«واشنطن بوست»: حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط يكثفون دعمهم للثوار في سوريا

السبت 2 مايو 2015 03:05 ص

كثف حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط من دعمهم للمتمردين الذين يقاتلون ضد القوات السورية في الأشهر الأخيرة، مما يجعل احتمال أن تتسع الهوة حول استراتيجية إدارة «أوباما» والشركاء الإقليميين واردا.

ووفقا لمسؤولين في المنطقة فقد بدأ صبر الحلفاء في النفاد تدريجيا تجاه سياسة الإدارة الأمريكية البطيئة نحو تدريب وتجهيز قوات معارضة سورية فعالة، وتجاه إصرار واشنطن على أن هؤلاء المقاتلين فقط للتركيز على «الدولة الإسلامية». ولهذا ومن أجل تحقيق هدفهم الأساسي وهو إزالة الرئيس «بشار الأسد» عن السلطة، فقد انتقل الحلفاء قدما لتنفيذ  خططهم الخاصة.

لقد وفر تسليم أسلحة إضافية ومساعدات مالية من المملكة العربية السعودية وتركيا وقطر عوامل مهمة لتحقيق التقدمات الحديثة ضد القوات الحكومية في شمال غرب سوريا من قبل جيش الفتح، المظلة التي شكلت حديثا من الجماعات المتمردة المختلفة، بما في ذلك التابعة لتنظيم القاعدة وجماعات إسلامية أخرى، جنبا إلى جنب مع المقاتلين «المعتدلين».

ويصر المسؤولون الإقليميون أن هذه المساعدات، بما في ذلك صواريخ TOW أمريكية الصنع، لن  تصل للإسلاميين. وعلاوة على ذلك، قالوا أنها ستمكن المعتدلين من تعزيز مكانتهم بين مقاتلي المعارضة بعد سنوات من تفوق جماعات متشددة.

وتأتي هذه المبادرة في ظل تنامي شعور دول  المنطقة أن الولايات المتحدة مشغولة في المفاوضات النووية مع إيران والحرب ضد «الدولة الإسلامية» في العراق. وفي سياق ذلك، قال مسؤولون وخبراء إقليميين أن إدارة «أوباما» فشلت في التوصل إلى استراتيجية شاملة تعالج المخاوف الأكثر إلحاحا لحلفائها.

يستند هذا المقال على مقابلات مع مسؤولين من الإدارة ومن  دول شريكة للولايات المتحدة في المنطقة، ومعظمهم تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة القضايا الحساسة في  التحالف

في وقت مبكر من هذا الشهر، وفي اجتماع التحالف الذي تستضيفه الأردن، تم مواجهة المسؤولين في الإدارة بتساؤلات حول قيادة الولايات المتحدة لتحالف 60 دولة، وكيف يمكن أن تعالج التوسع العالمي لتنظيم «الدولة الإسلامية».

بغض النظر عن تزايد عدد المجندين المتشددين في أوروبا، فالجماعات المتطرفة في ليبيا وأفغانستان ونيجيريا وسيناء أعلنوا ولاءهم للدولة الإسلامية والتي يقال أيضا أنها بدأت تضرب بجذورها في جنوب شرق آسيا.

ولكن ما رآه الكثير كفراغ قيادي يظهر أكثر حدة في حالة سوريا. وردا على ذلك انتهت القطيعة بين المملكة العربية السعودية وتركيا، مع مساعدة من قطر من أجل معالجة الاهتمام المشترك على مدى المعركة ضد «الأسد».

يمكن للمقاربة الجديدة أن تقوض ثلاث سنوات من سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا، وركزت على تأمين تسوية تفاوضية مع الضغط المتزايد على «الأسد» الذي  يشعر بأنه مضطر لتقديم تنازلات، ولكن ليس بما فيه الكفاية ليسجل فوزا صريحا على المعارضة مما قد يؤدي إلى الفوضى ويسبب أكثر من انهيار سوريا.

وقد تم القضاء على معظم الجماعات المعتدلة التي اختيرت لتلقي الدعم أو تم ايقافها من قبل المتطرفين، ومع ذلك أيضا تعطلت عملية التفاوض التي بدأت منذ سنوات في جنيف.

