«مجلس العلاقات الخارجية»: المياه .. أخطر أسلحة «الدولة الإسلامية»

الخميس 7 مايو 2015 05:05 ص

تعد المياه، وبنيتها التحتية، أهدافًا حاسمة في استراتيجية «الدولة الإسلامية» للتوسع الإقليمي في الشرق الأوسط. وعلى الرغم من أن التنظيم لم يثبت قدرته على تشغيل البنية التحتية المعقدة من الناحية التكنولوجية للمياه، إلا أنه لا يزال مستمرا في السيطرة على سدود وشبكات مياه في كل من العراق وسوريا، تستطيع إذا تم الحفاظ عليها بشكل صحيح أن تضفي على حكمه الشرعية جزئيًا، ومن الممكن أيضًا استغلالها من قبل التنظيم كسلاح.

ولمواجهة هذا التهديد؛ يجب على الولايات المتحدة إعطاء أولوية لحماية السدود الكهرومائية الرئيسة، والبنية التحتية للمياه، الواقعة في المناطق التي تسيطر عليها «داعش» أو بالقرب منها. وينبغي عليها أيضًا خلق بدائل للموارد التي تسيطر عليها داعش، من خلال زيادة مساعدات المياه في كل من سوريا والعراق، ودعم تجهيزات الحلفاء وبنيتهم التحتية، التي تواجه تحديات متزايدة نتيجة الهجرة وندرة المياه. 

وسيؤدي التأخر في القيام بمثل هذه الإجراءات إلى عرقلة استراتيجية التحالف في هزيمة «داعش». وكما قال أحد المقيمين في «الموصل»: «طالما بقيت الدولة الإسلامية قادرة على الحفاظ على الخدمات، فإن الناس سوف يدعمونها حتى اللحظة الأخيرة».

ويعد إضفاء الطابع المؤسسي على إدارة الموارد المائية وسيلة واقعية بالنسبة للدولة الإسلامية لتوسيع مصادر تمويلها، وإعطاء نفسها المزيد من الشرعية بين السكان المحليين. وعلى عكس إنتاجها من النفط الذي يعمل داخل السوق العالمية، تعد المياه سلعة إقليمية، تعتمد إلى حد كبير على تشغيل السدود الكهرومائية المحلية. ووفقًا لـ«شروق العبايجي»، وهي عضوة في مجلس النواب العراقي ومستشارة سابقة لوزارة الموارد المائية في العراق، هذه السدود هي «المواقع الاستراتيجية الأكثر أهمية في البلاد» بالنسبة لـ«داعش»؛ و«وينبغي أن تكون محمية بشكل جيد للغاية؛ لأنها تؤثر على كل شيء، من الاقتصاد، إلى الزراعة، إلى الاحتياجات البشرية الأساسية، والأمن».

وليست الرغبة في قيادة مصادر المياه بجديدة في الصراع الدائر هناك، حيث بدأت «الدولة الإسلامية» سعيها للاستيلاء على البنية التحتية للمياه في عام 2013 مع احتلالها لسد الفرات، وهو أكبر سد لتوليد الطاقة الكهرومائية في سوريا، ويقوم بتزويد أراضي الثوار والحكومة بالكهرباء، بما في ذلك مدينة حلب.

وأثناء غزوها للفلوجة، وظفت «الدولة الإسلامية» السدود والقنوات والخزانات المحيطة بشكل فعال كأسلحة، مانعةً وصول المياه إلى المناطق التي تقع خارج أراضيها، ومحدثةً السيول على الطريق الذي تقدم عبره الجيش العراقي.

وفي مدينة الرقة السورية الشرقية، استنفذت «الدولة الإسلامية» احتياطيات المياه، وعطلت شبكات التوزيع؛ مما اضطر السكان للاعتماد على مصادر المياه غير المعالجة؛ وهو ما أدى إلى انتشار الأمراض التي تنقلها المياه، مثل التهاب الكبد A والتيفوئيد.

وعلى الرغم من أن جهات فاعلة أخرى، بما في ذلك نظام «بشار الأسد» وجماعات ثائرة سورية، استهدفت شبكات المياه، وحجبت وصول المساعدات بطريقة منهجية؛ إلا أن لدى «الدولة الإسلامية» القدرة على التسبب بضرر أكبر. وقد كان هذا واضحًا في احتلال التنظيم لسد الموصل، وهو أكبر منشأة لتوليد الطاقة الكهرومائية في العراق، ويزود معظم البلاد بالمياه والكهرباء، ويعتبر «السد الأكثر خطورة في العالم».

وخلصت دراسة أجراها الجيش الأمريكي في عام 2006 إلى أن انهيار سد الموصل سيؤدي إلى إطلاق موجة مائية بارتفاع عشرين مترًا في تجاه مدينة الموصل، وهو ما قد يدمر المدينة ويؤدي لمقتل أكثر من خمسين ألف شخص. 

وبعد احتلالها للسد، لم يكن لدى «الدولة الإسلامية» ما يكفي من القوات للحفاظ على سيطرتها عليه، وتم استرجاعه في نهاية المطاف من قبل القوات الكردية، وبمساعدة الضربات الجوية الأمريكية، في أغسطس/آب من عام 2014.

