اتهامات متبادلة .. التوتر بين أنصار «الدولة الإسلامية» وأجهزة الأمن في غزة

الجمعة 22 مايو 2015 07:05 ص

مدينة غزّة، قطاع غزة - ما إن عاد التوتّر بين حركة "حماس" وأجهزة أمن غزّة من جهة، وأفراد السلفيّة الجهاديّة من جهة أخرى، من خلال حملة الاعتقالات الّتي طالت العديد من السلفيّين، حتّى انتشرت المئات من الحواجز الأمنيّة للبحث وإلقاء القبض على كلّ من له علاقة بهم في مدينة غزة، فصورة تلك الحواجز، والحملات الأمنيّة المكثّفة، التي لازالت مستمرة حتى وقت نشر التقرير، تنبئ بوصول التوتّر بين الجانبين إلى حدّ لم يبلغه منذ عام 2009، حينما سيطرت الأجهزة الأمنية وحركة حماس بقوة السلاح على مسجد ابن تيمية بمدينة رفح، وقُتْل عدد ممن تحصّنوا بداخله من السلفيين وعلى رأسهم الشيخ عبد اللطيف موسى المكنّى بـ"أبي النور المقدسي، وتشير إلى أنّ عدداً لا بأس به من المعتقلين أصبح يقبع في سجون غزّة.

وأكّد وكيل وزارة الداخليّة في قطاع غزّة كامل ماضي لـ"المونيتور" أنّ عدد المعتقلين أقلّ من عشرة، واصفا إيّاهم بالمخالفين للقانون، وقال: "المعتقلون هم مجموعة أفراد مخالفين للقانون، ولم نعتقلهم باسم تنظيم الدولة الإسلاميّة، فكلّ من تثبت مخالفته للقانون نعتقله مهما سمّى نفسه، ولا مشكلة لدينا مع أيّ مواطن فلسطينيّ".

ونفى وجود تنظيم الدولة في غزّة أو حتّى تنظيم "أنصار الدولة" المناصر له، متّهِما من يواجهونهم اليوم في غزّة بالارتباط مع أجهزة مخابرات غربيّة ومحليّة، وقال: "لا يوجد تنظيم دولة في غزّة، فهؤلاء يسمّون أنفسهم أسماء غريبة وكأنهم يتبعون للدولة الاسلامية، وأعتقد أنّهم حتّى لو تقدّموا للتّنظيم بطلب للانضمام إليه فلن يقبلهم لأنّ لديهم مشاكل أخلاقيّة وسلوكيّة، وهناك جهات مرتبطة أمنيّاً بمخابرات محليّة وإقليميّة أو بالاحتلال الإسرائيلي، هي من تصدّر تصريحات وتهديدات بائسة كالبيان الأخير الذي يحتوي على تهديدات الذي صدر في الثالث من الشهر الجاري".

لقد تواصل مراسل "المونيتور" مع أحد النّاشطين السلفيّين في قطاع غزّة يدعى أبو أحمد الغزيّ، فأكّد كلام ماضي عن عدم وجود "تنظيم الدولة الإسلاميّة"، مشيرا إلى وجود "أنصار" له، نافيا امتلاكهم أيّ أسلحة أو قيامهم بأيّ من التّفجيرات الأخيرة في عدد من مناطق القطاع من بينها الانفجار الذي حصل بالقرب من مجلس الوزراء الفلسطينية بمدينة غزة في السابع عشر من شهر أبريل/نيسان الماضي.

وتعليقا على البيانات الأخيرة المنسوبة لأنصار الدولة في الثالث من الشهر الجاري، والذي حذّرت فيه حركة حماس وأجهزة الأمن في غزة من اعتقال السلفيين، وأعطتهم مهلة لمدة 72 ساعة للإفراج عن المعتقلين، قال متسائلاً: "لم نهدّد أحداً، وباستطاعة أيّ شخص كتابة بيان بأيّ اسم يختاره، وأن ينشره على موقع تويتر كما نُشرت البيانات الأخيرة، بينما ما يصدر عن السلفيّين له عناوين محدّدة ورسميّة".

أضاف أبو أحمد الغزّي: " في الرابع من الشهر الجاري قبضت الشرطة على شخص في سيّارة مدنيّة داخل سوق الشجاعيّة بمدينة غزّة، وتبيّن أنّه كان يحمل عبوّة يريد وضعها في السوق ليلاً ويفجّرها في اليوم التّالي، وكان سيقال إنّ التّفجير هو نتيجة تهديد السلفيّين، لكنّه اعترف بالحادثة وغيرها من الحوادث المماثلة، ومن بينها تفجير بوّابة وكالة الغوث (UNRWA) في غزّة في الثامن عشر من شهر أبريل/نيسان الماضي، وهذا الرّجل أؤكّد أن لا علاقة له بالسلفيّة، حيث أننا عرفنا هويته جيدا".

وأشار إلى أنّ عدد المعتقلين من أنصار الدولة في غزّة وصل إلى أكثر من ستين شخصا، من بينهم الطلاّب والمشايخ والعمّال، وقال: "منهم عدد معتقل في مواقع تتبع لحماس، وبعضهم في مقار جهاز الأمن الداخليّ. لقد تفاجأنا بحجم التّعذيب الّذي تعرّضوا له، إذ يوجد اﻵن أربعة دخلوا المستشفى من جرّاء التّعذيب. وقبل أيّام أفرجوا عن الداعية سلفي، الّذي ظهرت على جسمه رضوض من آثار التّعذيب".

