استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

نجاح سياسي للسعودية: مصادرة القمة بالحرب!

الجمعة 3 أبريل 2015 04:04 ص

هل كان الموعد المباغت لتفجير الأوضاع السياسية في اليمن بما يبرر الحرب على «الحوثيين» فيها (ومن خلفهم إيران)، عشية انعقاد القمة العربية السادسة والعشرين في شرم الشيخ، وبرئاسة مصر، مجرد مصادفة، أم أنه نتيجة قرار مدروس وبهدف الوصول إلى ما تحقق للسعودية (ومعها سائر إمارات الخليج) عبر هذه القمة وبيانها غير المسبوق في صياغته الحربية وفي استهدافه الواضح وهو: التسليم بالقيادة السعودية لهذه المرحلة في التاريخ السياسي للأمة العربية؟!

لم يتعوّد العرب أن يروا المملكة المذهبة في الثياب العسكرية. ولم يألفوا منظر الطيارين السعوديين وهم يقودون أحدث وأقوى الطائرات الحربية في غارات على أفقر بلد عربي، والذي دولته بلا رأس، والميليشيات القبلية فيها أقوى من جيشها. كما أنهم لم يألفوا أن يسمعوا البلاغات العسكرية عن الغارات الناجحة في تدمير «أهدافها»، التي لم يكن تدميرها بحاجة إلى كل هذا الاستعراض العسكري المثير للدهشة.

كذلك لم يتعوّد العرب على اللغة العسكرية في البيانات الختامية للقمم العربية منذ السبعينيات، وحين كان لهم عدو خطير في قوته وفي تحالفاته: إسرائيل.

ولقد عصفت رياح كثيرة بالقضية المقدسة فأفقدتها أولويتها، خصوصاً بعدما انخرطت قيادة «منظمة التحرير» في «العملية السلمية» والتنازلات المؤلمة التي فُرض عليها أن تقدمها من رصيد قضيتها حتى يتم الاعتراف بها كسلطة لا سلطة لها على أرض ما زال الاحتلال الإسرائيلي يحتلها ويتحكم بحياة أهلها. وصار «الرئيس» الفلسطيني رئيساً ولا دولة، خصوصاً وقد انفصلت «السلطة» عن «القضية» كما انفصل معظم العرب عن هويتهم وقضايا مصيرهم.

ولعل هذا، بين أسباب كثيرة أخرى، هو ما جعل «القضية» تختفي من بيانات القمة لتحضر «السلطة» حضوراً باهتاً يوفر لأهل النظام العربي العذر في التنازلات المتوالية تحت شعار «لن نكون فلسطينيين أكثر من أهل القضية الفلسطينيين». ومن هنا جاءت الإشارة الباهتة في البيان الختامي للقمة بعد حديث عن «الأمن القومي العربي بمعناه الشامل وبأبعاده السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية».

على أن هذا الأمن القومي العربي قد تطلب مزيداً من التحديد بعدما «بات تحت تهديدات متعددة الأبعاد، فبنيان الدولة وصيانة أراضيها قد أضحيا محل استهداف في أقطار عربية عديدة. ونتابع بقلق اصطدام مفهوم الدولة الحديثة (!) في المنطقة العربية بمشاريع هدامة تنتقص من مفهوم الدولة الوطنية وتفرغ القضايا العربية من مضامينها، وتمس بالتنوع العرقي والديني والطائفي، وتوظفه في صراعات دموية برعاية أطراف خارجية ستعاني هي نفسها من تدمير كل موروث حضاري كان لشعوب المنطقة دور رئيسي في بنائه».

فجأة، انتبه الناس إلى أن «درع الجزيرة والخليج» بقيادته السعودية يضاهي أعظم الأساطيل الجوية في قوة التدمير. وكانت المشاهد جديدة ومثيرة، فمن زمن بعيد لم يتسنَّ للمواطن العربي أن يرى هذا الكمّ من الطائرات الحربية حاملة شعارات دول عربية عديدة، وهي تستعد للإقلاع في مشهد يشابه انقضاض النمر على الفريسة. ثم تأتي صور الانفجارات والدمار في المواقع التي قصفت شهادة دقة للطيارين الذين تختفي وجوههم وراء خوذهم المدببة.