صراع متأرجح

لعبت «جبهة النصرة» التابعة لتنظيم القاعدة في كثير من الأحيان دورا حاسما ونجحت، مع قوات المتمردين، في الإطاحة بـ«جيش الأسد» من شمال غرب مدينة إدلب وكذلك سيطرت على سلسلة من البلدات والحاميات العسكرية وتقدمت غربا نحو البحر الأبيض المتوسط. جنبا إلى جنب مع وجود علامات التفكك في بنية «الأسد» القيادية. أدى التقدم لجعل كثيرين يعتقدون أن الحكومة على وشك السقوط.

مسؤولون أميركيون أعربوا عن شكوكهم، مشيرين إلى أن ميزان القوى قد تغير مرارا وتكرارا طوال الحرب الأهلية في سوريا لمدة أربع سنوات. «من الواضح أن النظام عانى من انتكاسات خطيرة»، وقال مسؤول كبير في الإدارة: «هذا هو الصراع يتأرجح صعودا وهبوطا».

وقال قبل بضعة أشهر، شوهدت القوات الحكومية تسيطر أكثر، و «الناس الذين يعتقدون الآن أن النظام هو على وشك الانهيار قد تكون نظرتهم خاطئة».

لكن مساعي حلفاء الولايات المتحدة لزيادة الدعم لقوى المعارضة أثار دوامة من التكهنات بين خبراء  الملف السوري أن مخاوف الإدارة  أصبحت غير ذي صلة، حيث أنها لا تأخذ دورا أو على الأقل تعمل على زيادة مشاركتها في الحرب.

ويقول «أبيّ شهبندر»، الذي عمل  سابقا مع الائتلاف الوطني السوري الذي يدعي تمثيل  القيادة السياسية المعارضة المعتدلة: «يجد البعض أنه من الصعب الاعتقاد أن الولايات المتحدة لا تشارك في الحراك الجديد».  حيث إن المبادرة  اتخذت من قبل الدول العربية المتحالفة مع تركيا، للضغط من أجل حل عسكري حاسم. ولكنه قال: «من المرجح أن الولايات المتحدة تلعب دورا في الخفاء».

ويعتقد آخرون أن الشركاء قد تقدموا بفارق كبير على سياسة الولايات المتحدة، في محاولة لخلق واقع على الأرض يجعل الإدارة تضطر إلى قبوله ودعمه.

ويضيف «جمال خاشقجي»، المعلق السعودي البارز ذو العلاقات الوثيقة مع النظام الملكي، «إذا رفع الأتراك والقطريون والسعوديون دعمهم  للثوار السوريين، فأنا لا أعتقد أن الأميركيين سوف يكونون في وضع يمكنهم من القول لهم أنتم على خطأ».

وقال وزير الخارجية التركي «مولود شاوش أوغلو» في واشنطن الأسبوع الماضي، والذي حضر  لإجراء مشاورات مع الإدارة في مقابلة، أن حكومته توافق على أن سوريا سوف تحتاج إلى انتقال سياسي متفاوض عليه في نهاية المطاف. مؤكدا «مكافحة داعش هي أيضا أولوية».

ولكنه عقب بقوله: «المشكلة الرئيسية هي أننا عموما لا نزال لا نملك استراتيجية واضحة وشاملة لمعالجة توسع المجموعات في سوريا والعراق في سياق مكافحة الأسد»، والذي وصفه بأنه «السبب الجذري» للمشكلة.

منطقة عازلة

تركيا والسعودية وقطر كلها الآن تدعم إنشاء «منطقة آمنة» للثوار المعتدلين واللاجئين السوريين في شمال سوريا،  تحميها الولايات المتحدة وقوات التحالف الجوية. وما تزال الإدارة على خلاف مع تركيا حول بعض النقاط في الخطة، وتقاومها حتى الآن».

ويقول مسؤول في واحدة من الحكومات المشاركة «ما نقوله دائما للأتراك، هو أننا بحاجة لتحسين تدفق الأسلحة إلى الشمال» بينما تستمر المفاوضات حول منطقة محمية. «نحن نقول لتركيا. . . دعونا نتفق على الالتزامات من حيث ما أنتم على استعداد للقيام به وما نحن على استعداد للقيام به. ثم يمكننا أن نعود إلى شركائنا في التحالف ونقول حسنا، هذه هي الخطة».

بالإضافة إلى السيطرة على وتيرة المعركة ضد «الأسد، أصرت الإدارة على أن تدفق الأسلحة يجب أن يتم التنسيق بين الحلفاء لضمان أنه لا شيء ينتهي في أيدي جماعات متشددة مثل النصرة.

