ممر الاقتصاد الصيني الباكستاني.. مشروع يغير موازين دولية

الأربعاء 28 نوفمبر 2018 11:11 ص

في عام 2014، وقعت الصين وباكستان اتفاقية مشروع الممر الاقتصادي المشترك "CPEC" بين البلدين، بكلفة إجمالية مقدرة بـ64 مليار دولار، والذي من شأنه أن يغيّر موازين القوى الدولية في المنطقة.

ويهدف المشروع إلى ربط مقاطعة "شينشيانغ" الصينية ذات الأهمية الاستراتيجية شمال غربي البلاد، بميناء غوادار الباكستاني، من خلال شبكة من الطرق والسكك الحديدية وخطوط الأنابيب لنقل البضائع والنفط والغاز.

ومن شأن المشروع أن يوفر للصين أقل تكلفة نقل إلى أفريقيا والشرق الأوسط، فيما سيعود على باكستان بمليارات الدولارات لتوفيرها تسهيلات العبور لثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وبهذا الخصوص، يتحدث السيناتور الباكستاني "محمد طلحة"، في مقابلة مع الأناضول، عن الأهمية الاستراتيجية للمشروع، وإسهامه المتوقع في تعزيز اقتصاد بلاده والمنطقة، فضلًا عن قضايا أخرى.

ويقول "طلحة"، وهو رئيس مجلس مشروع الممر الاقتصادي من الجانب الباكستاني، إن المشروع يحمل أهمية استراتيجية كبرى، وإنه سيساهم في تعزيز اقتصاد باكستان والمنطقة، فضلًا عن تنظيم خطوط نقل وإيصال لمصادر الطاقة.

وفيما يتعلق بمراحل المشروع، "يشير طلحة"، أنه يتضمن خطوتين أساسيتين، سيتم اتخاذ الأولى على المدى القريب، والثانية على المدى البعيد، دون توضيح.

ويبيّن أن التسهيلات في نقل وإيصال موارد الطاقة، "ستساهم بشكل إيجابي للغاية على المدى القريب في نمو الاقتصاد الباكستاني، لكن المساهمات الأهم للمشروع، سيتم اتخاذها على المدى البعيد على شكل خطوات".

ويلفت إلى أنه سيتم بناء 29 مدينة صناعية على مسار الممر الاقتصادي، ما من شأنه تأمين فرص عمل كثيرة، وبالتالي تحقيق تنمية اقتصادية وزيادة مستوى الرفاهية بالبلاد.

وفي ذات الصدد، يتطرق "طلحة" إلى مشروع أطلقته بلاده عام 2015 وانتهت منه مؤخرا، بهدف تشكيل نظام لتوليد الكهرباء يتضمن تأمين مصادر طاقة من الفحم والشمس والماء والرياح، في مشاريع قال إنها "مكمّلة لمشروع الممر الاقتصادي، خاصة مشروعي الطاقة الشمسية، وطاقة الفحم".

وحاليا، يجري العمل على إنشاء بحيرات على المجاري المائية، وتأسيس محطات كهرومائية، وهو ما سيساهم عند الدخول في مرحلة توليد الكهرباء منها، وستنخفض كلفة الكهرباء في البلاد بشكل كبير، وفق المسؤول.

وعن موقف الولايات المتحدة الأمريكية من المشروع، يقول "طلحة" إن "المشروع لم ينل إعجاب واشنطن يومًا، ولن يعجبها في المستقبل أيضا".

ويتابع مستدركا: "لكن هذا هو حال السياسة الدولية، دائما هناك أصدقاء وأعداء".

وحول رؤيته لموازين القوى الدولية، أشار "طلحة" إلى أن "للولايات المتحدة والصين اقتصادات قوية، وعلاقات اقتصادية وتجارية".

وردًا على سؤال حول موقف الشعب الباكستاني من انتشار الكثير من الصينيين في بلادهم في إطار المشروع، يوضح "طلحة" أن الصينيين لن يكونوا أحرارا في التجول بالبلاد، بل سيتوجب عليهم الحصول على أذون من وزارة الداخلية لزيارة الأماكن الحساسة على وجه الخصوص.

ويكشف "طلحة" أن بلاده شكلت فريقا أمنيا خاصا يضم عناصر من الشرطة والجيش والقوات الخاصة، بهدف الحفاظ على أمن مشروع الممر الاقتصادي.

