قال عضو بلجنة تحكيم الأفلام الروائية في الدورة الـ5 من "مهرجان الأفلام السعودية"، بعد تقييمها مع الأديب السعودي "عبده خال" الذي ترأس اللجنة، ورئيس مهرجان القاهرة السينمائي المنتج "محمد حفظي"، إن الفترة الحالية تشهد "مرحلة نشاط ثقافي" بالمملكة.
وقال "محمد رضا" في مقال له عبر صحيفة "الشرق الأوسط اللندنية"، إنه قد ساد اليقين بأن الفترة الحالية تعد مرحلة من النشاط الثقافي للمملكة بحيث لا بديل لوضع أقصى الشروط الفنية في التحكيم لكي يستفيد الفائز وغير الفائز.
ودخل 21 فيلما هذه المسابقة بينها فيلمان روائيان طويلان في مقابل 19 فيلما قصيرا.
وتوضيحا لآلية الاختيار، قال الكاتب إنه لا توجد جوائز تقررها أي لجنة تحكيم في أي مهرجان سينمائي، إلا في حالات نادرة تنجح في نيل قبول الجميع، والذي يحدث أن الأفلام أو الشخصيات الفائزة إذ أثارت تقدير لجان التحكيم تواجه آراء النقاد خارج اللجنة وآراء السينمائيين عموما وآراء الجمهور العام فإذا حازت على ثقة النقاد فإنه ليس من الضروري أن تحوز على إعجاب القطاعين الآخرين والعكس صحيح.
وفاز بجائرة "النخلة الذهبية" كأفضل عمل فيلم "المسافة صفر" لـ"عبدالعزيز الشلاحي" الذي برأيه "لم يخل من هنات (بينها نهاية مستعجلة)، لكنه بقي أفضل ما تم عرضه كجهد فني مبذول وكأسلوب سرد يضع المشاهد دائما أمام أسئلة تطرحها المادة الدرامية المسرودة".
وعن الفيلم، فهو يتناول حكاية رجل وجد نفسه غير قادر على تذكر أحداث وقعت قبل ساعات أو أيام تؤكد دلالاتها أنه ارتكب خلالها جريمة قتل.
وأوضح الكاتب أن الفيلم أجدر، بمراحل عديدة، من الفيلم الروائي الطويل الآخر "نجد"، لـ"سمير العارف" الذي ارتاح لإعادة سرد حكاية توارثتها السينما في كل مكان حول العالم: الشاب الذي يحب فتاة وطلبها للزواج؛ والأب الذي يمانع ويزوّج ابنته إلى آخر غصبا عنها.
وانتقد الفيلم بقوله إنه "لا شيء فيه يمكن الإعجاب به. لا الحكاية ولا إدارتها ولا التمثيل أو الشخصيات التي تمثلها. السيناريو تقليدي تماما والتصوير لا فن فيه وإذ تقع الأحداث في زمن مضى، فإن مساحيق التجميل حديثة وعصرية. لافت تصميم حي قديم، لكن المخرج يتعامل وذلك كديكور ضروري فقط".
واعتبر عضو لجنة المهرجان أن هناك حالات طغى فيها جانب على آخر بحيث لم يكن من الممكن إلا تقدير المحاولة واعتبارها على قدر من النجاح، مثلما حدث تجاه فيلم "الظلام هو لون أيضا" لـ"مجتبي سعيد"، و"خمسون ألف صورة" لـ"عبدالجليل الناصر" و"الجرذي" لـ"فيصل العامر".
وعن تلك الأفلام، يقول إن "الظلام هو لون أيضا" يسوق طموحا للاختلاف يكاد يتحقق لولا أن الفيلم ينتهي بلمسة مخففة من الجهد الإبداعي.
أما "خمسون ألف صورة"، فهو يعرض فكرة جميلة (أهمية الصورة الفوتوغرافية وارتباطها بالذاكرة في حياة رجل يبحث عن صورة أبيه) لكن الإخراج "رتيب ويكتفي بالعرض المبسط".
و"الجرذي"، فيملك فكرة رمزية يحسن المخرج كتابتها حول الشاب الذي عانى من سلطة الأب بحيث حولته في النهاية إلى مجرد منفذ.
وقد نال فيلم "أغنية البجعة" للمخرجة "هناء العمير"، جائزة أفضل تمثيل رجالي لبطله "أسامة القس".
الفيلم القصير يدور حول رجل يصحو من النوم وهو على منصة مسرحية. يقف ويبدأ بتمثيل "أغنية البجعة" (ثالث مسرحية من أعمال الروسي أنطون تشيخوف) باللغة الفصحى قبل أن يتداخل النص الأصلي برغبة الممثل التواصل مع حاضره (باللهجة المحلية) وعكس هواه الفني في كلتا الحالتين.
وعن الجائزة النسائية في هذا المجال، فقد نالتها "زارا البلوشي" عن فيلم "ستارة" لـ"محمد السلمان" (الأفضل من بين فيلمين قدمهما المخرج للمسابقة) حول ممرضة تخفي وجهها بالنقاب واضعة ستارة بينها وبين محيطها في عملها الجديد.
لكن معاملة بعض المرضى وفضول بعض الممرضين المتحرشين بها وخلفيتها الاجتماعية في زمن التحولات الحالي، أمور تضعها في مواجهة هذه العوامل ومواجهة نفسها ودورها أيضا.
وهذه التحوّلات ذاتها موجودة في فيلم "صلة" لـ"حسام الحلوة" الذي فاز بجائزة أفضل إخراج.
الحكاية هنا تدور حول العلاقة الصامتة (غالبا أيضا) بين الأب الذي يمثل الماضي والابن الشاب الذي يمثل الحاضر.
بعيدا عن ذلك، ذهب "ولد سدرة" للمخرجة "ضياء يوسف" للبحث في الأساطير التي تحوم حول شجرة "السدرة" التي يقال بأنها ملبوسة بروح طفل.
وجاء تعبير المخرجة عن تلك الميثالوجيا وحسن مزجها لحاضر الفيلم في قريته الصغيرة ومنطقته النائية بالماضي من خلال ذلك التراث استوجب تقدير الفيلم ومنحه جائزة لجنة التحكيم الخاصة.