ولأن الذكريات مرة، فقد قفز العرب بذاكرتهم إلى الخلف واستعادوا مشاهد «عاصفة الصحراء» وغارات الطيران الحربي الأميركي، ومعه «الطيران الحليف»، على كل ما كان قد تم بناؤه في العراق قبل صدام حسين ومعه، من أسباب العمران.

المسرح مُعدٌّ بإتقان: عشية القمة العربية السادسة والعشرين، والتي لم يكن لها موضوع يجمع أطرافها، ابتدعت السعودية ومعها إمارات الخليج العربي قضية «الهيمنة الإيرانية على اليمن عبر «الحوثيين» وفرضتها بنداً أول على جدول الأعمال. ففلسطين منسية تماماً ومغيّبة، وليبيا في عهدة الأمم المتحدة، وسوريا في عهدة الحرب المفتوحة فيها وعليها، والعراق يحاول توحيد قواه في مواجهة «داعش» وإبراز دور الجيش بديلاً من «الحشد الشعبي».

أما مصر، فقد تخطت محاولات إرهاب الداخل ووجدت الطريق الدولي للاستثمار وإعادة بناء دولتها وليس عاصمتها فحسب، وتونس تمسح الدماء عن متحفها وتتخوف من عمليات إرهابية جديدة، وليبيا تحاول استجماع أشتاتها الموزعة بين طبرق وبنغازي وسرت وطرابلس امتداداً إلى الجزائر فالمغرب. 

يمكن القول بل الاستنتاج أنه قد تم استنفار فقراء العرب ليخوضوا حرباً متوهمة حماية لأغنياء العرب بالعصبية المذهبية، عبر تعظيم الشبح الإيراني وكأنه قد استكمل أو يكاد يستكمل هيمنته على اليمن وسوف يتقدم منها ليمسك بأمن الجزيرة والخليج والمضائق والبحار عموماً. 

ومن أسف، فقد نجحت السعودية في مصادرة القمة بموضوع الخطر الإيراني الداهم، فإذا معظم الأنظمة العربية تنتظم في طابور حماية الأمن القومي العربي، قافزة من فوق كل الأعداء الفعليين والذين يحتلون الأرض والقرار العربي، وأولهم إسرائيل التي أعادت إلى رئاسة الحكومة بنيامين نتنياهو، وقد بات أشد تطرفاً والتزاماً بشعار «إسرائيل دولة يهود العالم»، وبعدها يأتي «داعش» ودولة خلافته الإسلامية في العراق والشام، ثم «النصرة» وآخر مشتقات «القاعدة» التي تضرب في أنحاء عربية كثيرة، أولها اليمن جنوباً وشمالاً. 

فجأة، ومن دون أي تمهيد، تحول «الحوثيون» في اليمن، وهم بعض فقراء أهلها المستبعدين عن السلطة، والذين تعرضوا لحملات عسكرية تأديبية عديدة، على أيدي نظام علي عبد الله صالح، إلى خطر داهم على الأمن القومي العربي يهدد جيرانه الأغنياء ويفرض عليهم مواجهته بأقوى ما لديهم من سلاح. 

تم تصوير «الحوثيين»، وهم الأرقى نسباً في العرب العاربة، وكأنهم طابور خامس لإيران في اليمن السعيد، أو طليعة لجيوش منها ستجتاح بلاد الذهب الأسود في الجزيرة والخليج. 

فجأة، ارتفعت صيحات الحرب في أجواء الجزيرة العربية، واحتلت صور الطائرات الحربية حاملة أعلام المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر والبحرين، صدر الصفحات الأولى للصحف ومقدمات نشرات الأخبار المتلفزة. وشاهدنا الأمراء في غرف العمليات العسكرية بينما كانت الحرائق تندلع في خلفيات الصور توكيداً لإصابة الأهداف المحددة في مختلف أنحاء اليمن وتدميرها. 

