استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

قوة عربية مشتركة لقمع الثورات

السبت 11 أبريل 2015 07:04 ص

طوال سبعين عاماً من تأسيس الجامعة العربية، وأكثر من نصف قرن من استقلال معظم البلدان العربية، فشل العرب في تطبيق ميثاق التضامن العربي واتفاقية الدفاع العربي المشترك، وبقي الموقف من الميثاق والاتفاقية مجرد كلام وتأييد لفظي وصيغ تُزيّن التصريحات والخطابات الجماهيرية، إضافة لفشلهم في تعديل ميثاق الجامعة لينص على إلزامية تنفيذ القرارات المتخذة بالأكثرية. وبقي الإجماع هو المطبّق، حيث كانوا دائماً يصرون على الإجماع لتنفيذ قراراتهم. ولم يكن إجماعهم في الغالب الأعم سوى على القرارات التي لا لون لها ولا طعم ولا رائحة.

أي، في الخلاصة، لم يكن هناك أي مفعول جدي لقرارات الجامعة بما فيها قرارات القمة العربية، باستثناء تلك المتعلقة ببعض الشؤون الاجتماعية أو الصحية أو التعليمية أو ما يشبهها. أما الشؤون السياسية والقومية وشؤون الدفاع المشترك وحماية الأمن القومي العربي، فلم يُتخذ قرار واحد جدّي وينُفّذ، سواء اتخذه مجلس الجامعة أم الرؤساء، باستثناء قرارات وزراء الداخلية العرب لما لها من علاقة بأمن الأنظمة السياسية.

لقد اتخذ مؤتمر القمة العربي الذي عُقد نهاية آذار الماضي في شرم الشيخ قراراً مفاجئاً يقضي بتشكيل قوة عربية مشتركة هدفها المعلن حماية الأمن القومي العربي، على أن يحدّد رؤساء الأركان العرب طرائق تشكيل هذه القوة وأساليب عملها وتمويلها وهيكليتها وقيادتها ومقرّها وطرائق تدخلها لتأدية المهمات الأساسية التي شكلت من أجلها. 

يُلاحظ أمران في تشكيل هذه القوة. أولهما أن المشاركة بها اختيارية تعود لكل دولة عربية، وبالتالي فهي ليست قوة واحدة صلبة منسجمة، بل قوى متعددة بعدد البلدان المشاركة فيها. وثانيهما أن تدخّلها يتم بدعوة من السلطة السياسية في البلد المهدد، وهذا يعني بصريح العبارة أنها في الأساس تتدخّل لإنقاذ سلطة قائمة أو نظام قائم.

ومع أن ظاهر الأمر يشير إلى أن تدخّلها يهدف لحماية أمن الدولة من عدوان خارجي، إلا أن المضمَر في الأمر هو التدخل لحماية النظام أو السلطة من انتفاضات داخلية أو ثورات داخلية بحجة مواجهة الإرهاب. وعلى ذلك، فسوف تكون هذه القوة وسيلة بيد الأنظمة القائمة والسلطات القائمة لمواجهة أي ثورة أو تمرّد أو انتفاضة ضدها. وبالتالي حماية هذه الأنظمة وإبقائها كما هي حالياً من دون تغيير أو تطوير، ودعم ممارساتها القائمة ومعاييرها مهما كانت متناقضة مع معايير الدولة الحديثة وخاصة معايير الحرية والديموقراطية.

ولعل الإشارة إلى خطر الإرهاب في قرار تشكيل هذه القوة يبرر نجدة النظام أو دعوة التدخل في الشؤون الداخلية، ذلك أن بإمكان أي نظام أن يزعم أن المطالب الشعبية أو الانتفاضات أو الثورات هي أعمال إرهابية وبالتالي تستحق التدخل.

من المفروض أن يقوم رؤساء الأركان الذين سيجتمعون خلال شهر بتحديد المكان الدائم لوجود هذه القوة أو إقرار إبقائها في بلدانها على أن تتجمّع عند الدعوة، وأن يسمّوا القيادة والدولة التي تقود هذه القوة، والجهات التي تموّلها، وحجم موازناتها وطرق تسليحها، وهل تخصص كل دولة كتائب متفرغة وأسلحة لهذه القوة أم يتم فرز فئات من قواتها العسكرية عند الحاجة.

ثم يمكن الزعم أن هذه القوة العسكرية ستكون مفككة الأوصال غير جدية ولن تملك تسليحاً كافياً للدفاع عن البلد العربي إذا تم الاعتداء عليه من الخارج. وستقتصر هذه الأسلحة على مقاومة الثورات والانتفاضات، وستكون مؤلفة من فصائل عسكرية متنوعة غير منسجمة ومن مذاهب عسكرية مختلفة. وعليه، فإن الصعوبات تزدحم أمام تشكيل هذه القوة وتحديد أهدافها وأساليب عملها.

وبالتالي، فمن المشكوك فيه أن يكون لها جدوى حقيقية في تحقيق الأمن القومي للبلد المعتدى عليه، باستثناء التهديد الموجّه إلى لنظامه السياسي من شعبه. 

مما لا شك فيه أن البلدان العربية بحاجة حقيقية لقوة قادرة على ردع العدوان الخارجي إذا حصل. ولكن دوافع مؤتمر القمة، كما يبدو، كانت تتجه لحماية الأنظمة القائمة من انتفاضات شعوبها أكثر من اهتمامها بالأمن القومي. ولذلك قرر المؤتمر بسرعة، على خلاف العادة، تشكيل هذه القوة، لأن الخلفية بذهن الرؤساء لا تتجاوز قمع الحركات الداخلية، كي تستطيع الأنظمة السياسية القائمة حماية نفسها من حركات الداخل وانتفاضاته ومطالبه، وتحتمي بهذه القوة العربية المشتركة وتستقوي بها ضد أي محاولة لإسقاطها.

