بنوك ايران المعزولة تنتظرها عودة بطيئة مؤلمة للنظام العالمي

الأربعاء 13 مايو 2015 06:05 ص

ربما تكون ايران على وشك إعادة الروابط المصرفية التي تربطها بالعالم بعد سنوات من العزلة غير أن العودة لن تكون عملية سهلة إذ أن نظامها المالي الإسلامي تطور على نحو سيؤدي إلى تعقيد العلاقات مع البنوك الأجنبية.

وتعاني البنوك الايرانية من مشكلة القروض المتعثرة وعزلها عن النظام العالمي بسبب العقوبات المفروضة عليها وهي في حاجة ماسة لاستئناف العمل مع البنوك الأجنبية التي سيمثل لها العمل مع ايران فرصة كبيرة.

وبلغ إجمالي أصول المصرفية الاسلامية في ايران 17344 تريليون ريال حتى مارس/آذار 2014 أي ما يعادل 523 مليار دولار بأسعار الصرف في السوق الحرة وذلك حسب أحدث بيانات البنك المركزي الايراني. ويمثل ذلك أكثر من ثلث إجمالي أصول البنوك الإسلامية على مستوى العالم.

غير أن ضعف الوضع المالي للبنوك الايرانية والعلاقات الوثيقة التي تربطها بالحكومة الايرانية سيزيد مخاطر التعامل معها. وخلال سنوات العزلة طورت البنوك نظاما للتمويل الاسلامي يختلف في بعض جوانبه بشكل ملحوظ عن النظام السائد في الدول الأخرى ذات الغالبية المسلمة.

وربما تجعل هذه الاختلافات من الصعب على البنوك الاجنبية بل وحتى البنوك العاملة في أسواق مصرفية إسلامية كبرى أخرى في الخليج وبعض دول جنوب شرق اسيا التعامل في ايران.

وقال «أشار نظيم» الشريك بمركز إي.آي الاستشاري للمصرفية الاسلامية «في ضوء الوضع الاجتماعي السياسي السائد تطور السوق في ايران ليصبح صناعة مصرفية تتركز بنسبة كبيرة على السوق المحلية وقائمة بذاتها وموجهة».

قروض متعثرة

وربما يبدأ رفع العقوبات في الأشهر القادمة إذا توصلت طهران والقوى العالمية إلى اتفاق لتقييد البرنامج النووي الايراني بحلول 30 يونيو حزيران المقبل. وسيؤدي هذا الاتفاق إلى زيادة كبيرة في حركة التجارة والاستثمار في ايران.

وقال «رامين ربيع» العضو المنتدب بشركة تركواز بارتنرز للاستثمار ومقرها طهران «هناك فوائد هائلة للبنوك الايرانية فأفضل ايراداتها كانت دائما من تمويل التجارة وخطابات الاعتماد».

وفي منطقة الخليج وأوروبا للبنوك الايرانية عمليات كبيرة توقفت إلى حد كبير في السنوات الماضية مثل فرع بنك مللي في وسط دبي. ومن الممكن أن تعود الحياة لهذه العمليات إذا رفعت العقوبات.

غير أن البنوك الايرانية ليست في حالة جيدة تتيح لها استغلال طفرة أخرى.

فبينما كانت الحكومة تحارب العقوبات في السنوات الأخيرة عملت على تثبيت أسعار الاقراض المصرفي دون مستوى التضخم الذي تجاوز 40% عام 2013.

وبلغت القروض التي لا يسددها أصحابها 17% من إجمالي القروض عام 2013 لتمثل نحو عشرة في المئة من الناتج المحلي الاجمالي وذلك حسب بيانات صندوق النقد الدولي.

وعملت إدارة الرئيس «حسن روحاني» الذي تولى السلطة في أواخر عام 2013 على خفض التضخم بشدة وساعدت البنوك في البدء في إصلاح قوائمها المالية.

وتوضح بيانات البنك المركزي أن نسبة القروض المتعثرة والمشكوك في تحصيلها بلغت 13.2 في المئة من إجمالي القروض في مارس/آذار.

