ذي إيكونوميست: مصر أوقفت برنامج الخصخصة.. والقادم صعب

الجمعة 26 أكتوبر 2018 08:10 ص

قالت مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية إن مصر علقت برنامج الخصخصة الجزئي الذي أعلنت عنه، قبل أسابيع؛ بسبب نفور المستثمرين من الأسواق الناشئة، مشيرة إلى أن الحكومة المصرية كانت تأمل بحصد 10 مليارات جنيه (حوالي 500 مليون دولار) من وراء هذا الطرح لعدد من الشركات، إلا أن الحظ لم يحالفها.

وفي تقرير لها بعنوان "مصر توقف خصخصة الشركات المملوكة للدولة"، قالت المجلة إن امتلاك شركة سجائر من المفترض أن يكون طريقة مضمونة لكسب المال في بلد نصف رجاله مدخنين، مثل مصر، وهو أحد أعلى المعدلات في العالم، وفي الوقت نفسه فإن القيود المفروضة على التدخين تكاد تكون منعدمة.

وأضافت أن ضريبة القيمة المضافة وضرائب أخرى دفعت أسعار السجائر إلى الارتفاع بشكل جنوني في 2016 بنحو 20%، ورغم ذلك قليل من المدخنين أقلعوا عن تلك العادة، وسجلت الشركة الشرقية للدخان (حكومية) أرباحا بقيمة 4.2 مليارات جنيه (239 مليون دولار) في آخر سنة مالية لها، بزيادة 43% عن السنة السابقة.

وأردفت المجلة البريطانية: "لذلك، عندما أعلنت الحكومة المصرية عن خطط لبيع 4.5% من الشركة الشرقية للدخان كان ينبغي أن تكون عملية سهلة".

وتابعت: "وكان من المقرر أن تكون الشركة الشرقية للدخان ضمن أولى 5 شركات معروضة للبيع هذا العام، كجزء من جهود لخصخصة القطاع العام المتضخم".

لكن مع قلق المستثمرين بشأن وضع الأموال في الأسواق الناشئة عموما، حسب المجلة، اضطرت الحكومة إلى تعليق عملية الخصخصة هذه، علما أن مؤشر أسهم الأسواق الناشئة انخفض 25% عن ذروته الأخيرة المسجلة في يناير/كانون الثاني 2018، لدرجة أن الشركات الخاصة المصرية لا ترغب بطرح أسهمها للتداول العام.

وقالت إن أسهم "الشرقية للدخان" انخفضت بنسبة 16% الشهر الماضي بشكل غريب.

وأشارت "ذي إيكونوميست" إلى أن تعليق برنامج الخصخصة جاء في وقت تحاول الحكومة المصرية عكس مسار عقود من السياسة الاقتصادية "السيئة"، على حد تعبير المجلة، عن طريق خفض الدعم، وتقليص عدد الشركات التي تديرها الدولة، من أجل السيطرة على عجز مالي ضخم تبلغ نسبته 9.7% من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن حظ الحكومة بدأ بالنفاد.

وأوضحت أن وزارة المالية كانت تأمل بجمع 10 مليارات جنيه من خلال العروض العامة هذه السنة، لتخفيض العجز إلى 8.4% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية الحالية التي تنتهي في يونيو/حزيران المقبل.

لكن هذا الهدف يبدو الآن بعيد المنال.

وحسب المجلة البريطانية، أضاف ارتفاع أسعار النفط العالمية ضغطا على الميزانية الحكومية؛ حيث لا تزال الحكومة تدعم البنزين وغاز الطهي.

ورفعت مصر أسعار الوقود 3 مرات خلال عامين، كان أحدثها في يونيو/حزيران الماضي، عندما قفزت أسعار بعض أنواع البنزين بنسبة 50%، كما زادت أسعار غاز الطبخ بوتيرة أسرع، وكان الهدف من الزيادة الأخيرة تخفيض 50 مليار جنيه (2.7 مليار دولار) من فاتورة الدعم السنوية.

غير أن موازنة السنة المالية الحالية تستند إلى سعر برميل نفط يبلغ 67 دولارا، في حين أن السعر لم ينخفض إلى هذا المستوى منذ أبريل/نيسان الماضي.

وقالت الصحيفة إنه خلال كتابة سطورها تلك، كان برميل خام القياس العالمي مزيج برنت تجاوز 76 دولارا.

ويشير التقرير إلى أن كل دولار زيادة في سعر برميل النفط يعني 4 مليارات جنيه إضافية (224 مليون دولار) في تكاليف الدعم، ما يعني أن ارتفاع سعر النفط قضى على المدخرات التي حصلتها الحكومة المصرية من قرارات رفع أسعار الوقود.

ومع استعداد الولايات المتحدة لإعادة فرض العقوبات على قطاع الطاقة الإيراني اعتبارا من 4 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، يتوقع محللون أن يكون سعر النفط أكثر إحباطا العام المقبل؛ ما يعني تكبّد الحكومة المصرية مزيداًمن الأثمان، حسب المجلة.

ويلاحظ التقرير أيضا أن مصر تعاني من عجز في حسابها الجاري يبلغ 6 مليارات دولار سنويا، تعادل 2.4% من الناتج المحلي الإجمالي، وتلجأ إلى تغطيته عبر الاقتراض في الخارج.

كما أنها تدين للأجانب بمبلغ 93 مليار دولار تعادل 37% من الناتج المحلي، صعودا من 16% من الناتج قبل عامين، علما أن نحو رُبع هذه الديون مستحق خلال العامين المقبلين.

وقالت المجلة إن وزارة المالية المصرية اضطرت إلى إلغاء 4 مزادات سندات متتالية في سبتمبر/أيلول الماضي، بعدما طلب المشترون المحتملون عوائد مرتفعة.

وتضيف "ذي إيكونوميست" أن الحيازات الأجنبية من سندات الخزانة المصرية انخفضت 39% خلال الأشهر الستة المنتهية في سبتمبر/أيلول الماضي.

ويختم التقرير بالقول إن "في ضوء كل هذا، قد يحتاج البيروقراطيون المحاصرون في مصر لإشعال سيجارة ونفث الدخان".

  كلمات مفتاحية

مصر خصخصة الشرقية للدخان الموازنة العامة أسعار النفط دعم الوقود خسائر

تشكيك في قدرة مصر على تنفيذ برنامج خصخصة القطاع العام

لائحة جديدة للعاملين بقطاع الأعمال في مصر.. تمهيد للخصخصة وإضرار بالعمال