استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الدولار واليورو.. من التيسير إلى التشديد الكمي

السبت 20 أبريل 2019 01:04 م

الدولار واليورو.. من التيسير إلى التشديد الكمي

قلق كبير يراود رواد السوق من أن نقض سياسة التسهيل الكمي سيؤدي إلى انهيار الأسواق وخنق الاقتصاد العالمي.

كيف ستكون حال البلدان الهشة في منطقة اليورو التي أدمنت «حبوب تسكين الألم» مثل اليونان والبرتغال وإيرلندا وحتى إيطاليا؟

إنهاء العمل بالتيسير الكمي يفسر انهيار أسعار الأسهم وغضب ترامب من السياسة النقدية المتشددة للاحتياطي الفدرالي (رفع سعر الفائدة).

*     *     *

التحول العكسي للسياسة النقدية، أحدث هزة في أسواق الأسهم تشبه صدمة قرار ريتشارد نيكسون عام 1971 بصورة مفاجئة إنهاء العمل بالتزام الولايات المتحدة تبديل الدولار بالذهب عند الطلب.

مازالت الأسواق واقعة تحت تأثير سياسة الاحتياطي الفدرالي والبنك المركزي الأوروبي في التحول من التيسير الكمي إلى التشديد الكمي.

الترجمة العملية التبسيطية لهذه السياسة، هي أن الأسواق كانت تعيش في بحبوحة من السيولة المتيسرة لها بتكاليف زهيدة (بفضل أسعار الفائدة الخفيضة)، وإذا بها تشعر فجأة أنه يجري تعطيشها، بتجفيف الأسواق من السيولة، نتيجة لسحب برامج التحفيز الكمي «من التداول»، والتي أتاحت لروادها على مدار عشر سنوات، تسييل ما بحوزتها من أوراق مالية ذات استحقاقات آجلة، عبر منافذ البنوك المركزية.

هذا التحول العكسي للسياسة النقدية، مع أنه كان معلوماً للأسواق وروادها، إلا أن الهزة التي أحدثها في أسواق الأسهم (اعتباراً من أكتوبر الماضي)، تشبه الصدمة التي أحدثها قرار الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون في عام 1971 بصورة مفاجئة إنهاء العمل بالتزام الولايات المتحدة تبديل الدولار الأمريكي بالذهب عند الطلب، على أساس 35 دولاراً للأوقية الواحدة عبر مجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي، بعد أن نفد مخزونها من الذهب نتيجة للحرب الكورية (1950-1953)، وحرب فيتنام في أعقابها.

وكما هو معلوم، فإنه في عام 2009، مع اشتداد الأزمة المالية العالمية، خفضت العديد من البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم أسعار الفائدة إلى مستويات قريبة من الصفر، في محاولة لتمكين البنوك من استعادة قدرتها الإقراضية، وتشجيع إنفاق المستهلكين واستثمار قطاعات الأعمال، ومكافحة الانكماش وتحفيز الاقتصاد.

ومع ذلك، فإن السياسة النقدية المعيارية الأساسية لم تنجح كما ينبغي في توفير الزخم المطلوب، إذ ظلت البنوك مترددة في الإقراض لأن الميزانيات العمومية للبنوك كانت لا تزال ضعيفة جراء الخسائر الفادحة التي تكبدتها من أزمة الرهن العقاري عالي المخاطر وجميع المنتجات المعقدة التي أنشأتها.

فكانت سياسة التسهيل الكمي هي المقاربة المتبقية لدى الاحتياطي الفدرالي لإنعاش الاقتصاد. بيد أنه حتى المبتغى الذي بنيت عليه سياسة التيسير الكمي، وهو أن زيادة احتياطيات البنوك سيحفزها على الإنفاق ونقل هذا الأثر، ترتيباً إلى دالّة النمو الاقتصادي، لم يحقق التأثير المنشود، فقد كانت البنوك لا تزال مترددة في الإقراض.

قد يكون التسهيل الكمي أسهم في النمو الاقتصادي بشكل غير مباشر، من خلال زيادة المعروض من النقود، وجعل أسعار الصرف والصادرات في الأسواق العالمية، أكثر جاذبية نتيجة لذلك. لكن في الواقع، فإن معظم الأموال التي أنشأتها سياسة التيسير الكمي قد ذهبت إلى أسواق الأسهم.

