الكويت.. مشروع قانون الإعلام الإلكتروني يثير الجدل بدلا من تخفيفه «عوار الرأس»

الخميس 21 مايو 2015 07:05 ص

ثار جدل كبير واعتراضات واسعة ضد قانون جديد تعتزم الحكومة الكويتية تطبيقه لتنظيم الإعلام الإلكتروني، حيث جاءت معظم نصوصه صادمة في ذلك البلد الخليجي الذي طالما تمتعت صحافته بهامش كبير من الحرية جعلها تمارس دورا أكبر من مثيلاتها في باقي دول الخليج ، حيث يتهم معارضو القانون بأنه ينتهك حرية الرأي بشكل واضح.

تسربت ملامح تفاصيل القانون الجديد بعدما أنجزته وزارة الإعلام قبل أيام، تمهيدا من الحكومة بعرضه على الرأي العام قبل إحالته إلى مجلس الأمة للتصويت عليه في الفترة المقبلة ومن ثم تطبيقه بشكل فعلي في حال تطبيقه .

وإزاء الخطر الذي يحمله مشروع القانون على حرية الصحافة، أصدرت 13 صحيفة إلكترونية إخبارية، بيانا ترفض فيه القانون الجديد، وقالت إنه يحتوي «مخالفات دستورية وجنوح نحو تكميم الأفواه»، ويستدعي التصدي له من قبل رؤساء الصحف الإلكترونية والعاملين والناشطين في مجال الإعلام الإلكتروني.

وأشار البيان إلى أن الموقعين عليه، سيعلنون عن تأسيس نقابة العاملين والناشطين في الإعلام الالكتروني، وسيتم إشهارها قريبا، بهدف التصدي لكل محاولات تقييد حرية الرأي والتعبير والبحث العلمي ، فيما يسعى عددا من رؤساء تحرير الصحف الإلكترونية الحصول على الدعم والتأييد من عدد من النواب الكويتيين المعارضين للقانون، وتصريحاتهم الغاضبة تجاهه ومن وزير الإعلام الشيخ «سلمان الحمود»، وتعهدهم بمنع تمرير القانون بصيغته الحالية.

وحول قانون الإعلام الالكتروني، قال أمين عام الملتقى الإعلامي العربي «ماضي الخميس» في برنامج الشأن الهام عبر تلفزيون «الوطن» إن صيغة هذا القانون تم أخذها من قانون الإعلام الموحد الذي ثار حوله جدل ولغط كبير في السابق اضطرت معه الحكومة لحفظه، وأضاف «الخميس»: «التنظيم واجب لأن حقوق الملكية الفكرية مهدرة في وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية، كما أن الحقوق الإنسانية تحتاج إلى تنظيم أيضا دون تجريح أو إهانة أو اعتداء على الحياة الخاصة للآخرين».

وفي هجوم لاذع على مشروع القانون المثير للجدل، قال نائب رئيس خدمة الرابعة نيوز «جراح المطيري» إن قانون الإعلام الالكتروني يفترض تسميته بالكارتوني، مؤكدا أن ما جاء في هذا القانون هو سجن بالكامل.

من جانبه أكد صاحب خدمة أخبار بوراشد، «ثامر الدخيل» على أن وزارة الإعلام تجتهد في الاتجاه الخطأ، مضيفا أن القانون خرج من دون استشارة المختصين.

ورأى «الدخيل» أن هدف القانون ليس تنظيم عملية الإعلام الالكتروني، وإنما يتعدى ذلك، مبديا استغرابه من دمج خدمات مثل الرسائل النصية تحت هذا القانون لأنها في الأصل مرخصة من قبل وزارة الاتصالات، واصفاً ذلك بأنه خطأ.

وكان من الطبيعي أن ينبري الشيخ «سلمان الحمود» وزير الإعلام مدافعا عن قانون حكومته مؤكدا أن قانون الإعلام الالكتروني ممتاز و«سيخفف عوار الرأس»، مشيرا إلى أنه لا علاقة له بوسائل التواصل الاجتماعي وإنما علاقته بالإعلام المهني لينظمه ويوفر له دعما وشخصيات اعتبارية وحتى محفزات، مبينا أن وسائل التواصل الاجتماعي أوسع من أن نغطيه بتنظيم.

وأضاف: «لا يمكن أن تكون هناك رقابة مسبقة على الإعلام، وإنما معايير أخلاقية وأدبية وتنظيم وتسجيل للمواقع أو الوسائل الإعلامية التي تعمل على الانترنت، مضيفا أن الحكومة قدمت رأيها بهذا الشأن ومجلس الأمة لديه رأي، لكن أي شيء من شأنه تعزيز الحريات وحمايتها بحيث تكون حريات مسؤولة، يسعى القانون للنص عليه».