فجأة، أعلن عن قيام حلف عسكري بين دول النفط العربي جميعاً ومعها أفقر الدول العربية مصر والسودان والمغرب والأردن، مع إسناد باكستاني معلن، وتأييد تركي، ورعاية أميركية، لمقاتلة الحوثيين في اليمن ومنع إيران من الوصول إلى باب المندب والتحكّم بالبحر الأحمر وبحر العرب من خلال التمركز في خليج عدن. 

اللافت أن جيوش المواجهة الجديدة ستكون من أبناء الأقطار العربية الفقيرة، وربما لهذا اختيرت الخرطوم مقراً للقيادة العتيدة، خصوصاً وقد قبلت توبة رئيسها المشير عمر حسن البشير، فزار الرياض مهنئاً «العهد الجديد» فيها، ثم قدم أرض بلاده لتكون ميدان التدريب لقوات المواجهة الجديدة، مع من تقرر تعيينه «العدو الجديد» للأمة بديلاً من الإسرائيلي الذي ثبتت عبثية قتاله، وهو الأقدر والأقوى بجيشه وسلاحه وصداقاته الدولية قبل الحديث عن حليفه ـ شريكه: الولايات المتحدة الأميركية. 

والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: ألم ينتبه القادة في هذه القمة العربية التي تولت السعودية فرض جدول أعمالها الى ان تعظيم الخطر الإيراني وإحلال إيران في خانة العدو محل إسرائيل، إنما يتسبب في تحوير طبيعة الصراع وبالتالي ضرب الجامع القومي بين العرب، وتعظيم خطر تعدد الانتماءات المذهبية داخل الدين الحنيف، وهو خطر كان قد تم تجاوزه منذ زمن بعيد، والعودة إليه تأخذ الى الانقسام والاحتراق بنار الفتنة ولا توصل الى التحرير ومعه المستقبل الأفضل الموعود. 

ولقد تعود العرب من مصر، تحديداً، ان تكون هي السد المنيع في وجه مخاطر الفتنة بين المسلمين، وأن تكون بتراثها الإيماني وبأزهرها وعلمائها وبدورها القيادي في الأمة السد المنيع في وجه محاولات إثارة الفتنة بين أتباع الدين الحنيف، بل وبين أبناء الأمة بأكثريتهم الإسلامية وأقلياتهم الدينية. 

ولعل الحماسة السعودية لهذه الحرب المباغتة تعلن على دولة أخرى لم تعتد عليها ولم يخرق جنودها الحدود، هي التي جرفت القمة بعيداً عن الأهداف الأصلية لها، وبينها المخاطر التي تتعرض لها الأمة جميعاً وبأقطارها العديدة في المشرق والمغرب وبين عناوينها المنظمات الإرهابية للتطرف الديني التي استدرجت وتستدرج القوى العسكرية للغرب الاستعماري الى العودة الى منطقتنا في صورة «ملائكية»، وكأنها آتية لتنقذنا من «الإرهاب» وهي التي رعت منظماته طويلاً، وتغاضت عن عمليات تمويله ببيع النفط السوري والعراقي عبر تركيا حتى الى إسرائيل فضلاً عن المصادر الأخرى التي تعرفها يقيناً. 

ومن أسف أنها قمة حربية، بينما كان الرعايا العرب ينتظرون قمة للتضامن من أجل القضاء على الإرهاب ومنظماته الدولية التي تدمر أكثر من قطر عربي، وتهدد أقطاراً أخرى بينها من أراد للقمة هدفاً وحيداً وحقق مبتغاه.. على حساب قضايا الأمة والأمل بتوحدها لحماية مصيرها.

 

  كلمات مفتاحية

السعودية القمة العربية اليمن الحوثيين إيران عاصفة الحزم

قمة الحزم: الفقراء عسكر للأغنياء!

وزير الصناعة اللبناني: موقف «سلّام» في القمة العربية لا يعبَر عن وجهة نظر لبنان!

قمة شرم الشيخ تؤيد «عاصفة الحزم» .. وتقر إنشاء قوة عربية مشتركة

«خوجة» يعرب عن أسفه لعدم دعوة «الائتلاف الوطني» لتمثيل سوريا في القمة العربية