فمثلا، مؤشر «ستاندرد أند بورز 500» الذي كان قد بلغ 700 نقطة في أوائل 2009، وقت إطلاق برنامج التسهيل الكمي من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي، قد وصل مستويات قياسية بلغت 1900 نقطة في أواخر عام 2014.

وهي الفترة التي شارف فيها البرنامج على الانتهاء، أي أن أسعار الأسهم تضاعفت ثلاث مرات تقريباً في الولايات المتحدة خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة.

حتى أن الكثير من المستثمرين أصبحوا محبطين من الاستثمار في سوق السندات لأن برنامج بنك الاحتياطي الفيدرالي لشراء سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالقروض العقارية، دفع أسعار هذه الأدوات إلى الأعلى وعائداتها إلى الأسفل، مما جعلها غير جذابة للمستثمرين.

وبالتالي، فقد أدى بحث هؤلاء المستثمرين عن عائدات أعلى، إلى تكالبهم على الأسهم، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعارها إلى مستويات غير مسبوقة، وكانت قيمتها ترتفع بشكل أسرع من أسعار الفائدة التي كانوا يدفعونها على قروض تمويل صفقات مشترياتهم من الأسهم.

هذه كانت الطريقة التي تُبرَّر بها سياسة التيسير الكمي، ومعها المزاعم بأنها أنقذت الاقتصاد العالمي والكثير من منازل الناس ووظائفهم.

لقد سحبت الولايات المتحدة هذا البرنامج تدريجياً اعتباراً من عام 2014 وصولاً حتى نهاية العام الماضي. أما منطقة اليورو، فإن البنك المركزي الأوروبي أعلن، بعد عقد من الركود والأزمات المالية، في 13 ديسمبر الماضي، أن برنامجه للتسهيل الكمي الذي استمر زهاء أربع سنوات، اعتباراً من 2015، قد انتهى، بعد أن ضخ البنك 2.6 تريليون يورو (2.94 تريليون دولار) من السيولة في اقتصاد منطقة اليورو.

وقد رجح انخفاض اليورو بنسبة 5% منذ منتصف إبريل 2018 كفة أنصار تشديد السياسة النقدية في البنك المركزي الأوروبي، في اتخاذ قرار إنهاء العمل بالتيسير الكمي، بعد أن كانت مكاسبه مقابل الدولار قد أثارت في وقت سابق من العام قلق مجلس إدارة البنك من أن قوة اليورو قد تعرض جهوده لإنعاش النمو وبث الروح قليلاً في التضخم، للفشل.

إنما السؤال كيف ستكون حال البلدان الهشة في منطقة اليورو التي أدمنت «حبوب تسكين الألم» مثل اليونان والبرتغال وإيرلندا وحتى إيطاليا؟

فقد كان قيام البنك المركزي الأوربي بلعب دور المشتري الثابت في أسواق السندات الحكومية، قد وفر لمثل هذه البلدان مساحة للتنفس السياسي من خلال الحفاظ على انخفاض العوائد.

في الولايات المتحدة عكَسَ الاحتياطي الفدرالي سياسته، فعمد إلى خفض أصوله وخصومه، من المستوى الشاهق لميزانيته العمومية الذي تسبب فيه التيسير الكمي والذي وصل إلى 4.5 تريليون دولار، إلى 4.1 تريليون دولار.

وهو يهدف إلى إعادتها إلى مستويات عام 2008 البالغة حوالي التريليون دولار بمعدل خفض معلن يبلغ 50 مليار دولار شهرياً، وهو ما سيستغرق ما بين 3-4 سنوات من التشديد المتزايد للسياسة النقدية.

باستثناء اليابان، فإن البنوك المركزية الرئيسية، الأمريكي، والأوروبي، وبنك إنجلترا، أنهوا العمل بالتيسير الكمي. وهو ما يفسر انهيار أسعار الأسهم وغضب الرئيس ترامب من السياسة النقدية الجديدة المتشددة للاحتياطي الفدرالي (رفع سعر الفائدة).

وهنالك قلق كبير يراود رواد السوق من أن نقض سياسة التيسير الكمي سيؤدي إلى انهيار الأسواق وخنق الاقتصاد العالمي.

* د. محمد الصياد كاتب بحريني

المصدر | الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية

ترامب يطلب خفض قيمة الدولار: قوته تعرقل صادراتنا

لأول مرة منذ عقدين.. اليورو المتراجع يقترب من مساواة الدولار المندفع