استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

آفة العنف الأسري في الإمارات

الاثنين 25 مايو 2015 04:05 ص

حوادث العنف الأسري مظهر يدل على تخلّف مرتكبيها الإنساني والديني والمجتمعي والثقافي والحضاري، وكل المسميات التي تتميز بها التجمعات البشرية، فالأمر الذي لا يمكن حلّه بالحوار لا يمكن حله أبداً، وبأي وسيلة كانت.

بل إن اللجوء إلى العنف كوسيلة لحل المشاكل يدل على فشل الحياة الزوجية، إن كان من قبل الزوج أو الزوجة، كما يدل على جهل بالوسائل التربوية، إن كان العنف قد مورس من قبل الأب على ابنه، أو من قبل المدرس على تلميذه، ويدل على ضعف في الوعي ونقص في العاطفة وقلة في الدين إذا مورس من قبل الأخ على أخته، فكل أشكال العنف مرفوضة من حيث المبدأ رفضاً باتاً، استناداً إلى القوانين والشرائع والأعراف والعادات والتقاليد الراقية.

إننا ننظر إلى دولتنا كدولة قانون، وإلى مجتمع كمجتمعنا تتوفر فيه وسائل وإمكانات الردع، وفي مسألة الاعتداءات على الزوجة أو الأخت أو الطفل أو ابن الزوجة من قبل زوج الأم، ليست مسألة شخصية، وإنما قضية أخلاقية يعاقب عليها القانون.

مبعث هذا الحديث تقريران صدرا عن «مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال» هذا العام وما قبله، وتبيّن أنه خلال الفترة ذاتها، ازدادت أعداد ضحايا العنف الأسري والإساءة للأطفال والاتجار بالبشر، فقد استقبلت المؤسسة في الربع الأول من هذا العام 329 حالة جديدة من ضحايا العنف المنزلي، بينما استقبلت في العام الماضي 212 حالة جديدة، فضلاً عن الاتصالات الهاتفية، والحالات التي تحدث ولا يتم الإبلاغ عنها. 

وفصلت السيدة عفراء البسطي مدير عام المؤسسة بقولها إن الحالات شملت 107 ضحايا عنف أسري، و34 ضحية إساءة للأطفال، و9 حالات من ضحايا الاتجار بالبشر، إضافة إلى 179 حالة إنسانية أخرى. واللافت في الأمر أن من بين الحالات الجديدة التي تتعامل معها المؤسسة 117 حالة من الجنسية الإماراتية، و205 حالات من الجنسيات الأخرى، و7 حالات لم يتم التعرف إلى جنسيتها ! وبلغ عدد الإناث 274 حالة، وعدد الذكور 50 حالة. وقال التقرير إن 80 حالة تعرضت للإساءة الجسدية، و19 حالة تعرضت للإساءة الجنسية، وهناك 84 حالة تعرضت للعنف من قبل الزوج، و35 حالة عنف من قبل الأب، و16 حالة من قبل الأم، و8 حالات من الزوج السابق.

أما في الربع الأول من العام الماضي، ووفق المؤسسة ذاتها التي نشرت تقريرها في 24 مايو/أيار  2014، فقد استقبلت ألفاً و76 اتصالاً هاتفياً، من بينها 212 حالة كانوا من ضحايا العنف الأسري، و227 حالة تعرضوا للإساءة اللفظية والعاطفية، و187 حالة تعرضوا للإساءة الجسدية. وجاء في التقرير أن 83 ضحية كانوا في حالة خطر فوري. واللافت للانتباه أيضاً أن 51% من المتصلين كانوا من المواطنين، و49% من غير المواطنين، بينما أبرز التقرير أن 195 حالة كانوا من المتزوجين، و48 حالة من غير المتزوجين، و16 حالة من المطلقات. 

لذا لا بد من توجيه الشكر لمؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال على أمرين: الأول، على شفافيتها في الإعلان عن الإحصاءات، وبتفصيل دقيق، شمل الجنسيات والحالات والأعمار والحالات الاجتماعية. والثاني، على جهدها الحضاري والإنساني الذي تقوم به في موضوع إيواء المتضررين، ومعظمهم من النساء والأطفال، ووفق إمكاناتها، وأهمية أو خطورة الحالة، وهذا يتم أيضاً بالتعاون مع شرطة دبي، حتى تكون الأمور موضع متابعة من الناحيتين الأمنية والقضائية والاجتماعية. 

