الشباب

«حفتر» يدعو مصر للتدخل عسكريا في ليبيا ويتهم قطر والسودان وتركيا بـ«دعم الإرهاب»

مسؤول في «FBI»: معدل تجنيد النساء من قبل «الدولة الإسلامية» يفوق أي منظمة إرهابية أخرى

بلجيكا تلاحق خلية لتجنيد مقاتلين أجانب .. وبلغاريا باتت وجهة المسافرين بعد تشديد المراقبة في اسطنبول

السودان يرفض استمرار وضعه في القائمة الأمريكية لـ«الدول الراعية للإرهاب‎»