مصر تصادر أموال المعارضين.. وخزانة الدولة تبتلع أرصدة "أبوتريكة"

الأربعاء 12 سبتمبر 2018 12:09 م

من آن لآخر، تصدر في مصر قرارات بمصادرة أموال شخصيات وشركات وجمعيات خيرية ومدارس ومستشفيات وصحف وأراض زراعية وسيارات، وفي الوقت ذاته، يتم الضرب بأحكام بطلان إجراءاتها عرض الحائط.

هذا هو الحال منذ تشكيل لجنة التحفظ وإدارة أموال الإخوان بمصر، التي كانت تستهدف تحديدا قيادات وكوادر جماعة "الإخوان"، التي أطيح بها من الحكم عبر انقلاب عسكري، منتصف العام 2013. 

لكن عمل اللجنة شهد توسعا كبيرا، وطال شخصيات وشركات لا علاقة لها من قريب أو من بعيد بالجماعة، حتى باتت الشكوك تدور حول رغبة النظام الحاكم، في تأميم مؤسسات بعينها، والاستحواذ على أرصدة مالية لسد عجز موازنته المالية، وعلاج أزماته الاقتصادية.

مصادرات بالجملة

خلال الثمانية أشهر الأولى من العام 2014، كشف مصدر مسؤول بجماعة الإخوان، لوكالة "الأناضول" عن تحفظ السلطات على "342 شركة، و1107 من الجمعيات الأهلية، و174 مدرسة، تابعة للإخوان، بالإضافة إلى أموال 1441 قياديا بالصف الأول والثاني والثالث بالجماعة".

وبلغ إجمالي أموال الجماعة التي تم التحفظ عليها، منذ تشكيل اللجنة من قبل الحكومة المصرية حتى مطلع العام 2016، 5 مليارات و556 مليون جنيه مصري (نحو 695 مليون دولار)، بحسب رئيس اللجنة وقتها "عزت خميس".

وأعلن "خميس"، في تصريحات صحفية، "التحفظ على أموال 1370 شخصًا، ومصادرة 460 سيارة، و318 فدانًا من الأراضي الزراعية المملوكة لأفراد، والتحفظ على 1166 جمعية، و112 مدرسة، و43 مستشفى، وجمعية طبية لها 27 فرعًا في مصر، و65 شركة". 

"أبوتريكة" و"راديو شاك"

المفاجأة أن قرارات التحفظ طالت رجل الأعمال المعروف "صفوان ثابت" رئيس مجلس إدارة شركة "جهينة للصناعات الغذائية"، أكبر منتج للألبان والعصائر المعبأة بمصر، ولاعب النادي الأهلي والمنتخب الوطني السابق، "محمد أبوتريكة"، وسط اتهامات للاعب بتأسيس شركة "تورز للسياحة"، لاستخدامها كواجهة لنشاطات إخوانية خاصة، وهو ما نفاه لاحقا وحصل على أحكام لم تنفذ ببطلان إجراءات التحفظ والمصادرة.

عادت اللجنة التي انتقلت رئاستها إلى المستشار "محمد ياسر أبو الفتوح"، إلى إصدار قرارات تحفظ جديدة طالت في العام 2016، 20 شركة، وأموال 14 شخصا، بدعوى انتمائهم لجماعة "الإخوان".

وخلال العام 2017، صدرت قرارات تحفظ طالت 150 شركة ومحلا تجاريا تعمل في مجالات مختلفة، بزعم تبعيتها لجماعة "الإخوان المسلمون"، تتجاوز رؤوس أموالها 2.5 مليار جنيه، وفق تقديرات غير رسمية.

ومن بين الشركات المتحفظ عليها، شركة "كارما" للتجارة الدولية، وشركة "راديو شاك"، و"دلتا آر إس للتجارة"، و"كمبيوتر شوب" للتوزيع، و"موبايل شوب" للتوكيلات التجارية، و"بوابة القاهرة" للنشر والتوزيع، وشركة "مصر العربية".