وعلى الرغم من أن سد الموصل لم ينته إلى انهيار مدمر، إلا أن «الدولة الإسلامية» ألحقت ضررًا بالمنطقة من خلال فشلها في أداء وظائف الدولة الأساسية، وأشارت التقارير إلى أن المنطقة شهدت نقصًا كبيرًا في الماء والغذاء، واقتربت من حافة الانهيار الاقتصادي خلال فترة الاحتلال. وقد وظفت «داعش» سلاح الفيضانات المدمرة خلال احتلالها لسد ثرثار قرب الفلوجة في 25 أبريل. وتشير بعض التقارير الاستخبارية الأمريكية إلى أن «داعش» فتحت واحدًا على الأقل من بوابات السد متسببةً بإغراق المناطق المجاورة عقب هجوم قتل فيه 127 جنديًا عراقيًا، وفقاً للتقارير.

ويشير السلوك المتهور في الفلوجة، والرقة، والموصل، إلى أن «الدولة الإسلامية» لا تمتلك الموارد الكفيلة بتوظيف القوة الناعمة اللازمة لإدارة البنية التحتية المعقدة من الناحية التكنولوجية في المنطقة. ويتطلب الإشراف على السدود مجموعة من المهارات على درجة عالية من التخصص، وليس هناك ما يدل على أن «الدولة الإسلامية» تمتلك هذه المهارات. وبدلًا من الشروع في بناء قوة العمل المدنية الخاصة بها، تواصل «الدولة الإسلامية» اقتراض العمالة الماهرة من سابقاتها، ولا يزال كل من «نظام الأسد» في سوريا وحكومة بغداد يدفعان الرواتب للعديد من المهندسين والعمال المهرة الذين يعملون تحت إشراف «داعش».

وعلى الرغم من أن هذا كله يطيل من الوقت المتاح للولايات المتحدة وحلفائها لبناء بديل لحكم «الدولة الإسلامية»؛ إلا أن المنظمة قد تحول تركيزها في اتجاه اتباع تكتيكات الدولة في إدارة البنية التحتية للمياه. ولن يكون حدوث هذا مستغربًا؛ بالنظر إلى التقارير التي تقول إن «الدولة الإسلامية» تقوم الآن بالفعل بجمع المال من أصحاب الأعمال في الرقة في مقابل تزويدهم بالكهرباء، والمياه، والأمن. وبعد أن كان دخل الجماعة من عائدات النفط يقدر بمبلغ 1 مليون دولار في اليوم الواحد، انخفضت هذه الإيرادات الحاسمة بالنسبة للتنظيم إلى حد كبير بسبب الضربات الجوية ضد مواقع الإنتاج. ووفقًا لـ«مايكل نايتس»، وهو الخبير بشؤون العراق، يجد الجهاديون صعوبة في توفير الخدمات الأساسية من دون عائدات النفط. وقال «نايتس»: «بسرعة جدًا، قد تتحول الدولة الإسلامية من أغنى جماعة إرهابية في التاريخ إلى الدولة الأكثر فقرًا في العالم».

وللأسف، ينتشر انعدام الأمن المائي إلى خارج حدود العراق وسوريا، ويؤثر على دول شريكة للولايات المتحدة، مثل الأردن، وهو ما يزيد من مخاطر لجوء السكان إلى «الدولة الإسلامية»، في حال طورت المنظمة من قدرتها على توفير موارد كافية من المياه.

وقد واجه الأردن توترًا إضافيًا مع تدفق 750000 لاجئ سوري، و60000 لاجئ عراقي، إليه. وتستنفد البلاد إمداداتها من المياه حاليًا بمقدار ثلاثة أضعاف معدل التغذية، وهي تواجه الجفاف الشديد مع استقبالها لثلاثة آلاف لاجئ جديد كل يوم.

ورغم النكسات التي تعرضت لها نتيجة الغارات الجوية والهجمات المضادة في جميع أنحاء العراق؛ لا تزال «الدولة الإسلامية» تحاول توسيع ترسانتها، وتستمر في سعيها لمتابعة السيطرة على البنية التحتية للمياه في العراق وسوريا، لاستخدام هذه البنية بمثابة آلية من آليات بناء الدولة، أو كأسلحة في الصراع الدائر. وكما قال «مايكل ستيفنز»، وهو الخبير في شؤون الشرق الأوسط في المعهد الملكي للخدمات المتحدة: «الدولة الإسلامية تدرك مدى قوة المياه كأداة، وهي ليست خائفة من استخدامها».

 

  كلمات مفتاحية

الدولة الإسلامية سوريا العراق الماء

بدعم جوي أمريكي: القوات الكردية تستعيد السيطرة على سد الموصل

مقاتلو الدولة الاسلامية يصلحون سد الموصل والأكراد يسارعون للتزود بالسلاح

«العبادي»: «الدولة الإسلامية» استولي على 2300 مدرعة في اجتياح الموصل

أستراليا: «الدولة الإسلامية» يستعد لاستخدام أسلحة كيميائية

دول مجلس التعاون الخليجي ترفع قدرات تحلية المياه 40% بحلول 2020