وفي معرض حديثه عن العلاقات بين بلاده وتركيا، يلفت "طلحة" إلى أنه يشغل منصب رئيس مجموعة الصداقة بين برلماني البلدين، في حين يترأس المجموعة التركية النائب عن ولاية غازي عنتاب، "علي شاهين بي".

ويؤكد أن العلاقات الرابطة بين الشعبين التركي والباكستاني "فريدة من نوعها، وقائمة على صداقة وشراكة عميقة"، مشيرًا إلى أن "الأتراك يحظون باحترام كبير في كافة أجزاء البلاد، كما هو الحال بالنسبة للباكستانيين في تركيا".

ويبيّن أن جمهورية باكستان تأسست عام 1947، وأنها كانت تتمتع بعلاقات مع الدولة العثمانية قبل تأسيسها أيضًا، وأنها وقفت إلى جانب الأخيرة على الدوام في شبه الجزيرة الهندية.

ويرى المسؤول الباكستاني أن البلدين "لطالما وقفا إلى جانب بعضهما البعض، خصوصًا في الأوقات الصعبة، وأن الشعب الباكستاني باختلاف مكوناته يجتمع على محبة تركيا".

ويستشهد "طلحة" على ما تقدم بالتضامن الفوري الذي أبدته إسلام آباد مع تركيا عقب محاولة الانقلاب الفاشلة التي استهدفت البلد الأخير منتصف يوليو/تموز 2016.

وفي هذا السياق، يتطرق "طلحة" إلى الكلمة التي ألقاها الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، أمام البرلمان الباكستاني، مشيرًا إلى أنها "حظيت باهتمام وتأييد كبيرين من كافة ممثلي الأحزاب".

وفيما يتعلق بقضية مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي"، يشيد السيناتور الباكستاني بأداء المخابرات التركية.

ويقول "طلحة" إن المخابرات التركية "جمعت كافة الأدلة اللازمة وأطلعت الرأي العام الدولي عليها، لتعيق بذلك مساعي جر تركيا إلى مأزق كبير"، دون توضيح لتلك الجزئية.

ويرى مراقبون أن علاقات التعاون والشراكة الاستراتيجية بين الصين وباكستان، ظهرت ردًا على التحالف بين الولايات المتحدة والهند وأفغانستان، لتكتسب بمرور الوقت أهمية متزايدة.

وأعلن رئيس الوزراء الباكستاني الجديد "عمران خان"، خلال زيارته، مطلع الشهر الجاري، إلى الصين، تفعيل مشروع الممر الاقتصادي، بهدف دفع النمو في بلاده.

وأعرب "خان" في تصريحات إعلامية في حينه، عن تقديره للصين لدعمها الاقتصادي لبلاده في الأوقات العصيبة، مؤكدا أنها تعتبر صديقة مقربة من باكستان على الدوام.

ومن المنتظر أن يساهم الطريق الدولي الذي سيربط بين البلدين، في نهوض العديد من المدن الباكستانية، مثل العاصمة إسلام آباد، ولاهور، وبيشاور، ومولتان، وحيدر آباد، وكراتشي.

وستتمكن الصين، من خلال المشروع، من تقليص طول الطريق الممتد من مضيق "ملقة" إلى الطريق البحري الأوروبي إلى النصف، كما ستحقق أرباحًا سنوية بمعدل 10 مليارات دولار على الأقل.

في حين من المتوقع أن تحقق باكستان أرباحا من الطريق الدولي بقيمة 5 مليارات دولار.

ويتقاطع مشروع الممر الاقتصادي مع مناطق جنوب شرقي إيران، وميناءي "تشابهار" في البلد الأخير، و"غافدار" الباكستاني، وسيلعب دورًا في تحقيق نمو بالنسبة لبكين وإسلام آباد بشكل رئيسي.

فضلا عن أن المشروع يربط روسيا ومنغوليا وباقي دول آسيا الوسطى بخليج هرمز، ما يعني أنه مشروع من شأنه تغيير موازين القوى الدولية بالمنطقة.

  كلمات مفتاحية

الصين باكستان ممر الاقتصاد الصيني الباكستاني

الاتحاد الأوروبي قلق من نشاط الصين الاقتصادي بالبلقان

طريق الصين للتحول إلى مركز إقليمي للغاز الطبيعي

السعودية تدرس ضخ استثمارات في ميناء جوادر الباكستاني