وعلى ذلك، فإن الرؤساء العرب بقرارهم هذا إنما كانوا يهدفون إلى إبقاء الحال القائم كما هو إلى أمد بعيد، وتجنّب أن يحدث ما حدث منذ أربع سنوات أي تجنّب أي ربيع عربي جديد.

إن المهدّد الرئيس للأمن القومي العربي هو العدوان الإسرائيلي المستمر منذ ما يقارب السبعين عاماً، وكذلك احتمال تدخل عسكري أجنبي جديد، سواء كان من جهة إقليمية أو جهة دولية. ولن تستطيع القوة العربية العسكرية المقترحة مواجهة مثل هذا التدخل أو العدوان، لأنها لا تملك الجدارة اللازمة والإمكانيات المطلوبة والقدرات العسكرية والمهنية الكافية لردّه، لأنها مهيأة للتغلب على الشعوب ونصرة الأنظمة لا لمواجهة العدوان الخارجي وسطوته العسكرية وقدراته الكبيرة.

ستكون هذه القوة خاضعة لقرار واحدة من اثنتين من السلطات العربية، إما لقرار الدولة ذات المشاركة الأكبر عسكرياً أو لقرار تلك المموّلة الرئيسة. أما بقية المشاركين الذين سيكون لهم مجموعات عسكرية صغيرة، فلا شأن لهم باتخاذ القرارات الفعلية، سواء منها مبدأ قبول التدخل أم شكله أم مدى اتساعه. وهذه كلها ستبقى إما بيد المشارك بقوة أكبر أو بيد المموّل الرئيس أو بأيدي كليهما.

وبالتالي، ستكون القوة العربية مجرد مبرر قانوني لهاتين السلطتين للتصرف بالقوة المشتركة، وسيمنحهما هذا إمكانيات التدخل المباشر. ولدينا تجربة مماثلة هي القوة العربية المشتركة التي دخلت لبنان في الربع الأخير من القرن الماضي، حيث تحوّلت في الواقع إلى وسيلة بيد سوريا التي كان لها القوة العسكرية الأكبر. وأصبحت قوة الردع العربية (كما سُمّيت) قوات ردع سورية في حيز الواقع، تطبق السياسة السورية ورغبات السلطة السورية، وهذا ما سيكون عليه الأمر بالنسبة للقوة العربية المشتركة المقبلة.

من البديهي في الظروف السياسية القائمة إقليمياً ودولياً أن قرار التدخل الفعلي لهذه القوة العسكرية المشتركة يحتاج ضمناً لموافقة دول كبرى أو تجمّعات دولية كبرى، لأن صاحب القرار لن يقامر باتخاذ قراره منقرداً. لهذا، ولأن معظم الأنظمة العربية هي أنظمة شمولية، فستكون مهمتها حماية الأنظمة الشمولية العربية وإلغاء الحرية والديموقراطية، وإبقاء الأنظمة متسلّطة وشبه دكتاتورية، والسكوت عن الفساد وعن ممارسات الدولة الأمنية، وبالتالي إفشال أي ربيع عربي محتمل وإبقاء البلدان العربية تعيش برد الشتاء وظلامه. 

إن الأمر الغريب هو سهولة اتخاذ مثل هذا القرار، وفي الوقت نفسه، خفوت ردود الفعل عليه سلبية كانت أم إيجابية، وكأنه ليس قراراً مفصلياً في تاريخ العرب، خصوصاً أنه من المفروض أن هذا القرار سيغيّر مستقبل العرب من خلال حماية أمنهم، وأن يرعب إسرائيل وهي العدو الغاصب، وأن يردع الطامعين في التدخل المباشر بشؤون البلدان العربية ويُخيفهم. والملاحظ أن كلاً من ذلك لم يحصل، وكأن القرار الذي اتخذ غير جدي ولا شأن له بالدفاع عن الأمن القومي العربي، وإنما يقتصر على الدفاع عن الأنظمة العربية ومواجهة شعوبها ومطالب هذه الشعوب.

 

  كلمات مفتاحية

القوة العربية المشتركة الحرية الديموقراطية الفساد الدولة الأمنية الأنظمة المتسلطة

«ستراتفور»: لماذا قد لا تنجح قوة عربية مشتركة في أداء مهامها؟

لماذا يجب على الولايات المتحدة دعم مشروع ”الناتو العربي“؟

لماذا قد تصبح القوة العربية المشتركة كابوسا للمنطقة؟

رئيس الأركان المصري: تشكيل القوة العربية ليس موجها ضد أحد ولا يهدد أحدا

الأنظمة العربية والحرب العالمية على شعوبها

رئيس الأركان المصري يؤكد ضرورة الانتهاء من تشكيل «القوة العربية» قبل 29 يونيو

«القوة العربية المشتركة» تمضي بخطوات سريعة وتساؤلات حول أهدافها وتأثيرها

وهن الجيوش العربية

«بروكينجز»: لماذا تفشل الأنظمة العربية في مكافحة التمرد؟

لماذا تأجل اجتماع إقرار القوة العربية المشتركة؟

إعلامي ليبي في الإمارات يتهم الملك «سلمان» بتعطيل القوة العربية بأمر واشنطن

5 سنوات على الثورات العربية .. العجز الفكري ومسألة السياسة