هناك أمر مهم ذكر في التقريرين، وهو أن هناك حالات عنف لا يبلغ عنها أصحابها، ويستمرون في معاناتهم خوفاً من المضاعفات المجتمعية أو العاطفية أو الأسرية، لكنها لو استمرت دون حل جذري وعلاج إنساني، فإن مصيرها سيكون القضاء وبعده الفشل إن كان الأمر يتعلق بارتباط بين زوج وزوجة، أما إن كان يتعلق بتعنيف من قبل الأب للأبناء أو من قبل الأم، ووصل هذا التعنيف إلى درجة الخطورة، فيسقط معنى الأبوة وملحقاته من ارتباط وبقاء.

إن ما يلفت الانتباه في قضايا التعنيف الأسري هو زيادتها بما يدعو للدراسة واتخاذ القرارات الناجعة، ولاسيّما أن الحالات التي تلجأ للمؤسسة هي حالات جديدة. ولا بد من ذكر أن هذه الحالات التي نتحدث عنها هي التي صنفتها المؤسسة بالمهمة وتحتاج إلى التدخل، أما حالات التعنيف الأخرى والتي تتعرف إليها المؤسسة من خلال الاتصالات أو البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية، فتعد بالآلاف.

إن قانون الأحوال الشخصية واضح، وهو موجود ليس فقط لحل الخلافات، وإنما لتأكيد حقوق كل طرف من الأطراف، إن كان الأمر يتعلق بالآباء أو الأمهات أو الأبناء. وكذلك القوانين ذات الصلة بحقوق الطفل والمرأة واضحة وصريحة، وأي انتهاك لهذه الحقوق يعاقب عليه القانون.

يبدو أن هناك حاجة لزيادة حملات التوعية بالحقوق لكل الأطراف، الأب، الأم، الطفل، فأي علاقة أسرية محكومة بالقانون الأخلاقي والشريعة، وأي خلل في تطبيق بنود هذه القوانين يشكل خرقاً للحقوق، ومن ثم الاتفاقيات، والاتفاقيات تشمل عقود الزواج. إذ ينسى كثير من الأزواج روحانية هذه العقود وماديتها أيضاً، فيظن أنه اشترى زوجة، وينسى تعهداته أمام كاتب العقد، وما كرره أمام القاضي أو الشيخ، ويتصرف برعونة وقسوة.

وينسى المبدأ المقدس: «فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ»، (سورة البقرة آية 231). أو كما جاء على لسان سيد الخلق «صلى الله وعليه وسلم» (فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله). فأعجب ممن يعاند كلام الله ورسوله، ويركب رأسه ويسلك دروب الجاهلية الأولى.

ويبدو أيضاً، أن أطفالنا في حاجة إلى حملات توعية بحقوقهم، وإدخال هذه المادة في المنهاج الدراسي، وهذه الحقوق لن تخلق فجوة بينهم وبين آبائهم كما قد يعتقد البعض، وإنما ستقويها، لأن الطفل سيعرف أيضاً واجباته من خلال تلك الحملات.

ويبدو أيضاً، أن على الإعلام أن يقوم بدور أكبر في هذا المجال، فيسلط الضوء على القصص التي يصدر فيها القضاء حكمه، ونعني بالإعلام، الورقي والإلكتروني، ولا بأس من إرسال رسائل نصية بين مدة وأخرى لجميع الناس، توصيهم بالتزام الحدود في تعاملهم مع أفراد أسرهم.

وأخيراً، يبدو أن على القضاء تشديد أحكامه على الشرائح التي تمارس التعنيف، خاصة التعنيف المتكرر، حتى تردع أصحاب النفوس الضعيفة.

إننا نفهم جيداً أن زيادة عدد السكان يؤدي إلى زيادة حالات التعنيف، من باب النسبة والتناسب، لكن علينا ألا نركن لهذا التفسير، حتى لا يقع الظلم على أحد. فدولتنا دولة قانون وعدالة. ولا أحد فوق القانون.

 

  كلمات مفتاحية

الإمارات العنف الأسلاي الحياة الزوجية العنف المنزلي الأطفال

دول مجلس التعاون تتصدر نسب الطلاق والعنوسة .. والمؤسسات الإمارتية «تدق ناقوس الخطر»

46 قضية عنف جنسي ضد الأطفال في أبوظبي خلال عام

في الإمارات: خطط الزيادة السكانية تصطدم بتراجع معدلات الزواج وزيادة معدل الطلاق

الشذوذ الجنسي يهدد المجتمع الإماراتي والأطهار يستغيثون (1ـ2)

إحصاء حديث: الإمارات تتصدر نسبتي العنوسة والطلاق في مجلس التعاون

استقطاب الكفاءات والمحافظة عليها من أبرز تحديات الرعاية الصحية في الإمارات