«القوة العربية المشتركة» تمضي بخطوات سريعة وتساؤلات حول أهدافها وتأثيرها

الاثنين 25 مايو 2015 05:05 ص

بالمقارنة مع أوجه التعاون العربي المختلفة، يسير مشروع تشكيل «القوة العربية المشتركة» بخطوات سريعة، هذه السرعة اللافتة للانتباه تبدو مثيرة للانتباه، مثيرة سؤالاً من بين أسئلة كثيرة بشأن أهداف القوة المشتركة وتأثيراتها الاقليمية في ظل ما يجري في الوطن العربية من أحداث خطيرة.

كثيرة هي مشاريع التعاون بين الدول العربية التي اقترحت منذ عقود، ولم يسجل معظمها أي تقدم، إلى أن طواها النسيان وتجمدت في أدراج جامعة الدول العربية. 

لكن مشروع «القوة العربية المشتركة» يسير بإيقاع أسرع من المعتاد، ففي فبراير/شباط الماضي، دعا الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» الى تأسيس تلك القوة المشتركة، بعدما تم تجاهل دعوته الى التدخل الدولي في ليبيا. بعد شهر على تلك الدعوة، وتحديداً في مؤتمر القمة العربية في شرم الشيخ، كان الزعماء العرب يقبلون دعوة «السيسي»، ويقررون عقد اجتماع لرؤساء أركان القوات العربية، بهدف اتخاذ الخطوات اللازمة لتأسيس القوة المشتركة. وبالأمس انتهى الاجتماع الثاني لقادة الجيوش العربية كافة، رؤساء أركان الدول الاعضاء في الجامعة العربية، ما عدا سوريا، المعلقّة عضويتها، والجزائر، التي اقتصر تمثيلها على مستوى المندوب الدائم. 

الاجتماع الذي عقد على مدار يومين برئاسة رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الفريق «محمود حجازي» انتهى بدراسة مشروع البروتوكول الاختياري لإنشاء القوة العسكرية المشتركة، والذي يحدد مهماتها وميزانيتها وتشكيلها وهيكلها التنظيمي والإداري. 

وتم الاتفاق على عرض المشروع على الدول العربية لإبداء رؤيتها بشأنه وإرساله إلى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية خلال أسبوعين تمهيدا لعقد اجتماع آخر لرؤساء الأركان للنظر في وضع مشروع البروتوكول في صياغته النهائية، ومن ثم عرضه على رئاسة القمة العربية (مصر) لإجراء المشاورات اللازمة مع القادة العرب.

وفي كلمته أكد «حجازي» أن «مسؤولية حماية الأمن القومي لكل دولة عربية يقع على عاتق قواتها المسلحة، داخل حدودها»، وشدد على أن «المواجهة الأحادية من جانب القوة المسلحة الوطنية داخل حدود البلد الواحد، غير كافية في حالات عدة، الأمر الذي يعظم من الحاجة لإيجاد آليه جماعية».

واعتبر أن «التحديات التي تواجه الأمن القومي العربي الجماعي، باتت متشابكة وتمتد عبر الحدود دون عائق»، مؤكدا أن «ما يدور في أي بلد عربي، من اقتتال داخلي، أو افتئات على السلطة الشرعية، أو استفحال للتنظيمات الإرهابية.. لا يمكن غض الطرف عنه، تحت وطأة الاعتقاد الخاطئ بأن تأثير هذه الآفات، على اختلاف صنوفها ومسبباتها، لن يطال بقية الدول العربية، بشكل مباشر أو غير مباشر».

ولفت «حجازي» إلى أن القوة العربية المشتركة، المقترح تشكيلها، ستكون «جاهزة للتدخل السريع، إذا ما اقتضت الضرورة لذلك، وبناءً على طلب من الدول المعنية، وبما لا يمثل أي انتقاص من سيادتها واستقلالها، اتساقاً مع أحكام ميثاقي الأمم المتحدة والجامعة العربية، وفى إطار من الاحترام الكامل لقواعد القانون الدولي».

وفي البيان صدر عقب الاجتماع العسكري، أشاد الأمين العام لجامعة الدول العربية «نبيل العربي» بما تم التوصل إليه من توافق حول مختلف القضايا المتعلقة بإنشاء وتشكيل القوة العربية المشتركة لصيانة الأمن القومي العربي ومكافحة الإرهاب. 

وأشار «العربي» إلى «روح الإخاء والتضامن التي سادت مناقشات رؤساء الأركان، وما تميزت به من إيجابية وتوجيهات بناءة أجمعت على ضرورة تشكيل هذه القوة لمواجهة المخاطر الجسيمة والتحديات الخطيرة التي تهدد الأمن القومي العربي».

وأوضح «العربي» أن الاجتماع تناول بحث المسائل ذات الصلة بمختلف الجوانب التنظيمية والقانونية بشأن تشكيل القوة العربية المشتركة، وأهدافها والمهام المناطة بها، وآليات عملها وتمويلها، والإجراءات الخاصة باتخاذ القرار بشأن طلب استخدامها والاستعانة بها، وطبيعة تدخلها خلال تنفيذها للمهمات التي يتم تكليفها بها.

واعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن ما تم التوصل إليه خلال الاجتماعين الماضيين يمثل إنجازاً مهماً على طريق استكمال بناء منظومة الأمن القومي العربي، وإيجاد ركائز قوية تكفل استتباب الأمن واستقرار دول المنطقة.