مشروع القانون ومذكرته الإيضاحية الذي يطبق على 8 قطاعات إخبارية إلكترونية تستوجب الحصول على ترخيص من وزارة الإعلام خلال سنة من العمل بالقانون، وأوضحت نصوص المشروع أن استمرارية المواقع الإلكترونية للصحف الحالية تتطلب تقديم طلب جديد لوزارة الإعلام، بحسب صحيفة (الأنباء) الكويتية.

وأفردت المادة 4 القطاعات الثمانية التي يشملها القانون وهي: «دور النشر الإلكتروني، وكالات الأنباء الإلكترونية، الصحافة الإلكترونية، الخدمات الإخبارية، مواقع الصحف الورقية والقنوات الفضائية المرئية والمسموعة، المصنفات والمواد المرئية والمسموعة، المواقع الإلكترونية التي يتم من خلالها نشر المعلومات التي ليس لها طابع المراسلات الخاصة ويتم وضع محتواها في متناول الجميع أو أي مستخدم، والمواقع الإعلانية التجارية».

ونص المشروع على إيداع 5 آلاف دينار أو ضمان مصرفي كفالة للصحافة الإلكترونية والخدمات الإخبارية و10 آلاف دينار للقنوات الفضائية والمصنفات المرئية والمسموعة الإلكترونية تخصم منها الغرامات والتعويضات والالتزامات المستحقة لوزارة الإعلام على أن تسدد خلال شهرين وإلا ألغي الترخيص.

وجاء في مشروع القانون انه لا يجوز بيع أو التنازل عن الترخيص إلا بموافقة وزارة الإعلام، وللورثة الحق في نقل الترخيص لشخص آخر بموافقة الوزارة.

ولعل أبرز ما جاء في مشروع القانون المادة 17 التي نصت على: «يحظر على المواقع الإعلامية الإلكترونية الخاضعة لأحكام هذا القانون ومقدمي خدمة النفاذ لتلك المواقع نشر أو بث أو إعادة بث أو إرسال أو نقل أي محتوى يتضمن أيا من المسائل المحظور نشرها وبثها وإعادة بثها المنصوص عليها في القانونين رقمي 3 لسنة 2006 قانون المطبوعات والنشر، و61 لسنة 2007 قانون المرئي والمسموع المشار إليهما، وفي حالة المخالفة، يعاقب المسؤول بالعقوبة المقررة بالمادتين 27 و28 من القانون رقم 2006 أو المادة 13 من القانون رقم 61 لسنة 2007 كل بحسب الأحوال».

ويبدو أن الأوساط الإعلامية الإلكترونية تتخوف بشدة من أن يكون قانون الإعلام الإلكتروني مقصلة للبطش بالعاملين به ، خاصة وأنه يكاد لا يمر عام أو ربما عدة شهور بدون صدور حكم بالسجن لمغرد على (تويتر) بتهمة سب أو إهانة الذات الأميرية.

والأمثلة على ذلك عديدة، فقد سبق أن شدد القضاء العقوبة على الكويتي «بدر الرشيدي» المتهم بالإساءة للذات الأميرية عبر تغريدات له على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر» وذلك بحبسه 5 سنوات مع الشغل والنفاذ بدلا من سنتين.

كما قضت محكمة الجنايات في العاصمة الكويت بحبس المغرد «صقر الحشاش» سنتين مع الشغل والنفاذ بتهمة «العيب بالذات الأميرية» عبر تغريدات على حسابه بـ«تويتر».

وفي جلسة أخرى عقدت في اليوم نفسه، قضت المحكمة بحبس المغرد «ناصر الديحاني» 20 شهرا وكفالة 200 دينار (نحو 700 دولار) لوقف نفاذ الحكم بسبب التهمة ذاتها.

كما قضت المحكمة ذاتها في وقت لاحق بسجن المدون الكويتي «على محمد عيد العجمي» بالعقوبة القصوى، وهي السجن خمس سنوات، بتهمة إهانة الأمير عبر «تويتر».

فهل تمضي الحكومة الكويتية نحو تمرير قانون الإعلام الإلكتروني بكل ما فيه من تعقيدات وقيود على هذا الإعلام ، متجاهلة ميراث هذا البلد الخليجي من حرية الصحافة والإعلام التي تمتع بها سنوات طويلة، أم يكسب المعركة أنصار حرية الإعلام وجعله أداة من أدوات الرقابة الشعبية على الأداء الحكومي وتقويمه والتعبير عن تطلعات الشعب؟

  كلمات مفتاحية

الكويت الإعلام

تقرير: الكويت تتصدر الدول العربية في ملاحقة المغردين قضائيا

الكويت تبعد الإعلامي «سعد العجمي» إلى السعودية عقب سحب جنسيته قبل 6 أشهر

تقرير أمريكي يتهم الكويت بانتهاك حقوق الإنسان والدولة تنفي

«واشنطن بوست»: الكويت يهددها الاستبداد والسلطوية .. ولا خوف من التوترات الطائفية

قانون الإعلام الكويتي يضيق الخناق على الصحف الإلكترونية