غير أن من المتوقع أن يستغرق الانتعاش الكامل سنوات. وربما تحتاج البنوك لتدبير مليارات الدولارات من رؤوس الأموال الجديدة عن طريق بيع صكوك أو حصص من أجل فتح مجالات عمل جديدة كبيرة.

ومن مصادر الخطر الأخرى العلاقات التي تربط الجهاز المصرفي بالحكومة. وتوجد في ايران ثلاثة بنوك تجارية مملوكة للدولة وخمسة بنوك حكومية متخصصة. ورغم أن الرئيس روحاني أعلن أنه يريد أن يلعب القطاع الحاص دورا أكبر في الاقتصاد فإن كثيرا من البنوك التسعة عشر التي توصف بأنها بنوك خاصة تربطها علاقات بمؤسسات الدولة وتعمل في ظل نفوذها.

التمويل الاسلامي

في عام 1983 أقرت ايران تشريعا يحول نظامها المصرفي بالكامل إلى نظام اسلامي. لكنه نظام فريد من نوعه.

ورغم أن علماء الدين في مختلف أنحاء العالم يقولون إن التمويل الاسلامي يحظر دفع الفائدة فما زال من الممكن للبنوك الايرانية أن تبرم تعاملات أساسها الفائدة كما أنها تحتفظ بالمعايير المحاسبية للبنوك التقليدية وذلك حسب دراسة أجراها البنك المركزي الباكستاني.

وخلصت الدراسة إلى أن «كل هذه الملامح تشير إلى أن الصيرفة الاسلامية في ايران تختلف اختلافا كبيرا عن الملامح الأساسية للمصارف الاسلامية في مناطق أخرى من العالم».

وتستخدم معايير هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الاسلامية التي تتخذ من البحرين مقرا لها على نطاق واسع في مختلف أنحاء العالم لكنها غير مطبقة في ايران.

فعلى سبيل المثال حظرت الهيئة في عام 2007 التعامل في الصكوك الاسلامية باستخدام بيع السلم وهو نوع من عقود البيع الآجلة.

غير أن بيع السلم في السوق الإيرانية نوع شائع من الصكوك.

وربما تجعل مثل هذه الاختلافات من الصعب على البنوك الاسلامية بل والبنوك التقليدية إقامة علاقات مع البنوك الايرانية وابرام تعاملات معها على الأقل في البداية. وستحجم هيئات الشريعة بالبنوك الخليجية عن ابرام تعاملات تبدو غير اسلامية مع مؤسسات ايرانية.

وقال مصرفي ايراني «المشاكل الرئيسية هي التعاملات في الدين واستخدام المشتقات. فهذان مسألتان معقدتان للغاية في أي نظام مالي اسلامي وفي ايران لدينا نهج مختلف جدا».

ومع ذلك توجد بوادر على أن ايران بدأت تطور قنوات جديدة من شأنها تسهيل الاتصالات مع البنوك الأجنبية.

والشهر الماضي قال مسؤول بهيئة الأوراق المالية والبورصات المسؤولة عن تنظيم العمل في سوق المال إن الهيئة تسعى لتطوير منتجات صكوك بديلة.

وقال «ماجد زماني» الرئيس التنفيذي لبنك كاردان للاستثمار الذي يتخذ من طهران مقرا له لرويترز «لجنة الشريعة بهيئة الأوراق المالية والبورصات تعمل بجد لتعديل هذه العقود بالاضافة إلى تطوير عقود جديدة متوافقة مع الشريعة».

 

  كلمات مفتاحية

بنوك ايران العقوبات الاقتصادية عودة بطيئة النظام المالي العالمي

«فاينانشيال تايمز»: دبي تستعد لتكون نقطة عبور للإيرانيين بعد رفع العقوبات

رفع العقوبات يزود إيران برافعة مالية لمنافسة السعودية ودول الخليج بساحات الصراع

إيران تعتزم تصدير الغاز الطبيعي إلى العراق بعد رفع العقوبات عنها

إيران تشترط رفع العقوبات لحل الأزمة النووية

إيران تسعى لمضاعفة صادراتها النفطية في شهرين لدى رفع العقوبات