على مدى العام الماضي، تم تنسيق جميع شحنات الأسلحة  المقدمة من التحالف من خلال مراكز العمليات الإقليمية في تركيا والأردن والعاصمة السعودية الرياض. وقام مسؤولون عسكريون واستخباراتيون من جميع الحكومات المعنية بفصل الجماعات المتمردة في كثير من الأحيان، والتي هي متداخلة على الأرض إلى فئات بالألوان الأخضر وهي لـ(مسموح بتزويدها بالأسلحة)، الأحمر(ممنوع وصول الأسلحة لها ) والأصفر ( تحتاج لمزيد من الدراسة ).

ولكن جميع المشاركين يقرون بأن مثل هذه الفواصل صعبة على أرض المعركة، حيث انجذبت وحدات معتدلة ومقاتلين بنحو متزايد نحو تحالفات أو خلط تام مع الجماعات المسلحة والممولة الأفضل مثل النصرة.

مخاوف أمريكية

يقول مسؤول كبير في الادارة الأمريكية. «نعم نحن قلقون أن النصرة اتخذت زمام المبادرة» في الكثير من القتال في شمال سوريا

وقال مسؤول في الإدارة «نحن نعلم أنه من واقع المعركة، حيث المعارضة الأكثر اعتدالا مضطرة إلى التعايش مع الجماعات المتطرفة، في مثل هذه الأمور». «الأسلحة الأمريكية في نهاية المطاف ستكون في أيدي المتشددين في نهاية المطاف».

وقال المسؤول:«سيكون من المستحيل بالنسبة لنا إن تغض الطرف، في حال المشاركة في أي جهد لتعزيز الجماعات المتطرفة».

إن العديد من المحللين الآن، يرى أن الولايات المتحدة بحاجة إلى اتخاذ المزيد من المخاطر في تسليح المتمردين اذا كانت تريد البقاء ذات صلة ونفوذ بشأن الأمور في سوريا.

يرى «روبرت فورد»، السفير الأمريكي السابق في سوريا، أن «الأتراك والسعوديين والقطريين يحاولون زعزعة ذلك». وأضاف «إذا كنت لا تريد لهم أن يزودوا شحنات الأسلحة، ما هو الحل؟» الجواب لا يمكن أن يكون «ونحن في طريقنا لقصف داعش».

 

* كارين دي يونغ، هو محرر مشارك ومراسل الأمن القومي  من كبار كتاب صحيفة واشنطن بوست.

* ليز سلاي مديرة مكتب بيروت. وقد أمضت أكثر من 15 عاما تغطي منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك حرب العراق. وتشغل وظائف أخرى في أفريقيا والصين وأفغانستان.

  كلمات مفتاحية

سوريا بشار الأسد الدولة الإسلامية تركيا قطر السعودية الولايات المتحدة

السفير الأمريكي السابق في دمشق: هل بدأ نظام «الأسد» خطواته نحو النهاية؟

سيطرة الثوار في سوريا على «جسر الشغور» تفتح الطريق إلى معقل «نظام الأسد»

«بشار الأسد»: الدعم التركي هو العامل الرئيسي في ”سقوط“ إدلب

«أردوغان» و«تميم» يدشنان شراكة سياسية وعسكرية استراتيجية بين تركيا وقطر

خاشقجي يطالب السعودية وتركيا بتدخل سريع في العراق

«ديبكا»: محادثات إيرانية سورية بمشاركة «حزب الله» حول الحرب في سوريا

«فورين بوليسي»: هل انتهى «بشار الأسد» حقا هذه المرة؟

واشنطن تنفي مقتل مدنيين في غارات «التحالف الدولي» على حلب شمال سوريا

إصابة رئيس هيئة الإمداد والتموين بجيش «الأسد» ومقتل مرافقه في تفجير بدمشق

ضغوط سعودية على فصائل سورية لعدم المشاركة في مؤتمر مصري يروج لبقاء «الأسد»

«الجولاني»: معركة الحسم في دمشق و«حزب الله» سيزول مع سقوط «الأسد»

مبعوث سوريا بالأمم المتحدة: مقابلة الجزيرة مع «الجولاني» ترويج لجماعة إرهابية

«ستراتفور»: تفاهمات تركية أمريكية تمهد لقيام أنقرة بدور أكبر في عمق سوريا

«وول ستريت»: التدخل الروسي في سوريا «خرق» الحلف الأمريكي الشرق أوسطي