خلافات "نداء تونس" بين "الشاهد" ونجل "السبسي".. "النهضة" تكسب

السبت 15 سبتمبر 2018 12:09 م

ظهر "حافظ" نجل الرئيس التونسي "الباجي القايد السبسي"، المدير التنفيذي لحزب "نداء تونس" (الحاكم) في موقع المنتصر، الجمعة، بعدما أعلن تجمد عضوية رئيس الوزراء "يوسف الشاهد".

إلا أن مراقبين، أشاروا إلى أن "الشاهد" ومن خلفه كتلة "الائتلاف الوطني" حديثة التأسيس، وحركة "النهضة" الإسلامية، هم الفائزون على المستوى البعيد، خاصة مع التحضير لرئاسيات 2019.

الأزمة بين "الشاهد"، و"حافظ"، تتجاوز خلافات واتهامات متبادلة، لتشير إلى ارتباك كبير في الوضع السياسي ومستقبل نظام الحكم، في الدولة العربية الوحيدة التي خرجت ناجية إكلينيكيا، من دول ثورات الربيع العربي، بحسب وسائل إعلام تونسية.

صراع داخلي

ويعيش "النداء"، صراعا داخليا قويا بين جناحه البرلماني المتمسك بـ"الشاهد" لمواصلة قيادة المرحلة التوافقية، والإدارة التنفيذية للحزب بقيادة "حافظ"، الباحث عن بديل جديد.

الخلافات وإن اشتعلت حاليا بشكل كبير، إلا أنها بدأت قبل سنتين، حين اتهم "الشاهد" الذي عينه "السبسي" الرئيس، بتدمير الحزب الحاكم، بقيادته بطريقة فردية، وتصدير مشاكله لمؤسسات الدولة مما أدى لتضرر عملها.

ففي الصيف الماضي، تصاعد الصراع داخل حزب الحكم بين شقين، أحدهما يمثله ابن الرئيس والآخر "الشاهد"، وامتدت المعركة إلى ضرب موالين هؤلاء والآخرين عبر القضاء والأمن، وهو ما يعرف بشكل محتال بـ"الحرب على الفساد".

وفي هذا الصراع، احتمى "الشاهد" ليس فقط بموالين له من حزبه داخل وخارج البرلمان، بل أيضا بحزب "النهضة"، بل إن غالبية النواب الموالين له ليسوا من حزبه، بل من "النهضة".

وبعدها، حمل رئيس الوزراء، نجل الرئيس، مسؤولية خسارة ثلث أعضاء كتلة "النداء" في البرلمان، والهزيمة في الانتخابات الجزئية، وتراجع الحزب في الانتخابات البلدية وخسر موقعه كقوة حزبية أولى في البلاد.

ويشير مراقبون إلى أن محاولات "الشاهد"، توسيع دائرة تحالفاته وحزام الأمان حوله، تجاه حركة "النهضة"، وأطراف أخرى في البرلمان والساحة السياسية، ومحاولة الاستقلال بقراراته الحكومية عن الحزب، دفعت إلى اتهامه من "السبسي" الابن بالتمرد عليه وعلى "النداء".

في وقت يطالب نجل "السبسي"، باستقالة "الشاهد"، وفتح الطريق أمام تشكيل حكومة جديدة بدعوى ضعف مؤشرات الاقتصاد خلال العامين الماضيين.

الخلاف الذي انتصر فيه "حافظ"، بتجميد عضوية "الشاهد"، جاء بعد رفض الأخير، الإجابة على استجواب داخلي للحزب، يتهمه فيه بالخروج عن الخط الحزبي.

بينما يرى "الشاهد"، أن الصراعات السياسية في البلاد، شـوّشت على عمل حكومته، وعطّلت مسيرة الإصلاح واتخاذ الإجراءات الضرورية لتحقيق التقدم الاقتصادي لتونس.

ويقول إنه "رغم الضجيج السياسي في البلاد الذي يشوش على عمل الحكومة، ورغم ضعف الدعم السياسي لها، فإنها ماضية قدما في الإصلاحات الاقتصادية خلال العام المقبل، ومن بينها إصلاح الدعم والصناديق الاجتماعية.

وهو ما دفعته للتوافق مع كتلة "الائتلاف الوطني" حديثة التأسيس، ولقائه عدد من النواب الذي تم استقطابهم للخروج من "النداء" وعددهم 9 نواب، ما حول "النداء" إلى صفوف المعارضة بعد تراجع مقاعده بالبرلمان إلى 47، ويرتفع بالمقابل عدد أعضاء كتلة "الائتلاف الوطني" إلى 42، ليشكل مع حركة "النهضة" (68 عضوا) أغلبية في البرلمان.‎

القيادي بـ"النداء"، "رضا بلحاج"، اتهم "الشاهد" و"النهضة"، بتكسير عظام الحزب، لافتا إلى الحركة الإسلامية تنفذ خططها عبر رئيس الحكومة.

ويرى "بلحاج"، أن "الشاهد" أدار ظهره للحزب، ويسعى لخلق توازنات جديدة، ويحيط نفسه بشخصيات سياسية ونواب بعضهم في كتلة "نداء تونس" ونواب الكتلة الوطنية (نواب منشقين عن نداء تونس)، والتمدد نحو أحزاب أخرى، وهو ما عمّق الأزمة بينه وبين حزبه الأم.

خياران

ويرى محللون أن الأزمة بين "حافظ" و"الشاهد"، تشير بوضوح إلى مقدار الشرخ الحاصل في حزب "النداء"، خاصة بعد خسارته في الانتخابات البلدية لنحو مليون صوت، وتصاعد صراع الأجنحة والتصدع بين أطرافه، وهو ما يمهّد لمزيد من انهياره وإرباك المشهد السياسي برمته.