طعون بالجملة

اللجنة المشكلة من قبل الحكومة المصرية، لاحقها نحو 274 حكما من محكمة القضاء الإدارى يقضى ببطلان قرارات التحفظ الصادرة عنها، ما وضعها في مأزق كبير، دفعها للاستشكال على تلك الأحكام أمام محكمة غير مختصة هي "الأمور المستعجلة".

وتلعب محكمة "القاهرة للأمور المستجلة"، دورا مثيرا للجدل، كونها تصدر أحكاما في قضايا ذات طابع سياسي، صدرت بشأنها أحكام نهائية غير قابلة للطعن، فضلا عن كونها ليست ذات اختصاص.

في محاولة لتحصين اللجنة، التي تثير انتقادات حقوقية واسعة، أقر مجلس النواب المصري على عجل، قبل أشهر، قانونا يقضي بتنظيم إجراءات التحفظ والإدارة والتصرف في أموال جماعة "الإخوان المسلمون"، من خلال إنشاء لجنة مستقلة ذات طبيعة قضائية تختص دون غيرها باتخاذ الإجراءات المتعلقة بتنفيذ الأحكام الصادرة ضد جماعة أو كيان أو شخص ينتمي إلى "جماعة إرهابية".

وتتكون اللجنة من 7 أعضاء من قضاة محكمة الاستئناف ويصدر بندبهم قرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة المجلس الأعلى للقضاء. 

وفتح القانون الجديد الباب ﻷول مرة أمام مصادرة هذه اﻷموال، ونقلها إلى الخزينة العامة للدولة، وليس التحفظ عليها وإدارتها فقط، ودون انتظار ﻷحكام نهائية تدين هؤلاء اﻷشخاص في أي تهم تتعلق باﻹرهاب.

قرارات جديدة

وفي أول تطبيق فعلي للقانون رقم 22 لسنة 2018، أصدرت اللجنة قبل أيام، قرارات تحفظ ومصادرة جديدة تشمل 1589 شخصا، و118 شركة و1133 جمعية أهلية و104 مدارس و69 مستشفى و33 موقعا إلكترونيا وقناة فضائية.

وطالت قرارات اللجنة، رجال أعمال، وصحفيين، ومصرفيين، وحقوقيين، لكن هذه المرة تطورت التهم بالتبعية لجماعة "الإخوان"، إلى "توفير الدعم اللوجيستي والمبالغ المالية بصفة شهرية للإنفاق على الأنشطة والعمليات الإرهابية التي ينفذها أذرع الإخوان، المتمثلة في حركتي حسم  ولواء الثورة الإرهابيتين، وتسهيل حصول عناصر الحركتين على الأسلحة وتصنيع المتفجرات وتدبير مأوى وملاذ آمن لاختبائهم وأماكن لتدريبهم عسكريا"، وفق بيان اللجنة.

ويشمل التحفظ جميع الأموال والحسابات والأرصدة البنكية بالعملة المصرية والعملة الأجنبية والودائع أيا كان مسماها، وجميع أنواع الأسهم والأوراق والسندات المالية والأراضي والعقارات والأطيان الزراعية والمنقولات سواء كانت مملوكة ملكية مباشرة أو غير مباشرة.

ولا يوجد إحصاء نهائي بعدد الشخصيات والشركات والمؤسسات التي تم التحفظ على أموالها، أو حجم الأموال المتحفظ عليها، والتي قدرتها صحف موالية للنظام بأكثر من 60 مليار جينه، لا يعرف أحد مصيرها، أو كيفية إدارتها.

  كلمات مفتاحية

مصر التحفظ على أموال الإخوان محمد أبو تريكة السيسي محمد ياسر أبو الفتوح

محكمة مصرية تغلق باب التظلم أمام 1589 صودرت أموالهم

أبوتريكة ناعيا حمدي قنديل: انكسر القلم الرصاص

مصر.. قرار بنقل أموال وممتلكات 69 معارضا إلى خزينة الدولة

مصر.. ارتفاع المتحفظ على أموالهم من المعارضة إلى 120 شخصا