الأهداف والتأثيرات

وبينما يقترب مشروع تشكيل «القوة العربية المشتركة» من التحقق، فإن الأسئلة حول طبيعة القوة وأهدافها وتأثيرها على الأوضاع الإقليمية والتوازنات القائمة تطرح نفسها.

وفي هذا الإطار، قال مساعد وزير الخارجية المصري السابق للشؤون العربية السفير «هاني خلاف» أنه «يمكن فهم السرعة التي جرت بها خطوات بناء القوة العربية المشتركة إذا وضعنا في الاعتبار أن المشاركة فيها اختيارية. وبالتالي فإن الخطوات لا تنتظر إجماعاً عربياً».

وأضاف: «في الواقع، هناك تحالف عسكري قائم بالفعل بين مصر والسعودية والإمارات والأردن. والمشروع يقنن هذا التحالف ويضيف إليه. وهناك دول ستبقى بعيدة عن هذا التحالف، مثل الجزائر وعمان، فيما هناك دول وضعها لا يسمح بالدخول في هذا التحالف. وفي كل الأحوال ستتوقف المشاركة في هذه القوة على القدرة والجاهزية لكل دولة».

وتابع: «كانت هناك شكوك في التوصل لاتفاق سريع حول القوة العربية المشتركة، ولكن الإصرار المصري السعودي دفع الأمر الى الأمام، وإذا نجحت جامعة الدول العربية في بناء القوة العربية المشتركة ستكون خطوة كبيرة للأمام».

كما رأى «خلاف» أن مشروع القوة المشتركة سيكون محددا بأهداف حماية الأنظمة الشرعية في الدول العربية، وحماية حدود الدول العربية واستقرارها، موضحا أنه «بالنسبة الى التوازن في المنطقة، فلا الإيرانيون ولا الأميركيون ولا الروس ينزعجون من هذه القوة، لأن طبيعتها ومهامها وحجمها لن تكون مؤثرة في التوازنات القائمة حاليا».

ويبدو أن الأهداف التي تظهر أمام القوة العربية المشتركة، مثل حماية الأنظمة والاستقرار والحدود تتفادى بوضوح وضع خصم محدد أمامها. بالرغم أن بعض الخصومات في المنطقة أوضح من أي محاولة لإخفائها.

وفي هذا الإطار، قال اللواء «محمد رشاد»، وكيل جهاز المخابرات العامة المصري الأسبق، أنه «من الواضح جدا أن الخصم الأساسي أمام القوة العربية المشتركة هو خطر الإرهاب، الذي أصبح ينفذ عبر حدود أغلب الدول العربية. ومواجهة هذا الخطر ليست الهدف من تشكيل القوة العربية المشتركة فحسب، بل انها الباعث الأساسي على تأسيسها».

وأضاف «لا يمكن القول أن القوة العربية المشتركة ستحدث تغييراً في توازنات القوى في الشرق الاوسط، لأن ذلك سيكون أكبر من قدراتها. فحتى مواجهة النفوذ الإيراني سيكون أكبر من قدراتها، خصوصاً في ظل التطور على مستوى المفاوضات النووية».

كما رأي «رشاد» أن «السعودية تبحث عن خلق التوازن مع إيران عبر التحالف مع تركيا وليس عبر القوة العربية»، وتابع «حتى في ما يتعلق بإسرائيل، فإن تشكيل القوة العربية المشتركة لا يناقض مصالح تل ابيب، التي تعتبر الإرهاب تهديدا لأمنها».

وخلص إلي أن «أقصى ما يمكن للقوة العربية المشتركة الوصول إليه هو مواجهة الإرهاب».

وشاركت 18 دولة عربية في اجتماعات القاهرة، على مستوى رؤساء الأركان، فيما ممثل الجزائر واليمن وجزر القمر على مستوى المندوبين الدائمين في الجامعة العربية، بينما خلا مقعد سوريا، بسبب تعليق مشاركة الوفود السورية في اجتماعات الجامعة منذ عام 2012.

 

  كلمات مفتاحية

القوة العربية المشتركة السعودبة مصر الجيش العربي القوة المشتركة

لماذا قد تصبح القوة العربية المشتركة كابوسا للمنطقة؟

لماذا يجب على الولايات المتحدة دعم مشروع ”الناتو العربي“؟

«ستراتفور»: لماذا قد لا تنجح قوة عربية مشتركة في أداء مهامها؟

قوة عربية مشتركة لقمع الثورات

قمة شرم الشيخ تؤيد «عاصفة الحزم» .. وتقر إنشاء قوة عربية مشتركة

وأخيرا ... ”الجيش العربي“ قادم؟!

«موغريني»: الحل العسكري لا يكفي للقضاء على «الدولة الإسلامية»

مصدر دبلوماسي: الجزائر طلبت تأجيل إقرار القوة العربية المشتركة

مشاورات عربية لتحديد موعد إقرار بروتوكول إنشاء «القوة العربية المشتركة»

تأجيل اجتماع وزراء الخارجية والدفاع العرب الخاص بإنشاء القوة العربية المشتركة

الجامعة العربية تستعد لإقرار بروتوكول تشكيل القوة المشتركة

الخميس .. وزراء الخارجية والدفاع العرب يوقعون بروتوكول إنشاء القوة المشتركة

تأجيل اجتماع مجلس الدفاع العربي المشترك للمرة الثانية

كاتب مصري بارز: السعودية جمدت مشروع «السيسي» في ليبيا