ليظهر البديل، أو الشريك الثاني في الحكم، وهو حزب النهضة، الذي بات أمامه أحد خيارين للتعامل مع الحزب الحاكم، وعينه على رئاسيات 2019، حسب المحلل السياسي "نور الدين العويديدي".

الخيار الأول، ربما يكون أفضل خيارات "النهضة"، قريبة المدى، وهو أن تترك "الشاهد" يمعن في تمزيق جثة حليفها وغريمها "النداء"، دون أن تسمح له بابتلاعه كله، حتى تجد نفسها أمام حزب منقسم ممعن في الانقسام، بين زعاماته المختلفة، غير قادر على مواجهتها في أي عملية انتخابية مقبلة.

ويمكن لـ"النهضة"، والحديث لـ"العويديدي"، متى أرادت أن توقف "الشاهد" عند حده، حتى لا يجهز كليا على "النداء"، بأن ترفع عنه الغطاء البرلماني فيسقط هو وحكومته، قبل استكمال مشروعه.

أما الخيار الأرجح لـ"النهضة"، فهو أن تترك الفرصة لـ"الشاهد" حتى يجهز نهائيا على "النداء"، وأن يكون هو البديل لديها الذي سيواجهها انتخابيا، في 2019، ومن ثم يرجح أن تضطره نتائج الانتخابات على أن يتحالف معها لاحقا في توافق جديد، يخلف توافقها مع "السبسي" وحزبه "النداء".

وحسب المحلل السياسي "رشيد خشانة"، فإن حركة "النهضة" قد تتخلى عن مساندة "الشاهد" في حال ضمن لها الرئيس، مكاسب وزارية مهمة في الحكومة المقبلة، "تماما كما مكنها سابقا الشاهد من حقائب وزارية ووظائف عليا بصلب الحكومة الحالية".

رئاسيات 2019

وتبقى أزمة ترشح "الشاهد" للانتخابات الرئاسية، عائقا أمام "النهضة"، التي شدّدت على أهمية الفصل بين الحكومة والترشح للانتخابات، وأنه في حال قرر "الشاهد" الترشح للانتخابات فعليه الاستقالة.

وحسب النائب الأول لرئيس حركة "النهضة"، "علي العريض"، فإن الحركة حريصة على دعم الاستقرار الحكومي حتى الآن، وتنفيذ الإصلاحات المقررة، ومتمسكة بمبدأ أن تكون هذه الحكومة أو غيرها مؤتمنة على الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وبعيدة عن الاتهامات بالشعبوية من أجل إعداد الأرضية للانتخابات.

وقد يكون التفكير، حسب مراقبين، أن طموح "الشاهد"، هو توفير كل الشروط للعودة إلى رئاسة الحكومة بعد انتخابات 2019، وتقاسم السلطة مع "النهضة" ومع أي حزب آخر لضمان الأغلبية.

ولكن يبقى من غير الواضح إن كان "التيار الديمقراطي"، المرشح أن يكون في كوكبة الأحزاب الفائزة في انتخابات 2019، سيقبل بهذه المحاصصة أم لا.

ووفقا لكثير من المتابعين، فإن أزمة أخرى جوهرية تتعمق، وتتعلق بمدى صمود المسار التوافقي بين "النهضة" و"النداء"، مستقبلا، خصوصا في انتخابات 2019، في ضوء الانقسامات التي تضرب "النداء"، والشكوك التي تتعاظم بين طرفي الحكم، وتزايد المطالب لدى البعض بفك الارتباط.

الخلاصة والثابت، أن الخلافات بين الشركاء في النداء، وصلت مرحلة لا يمكن العودة معها إلى الوراء، وبات من المستحيل إعادة ترميمه من جديد، وجمع صفوفه، ليكون كما كان من قبل، فلا يمكن تخيل "الشاهد" و"حافظ" في حزب واحد.

الثابت أيضا أن طموحات "الشاهد" الظاهرة البينة لا يمكن السيطرة عليها، فالرجل الذي جاء مصادفة لرئاسة الحكومة، بات اليوم مهموما بالعودة إليه مظفرا بعد عام، وسواء خرج من الحكم خلال أشهر أو استمر في السلطة حتى الانتخابات المقبلة، فإن همه الأول البقاء في السلطة أو العودة إليها أقوى وأكثر تحررا من داعميه، وعلى رأسهم "النهضة".

وكانت تونس، تمثل نموذجا للنجاح الديمقراطي الوحيد الذي حققه ما يعرف بـ"الربيع العربي"، بعد الإطاحة بحكم الرئيس الأسبق "زين العابدين بن علي"، في 2011، دون إثارة الاضطرابات العنيفة، كما حدث في سوريا وليبيا.

لكن منذ 2011، أخفقت تسع حكومات في حل المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها تونس، والتي تشمل ارتفاع معدلات التضخم والبطالة، كما أن نفاد صبر الشعب يتزايد بالإضافة إلى المقرضين، مثل صندوق النقد الدولي، الذي قدم قروضا ومساعدات للحفاظ على بقاء الدولة.

  كلمات مفتاحية

يوسف الشاهد حافظ السبسي الغنوشي لنهضة تونس الثورة رئاسيات 2019

النهضة ترد على إنهاء السبسي الشراكة معها: ملتزمون بالتوافق

رئيس شورى النهضة يتمنى لنداء تونس تجاوز أزمته

النهضة تغير موقفها من ترشح الشاهد للرئاسة: حقه الدستوري