ولفت إلى أنّ إتّهامات وزارة الداخليّة في غزّة لهم بالارتباط مع مخابرات دوليّة ومحليّة وبوجود ملفّات أخلاقيّة لهم عند أجهزة الأمن في غزة، تأتي في إطار ما أسماه بتشويه الحكومات لخصومها، مشكّكا من قدرة الوزارة على إعطاء أية أدلة تؤكد تلك الاتهامات.

وأكّد أبو أحمد الغزّي أنّ ما وصفه بـ"حرب حماس" ليست ضدّ حال في عينها، إنّما ضدّ سلفيّين يناصرون الدولة الإسلاميّة، متسائلا عن سرّ ذلك العداء، وقال: "في غزّة هناك الكثير من المشارب السياسيّة والفكريّة والمذهبيّة، فلماذا التّركيز على السلفيّين بالذات، وما هو سرّ عدائهم الشديد بهذه الصورة غير المنطقيّة".

وفي ظلّ هذا التوتّر الشديد بين السلفيّين وحركة "حماس" ذات الخلفيّة الإسلاميّة وأجهزة أمن غزّة، يبقى التساؤل، هل ستتمدّد المواجهة بين الطرفين وتتّخذ صورا أخرى؟

ويضع المتخصّص في شؤون الحركات الإسلاميّة الدّكتور خالد صافي في حديثه مع "المونيتور" سيناريوهات عدّة لهذا التوتّر، وقال: "بناء على المعطيات السّابقة، هناك ثلاثة سيناريوهات للعلاقة بين حماس والسلفيين، أن تكون حال احتواء، وامتصاص التوتّر، والوصول إلى تهدئة بينهما. وأعتقد أنّ قطاع غزّة شهد نوعاً من الهدوء، والتّنفيس من قبل حركة حماس تجاه هذه الحركات بعد ما سمح لها بالتّظاهر، كما حدث أمام المعهد الفرنسيّ في غزّة قبل أشهر".

أضاف: "هناك سيناريو ثاني، وهو المواجهة، ووجدناه في مواجهة مسجد ابن تيميّة الدمويّة في مدينة رفح، حيث سقط على أثرها العديد من القتلى. أمّا المرحلة الحاليّة فتشهد نوعاً من التّصعيد بين حركة حماس والحركات الجهاديّة، إذ توجد حملة اعتقالات وملاحقات أمنيّة عند الحواجز وحماس على أهبّة الاستعداد. ولذلك، نستطيع القول إن هناك الآن نوعاً من التوتّر المفتوح على سيناريوهات عدّة، قد يفتح باباً أكثر عنفا ويلجأ السلفيّون إلى التّفجيرات، وليس فقط وضع عبوّات ناسفة، وإنّما أيضاً اغتيال بعض الشخصيّات في حماس".

ورأى صافي أنّ القوّة الحقيقيّة لهذه الجماعات تكمن في استخدامها للعنف، ولكن ما زالت القراءات تؤشّر إلى ألاّ تنظيم هرميّا متكاملا لديها يعتمد على قيادة سياسيّة وعسكريّة، وقال: "لا يمكن الحديث عن عددها لأنّها عادة ما تعمل في شكل سريّ وقد تكون لها خلايا نائمة، ولكن لا نستطيع القول إنّ أعدادها كبيرة، وما زالت الدلائل تشير إلى أنّها قد تكون بالعشرات، بمعنى أنّ القوّة العسكريّة في غزّة لصالح حماس الّتي تمتلك جهازا عسكريّا كبيرا عددا وعتادا، وهذه الجماعات لا تشكّل خطراً عليها على الصعيد الوجوديّ، ولكن يمكن أن تشغلها أمنيّا".

ومع ذلك، يعتقد صافي أنّ مصدر قوّة السلفيّة الجهاديّة في غزّة تستمدّه من خارج الحدود، وقال: "إنّ مركز القوّة، الّذي تعتمد فيه هذه الجماعات في تهديدها يعتمد على الجانب الخارجيّ، بمعنى أنّ لها إرتباطات في سيناء المحاذية للقطاع، وبوجودها القويّ هناك، قد تشكّل تهديدا فعليّا لمصادر حماس على صعيدي الأموال والسلاح، إضافة إلى ذلك، لها امتداد دوليّ في سوريا والعراق، وبذلك، فإنّها تشكّل خطرا على عناصر حماس وقياداتها ومصالحها في الخارج".

ويبدو أن كرة الثلج التي بدأت تتدحرج بشكل سريع خلال الأيام الماضية بين سلفيي غزة الذين ينتمون إلى فكر الدولة الإسلامية وحركة حماس، تنبئ بقرب الانفجار بينهما.

  كلمات مفتاحية

غزة حماس اتّهامات متبادلة أجهزة الأمن

البنك الدولي: اقتصاد غزة على حافة الانهيار

«حماس»: لا وجود حقيقي لتنظيم الدولة في غزة .. ولن نحارب المتعاطفين معه على أفكارهم

عودة المواجهة بعنف بين «حماس» والجماعات السلفية في قطاع غزة

مصادر: إحباط محاولة إسرائيلية لبث الفوضى في قطاع غزة

«ستراتفور»: «حماس» تتبنى إجراءات صارمة ضد «الدولة الإسلامية» في غزة

المرصد الأورومتوسطي يكشف مؤشرات صادمة لتسع سنوات من حصار غزة

«الدولة الإسلامية» يزعم اغتيال قيادي بحركة حماس في قطاع غزة

الاحتلال الإسرائيلي يقصف مواقع في غزة ردا على هجوم صاروخي من القطاع

«الدولة الإسلامية» يهدد بإسقاط «حماس» في أولى رسائله لفلسطين المحتلة

محللون: «حماس» لن تسمح بأي تمدد لـ«الدولة الإسلامية» في غزة